نقابة المهندسين بالإسكندرية تطلق مبادرة التدريب والشباب في موسمها الثالث    رئيس جامعة المنوفية يشارك في اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    «ابتعدوا عن الميكروفون».. رئيس «النواب» يطالب الأعضاء باستخدام أجهزة القاعة بشكل صحيح    بكم سعر كيلو اللحمة في الأسواق.. أسعار اللحوم اليوم الاثنين 3 يونيو 2024 في مصر    صرف مستحقات مصدري الشريحة الأولى من المرحلة ال7 لمبادرة السداد الفوري لرد الأعباء التصديرية    بعد رفضه الموازنة العامة الجديدة.. نائب لوزير المالية: على أي أساس حسبت حجم الدين ؟    عاجل..صندوق الإسكان الاجتماعي: الفترة المقبلة تشهد الانتهاء من تسليم جميع الوحدات السكنية المطروحة ضمن الاعلانات السابقة    السكة الحديد تُطلق خدمات جديدة لركاب القطارات.. تعرف عليها    مصدر رفيع المستوى: مصر تواصل اتصالاتها للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة    الأهلي يطمئن على لاعبيه الدوليين قبل مواجهة بوركينا فاسو    "مش عايزه".. مدرب ليفربول الجديد يصدم صلاح    بالأسماء.. شوبير يكشف كل الصفقات على رادار الأهلي هذا الصيف    طلاب الثانوية الأزهرية في الإسكندرية يؤدون امتحان القرآن الكريم دون شكاوى (صور)    الثانوية العامة 2024.. رابط المراجعة النهائية لمادة الإحصاء    انهيار منزل ونشوب حريق في حادثين متفرقين دون إصابات بقنا    رئيس بعثة الحج الرسمية: الحالة الصحية العامة للحجاج المصريين جيدة.. ولا أمراض وبائية    قصر السينما يسلم شهادات تخرج دفعة جديدة من دورة الدراسات السينمائية الحرة    دور العرض السينمائي تقرر رفع فيلم حقق 75.7 مليون جنيه لهذا السبب.. بالتفاصيل    لمواليد العذراء.. توقعات الأبراج في شهر يونيو 2024 (التفاصيل)    الأوبرا تحتفي بمواهبها بحفل ضخم على مسرح دمنهور (تفاصيل)    «صيادلة الإسكندرية» تطلق 5 قوافل طبية وتوزع الدواء مجانا    الرئيس الأوكراني يوجه الشكر للفلبين لدعم قمة سلام مقبلة في سويسرا    صور.. وكيل "أوقاف الفيوم" يستقبل وفد الكنيسة الأرثوذكسية للتهنئة بعيد الأضحى    رئيس جامعة طنطا يتفقد الامتحانات بمركز الاختبارات الإلكترونية بالمجمع الطبي    في قضية تزوير توكيلات الانتخابات الرئاسية.. تأييد حبس مدير حملة أحمد طنطاوي    شوبير: محمد عبد المنعم رفض مد تعاقده مع الأهلي    "ما حدث مصيبة".. تعليق ناري من ميدو على استدعائه للتحقيق لهذا السبب    التشكيل المتوقع لودية ألمانيا وأوكرانيا ضمن استعدادات يورو 2024    البورصة تربح 5 مليارات جنيه في منتصف تعاملات اليوم الإثنين    نقيب البيطريين: توفير فرص تعيينات للأطباء خلال الفترة المقبلة    محافظ القاهرة: تكلفة الخطة الاستثمارية تجاوز مليارا و575 مليون جنيه    بالأسماء.. اعتماد 17 مدرسة بالوادي الجديد من هيئة ضمان جودة التعليم    شروط التعاقد على وظائف المعلمين وإجراءات التقدم بالمدارس المصرية اليابانية    تحرير 111 محضرا خلال حملات تموينية وتفتيشية بمراكز المنيا    وزير الخارجية: مصر تسعى لتطوير العلاقات مع إسبانيا ورفع مستوى التبادل التجاري    الطيران الإسرائيلي يغير على أطراف بلدة حانين ومرتفع كسارة العروش في جبل الريحان    ألمانيا تستضيف تدريبات جوية لقوات الناتو    فرق الإنقاذ الألمانية تواصل البحث عن رجل إطفاء في عداد المفقودين في الفيضانات    شقيق الفنانة سمية الألفي يكشف تطورات حالتها الصحية بعد حريق منزلها    هل يجوز للمُضحي حلاقة الشعر وتقليم الأظافر قبل العيد؟.. معلومات مهمة قبل عيد الأضحى    ما عدد تكبيرات عيد الأضحى؟.. 3 أقوال عند الفقهاء اعرفها    كوريا الجنوبية تعلق اتفاقية خفض التوتر مع نظيرتها الشمالية    نقابة الصيادلة بالإسكندرية: توزيع 4 آلاف و853 عبوة دواء خلال 5 قوافل طبية بأحياء المحافظة    وزير الصحة: منصة إلكترونية للدول الإفريقية لتحديد احتياجاتها من الأدوية    علقت نفسها في المروحة.. سيدة تتخلص من حياتها بسوهاج    باحثة ل"إكسترا نيوز": مصر لديها موقف صارم تجاه مخططات إسرائيل ضد غزة    هل يجوز ذبح الأضحية ثاني يوم العيد؟.. «الإفتاء» توضح المواقيت الصحيحة    وزير الصحة: نفذنا 1214 مشروعا قوميا بتكلفة تقترب من 145 مليار جنيه    رسومات الأحياء المقررة على الصف الثالث الثانوي.. «راجع قبل الامتحان»    أول تعليق من التعليم على زيادة مصروفات المدارس الخاصة بنسبة 100 ٪    تحرك من الزمالك للمطالبة بحق رعاية إمام عاشور من الأهلي    35 جنيها للمادة.. ما رسوم التظلم على نتيجة الشهادة الإعدادية بالجيزة؟    شرف عظيم إني شاركت في مسلسل رأفت الهجان..أبرز تصريحات أحمد ماهر في برنامج "واحد من الناس"    محمد الباز ل«بين السطور»: فكرة أن المعارض معه الحق في كل شيء «أمر خاطئ»    مقتل شخص وإصابة 24 فى إطلاق نار بولاية أوهايو الأمريكية    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشومسكي يصنف الولايات المتحدة دولة مارقة
نشر في الشعب يوم 01 - 09 - 2007


بقلم: د. يوسف نور عوض

ظل الكثيرون بعد الحرب العالمية الثانية يتحدثون عن الولايات المتحدة كقلعة للحرية، وكان الجميع يرون فيها أنموذجا للمجتمع الحديث، بما أحدثته من تقدم اقتصادي وما ترفعه من شعارات الحرية التي صدقها الناس بكون الولايات المتحدة لم تشارك في مرحلة الاستعمار الغربي لدول العالم الثالث وظلت عالما غامضا بالنسبة لكثير من شعوب العالم
ولكن بمجرد أن تراجع نفوذ الاستعمار التقليدي وتحولت المنظمات الصهيونية للعمل من داخلها بدأ العالم يري وجها جديدا للولايات المتحدة لا يختلف كثيرا عن الوجوه الاستعمارية القديمة، كما رأي أنها تقول ما لا تفعل في عالم القيم والمبادئ ولا تكلف نفسها حتي بمعرفة ثقافات الشعوب التي تتعامل معها، وقد وضح هذا الأمر جليا في كتابات نعوم تشومسكي وآخرها كتابه الدول الفاشلة الذي استقطب الاهتمام في الولايات المتحدة وبدأ يثير اهتماما عالميا بسبب السياسات غير الحكيمة التي تتبعها واشنطن في كثير من بلاد العالم.
وقد ذهب تشومسكي إلي وصف النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة بأنها جماعة من المجرمين وضعت لنفسها شعارا تنطلق فيه من قول آدم سميث الذي نسبه للمستغلين في العالم وهو كل شيء لنا ولا شيء للآخرين ، وذهب تشومسكي إلي القول بان النخب الأمريكية الحاكمة تحاول من خلال تأثيراتها الاقتصادية وأسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها أن تخيف العالم بأسره وتنتزع منه ما تريد دون وازع أخلاقي أو إنساني. وعلي الرغم من أن الولايات المتحدة تصنف دولا مثل إيران والسودان بأنها من بين الدول الفاشلة في العالم فهو يري أن الولايات المتحدة تقف علي رأس هذه الدول التي بدأت معالم تدهورها وانهيارها واضحة للعيان. وتلك حقيقة لا يبدو أن إدارة الرئيس بوش مستعدة لقبولها لأن هذه الإدارة تبني سلطتها علي تجريم الآخرين واستثمار مآسيهم من أجل تحقيق أهدافها الشريرة. ويقول نعوم تشومسكي إن الولايات المتحدة اتخذت من مفهوم الفشل ذريعة تغزو بها شعوب العالم وهذا ما حدث بالنسبة للعراق وهاييتي حيث ارتكبت أفظع المآسي والجرائم الإنسانية.
ويري تشومسكي أن كل الأسباب التي ساقتها الولايات المتحدة لتصنيف الدول الفاشلة تنطبق عليها، ومن ذلك عدم قدرة الدولة علي حماية مواطنيها، وقد ظهر ذلك جليا في أحداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر)، وكذلك شعور الدولة بأنها بمنأي من المحاسبة الدولية وبالتالي تستطيع أن تفعل ما تشاء دون محاسبة أو مراقبة وذلك ما يحكم التصور الأمريكي في مجمله ذلك أن الولايات المتحدة لم تعد تقيم اعتبارا للمجتمع الدولي أو حتي الدول التي تتحالف معها، وهي تقوم بجميع أعمالها غير المشروعة بقرار ذاتي. وكذلك فإن الدولة الفاشلة هي التي قد تمتلك مؤسسات تبدو في ظاهرها ديمقراطية ولكن هذه المؤسسات تكون مجرد أداة في أيدي النخب لتمرير السياسات غير الإنسانية والمنافية للقيم الحضارية وذلك ما تفعله الولايات المتحدة في كل السياسات التي تقوم بها ضد الشعوب، وكل تلك من الأسباب التي تجعلها في طليعة الدول الفاشلة ولا تشفع لها في ذلك قوتها العسكرية أو الاقتصادية.
ويري تشومسكي أن التدهور بدأ في الولايات المتحدة مع فترة حكم الرئيس رونالد ريغان ولكنه استمر في عهد الرئيس جورج بوش الأب والرئيس كلينتون وأخيرا في عهد الرئيس جورج بوش الابن الذي يري أن الولايات المتحدة بلغت في عهده أدني مستوياتها اللاأخلاقية والتي تخون طموحات الشعب الأمريكي في الحرية والعدالة.
وأصبحت بذلك خطرا حقيقيا يهدد الجنس البشري. بسبب اعتناقها مبدأ أن الجنس البشري قابل للدمار من أجل أن تحقق هي أهدافها في الحصول علي المال والسلطة، ويتجلي ذلك بشكل واضح في قيام الرئيس جورج بوش بحرب غير مشروعة في العراق وانحيازه الكامل لإسرائيل وقتله مئات الآلاف من العراقيين في هذه الحرب وآلاف الأمريكيين كذلك وتلك قمة النفاق الاجتماعي الذي يري أن العالم كله من الأشرار لأنهم يرتكبون أخطاء ضد الولايات المتحدة، أما هي فتفعل ما تشاء دون أن تلحق بها أي صفة من صفات الذم. وحتي في المجالات التي تتطلب سلوكا حضاريا واضحا نجد الولايات المتحدة من أكثر الدول تقاعسا، حتي لوكان الأمر يخص سلامة مواطنيها، ويتضح ذلك في رفضها التوقيع علي بروتوكولات كيوتو المتعلقة بالمناخ.
ولم يستيقظ الضمير الأمريكي حتي بعد الإعصار كاترين وظهور كثير من المظاهر في عالم اليوم التي تؤكد أن العالم مقبل علي مرحلة خطيرة من التغيرات المناخية وقد أحس هذا الصيف جميع سكان أوروبا آثر هذا التغير، ومع ذلك تصنف الولايات المتحدة بعض الدول بأنها دول مارقة، وليس المروق علي المبادئ الإنسانية في معظم الأحيان بل هو مروق علي إرادة الولايات المتحدة التي تريد من العالم كله أن يتصرف وفق إرادتها.
ولعل أخطر ما في رؤية تشومسكي هو ما قال إنه يمثل الفاقد الديمقراطي في الولايات المتحدة، ذلك أنه علي الرغم من الإدعاء بالريادة الديمقراطية والأخذ بمبادئ الحرية فإن الولايات المتحدة تعاني من أسوأ النظم السلطوية التي تتحكم فيها النخبة السياسية بدلا من الشعب المهمش من خلال المؤسسات التي لا تخدم سوي مصالح النخب المتعارضة كليا مع مصالحه والتي تعرض أمن وسلام العالم للخطر. وقد أصبح الأمر في نهايته بدل دولة المؤسسات التي تحاسب علي الأخطاء فقد قامت دولة النخب التي لا تفعل شيئا سوي ما يحقق مصالحها. وتظل هذه النخب تسيطر علي وسائل الإعلام الأمريكية وهي لا تخيف الشعب الأمريكي من الأعداء الخارجيين فقط بل تخيفه أيضا من الأعداء الداخليين الذين هم في نظرها من الهنود الحمر السكان الأصليين للبلاد وكذلك الشيوعيين والسود والهسبان والمهاجرين، ويذهب تشومسكي لكي يظهر المفارقة في ما تعلنه الولايات المتحدة من مبادئ وما تمارسه في واقع الأمر من أعمال. إلي أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة من بين الدول الصناعية التي لاتملك نظاما للضمان الصحي وإن أكثر من ستين مليونا من مواطنيها معرضون لعدم توافر العناية الطبية عندما يحتاجون إليها بل إن كل مواطن أمريكي مدين بنحو سبعة وعشرين ألف دولار أمريكي. ومع ذلك تصر الحكومة علي خداع الشعب بإعلان مبادئ كبيرة لا وجود لها في عالم الواقع وذلك ما يستدعي في نظر تشومسكي أن يعمل الشعب من أجل استعادة ديمقراطيته المسروقة والتحكم في مقدراته حتي لو أدي ذلك إلي العصيان.
ويري تشومسكي أنه من الضروري لكي تعود الولايات المتحدة إلي المجتمع الإنساني أن تعترف بالقانون الدولي ومحكمة جرائم الحرب وأن توقع علي بروتوكولات كيوتو وأن تترك للأمم المتحدة فرصة قيادة المجتمع العالمي وفق مصالح جميع شعوب الأرض، وهذا دور بدأت الأمم المتحدة تفقده، كما يطالب تشومسكي بضرورة إلغاء الفيتو في مجلس الأمن لأن الفيتو مظهر غير ديمقراطي وقد أصبح إحدي الوسائل التي تحقق بها بعض الدول مصالحها بأسلوب غير مشروع.
ومجمل ما ذهب إليه تشومسكي يؤكد أن هناك تفاوتا كبيرا بين ما تعلنه الولايات المتحدة وما تقوم به من أعمال ذلك أن الولايات المتحدة لم تعد أنموذج الدولة التي يتطلع إليها الجميع بل أصبحت أنموذج الدولة التي يكرهها الجميع بسبب الأكاذيب التي ترسلها وعدم تورعها من ارتكاب أفظع الجرائم الإنسانية من أجل تحقيق مصالحها ويتجلي ذلك في أعداد القتلي في حرب العراق.
ولا شك أن الولايات المتحدة التي تصنف سائر دول العالم التي تقف في طريقها بأنها من دول الاشرار والمارقين هي في نظر الكثيرين الدولة الأولي المارقة في العالم والتي تتسم بكل صفات الشر ولكن التخلص من هذا الشر واكتساب الإرادة لا يكون فقط بملاحظته بل بالتصدي له بكل قوة كما تفعل بعض الدول خارج العالم العربي وليست القوة في بعض الأحيان هي القوة العسكرية لأنه يكفي أن تمتلك الشعوب الإرادة في قبول ما تريد ورفض ما لا تريد لكي يكون ذلك طريقها لتحقيق أهدافها المشروعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.