كشفت الثورة أن الفساد كان ثالوث الماء والهواء فى مصر، فأصبح التوريث الفئوى مشاعا فى كل مهنة، وأصبح أمرا مسلما به. إن التوريث بنى على اعتبارات غير موضوعية، تُعلى قيمة الحسب والنسب والمحسوبية والمدفوعات، وتلقى بالكفاءات على الأرض لتحاصرها تفاصيل الفقر حتى تموت همّا وكمدا أو تنتبذ فى الصحراء مكانا قصيا. كشفت المستندات فضائح التوريث فى مؤسسة القضاء، وكيف كانت الواسطة والرشاوى هما العاملين الأساسيين للتعيين فى سلك النيابة والقضاء، بالإضافة إلى ضرورة موافقة جهاز أمن الدولة المنحل، وكيف كان القضاة يسترضون الجهاز لإعطاء الموافقات الرسمية لتعيين أبنائهم. وقد أوضحت المستندات تعيين قضاة حاصلين على تقدير أقل من (70% «مثل أحمد عصام على زغلول، وأحمد عمرو أحمد إبراهيم، وأحمد سامى فريد، وخالد حسين محمد الإتربى»، و69% «مثل ابن المستشار السيد سامح محمد السيد نصار رئيس محكمة الاستئناف بالإسكندرية، وابن المستشار زكريا ويصا جيرة رئيس محكمة الاستئناف بالمنيا، ومحمد إيهاب عبد العاطى سرحان ابن رئيس محكمة الاستئناف، وأمجد عادل أمين الحاوى ابن أحد القضاة بمحكمة النقض، وأحمد محمد أحمد الجندى ابن رئيس محكمة الاستئناف بالغربية، ويحيى محمد يحيى حسن ابن نائب رئيس مجلس الدولة، وابن المستشار رفعت حنا شنودة القاضى بمحكمة النقض بالإسكندرية، ومحمد سلامة عطية السمان ابن رئيس محكمة الاستئناف بالمنيا، وطارق رفعت إسماعيل محمد الجندى ابن شقيق المستشار محمد مجدى، وعلى محمد السعيد طوسون محمد ابن رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشورى، وأحمد ماجد عبد الحميد عبد اللطيف ابن رئيس محكمة الاستئناف بالإسكندرية، ووليد محمد إبراهيم بيومى درويش ابن رئيس محكمة الاستئناف بالمنوفية، ومصطفى ابن المستشار أحمد رضوان مصطفى، وطارق عبد الحكيم عبد الحميد عبد الحليم ابن رئيس محكمة الفيوم، وشريف أسامة كامل مصطفى ابن رئيس محكمة استئناف القاهرة، ومصطفى شقيق أشرف حسن عبد السلام محمد وكيل النائب العام بالقاهرة، وإسلام عبد الرازق عبد السلام ابن شقيق رئيس محكمة الاستئناف بالإسكندرية، وأحمد صبحى السيد عبد الوهاب ابن رئيس محكمة الاستئناف بالقليوبية، حسام خالد فتحى محمد مقلد ابن أحد القضاة بمحكمة النقض، وأسامة عبد الحميد دياب عبد السلام ابن أحد القضاة بمحكمة النقض، ومدحت شقيق إيهاب صالح عبد الحفيظ نور الدين وكيل النائب العام بالقاهرة، وعمرو حسام الدين ابن شقيق المستشار أحمد محمود حسين، وأحمد محيى أحمد شيمى ابن رئيس محكمة الاستئناف بالشرقية، وأحمد إبراهيم إبراهيم على الدخميسى وكيل النائب العام بالبحيرة، وحازم محمد خليفة على خليفة ابن أحد القضاة بمحكمة النقض بأسيوط، وأحمد محمد عبد الباسط الكاشف ابن نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية بالمنوفية، ومحمد نصر رفاعى محمد ابن رئيس محكمة الاستئناف بالشرقية، ومحمود محمد عبد الحميد محمد الذى حُبس والده فى قضية رشوة، ومحمد ممدوح عبد العزيز عبد الحى ابن نائب رئيس محكمة النقض بالإسكندرية، وحمزة فواز عيسى عبد المولى ابن رئيس محكمة الاستئناف بالمنيا، وكريم خالد فتحى مقلد ابن أحد المستشارين بمحكمة النقض بالغربية، وأحمد محمد مرغنى صادق ابن رئيس محكمة الاستئناف بأسيوط، ومحمد أحمد عمران ابن رئيس محكمة الاستئناف، ومصطفى عمر صالح حسين ابن رئيس محكمة الاستئناف بالمنيا، وابن المستشار عاطف رزق كامل رئيس محكمة الاستئناف القاهرة، ومصطفى بدر الدين عبد الله ابن رئيس محكمة الاستئناف بالقاهرة، ووائل عصام عبد العزيز ابن نائب رئيس مجلس الدولة، ومحمد محمود عبد الحفيظ ابن أحد المستشارين بمحكمة النقض بأسيوط»، و68% و67% «محمد صلاح الدين كامل ابن أحد القضاة بمحكمة النقض بكفر الشيخ، وأحمد سامى ابن عم فريد سيد الميهى القاضى بالمنوفية، ومحمد سيد حلمى ابن رئيس محكمة الاستئناف بالجيزة، وأحمد عادل على أحمد ابن أحد المستشارين بمحكمة الاستئناف، ومحمود فتحى جودة عبد المقصود ابن أحد المستشارين بمحكمة النقض، وبلال سيد أحمد على إبراهيم الجناينى ابن رئيس محكمة الاستئناف، ومحمد ابن المستشار أحمد أبو المجد عيسى، وأحمد فؤاد ابن شقيق المستشار هشام سعد يوسف موسى الطوخى رئيس محكمة القليوبية، وخالد خليفة الجيوشى خليفة ابن رئيس محكمة الاستئناف، وحسام حمدون عبد الجليل سعد عمر ابن رئيس محكمة الاستئناف بكفر الشيخ»، و66%) وناجين من دور نوفمبر (كمصطفى «ابن المستشار حنفى السيد حنفى» الحاصل على تقدير 66% على سبيل المثال، وعُين فى النيابة العامة)؛ ما يعنى رسوبهم فى الدور الأول، وناجحين فى الدور الثانى دور أكتوبر، (مثل حسام حمدون عبد الجليل سعد الحاصل على 67%)، وعُينوا بالفعل لدرجات القرابة؛ ما يعنى ضياع حقوق آلاف من المجتهدين والمتفوقين علميا ودراسيا، وضياع مستقبلهم لصالح أبناء القضاة ولو كانوا فشلة. وخطورة ظاهرة التوريث الفئوى -لا سيما فى تلك المجالات الحساسة- أنها تقتل الشعور بالعدالة، وتدفع الناس دفعا إلى اليأس الذى هو مفجر كل الجرائم، وأن يترسخ لدى كل مواطن فى روعه أن حقه لن يأخذه إلا بيده. وجدير بالذكر أن هذه المستندات توضح السبب الحقيقى للحرب الشرسة التى يشنها القضاة على مؤسسة الرئاسة التى طالبتهم بالعدالة الاجتماعية.