قال مسعفون وسكان إن قوات الاحتلال الصهيوني قتلت عشرة فلسطينيين على الأقل اليوم الأربعاء في أكبر غارة تقوم بها على قطاع غزة منذ أن هيمنت عليه بالكامل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" قبل أسبوعين. وكانت الأنباء قد أفادت باستشهاد ستة فلسطينيين اليوم الأربعاء فيما أصيب عدد آخر في توغُّلاتٍ وغاراتٍ صهيونيةٍ في قطاع غزة والضفة الغربية. وذكرت الأنباء أن أربعة فلسطينيين سقطوا شهداءَ خلال توغل صهيوني قرب بلدتَي خزاعة وعبسان شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة. وأكد شهود العيان أن عشرات الآليات العسكرية الصهيونية توغَّلت عند عبسان وخزاعة وسط إطلاق نار كثيف ودعمٍ جويٍّ من طائرات الأباتشي وطائرات الاستطلاع مما أدى إلى سقوط الشهداء الأربعة. وفي غزة أيضًا استُشهد مواطنٌ فلسطينيٌّ وأصيب عددٌ آخر عندما قصفَت إحدى طائرات الاحتلال سيارةً مدنيةً كانت تسير في أحد الشوارع بشرق مدينة غزة ليرتفع عدد الشهداء في غزة صباح اليوم إلى 5 شهداء بينهم اثنان من كتائب القسام واثنان من سرايا القدس أحدهما ضياء أبو دقة، بالإضافة إلى 15 جريحًا. وفي جنين بالضفة الغربية استمرَّت الآلة الدموية الصهيونية في عملها؛ حيث استُشهد أحد عناصر سرايا القدس في اشتباكاتٍ مع قوةٍ خاصةٍ من الاحتلال الصهيوني في ضاحية وادي برقين في المنطقة الواقع فيها مخيم جنين. وبدأت الاشتباكات – بحسب الجزيرة - عندما قام جنود الاحتلال بمحاصرة أحد المنازل التي كان يتحصَّن فيها عدد من عناصر المقاومة. وأوضح شهود عيان أن الجنود الصهاينة احتَجَزوا عشرات المواطنين في جلسة عزاء في المنطقة ثم قاموا باعتقال عدد منهم وقد أكد جيش الاحتلال وقوع تلك العملية الشاملة إلا أنه لم يعطِ أية تفاصيل حولها. وعلى الرغم من تواصل الاعتداءات الصهيونية إلا أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس واصَل قراراتِه المثيرةَ للجدل حيث أصدر مرسومًا رئاسيًّا بحظر كل الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية في ضربةٍ موجَّهةٍ للمقاومة؛ تطبيقًا لما ورد في خطة "خريطة الطريق" الأمريكية من ضرورة تصفية حركات المقاومة الفلسطينية. وقال المرسوم الرئاسي: تُعتبر كافة الميليشيات المسلَّحة والتشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية غير النظامية- أيًّا كانت تابعيتُها- محظورةَ الوجود بكل الأشكال مضيفًا أنه يُحْظَر على هذه الميليشيات المسلَّحة والتشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية غير النظامية القيام بأية نشاطات سرية أو علنية وكل مَن يساعدها أو يقدم أية خدمات لها يكون عُرضةً للمساءلة الجزائية والإدارية. وطالب المرسوم حكومة الطوارئ بالعمل على تنفيذ ما جاء فيه حيث قال إن على الحكومة إنهاء ظاهرة الجماعات المسلَّحة كافةً وعلى الحكومة تنفيذ ما نصَّت عليه القوانين والأنظمة من حظْرِ حمل السلاح ومصادرة جميع الأسلحة والذخائر والمتفجِّرات وغيرها من الوسائل القتالية غير المرخَّصة وكافة المواد التي تشكِّل خطرًا على النظام العام. كما أضاف أن كل من يخالف أحكام هذا المرسوم يُعتبر قد ارتكب جرمًا يعاقَب عند إدانته بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الساري المفعول. وجاء هذا المرسوم تطبيقًا للتوصيات التي أصدرها المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في اجتماعه الأخير؛ حيث دعا إلى حظْر كافة الأجنحة المسلَّحة، وهو القرار الذي يعتبر مساسًا بحق الشعب الفلسطيني في المقاومة. وفي أول ردِّ فعلٍ على ذلك قال زكريا الزبيدي- أحد قادة كتائب شهداء الأقصى وأبرز ناشطي التيار الانقلابي- إن الكتائب سوف تسلِّم أسلحتَها للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة. وقال الزبيدي- في تصريحات للإذاعة الصهيونية مساء أمس-: إن كتائب الأقصى وافقت على تسليم سلاحها للسلطة والاندماج في أجهزتها الأمنية لخدمة المشروع السياسي لعباس وهي التصريحات التي تعني تخلي الزبيدي- لا شهداء الأقصى- عن فكرة المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني. وتابع الزبيدي توضيح "مهامه الجديدة" في ظل المرسوم الرئاسي حيث زعم أن كتائب الشهيد عز الدين القسام خارجة عن القانون ويحظر خروجها إلى شوارع الضفة الغربية قائلاً إنه وعناصره سيدعمون الأجهزة الأمنية التابعة لرئاسة السلطة ل"ملاحقة عناصر الجناح العسكري لحركة حماس وجمع سلاحها. يُذكر أن حركة حماس تتعرَّض حاليًا لحملات اعتقال ضد عناصرها والمقرَّبين منها في الضفة الغربية، بالإضافة إلى تخريب العديد من المقرَّات السياسية والبرلمانية والاجتماعية التابعة للحركة، وكان آخر تلك الانتهاكات اعتقال 11 من أنصار الحركة في قلقيلية وجنين وطولكرم ونابلس وطوباس على يد الأجهزة الأمنية والمسلَّحين التابعين في فتح. وفيما يتعلق بالوضع في قطاع غزة دعا مفوّض المساعدات بالاتحاد الأوروبي لوي ميشيل الكيانَ الصهيونيَّ لفتح المعابر الرئيسية بين الكيان وقطاع غزة؛ للسماح بدخول إمدادات الإغاثة الأساسية لسكان القطاع البالغ عددهم 1.4 مليون نسمة. وحذَّر ميشيل في بيانٍ له من وجود احتمال حقيقي أن تتحوَّل غزة إلى قلعة يكون المدنيون فيها محاصَرين ولا يمكن تلبية احتياجاتهم الأساسية مضيفًا أن الإمدادات الإنسانية محايدة ولا تمنح أيَّ ميزة لأي طرف أو تشير إلى أي شكل من أشكال الاعتراف السياسي في إشارةٍ إلى أن تقديم المساعدات للفلسطينيين في غزة لا يعني اعترافًا من الاتحاد الأوروبي بحماس ولا يخرق الحصار الذي يفرضه الغرب والصهاينة عليها!! كما أصدر عباس مرسومًا يعفي مواطني قطاع غزة من الضرائب في محاولةٍ لمدِّ سيطرة حكومة الطوارئ على القطاع دون وجود أية آليات فعلية لتنفيذ هذا المرسوم بما يعني أنه مجرد محاولة مظهرية لتهدئة الرأي العام في غزة ضد السلطة التي لم تفعل أي شيء لوقف الحصار المفروض على غزة!! في هذه الأثناء أعلن الرئيس المصري حسني مبارك في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرنوت الصهيونية أن مصر ستعيد إرسال وفدها الأمني إلى قطاع غزة عندما تهدأ الأمور ثم ستواصل جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية. وكانت مصر قد سحبت وفدها يوم 15 يونيو بعد يوم من استيلاء حركة حماس على قطاع غزة من حركة فتح.حيث أشارت إلى أن هذا التحرك اتخذ لعدم وجود سلطة شرعية في غزة بحسب زعمها. وقال مبارك إن الوفد الأمني غادر غزة لذا لم يكن بالإمكان مواصلة جهود الوساطة. لكن عندما تهدأ الأمور فسيعود الوفد وسنواصل الحوار معهم. هذا ويجري العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز مع نظيره الأردني عبد الله الثاني محادثات اليوم في عمّان من المرتقب أن تركز على تطورات الشأن الفلسطيني. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية عن السفير السعودي لدى الأردن عبد الرحمن العوهلي إشارته إلى احتمال عقد اجتماع بين الملك السعودي والرئيس الفلسطيني. وأضاف العوهلي انه رغم أننا لم نتلق أي شيء بهذا الخصوص حتى الآن فإن هذا الاجتماع قد يتم في ضوء العلاقات الأخوية والحرص على حل المشاكل والخلافات تحت المظلة العربية. وتكتسب زيارة الملك السعودي لكل من مصر والأردن أهمية خاصة كونها تأتي عقب قمة رباعية في شرم الشيخ جمعت مبارك وعبد الله وعباس وأولمرت. وتأتي مباحثات الملك عبد الله في الأردن -وهي الأولى منذ اعتلائه العرش عام 2005- بعد قمة جمعته مع الرئيس المصري حسني مبارك في منتج شرم الشيخ مساء أمس أعلن بعدها المتحدث باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد أن القاهرةوالرياض تريدان استئناف وساطتهما بين الفصائل الفلسطينية. وقال عواد إن الملك أبلغ مبارك برغبة الرياض في استئناف جهود الوساطة. مضيفا :نحن بحاجة لوقت من أجل تهدئة الخواطر وخلق مناخ مناسب للقيام بوساطة بين حركة حماس والسلطة الوطنية الفلسطينية لتسوية خلافاتهم. وقد أعلنت السعودية الأسبوع الماضي إنهاء وساطتها بين الفلسطينيين إثر تطورات الأوضاع في غزة والتي انتهت بسيطرة حماس على القطاع وتشكيل حكومة طوارئ في الضفة الغربية. وعلى الرغم من تأكيد مبارك خلال قمة شرم الشيخ على ضرورة إنهاء الخلافات وتوحيد الصف الفلسطيني من خلال العودة للحوار إلا أنه عاد وأكد في تصريحات للتلفزيون المصري أن القمة الرباعية لم تكن معنية بالمشكلة القائمة بين حركتي فتح وحماس واعتبرها شأنا داخليا فلسطينيا. واتهم مبارك حماس بالمسؤولية عن تدهور الوضع بغزة قائلا إنها التي بدأت لكن الأمور فلتت منهم فشملت غزة بأكملها, فاختلط الحابل بالنابل مشيرا إلى أن فتح ارتكبت أيضا أخطاء. واستبعد مبارك أن يقدم وزير الحرب الصهيوني أيهود باراك على تنفيذ اجتياح للقطاع لتحرير الجندي الأسير جلعاد شاليط. من جهة أخرى نفى مبارك وجود فتور في العلاقات المصرية السعودية قائلا إن ما تردد عن ذلك مجرد شائعات.