شهدت ورشة العمل التي نظمتها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حول بدو سيناء والتحديات التي تواجههم اعترافات اقتصادية واجتماعية وإستراتيجية وحقوقية بتهميش سيناء وهو عكس ما قدَّمه نائب الوطني الذي أكد أن الصورة بسيناء ناصعة البياض وهو ما استفزَّ شهود العيان وتسبب في إفساد الجلسة الثانية من المؤتمر كما كشف أحد الحضور عن مفاجآت منها دخول اليهود سيناء بالبطاقات الشخصية فحسب وآخر كشفٍ عن وجود ضابط لكل 5 مواطنين. وقد بدأ د. عبد المنعم المشاط- أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- كلامه منتقدًا عنوان ورشة العمل الذي يُسمِّي أهل سيناء ب"بدو سيناء"، وهو ما وصفه بالتفرقة العنصرية بين أبناء الوطن، مشيرًا إلى أنه على الرغم من أن سيناء تلعب دورًا أمنيًّا وعسكريًّا منذ أيام الهكسوس إلا أنَّ الرؤيةَ المصريةَ لتنمية سيناء رؤية غير شاملة رغم الإستراتيجية الكبرى التي تتصف بها سيناء. وحدد المشاط مصادر التهديدات والخطورة الداخلية التي تكمن في قضية أبناء سيناء وأهمها أن أهل سيناء يعانون من التهميش السياسي، فضلاً عن الحرمان الاقتصادي، إضافةً للطرفية الجغرافية، فالثلاثة عناصر تُسبب الإحساس بعدم الرضا، وهو ما يُشكِّل تهديدًا للأمن. واقترح المشاط عدة مشروعات مثل المشروعات الصناعية بديلاً عن المشروعات التي تتم في جنوبالوادي مشيرًا إلى تميز صناعة الزجاج بسيناء كما يمكن استخراج الطاقة الشمسية منها وكذلك صناعة تحلية المياه حيث إن هناك دلائلَ على احتمالية حدوث أزمة مستقبلية في العالم العربي فضلاً عن زراعة الفواكه. وتساءل المشاط: لماذا لا تُقام مثلاً مسابقات للسيارات بشكلٍ دوري في سيناء، فالفكرة الأساسية هي ربط سيناء ربطًا عضويًّا بباقي الجسد. ثم تحدَّث ممدوح الولي- مساعد رئيس تحرير الأهرام- مشيرًا إلى أهمية الثروة المعدنية في شمال سيناء؛ وذكر أن 30% من إنتاج مصر للبترول يأتي من سيناء، كما أن المؤشرات تشير إلى أنَّ الزراعةَ في سيناء لم تأخذ حقَّها. وحتى السياحة الأجنبية تستخدم سيناء مجرد ممر، وبالتالي لا تحصل على دخل، وقال ليس في سيناء سوى مصنعَيْن والباقي ورش صغيرة، حتى جمعية مستثمري سيناء لا يوجد فيها أعضاء سوى الدكتور حسن راتب رئيس الجمعية. واعتبرت الدكتورة عزة كريم- الخبيرة بالمعهد القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية- أنَّ سيناءَ لها خصوصية خاصة، ففضلاً عن أنها منطقة إستراتيجية هامة جدًّا لكل المجتمع المصري إلا أن سيناء- حسبما رأى الفريق الذي زارها- تعاني من عزلة. وامتدحت كريم تمسك مجتمع سيناء بعادات وقيم وتقاليد وضوابط وحريات وقيود صنعها بسبب غياب الدور الحكومي وكلمة شيخ القبيلة تُسيطر على أي فتيل أزمة. وأضافت أنه كان من المفترض أن يعوض المواطن السيناوي بعد 15 سنةً جهادًا في مقاومة الاحتلال، كما أنَّ المواطن السيناوي لديه قانون عرفي أقوى من القانون المدني لم يترك صغيرةً ولا كبيرةً لم يتطرق إليها وفيه عقوبات للجرائم المختلفة، واحترام للمرأة والأسرة بشكلٍ كبيرٍ عكس ما هو مشاع من امتهان للمرأة البدوية؛ وذلك على الرغم من تعدد الزوجات، ولو صدر حكمٌ على فردٍ فإن القبيلة كلها تتعاون في الدفع؛ فهم يد واحدة أمام المجتمع الخارجي. والمشكلة في رأي كريم تكمن في أن السياسة التنموية لا تحقق إشباع للاحتياجات الفعلية داخل المجتمع؛ مما يُحدِث اختلالاً في التوازن بين الاحتياجات الفعلية وما تقدمه الحكومة من إنفاقاتٍ على مجالات التنمية؛ فالحكومة في وادٍ والاحتياجات في وادٍ آخر، ودللت على ذلك ببناء الحكومة مدارس إلا أنها تُعاني من نسبة غياب مرتفعة للناظر والمدرسين بسبب بُعد المدرسة عن مكان سكنهم، كما يوجد وحدات صحية جيدة إلا أن بها طبيب حديث الخبرة وبتخصص واحد ولا توجد طبيبة كما تتطلب طبيعة تقاليد المجتمع السيناوي. كما أن الزواج العرفي (الشرعي) هو السائد هناك لعدم وجود مأذون بالقرية أو مكتب سجل مدني، وينتج عن ذلك الزواج العرفي الشرعي أنه لا توجد وثيقة زواج، وبالتالي لا توجد شهادات ميلاد، ولا توجد بطاقات شخصية ولا بطاقات تموين، كما لا تجد بالقرية منشآت حكومية ولو وُجدت فهي لا تعمل، حتى النادي مغلق، والمياه غير صحية، كما أنَّ رجلَ الدين يلعب دورًا مهمًّا فعالاً إلا أنه يحتاج إلى التدرب بشكلٍ كاملٍ حتى يستطيع الاندماج داخل المجتمع السيناوي. وأشار حافظ أبو سعدة- الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان- إلى أنَّ هناك عزلةً سياسيةً لأهالي سيناء بعد أحداث طابا وشرم الشيخ، وكأنها أحداث وصمت أهل سيناء بالعار رغم أن أحداث الإرهاب من الممكن أن تقع في أي مكان، وأكد سعدة أنه لا قبولَ لأي مساومةٍ على الوطن، ولا يوجد مبرر واحد يسمح للمواطن المصري حتى لو ظلم أن يُطلَب للعدو. من جانبه انتقد علي فتح الباب- عضو كتلة الإخوان المسلمين- منتقدًا الشق الثاني من اسم الورشة وهو "آليات المواجهة"، وهو ما يُصوِّر أن هناك صراعًا بين طرفين، ورأى أنه كان يجب استبدلها ب"آليات التنمية"، كما أكد على أن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ملَّ من تكرار إعلانه أن هناك أموالاً كثيرةً خُصصت لسيناء وأُهدرت؛ ولا حياةَ لمَن تنادي؛ واقترح تخصيص سكن للموظفين بأسرهم وحوافز، كما طالب بالتعامل مع طلاب سيناء بنظام المنح، فيُقدَّم للمتفوقين منحًا في جامعات مصر المختلفة. وتساءل فتح الباب عن حقيقة الإجراءات الأمنية بسيناء قائلاً: "لحماية مَن؟" لحماية أهل سيناء أم لمَن وراء الحدود؟"، كما تساءل عن سبب منع تمليك الأراضي في سيناء؟ وتعجَّب من وجود مدرسة 5 طوابق وبها حوالي 30 فصلاً في الوقت الذي هم بحاجةٍ لانتشار فصل في كل قرية، فهم يُطبِّقون نموذج الأبنية التعليمية دون النظر إلى مدى مناسبته للمكان، وأكد أن الحكومة لو رغبت فعلاً في إدخال الكهرباء والصرف الصحي والغاز والماء ستدخلها، كما طالب بإنشاء مدارس للتعليم المهني الذي يهتم به أهل سيناء كتعليم الصيد والزخارف والصناعات والزيوت والزيتون. ثم تحدَّث شهود العيان عن الواقع الذي يعيشونه فذكر أحدهم أنَّ في سيناء 280 ألف مواطن ويوجد 14 نقطة تفتيش!! وبإحصائية وُجد أن لكل 5 مواطنين رجلَ شرطة!