أجرت القوى الغربية تعديلات على مشروع قرار يدعو إلى جعل إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بملاحقة قتلة رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري أمرا ملزما بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة. وتوقعت مصادر دبلوماسية إقرار المشروع يوم الأربعاء القادم. وتحدد الصيغة المعدلة العاشر من يونيو القادم موعدا للبدء في عمل المحكمة ما لم تتفاهم القوى اللبنانية على المسألة قبل حلول هذا التاريخ. وكانت الصيغة السابقة التي قدمت لأعضاء المجلس ال15 تشير إلى تنفيذ فوري لتشكيل المحكمة الدولية. وقالت مصادر دبلوماسية إن هذا التعديل يهدف إلى الأخذ بعين الاعتبار اعتراض بعض الدول الأعضاء التي ترغب في إبقاء الباب مفتوحا بعض الوقت بهدف التوصل إلى تسوية بين اللبنانيين. وأثار القرار اعتراضات ومطالب روسية بمنح الأطراف اللبنانية فترة سماح تمكنهم من التصديق على المحكمة. لكن مقدمي المشروع -وهم الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا- قللوا من أهمية المخاوف الروسية وقالوا إنهم لا يزالون يتوقعون الموافقة على صدور قرارهم بإنشاء محكمة الحريري الأسبوع القادم. ورفض دبلوماسيون غربيون في مقدمتهم سفير واشنطن لدى الأممالمتحدة زلماي خليل زاد التخلي عن إدراج الإشارة إلى الفصل السابع، معتبرين أن ذلك غير قابل للتفاوض. وقال خليل زاد إن تحركات الأممالمتحدة السابقة بخصوص اغتيال الحريري وصفته بأنه "تهديد للسلام والأمن الدوليين" – على حد قوله -وبالتالي فهو يتطلب فرض تطبيق الفصل السابع. وأعرب عن اعتقاده أنه سيتم التصويت على مشروع القرار مطلع هذا الأسبوع. وبعد مناقشات أجرتها دول مجلس الأمن أمس قال السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين إن موسكو اعترضت على الإشارة في مشروع القرار للفصل السابع. وقال إن بلاده لا تعتقد أن هذه الإشارة ضرورية مشيرا إلى وجود فقرة أخرى في ميثاق الأممالمتحدة تجعل كل قرارات المنظمة الدولية ملزمة. وطالب المندوب الروسي بمنح فترة سماح تجعل القرار بعد تبنيه لا يدخل حيز التنفيذ إلا بعد فترة محددة من الزمن لإعطاء اللبنانيين فرصة التصديق على إنشاء المحكمة قبل انتهاء تلك الفترة. أما المندوب القطري لدى الأممالمتحدة ناصر عبد العزيز النصر فقد اعترض على اعتماد القرار وفقا للفصل السابع، وأشار في تصريح للجزيرة إلى جهود تبذلها قطر من أجل التوصل لحل بين اللبنانيين أنفسهم. وأشار دبلوماسيون في نيويورك إلى أن أقرب موعد يمكن لمجلس الأمن فيه تبني القرار يحتمل أن يكون يوم الأربعاء القادم. واستبعد دبلوماسيون غربيون استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) ضد القرار رغم اعتراضها عليه، لكنهم توقعوا امتناعها عن التصويت. وأوضح دبلوماسيون أن مشروع القرار المقترح سيشكل المحكمة الدولية لكنه لن يحدد كيفية عملها، ولم تتحدد بعد تفاصيل مهمة بهذا الشأن مثل المكان الذي ستكون فيه المحكمة. ويأتي قرار إنشاء المحكمة الدولية استجابة لطلب من الحكومة اللبنانية، ولكن البرلمان اللبناني لم يقر ذلك الطلب لأن رئيسه نبيه بري -وهو أحد رموز المعارضة المشككين في شرعية الحكومة- رفض دعوة المجلس إلى الانعقاد للمصادقة على مشروع قرار تشكيل المحكمة. ورغم تحذيرات الرئيس اللبناني إميل لحود وآخرين من أن المحكمة يمكن أن تشعل جولة جديدة من العنف فإن زعماء الغرب يقولون إنها ضرورية لمحاكمة من اغتالوا الحريري. وينص الاتفاق بين الأممالمتحدة ولبنان على إنشاء محكمة "ذات طابع دولي" مؤلفة من غرفتين: محكمة قضائية من ثلاثة قضاة أحدهم لبناني ومحكمة استئنافية من خمسة قضاة اثنان منهم لبنانيان. كان مجلس الأمن قد أصدر عام 2005 القرار 1595 الذي وافق فيه مبدئيا على إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي.