تبنت الأممالمتحدة قرارا غير ملزم يدين الإرهاب ويحدد إستراتيجية عالمية لمكافحته. وفور صدور القرار اعترضت الدول العربية عليه لكونه لا يصف العدوان الصهيوني في لبنان وفلسطين بالإرهاب، ولم يفرق بين الإرهاب والمقاومة. ووافق أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة ال192 دون تصويت رسمي على قرار يدين الإرهاب ويتضمن إستراتيجية عالمية لمكافحته الجمعة 8-9-2006، ويرى الخبراء أن القرار الذي يأتي قبل 3 أيام من حلول الذكرى السنوية الخامسة لهجمات 11 سبتمبر رمزي إلى حد كبير، بحسب وكالة رويترز. وتضع تلك الإستراتيجية أهدافا وإجراءات عريضة في 8 صفحات لمنع الأعمال الإرهابية ومعالجة الظروف التي قد تشجع الإرهاب ومساعدة الدول على بناء قدراتها في الوقت الذي تحترم فيه حقوق الإنسان. وتحث الإستراتيجية الدول على شن حملة على استخدام الإرهابيين لشبكة الإنترنت، وإصدار قوانين تحظر التحريض على ارتكاب عمل إرهابي، وعدم منح حق اللجوء إلا بعد التحقق من أن مقدم الطلب لم يشارك في أعمال إرهابية. وتؤيد الإستراتيجية أيضا بذل جهود أكبر لتحسين أمن وثائق الهوية والسفر الوطنية، وتحسين السيطرة على الحدود والجمارك. وتهدف بنود عديدة إلى ضمان عدم التضحية بحقوق الإنسان في ملاحقة الإرهابيين ومعالجة الأسباب الجذرية للإرهاب، غير أن تلك الإستراتيجية لم تتطرق إلى تعريف كلمة "الإرهاب".
غير متوازن واعترضت 9 دول أغلبها دول عربية على القرار -بعد أن سمح بسماع التعليقات على القرار بعد صدوره- لأنه لا يعمد إلى وصم العدوان الصهيوني في لبنان وفلسطين بالإرهاب، كما أنه لم يتطرق لوضع حلول لقضايا شائكة ومزمنة مثل القضية الفلسطينية، ولم يفرق بين الإرهاب والمقاومة. وقال مندوبو تلك الدول: "إن الإستراتيجية لم تقم بحماية جماعات مثل الفلسطينيين من أن يتم وصمهم بالإرهاب باعتبارهم حركات تحرير وطنية". ووصف سفير سوريا لدى الأممالمتحدةبشار الجعفري القرار بأنه "غير متوازن ومليء بالأخطاء"، منددا بأنه لا يفرق بين الإرهاب وحقوق الشعوب تحت الاحتلال في الدفاع عن نفسها، وذلك في إشارة إلى الفلسطينيين. وأدى هذا الانتقاد إلى قيام الكيان الصهيوني بتوجيه اللوم لإيران وسوريا لعدم وقفهما الهجمات عليها، وفقا لزعمها. وتعليقا على الانتقادات اللاذعة التي وجهت لتلك الإستراتيجية قال "يان الياسون"، رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، للصحفيين: "إنه موضوع حساس للغاية وقضية مثيرة للمشاعر جدا، ولكن ما دام هذا خطرا عالميا فعلينا أن يكون لدينا موقف عالمي". وبدوره وصف الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان إقرار تلك الإستراتيجية بأنها "إنجاز تاريخي"، وحث الدول على احترام "ضحايا الإرهاب في كل مكان من خلال القيام بعمل سريع لتنفيذ كل جوانب الإستراتيجية".
عام من الخلاف وجاءت الموافقة على تلك الإستراتيجية (مكافحة الإرهاب) بعد عام من الخلافات بشأن تفصيلاتها. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ختام اجتماعها في 16-9-2005 في نيويورك -أعمال أكبر قمة في تاريخها عرفت ب"القمة العالمية" بمشاركة نحو 170 من قادة العالم- طلبت بإعداد تلك الإستراتيجية. وجدير بالذكر أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة قانونا مثل قرارات مجلس الأمن، لكنها بوجه عام تحمل ثقلا كبيرا بوصفها تعبيرا عن الرأي العام العالمي.
صعوبة التطبيق العملي ويرى العديد من المحللين صعوبة تطبيق هذه الإستراتجية عمليا لعدة أسباب، أهمها اختلاف الدول في تعريف كلمة الإرهاب، كما أنها لم تضع حلولا جذرية لقضايا مزمنة في الشرق الأوسط على رأسها القضية الفلسطينية. وكانت الولاياتالمتحدة قد اعتبرت حرب الكيان الصهيوني الأخيرة على لبنان بمثابة جزء من الحرب على الإرهاب على أساس أن تلك الحرب تستهدف -على حد زعم الدولة العبرية- جماعة حزب الله اللبنانية، الذي يزعم كل من الكيان الصهيوني وأمريكا أنها جماعة إرهابية. في حين تعتبرها دول أخرى جماعة مقاومة للاحتلال. ونفس السيناريو تكرر في فلسطين حينما فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية الأخيرة في يناير الماضي، ومن ثم تمكنت من تشكيل الحكومة، وسرعان ما قام الغرب وعلى رأسه الولاياتالمتحدة فضلاً عن الكيان الصهيوني بفرض حصار اقتصادي على هذه الحكومة. يأتي ذلك في الوقت الذي طالبت فيه العديد من الدول العربية باحترام خيار الشعب الفلسطيني؛ وهو الأمر الذي لم يجد صدى لدى الغرب. وتضع الولاياتالمتحدة كلا من حماس وحزب الله في قائمة المنظمات الإرهابية التي تصدرها وزارة الخارجية.