لا نقول إن الدكتور صابر عرب وزيرها الحالى هو من تسبب فى كل ذلك ولكن ندعى ومؤكدا أنه يعرف الكثير عن كل أنواع الفاسد وجراثيمه وبؤره فى وزارة خدم بها حتى الآن مسئولا ووزيرا لمدة تزيد على عشرة أعوام. لا نقول إنه هو من عيّن الفاشلين فى مؤسساتها وإنه من استجلب الخدم كى يستعبدوا الأحرار فيها أو إنه من انتقى جميع الفاسدين كى يلوثوا مؤسساتها ويخربوا مسارحها وينهبوا دار كتبها ويفرغوا قصور ثقافتها من كل ما هو أصيل وحقيقى وممتع وجميل. لا نقول أيضا إنه من حوّل مؤسسة الأوبرا – منحة اليابان الأنيقة - إلى صالة رقص وزمر وساحة موالد ونصبات طرب ركيك ونصب عليها من لا يعرفون ولا يقدرون ومن كدسوها بالجهلة ومحدودى التعليم والموهبة واستبعدوا منها أهل الخبرة والثقة والعلم ولاحترام والنزاهة معا. مثلما لا نقول إنه هو من ترك مطبعتها خرابا بعد أن تكلفت – فيما يقال – حوالى ستة ملايين جنيه كى تطبع كتيبات برامجها وتذاكر عروضها ثم لم تفلح مرة واحدة فى طبع تذكرة واحدة من التذاكر التى يتكلف طبعها فى الخارج حوالى المائة ألف جنيه سنويا. لا نقول أيضا إنه هو من تستر على سرقة اللوحات القيمة لكبار الفنانين التشكيليين المصريين أو إنه من ألصق تهمتها بشاب فنان موظف برىء أو إنه هو من ألصق جناية سرقة لوحة الخشخاش الشهيرة بالدكتور محسن شعلان ودفع ثمنها من سمعته وراحته سكنا وتشهيرا وعذابا لأسرته. مثلما لا نقول إنه هو من بدد على مهرجان التخريب المسرحى عشرات الملايين لمدة ثلاثة وعشرين عاما كان ما أنفق على واحد من مهرجاناتها بضيوفها وضيفاتها وزبائنها الدائمين من المغمورين والمجهولين والمتنطعين على الفن ومحترفى الاستضافة والضيافة يكفى لبناء عدة مسارح فى القاهرة وعواصم المحافظات. ولا نقول أيضا إنه من تستر على فوزى فهمى صديق مبارك. العبقرى – الذى وضع كل الأعداء المتنافسين المتناحرين من وزراء الثقافة والإعلام فى جيبه، واحتفظ بمفاتيح قلوبهم وحبال قيادتهم فى يده موهما كلا منهم أنه رجٌلَه ونفَره. وأنه عينه التى ترى له وأذنه التى تتنصت لحسابه . الأسطورة فى الدهاء والذكاء وبطل المراوغة والمواءمة والتخدير والتنويم المتفرد فى الإخلاص لمن يملك والتنكيل بمن تعطيه الأيام ظهرها. الرجل الذى يعرف من هو القادم فيجهز له الأعلام ومتى يحين موعد تنكيسها للموجود فيبدأ فى تغيير ملامح وجهه له. العبقرى الذى عرف كى يجمع بين الأضداد ويؤلف بين المتناقضات ويبرر الخطأ ويسوغ المرّ ويحلل الحرام ويحرم الحلال لحساب من يعتلى الكرسى أو يتبوأ مقعده ويضع رجليه فوق رؤوس العباد. فوزى فهمى ذلك الذى مثّل نموذجا تاريخيا لأعظم مرءوس وأبشع رئيس. أمير الدهاء الذى عرف كيف يصبح رئيسا للجنة الثقافة والإعلام بمجلس شورى صفوت الشريف رغم قربه الشديد من فاروق حسنى! وكيف يلتصق بأنس الفقى – منافسه فى عطف وتدليل القصر والذى لم يكن يطيقه – فيصبح مقرر مصير الدراما فى تلفزيونه. وقبلها قبل أن يصبح وزيرا للإعلام كيف يكسب وده أيام كان رئيسا لهيئة قصور الثقافة فى عهد فاروق حسنى حين هبط على عرشها – رغم أنفه – متدليا من براشوت زوجة مبارك وهابطا بالمظلة الحريرية لابنهما الوريث المزعوم. فوزى فهمى الداهية الحاذق الماهر الماكر الذى اعتلى عرش رئيس أكاديمية إعلام صفوت الشريف واستحوذ على ثلثى العقل المفكر لفاروق حسنى فى عز مجده ليخلى له الجو فيعمر فى أكاديمية الفنون " فيبيض ويصفّر فيها " – على حد قول الشاعر - حين خلا له الجو أربعة عشر سنة رئيسا وثلاثة نائبا ومثلها عميدا لينفق على زنازينها الأسمنتية فى المبانى الجديدة الحمراء المسماة "جوانتانامو" لبشاعتها خمسمائة مليون جنيه – فى عز الرخص أيام صديقه رئيس الوزراء الدكتور الجنزورى عدو فاروق حسنى رب نعمة الدكتور فوزى فهمى – فيبدد فيها ويصحّر تسعة عشر فدانا من أجود وأغلى الأراضى تحت سمع وبصرّ كل من له عين ترى أو أذن تسمع ولم يفتح له تحقيق واحد كى لا تجرّ الخيوط بعضها وتشد الحبال كل ما فى جراب الحاوى من ملفات الاستوديوهات التى لم تعمل يوما والبلاتوه الذى لا تكفى الكلمات لتقرير حالة دماره والكاميرا "أم مليون دولار" المسروقة قبل أن تعمل والمتروكة دون تحقيق! لا نقول إن الدكتور صابر عرب هو من حدث كل ذلك فى وجوده أو ارتكب فى أيام وزارته أو شهورها القليلة. ولكن لا بد وأن نقول أيضا إنه قد صمت وإنه قد سكت وإنه قد شاهد وإنه ربما تجاهل فأغمض عينا وسد أذنا وجامل وهادن. مثلما لم يهتم بالمعرفة أو يتعب نفسه فى التحقق أو العلاج منذ كان وزيرا. والأدلة على ذلك كثيرة ولا تزال كومة وثائقها ترتفع وملفات إدانتها تتكدس وشهود فظائعها يتكاثرون ويحتشدون سواء فى دار الكتب أو فى الأوبرا أو فى قطاع الإنتاج الثقافى أو فى البيت الفنى للمسرح والمركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية الذى لا يصلح له سوى رئيس بدرجة أستاذ متخصص ذى خبرة بأبحاث وتوثيق وعلوم تلك الفنون وتواريخها وأعلامها. مثلما لا يزال الدكتور صابر عرب تاركا الكثير من الخدم والكثير من العجزة ومن الفئة الضارية ومن المستفيدين تدير وتتحكم وتأمر وتنهى فى الوزارة المهملة المنكوبة ؛ مثلما تهدد مصائر من فيها من المساكين المخلصين أصحاب الضمائر المريضة بشرفها؛ والقلوب المصابة بمصريتها؛ والجيوب النظيفة التى لا يهمها أن تظل خاوية جراء نزاهتها. ومن هذه الزاوية وحدها يكفى أن يكون مسئولا كى يلحق نفسه فينقذها بأن "يغرس فسيلة" إصلاح يطيب بخضرتها ذكراه!