فى ظل الانفلات «الأخلاقى» لأسعار كافة السلع الغذائية المحلية والمستوردة بلا مبرر، أصبح الشعب بين فكى رحى الأسعار والأجور، وكلاهما مر كالعلقم. وأمام صيحات الاستغاثة غير المسموعة، وإن سُمعت لا يستجاب لها، تكون المطالبة الشعبية بعودة الدور الحيوى المحورى للمجمعات الاستهلاكية، بل والعمل الجاد على نشرها فى كافة أنحاء مصر، آملين أن يسمعهم أى مسئول!. الجيل الحالى لم يلمس الدور الحيوى الهام للجمعيات التعاونية الاستهلاكية للسلع الغذائية، التى كانت منتشرة على نطاق واسع فى جميع المناطق الشعبية، وكانت تبيع جميع السلع بهامش ربح بسيط متصدية كصمام الأمان لأى استغلال للأسعار.. هكذا يترحم على الجمعيات «عبد الله جمال» (موجه بالتعليم)، ويضيف: «مع بداية الخصخصة بدأت تختفى رويدا رويدا، وهو ما سبب استياء شعبيا جماهيريا. فى كافة مواقع العمل كنا ننشئ ما يعرف ب(بطاقات السلع الفئوية)، فيُجمع رأسمال الجمعية من العاملين بالهيئة أو الإدارة او المؤسسة بالأسهم، وقيمة السهم تتراوح بين 5 و10 جنيهات، وكانت وزارة التموين تشهر الجمعية لتصرف حصة شهرية من السلع الغذائية لكل صاحب بطاقة حسب عدد الأسهم المشترك بها». «تجربة ناجحة اختفت فى عهد زبانية الحزب الوطنى».. يتحسر عليها منصور بدر حامد (مدير مالى)، ويتساءل: «ما الذى يحول دون عودة هذه الجمعيات مرة أخرى رغم أنها كانت تجربة ناجحة مثمرة لسنوات طويلة؟!». مواجهة الأسعار لا بد من أن تكون وفق دراسة ميدانية جادة واعية ومنهج قويم لمواجهة تعطيش السوق لأى سلعة، فضلا عن الاستغلال البشع للسلع الحيوية التى لا يمكن الاستغناء عنها.. هذه هى وجهة نظر انتصار سيد (معلمة) التى تضيف: «وسائل الإعلام لها دور فى الإعلان عن سعر السلعة وهامش الربح المناسب لها؛ فنحن -ربات بيوت- أحوج ما نكون لعودة المجمعات الاستهلاكية التى بها جميع السلع». ويوضح أحمد لطفى (موظف)، قائلا: «الدور الخبيث لمصانع السلع الغذائية هو أن معظمها لا يضع سعرا نهائيا على العبوات بأحجامها وأوزانها؛ حتى يضمن تسويقها والسحب عليها من جانب تاجر التجزئة الذى يروج ويسوق المنتجات غير المسعّرة؛ لضمان أعلى نسبة ربح على حساب السلع نفسها والمنتَج المسعر مسبقا من المصنع، ومن ثم يكون المستهلك هو الضحية لألاعيب تجار التجزئة؛ أى تسلم هذه المصانع الناس إلى مصاصى دماء الغلابة: التجار». ويطالب محمد سيد (موظف) بصدور قرار جمهورى بنشر المجمعات الاستهلاكية بكثافة فى الكفور والنجوع والعزب والقرى، وأن تنظم وزارة التموين الأمر والقرار الجمهورى لضمان توافر السلع بسعر السوق السائد وبهامش ربح بسيط، فضلا عن توفير الآلاف من فرص العمل للخريجين. ولماذا لا تُكلّف منظمات المجتمع المدنى بإنشاء مجمعات استهلاكية من رأس المال الذى تحت يديها؟! وأن يكون ضمن أنشطتها على مستوى المنطقة؟!.. تساؤل مغلف بفكرة يطرحها «زكريا فكرى»، الذى يضيف أن التنظيم الإدارى والمالى لهذه الجمعيات حتى تبيع كل شىء: اللحوم بأنواعها، والفاكهة بأنواعها، والخضار والبقوليات وكل سلعة؛ يخضع للعرض والطلب. ويجزم سيد راعى مبروك بأن عودة المجمعات سوف تعيد الأسعار إلى وضعها الطبيعى، وتكون حائط الصد المنيع لرفع أى سلعة، ومواجهة الاستغلال من حيتان الاستيراد.. نحن أمام أزمة وورطة فى آن واحد وعجز الحكومة الصارخ الدائم عن مواجهتها؛ فالمرتب يتناقص واقعيا بسبب تزايد الأسعار. عودة المجمعات لا تحتاج إلى بند مالى ولا وفرة مالية، بل تشريع منظم لعودتها وطريقة عملها وتكوينها، مع تفعيل المشاركة المجتمعية.. هذا هو رأى الناشط الحقوقى «إيهاب أحمد» الذى يتساءل: «إلى متى ننتظر ولا نتحرك فى الوقت المناسب؟! ولماذا دائما نحن مجرد رد فعل فحسب؟! ولماذا لا نسارع بإعادة هذه المجمعات؟! فعودتها مطلب شعبى، وننتظر صدور قرار عودتها بشغف ولهفة محمومين. صارت الأسعار كالنار التى تسعى إلى أكل أى شىء وكل شىء، ولا تشبع أبدا، ولا بد لها من وقفة ما.. لا بد من مسئول يتصرف.. لا بد من دراسة مجدية نافعة.. نتمنى أن يهتم أحد».