«متحدث الوزراء» يكشف عن إجراءات صارمة لمواجهة الشائعات    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    مصر تقود منظومة أمن الطيران عربيًا بتوليها رئاسة لجنة التواصل والنقل    حماية النيل من البلاستيك    وزير الاتصالات يعلن عن مشروع «إحلال كابلات الألياف الضوئية محل النحاسية»    الصين توجه تحذيرا شديد اللهجة إلى اليابان، فما القصة؟    شهد شاهد من أهلهم!    الهلال السعودى يخطط لخطف محمد صلاح بصفقة منخفضة التكاليف فى يناير    الساعات الأخيرة فى «إيديكس»    كأس العرب| شوط أول سلبي بين سوريا وفلسطين    قرار خاص من الزمالك خوفا من الإصابات قبل كأس عاصمة مصر    إصابة 7 عمال في سقوط صبّة خرسانية داخل مبنى تحت الإنشاء ببنها    الداخلية تكشف حقيقة فيديو ادعاء إجبار سائقين على المشاركة فى حملة بالبحيرة    مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي يعلن عن مجموعة جديدة من النجوم المشاركين    وزير الثقافة يشارك فى أسبوع «باكو» للإبداع    بدعوة من الإمام الأكبر |ترميم 100 أسطوانة نادرة للشيخ محمد رفعت    وزير الصحة ينفى انتشار أى فيروسات تنفسية جديدة أو فيروس ماربورغ.. خالد عبد الغفار: الوزارة تمتلك 5500 منشأة تعمل ضمن منظومة الترصد القائم على الحدث.. ويؤكد: لا مصلحة فى إخفاء معلومات تتعلق بانتشار أى مرض    لقيمتها الغذائية العالية، قدمى الجوافة لطفلك في هذه السن    بعد فيديو ضرب ولي أمر.. "تعليم الإسكندرية" تفصل طالبات المدرسة التجارية والنيابة تحقق مع الأم في واقعة حيازة سلاح أبيض    الأهلي يقترب من ضم يزن النعيمات لتعزيز الهجوم    خبر في الجول – مصطفى محمد يلحق بمنتخب مصر في مواجهة نيجيريا الودية    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام بفضل انطلاقة قوية للقطاع الخاص    إطلالة جذابة ل آية الجنايني في مهرجان البحر الأحمر السينمائي | صور    مسؤول في الأونروا: التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية "لم نشهده من قبل"    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    محافظ القاهرة: تبرع بقيمة 50 مليون جنيه لدعم إنشاء المجمع الطبي لجامعة العاصمة    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    الدباغ وحمدان ضمن تشكيل فلسطين في كأس العرب    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    الداخلية تكشف عن ملابسات فيديو يظهر خلاله شخص وهو يستعرض ب«مطواة»    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    بكين تعلن عن ثالث مناورة مشتركة مع موسكو في مجال الدفاع الصاروخي    طب الإسكندرية تُطلق قافلة طبية شاملة لخدمة مركز التأهيل المهني بالسيوف    كمال درويش: أرض أكتوبر المتنفس الحقيقي للزمالك.. والأمور أصبحت مستحيلة على مجلس الإدارة    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    أصوات الانفجارات لا تتوقف.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    وزير الصحة: H1N1 السلالة الأكثر انتشارا في مصر.. والموقف الوبائي مطمئن    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    وزير الري أمام اجتماع «مياه حوض النيل» في بوروندي: ستستمر مصر في ممارسة ضبط النفس    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الطريق إلى أكتوبر - حرب الاستنزاف.. الأخرى
نشر في التغيير يوم 13 - 10 - 2013

تفضل بعضُ من قرأ مقال الأحد الماضى من أبناء جيل جديد أعتز به فسألنى عن «سنوات الصبر والصمت» تلك، التى تحدث عنها المقال، وكيف عاشها شعبُنا «وجيشه»، منذ التاسع من يونيو التى أعلن فيها بوضوح عزمه على «هزيمة الهزيمة»، وحتى انتصاره فى السادس من أكتوبر 1973، بغض النظر عما جرى بعد ذلك فى دروب السياسة، دولية وإقليمية.
وظنى أننا، وبالأخص جيل أبنائنا، ونحن نعيش أيامنا الصعبة تلك، التى لا يتردد فيها البعض فى «استنزاف الوطن»، بعد تمزيقه وتشتيت بوصلته، بأمس حاجة إلى استعادة ذكرى أيام صعبة «لحرب استنزافٍ» مختلفة نفخر بها. كنا فيها «يدًا واحدة»، لا نكتفى بأن نُذَّكِر أنفسنا بأن «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، بل نحرص أيضًا على ألا نخطئ تحديد «ميدانها» ولا من هو «العدو الحقيقى». نسمى الأشياء بمسمياتها، حينما نتنادى لحرب أو «جهاد»، أو تضحية بدماء. نحرص على «وحدة جبهتنا الداخلية» التى كانت، بعد توفيق الله وعونه السند الأول لأبناءٍ «لنا جميعا» على خط النار الذى امتد يومها بطول الوطن كله، وبعرض الشعب كله، من مهندسين فى أسوان يبنون حائط الصواريخ، إلى أطفال فى «بحر البقر» تختلط دماؤهم بصفحات دفاترهم الدراسية.
عندما كان الأبنودى يرسم لنا بصوته، وليس فقط بكلماته «وجوهًا على الشط» ممزوجةً بطين هذا الوطن عَبِقةً برائحتة، لم يكن «سؤال الهوية المزيف» الذى جرى تسويقه فى سبعينيات القرن الماضى حاضرًا، ولم تكن جريمة التسعينيات ومابعدها فى حق سيناء وأهلها قد جرت. كان «إبراهيم أبوالعيون» بطل الأبنودى «يزرع ظلا» على ضفة القناة الغربية، وكان «إبراهيم الرفاعى» على الضفة الأخرى يشكل مع أبنائها «منظمة سيناء العربية» لمحاربة جنود «العدو» لا لخطف الجنود «المصريين» أو قتلهم على الإفطار فى رفح(!)
لم يكن ابراهيم الرفاعى «القائد العسكرى» ابن الدقهلية، يختلف فى «مصريته»، وربما فى ملامحه، عن إبراهيم أبوالعيون «الفلاح» ابن أبنود. الذى استقبل يومها العائدين من سيناء «منكسرين» بأحضان الأخ، وحكمة الأب... «وكوباية الشاى». ورغم تاريخ طويل ومعروف للفلاح المصرى مع السلطة «والسُخرة» لم تكن هناك أبدا مشاعر، لا تسمح بها تربيته وثقافته المتراكمة «لشماتة أو تشف». فالجسد واحد، والهم واحد. هكذا تقول المواويل فى الصعيد، وتعلمنا الأمهات.
لا تكتمل صورة المصريين «فى الطريق إلى أكتوبر»، دون الاستماع إلى الأبنودى يحكى عن «إبراهيم أبوالعيون»، ودون قراءة ماتيسر مما نُشر عن «إبراهيم الرفاعى»، الذى استشهد فى أكتوبر بعد أن صار قائدا للعمليات الخاصة. وكان فى الطريق إلى أكتوبر قائدا «للمجموعة 39 قتال»، التى ضمت خيرة مقاتلى الصاعقة والضفادع البشرية والصاعقة البحرية، ربما لا نعرف أسماءهم، شهداء أو أحياء، ولكننا قطعًا مدينون لهم بكل إعزاز وتقدير وفخر.
حسب الجنرال عيزرا وايزمان نائب رئيس الأركان العامة الإسرائيلية أيامها ورئيس الدولة بعد ذلك فى كتابه On Eagles' Wings فإن حرب الاستنزاف هى واقعيا «أول حرب لم تكسبها إسرائيل». وحسب رواية عميد بحرى إسلام توفيق، التى ينقلها عنه د. يحيى الشاعر (صاحب الجهد المميز فى توثيق المقاومة المصرية، وأحد أبطالها فى بورسعيد ضد الاحتلال الانجليزى)، فقد كان اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربية فى ذلك الوقت هو الذى أقنع عبدالناصر بأن صورة الجندى الإسرائيلى فى مخيلة القوات المصرية على ضوء ما جرى فى يونيو 1967 هى صورة المقاتل «الذى لا يقهر»، ولو تم ترك هذه الصورة لتترسخ لأصبح من المتعذر على القوات المصرية أن تواجه جيش الاحتلال الإسرائيلى فى أى صراع عسكرى مقبل. ووفقا للواء صادق أيضا، فإنه إذا كان على مصر أن تخوض معركة مقبلة لتحرير أرضها واستعادة كبريائها، فإن الخطوة الأولى هى تحطيم صورة المقاتل الإسرائيلى «السوبر» قبل أن تترسخ فى عقول المقاتلين المصريين، ولتحقيق هذا الهدف فإنه من الضرورى، مهما كان الثمن أن تبدأ عمليات فدائية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلى فى شرق القناة تؤدى إلى «استنزافه» ومن ثم نزع الهالة الأسطورية التى اكتسبها بما حققه واقعيا فى 1967
كان الهدف المحدد من حرب الاستنزاف هو الحفاظ على الروح المعنوية للمقاتلين، واكتساب الكفاءة القتالية «الميدانية»، بالاحتكاك المباشر مع العدو، وإبقاء مسألة الاحتلال الإسرائيلى للأرض العربية فى قائمة المشاغل الدولية، ووضع إسرائيل تحت الضغط المعنوى المستمر نتيجة ما يقع بجنودها من خسائر. فضلا عن رفع معنويات الشعوب العربية، التى كانت، رغم الهزيمة قد أعلنت فى الخرطوم (أغسطس 1967) لاءاتها الثلاث.
يسميها الإسرائيليون «حرب الألف يوم»، ويعتبرونها الأطول على الإطلاق فى تاريخ الحروب العربية الاسرائيلية. وفى حين تختلف رؤى المؤرخين العسكريين والسياسيين فى تحديد نقطة بدايتها، يتفقون على أنها انتهت بقبول عبدالناصر لمبادرة روجرز (أغسطس 1970) لوقف إطلاق النار «لنتمكن من إتمام دفع حائط الصواريخ إلى حافة القناة..» كما تقول محاضر آخر اجتماع حضره للمجلس الأعلى للقوات المسلحة. (حسب سامى شرف، سكرتير الرئيس للمعلومات، فالتسجيلات محفوظة مكتوبة وبالصوت فى أرشيف سكرتارية المعلومات بمنشية البكرى. كما يوجد صورة منها فى سجلات القيادة العامة للقوات المسلحة. وكان يقوم بالتسجيل كل من العميد إبراهيم سلامة من المخابرات الحربية والمقدم عادل إبراهيم محمد السكرتير العسكرى لرئيس الجمهورية).
حكايا الألف يوم كثيرة، ولم نعرف عن «تفاصيل» معظمها للأسف إلا من المراجع الإسرائيلية (حيث مازلنا هنا بحاجة إلى تقنين «عصرى» للتأريخ والتوثيق وتداول المعلومات)، إلا أنه مما يذكر على أية حال أن السلاح البحرى الإسرائيلى لم يعرف الخسارة الا فى حرب الاستنزاف، بدءًا بإغراق المدمرة «إيلات» (21 أكتوبر 1967)، فالغواصة «داكار» (25 يناير 1968) والتى كان عبدالناصر قد رفض الإعلان عن إغراقها فى حينه، ومرورا بتحطيم السفينتين المسلحتين «دهاليا» و«هيدروما» (نوفمبر 1969)، ثم تدمير الحفار «كيتينج» (مارس 1970)، وبعده ناقلتى الجنود «بات يام» و«بيت شيفع» (مايو 1970) عن طريق الأراضى الأردنية، وبمساعدة كوادر منظمة التحرير الفلسطينية، وانتهاء بقصف ميناء إيلات ثلاث مرات متتالية. فلولا حرب الاستنزاف، كما يقول المؤرخون العسكريون، لظلت البحرية الإسرائيلية تتباهى بأنها السلاح الذى لم يتعرض لخسارة قط.
يعرف الباحثون فى التاريخ أننا لم نهتم فى مصر، كما ينبغى بتوثيق تاريخنا، ومنه هذه الفترة (لولا جهد متناثر لأبطالها على الانترنت)، إلا أن الواقع يقول إن «مكتبة أكتوبر» والطريق اليها مزدحمة بالوثائق والكتب التى تستحق العودة اليها. وأحسب أن فهما مطلوبا لما جرى، فى سياقه «التاريخى» لا يكتمل الا بقراءة متأنية للعمل الضخم «حرب الثلاثين سنة» لمحمد حسنين هيكل فى مجلداته الثلاثة (3298 صفحة)
ثم أحسب أن من يظن أن حرب أكتوبر بدأت «بالأيام الستة» من يونيو 1967، أو أنها انتهت بتلك الابتسامات العريضة فى حديقة البيت الأبيض (مارس 1979) عليه أن يراجع نفسه، فالتاريخ لا يقلب صفحاته أبدًا هكذا. بل وربما كان ما نعيشه اليوم، إن فى سيناء، أو حتى بعرض المنطقة من العراق شرقًا إلى تونس غربًا ليس أكثر من «فصل فى قصة».
وبعد..
فقد سررت بقرار صدر قبل أيام، يمنح اسم الفريق محمد فوزى قلادة الجمهورية ووسام النجمة العسكرية مما يعيد الاعتبار «لملحمة حرب الاستنزاف»، والتى لعبت «السياسة» يومًا دورًا «يذكره جيلنا» فى تجاهلها. وقى الله العسكريين شر السياسة ورجالها.. وأهوائها.
رابط المقال:
http://shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=13102013&id=2dd31501-c1d4-4239-a8df-ba13817abf27


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.