أول تعليق من ميلانيا ترامب على ارتداء الرئيس الأمريكي زي بابا الفاتيكان    موعد مباراة إنتر ميلان وبرشلونة في دوري أبطال أوروبا والقناة الناقلة    مصر تدين الاستهداف المكثف للمنشآت والبنى التحتية المدنية في بورسودان    ارتفاع جديد في أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 6-5-2025 في محافظة الفيوم    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 6 مايو    أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم الثلاثاء 6 مايو    الفتاوى تفتح باب الخلاف بين الأزهر والأوقاف.. صدام غير مسبوق    للمرة الثالثة خلال 24 ساعة، "الدعم السريع" تستهدف مطار بورتسودان وفندق مارينا بالمسيرات (فيديو)    إلغاء الرحلات الجوية بعد استهداف مطار بورتسودان بمسيرات للدعم السريع    إدارة ترامب تأمر بإقالة 20 بالمئة من جنرالات الجيش الأمريكى    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو 2025 وعيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع    بعد شائعة البنزين المغشوش.. أسرار عن طريقة الحفاظ على طرمبة السيارة    اليوم.. طقس حار نهارا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 32 درجة    علي الشامل: مسلسل "فهد البطل" فتحلي باب جديد في الدراما    النائب فريدي البياضي: مشروع قانون الإيجار القديم ظالم للمالك والمستأجر.. وهذه هي الحلول    وسائل إعلام: ترامب لا يشارك في الجهود لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس    غارات إسرائيلية تستهدف سلسلة جبال لبنان الشرقية وبلدة طيرحرفا في جنوب لبنان    الحوثيون: ارتفاع ضحايا قصف مصنع بغربي اليمن إلى قتيلين و 42 جريحا    إحالة مرتضى منصور للمحاكمة بتهمة سب وقذف خالد يوسف وزوجته شاليمار شربتلي    جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصفين الأول والثاني الإعدادي بالجيزة    باكستان ترفض اتهامات الهند لها بشأن صلتها بهجوم كشمير    رفضته ووصفته ب"المجنون"، محمد عشوب يكشف عن مشروع زواج بين أحمد زكي ووردة فيديو)    طرح فيلم «هيبتا المناظرة الأخيرة» الجزء الثاني في السينمات بهذا الموعد؟    تطيل العمر وتقلل الوفيات، أخبار سارة لعشاق القهوة وهذه عدد الأكواب اليومية لزيادة تأثيرها    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع الانشائية بمدينة بدر    ضبط مبلط بتهمة الاعتداء الجنسي على طفل في المنيا بعد استدراجه بمنزل مهجور    الزمالك يستكمل اجتماع حسم مصير بيسيرو عصر اليوم    مصدر ل «المصري اليوم»: الزمالك تواصل رسميًا مع طارق مصطفى لخلافة بيسيرو.. والمدرب يبدي موافقته    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    مدرب سيمبا: خروج الزمالك من الكونفدرالية صدمة كبرى فهو المرشح الأول للبطولة    رغم هطول الأمطار.. خبير جيولوجي يكشف أسباب تأخير فتح بوابات سد النهضة    5 مرشحين لتدريب الزمالك حال إقالة بيسيرو    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    التعليم توجه بإعادة تعيين الحاصلين على مؤهلات عليا أثناء الخدمة بالمدارس والمديريات التعليمية " مستند"    جموع غفيرة بجنازة الشيخ سعد البريك .. و"القثردي" يطوى بعد قتله إهمالا بالسجن    وزير وفنان وطالب :مناقشات جادة عن التعليم والهوية فى «صالون القادة»    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    اليوم.. محاكمة نقاش متهم بقتل زوجته في العمرانية    نائب وزير السياحة والآثار تترأس الاجتماع الخامس كبار المسؤولين بمنظمة الثمانية    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    لتفادي الهبوط.. جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    5 أسماء مطروحة.. شوبير يكشف تطورات مدرب الأهلي الجديد    محافظ الغربية: لا تهاون في مخالفات البناء.. واستعدادات شاملة لعيد الأضحى    "كتب روشتة خارجية".. مجازاة طبيب وتمريض مستشفى أبو كبير    احترس من حصر البول طويلاً.. 9 أسباب شائعة لالتهاب المسالك البولية    10 حيل ذكية، تهدي أعصاب ست البيت قبل النوم    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالجيزة (صور)    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    على مساحة 500 فدان.. وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي ل "حدائق تلال الفسطاط"    رنا رئيس تتألق في زفاف أسطوري بالقاهرة.. من مصمم فستان الفرح؟ (صور)    4 أبراج «ما بتتخلّاش عنك».. سند حقيقي في الشدة (هل تراهم في حياتك؟)    تطور جديد في أزمة ابن حسام عاشور.. المدرس يقلب الموازين    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشومسكي يصنف الولايات المتحدة دولة مارقة
نشر في الشعب يوم 01 - 09 - 2007


بقلم: د. يوسف نور عوض

ظل الكثيرون بعد الحرب العالمية الثانية يتحدثون عن الولايات المتحدة كقلعة للحرية، وكان الجميع يرون فيها أنموذجا للمجتمع الحديث، بما أحدثته من تقدم اقتصادي وما ترفعه من شعارات الحرية التي صدقها الناس بكون الولايات المتحدة لم تشارك في مرحلة الاستعمار الغربي لدول العالم الثالث وظلت عالما غامضا بالنسبة لكثير من شعوب العالم
ولكن بمجرد أن تراجع نفوذ الاستعمار التقليدي وتحولت المنظمات الصهيونية للعمل من داخلها بدأ العالم يري وجها جديدا للولايات المتحدة لا يختلف كثيرا عن الوجوه الاستعمارية القديمة، كما رأي أنها تقول ما لا تفعل في عالم القيم والمبادئ ولا تكلف نفسها حتي بمعرفة ثقافات الشعوب التي تتعامل معها، وقد وضح هذا الأمر جليا في كتابات نعوم تشومسكي وآخرها كتابه الدول الفاشلة الذي استقطب الاهتمام في الولايات المتحدة وبدأ يثير اهتماما عالميا بسبب السياسات غير الحكيمة التي تتبعها واشنطن في كثير من بلاد العالم.
وقد ذهب تشومسكي إلي وصف النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة بأنها جماعة من المجرمين وضعت لنفسها شعارا تنطلق فيه من قول آدم سميث الذي نسبه للمستغلين في العالم وهو كل شيء لنا ولا شيء للآخرين ، وذهب تشومسكي إلي القول بان النخب الأمريكية الحاكمة تحاول من خلال تأثيراتها الاقتصادية وأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها أن تخيف العالم بأسره وتنتزع منه ما تريد دون وازع أخلاقي أو إنساني. وعلي الرغم من أن الولايات المتحدة تصنف دولا مثل إيران والسودان بأنها من بين الدول الفاشلة في العالم فهو يري أن الولايات المتحدة تقف علي رأس هذه الدول التي بدأت معالم تدهورها وانهيارها واضحة للعيان. وتلك حقيقة لا يبدو أن إدارة الرئيس بوش مستعدة لقبولها لأن هذه الإدارة تبني سلطتها علي تجريم الآخرين واستثمار مآسيهم من أجل تحقيق أهدافها الشريرة. ويقول نعوم تشومسكي إن الولايات المتحدة اتخذت من مفهوم الفشل ذريعة تغزو بها شعوب العالم وهذا ما حدث بالنسبة للعراق وهاييتي حيث ارتكبت أفظع المآسي والجرائم الإنسانية.
ويري تشومسكي أن كل الأسباب التي ساقتها الولايات المتحدة لتصنيف الدول الفاشلة تنطبق عليها، ومن ذلك عدم قدرة الدولة علي حماية مواطنيها، وقد ظهر ذلك جليا في أحداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر)، وكذلك شعور الدولة بأنها بمنأي من المحاسبة الدولية وبالتالي تستطيع أن تفعل ما تشاء دون محاسبة أو مراقبة وذلك ما يحكم التصور الأمريكي في مجمله ذلك أن الولايات المتحدة لم تعد تقيم اعتبارا للمجتمع الدولي أو حتي الدول التي تتحالف معها، وهي تقوم بجميع أعمالها غير المشروعة بقرار ذاتي. وكذلك فإن الدولة الفاشلة هي التي قد تمتلك مؤسسات تبدو في ظاهرها ديمقراطية ولكن هذه المؤسسات تكون مجرد أداة في أيدي النخب لتمرير السياسات غير الإنسانية والمنافية للقيم الحضارية وذلك ما تفعله الولايات المتحدة في كل السياسات التي تقوم بها ضد الشعوب، وكل تلك من الأسباب التي تجعلها في طليعة الدول الفاشلة ولا تشفع لها في ذلك قوتها العسكرية أو الاقتصادية.
ويري تشومسكي أن التدهور بدأ في الولايات المتحدة مع فترة حكم الرئيس رونالد ريغان ولكنه استمر في عهد الرئيس جورج بوش الأب والرئيس كلينتون وأخيرا في عهد الرئيس جورج بوش الابن الذي يري أن الولايات المتحدة بلغت في عهده أدني مستوياتها اللاأخلاقية والتي تخون طموحات الشعب الأمريكي في الحرية والعدالة.
وأصبحت بذلك خطرا حقيقيا يهدد الجنس البشري. بسبب اعتناقها مبدأ أن الجنس البشري قابل للدمار من أجل أن تحقق هي أهدافها في الحصول علي المال والسلطة، ويتجلي ذلك بشكل واضح في قيام الرئيس جورج بوش بحرب غير مشروعة في العراق وانحيازه الكامل لإسرائيل وقتله مئات الآلاف من العراقيين في هذه الحرب وآلاف الأمريكيين كذلك وتلك قمة النفاق الاجتماعي الذي يري أن العالم كله من الأشرار لأنهم يرتكبون أخطاء ضد الولايات المتحدة، أما هي فتفعل ما تشاء دون أن تلحق بها أي صفة من صفات الذم. وحتي في المجالات التي تتطلب سلوكا حضاريا واضحا نجد الولايات المتحدة من أكثر الدول تقاعسا، حتي لوكان الأمر يخص سلامة مواطنيها، ويتضح ذلك في رفضها التوقيع علي بروتوكولات كيوتو المتعلقة بالمناخ.
ولم يستيقظ الضمير الأمريكي حتي بعد الإعصار كاترين وظهور كثير من المظاهر في عالم اليوم التي تؤكد أن العالم مقبل علي مرحلة خطيرة من التغيرات المناخية وقد أحس هذا الصيف جميع سكان أوروبا آثر هذا التغير، ومع ذلك تصنف الولايات المتحدة بعض الدول بأنها دول مارقة، وليس المروق علي المبادئ الإنسانية في معظم الأحيان بل هو مروق علي إرادة الولايات المتحدة التي تريد من العالم كله أن يتصرف وفق إرادتها.
ولعل أخطر ما في رؤية تشومسكي هو ما قال إنه يمثل الفاقد الديمقراطي في الولايات المتحدة، ذلك أنه علي الرغم من الإدعاء بالريادة الديمقراطية والأخذ بمبادئ الحرية فإن الولايات المتحدة تعاني من أسوأ النظم السلطوية التي تتحكم فيها النخبة السياسية بدلا من الشعب المهمش من خلال المؤسسات التي لا تخدم سوي مصالح النخب المتعارضة كليا مع مصالحه والتي تعرض أمن وسلام العالم للخطر. وقد أصبح الأمر في نهايته بدل دولة المؤسسات التي تحاسب علي الأخطاء فقد قامت دولة النخب التي لا تفعل شيئا سوي ما يحقق مصالحها. وتظل هذه النخب تسيطر علي وسائل الإعلام الأمريكية وهي لا تخيف الشعب الأمريكي من الأعداء الخارجيين فقط بل تخيفه أيضا من الأعداء الداخليين الذين هم في نظرها من الهنود الحمر السكان الأصليين للبلاد وكذلك الشيوعيين والسود والهسبان والمهاجرين، ويذهب تشومسكي لكي يظهر المفارقة في ما تعلنه الولايات المتحدة من مبادئ وما تمارسه في واقع الأمر من أعمال. إلي أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة من بين الدول الصناعية التي لاتملك نظاما للضمان الصحي وإن أكثر من ستين مليونا من مواطنيها معرضون لعدم توافر العناية الطبية عندما يحتاجون إليها بل إن كل مواطن أمريكي مدين بنحو سبعة وعشرين ألف دولار أمريكي. ومع ذلك تصر الحكومة علي خداع الشعب بإعلان مبادئ كبيرة لا وجود لها في عالم الواقع وذلك ما يستدعي في نظر تشومسكي أن يعمل الشعب من أجل استعادة ديمقراطيته المسروقة والتحكم في مقدراته حتي لو أدي ذلك إلي العصيان.
ويري تشومسكي أنه من الضروري لكي تعود الولايات المتحدة إلي المجتمع الإنساني أن تعترف بالقانون الدولي ومحكمة جرائم الحرب وأن توقع علي بروتوكولات كيوتو وأن تترك للأمم المتحدة فرصة قيادة المجتمع العالمي وفق مصالح جميع شعوب الأرض، وهذا دور بدأت الأمم المتحدة تفقده، كما يطالب تشومسكي بضرورة إلغاء الفيتو في مجلس الأمن لأن الفيتو مظهر غير ديمقراطي وقد أصبح إحدي الوسائل التي تحقق بها بعض الدول مصالحها بأسلوب غير مشروع.
ومجمل ما ذهب إليه تشومسكي يؤكد أن هناك تفاوتا كبيرا بين ما تعلنه الولايات المتحدة وما تقوم به من أعمال ذلك أن الولايات المتحدة لم تعد أنموذج الدولة التي يتطلع إليها الجميع بل أصبحت أنموذج الدولة التي يكرهها الجميع بسبب الأكاذيب التي ترسلها وعدم تورعها من ارتكاب أفظع الجرائم الإنسانية من أجل تحقيق مصالحها ويتجلي ذلك في أعداد القتلي في حرب العراق.
ولا شك أن الولايات المتحدة التي تصنف سائر دول العالم التي تقف في طريقها بأنها من دول الاشرار والمارقين هي في نظر الكثيرين الدولة الأولي المارقة في العالم والتي تتسم بكل صفات الشر ولكن التخلص من هذا الشر واكتساب الإرادة لا يكون فقط بملاحظته بل بالتصدي له بكل قوة كما تفعل بعض الدول خارج العالم العربي وليست القوة في بعض الأحيان هي القوة العسكرية لأنه يكفي أن تمتلك الشعوب الإرادة في قبول ما تريد ورفض ما لا تريد لكي يكون ذلك طريقها لتحقيق أهدافها المشروعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.