"مستقبل وطن" ينظم مؤتمرين جماهيريين بالوادي الجديد لدعم القائمة الوطنية    تراجع سعر الذهب في مصر بقيمة 10 جنيهات    تراجع إيرادات قناة السويس 54.1% خلال 9 أشهر    البورصة تخسر 12.5 مليار جنيه في نهاية تعاملات الثلاثاء    وزير قطاع الأعمال يبحث مع هيئة الشراء الموحد التعاون بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية    غزة تموت جوعًا | انهيار سلاسل الأمن الغذائي والقطاع يتحول إلى "جحيم على الأرض".. وفاة رحيل رصرص وعبد الحميد الغلبان تفتح قوس المجاعة على مصراعيه.. منظمات إنسانية: الصمت الدولي شريك في الجريمة    رئيس نادي الزمالك يزور حسن شحاتة في المستشفى للاطمئنان على صحته    نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس فور اعتمادهًا رسميًا    صور.. كريم السبكي يعلن زواجه من فتاة خارج الوسط الفني    صحة المنيا: فحص 165 حالة خلال قافلة بقرية الجزائر بمركز سمالوط    زيلينسكي يعرض مجددا لقاء بوتين: نريد إنهاء الحرب    ملك البحرين يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة يوليو المجيدة    انتظام محمد السيد في معسكر الزمالك بالعاصمة الإدارية    وزيرة التخطيط تلتقي ممثلي شركة ميريديام للاستثمار في البنية التحتية لبحث موقف استثمارات الشركة بقطاع الطاقة المتجددة    فى ضربة قاضية لتعليم الانقلاب …أولياء الأمور برفضون الحاق أبنائهم بنظام البكالوريا    حملات مكثفة على مخابز الوادي الجديد ومتابعة تطبيق مبادرة حقك بالميزان    البورصة المصرية تخسر 12.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    محمد ممدوح ضيف معتز التوني برنامج "فضفضت أوى".. غدًا    المنشاوي يشارك في اجتماع مجلس الجامعات الأهلية ويشيد بجهود الدولة في دعم منظومتها    بمشاركة رجال الشرطة.. حملة للتبرع بالدم في مديرية أمن أسيوط    «هو لازم تبقى لوغاريتمات».. شوبير ينتقد الزمالك بسبب عرضي دونجا وصبحي    وزير قطاع الأعمال وسفير الهند يبحثان تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والصناعية    تنسيق كلية تجارة 2025 علمي وأدبي.. مؤشرات الحد الأدنى للقبول بالجامعات    في ذكرى 23 يوليو، حكاية زعيم وفدي كان سببا في دخول عبد الناصر الحربية    الصحة: إغلاق خمسة فروع لعيادة "بيلادونا ليزر كلينك" للتجميل والعلاج بالليزر    وسائل إعلام سورية عن مصدر أمني: اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء يجري تطبيقه في معظم المناطق بلا خروقات    افتتاح نموذج مصغر للمتحف المصري الكبير بالجامعة الألمانية في برلين (صور)    فيلم الشاطر ل أمير كرارة يحصد 22.2 مليون جنيه خلال 6 أيام عرض    تنطلق اليوم.. قصور الثقافة بجنوب سيناء تحتفل بذكرى ثورة 23 يوليو بعروض فنية متنوعة    أحمد عصام عن «كتالوج»: «كنّا أسرة مع بعضينا ووليد الحلفاوي شغل الكاميرا» (فيديو)    خاص| دنيا سامي: نفسي أعمل "أكشن كوميدي".. ومبسوطة بنجاح مصطفى غريب    ظاهرة ألبومات ال15 أغنية .. مغامرة فنية فى زمن ال «السينجل»    حملة دعم حفظة القرآن الكريم.. بيت الزكاة والصدقات يصل المنوفية لدعم 5400 طفل من حفظة كتاب الله    هل يجوز المسح على الكم بدلًا من غسل اليدين في الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    يضم 24 مدرسة، قيادات الأزهر يفتتحون المقر الرسمي لأكاديمية «مواهب وقدرات» للوافدين    كريم نيدفيد لميركاتو : الإصابة وزحمة نص الملعب عرقلت مشواري مع الأهلي..تريزيجيه رجع بدري وزيزو انهى مقولة المستحيل في الكرة    حملة «100 يوم صحة» قدّمت 8 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 6 أيام    ضبط شخص لإدارته كيانا تعليميا دون ترخيص للنصب والاحتيال على المواطنين بالجيزة    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بطريق أسيوط الغربي    اجتماع طارئ بجامعة الدول العربية لبحث الوضع الكارثي في غزة    موعد مباراة المغرب وغانا في نصف نهائي أمم إفريقيا للسيدات والقناة الناقلة    لجنة فنية من قطاع النقل البحري تواصل أعمالها بموانئ جنوب سيناء    جهود قطاع الأمن العام خلال 24 ساعة    استخراج جثامين طفلين من الأشقاء المتوفين في دلجا بالمنيا    الصحة تكشف حقيقة نقص الأنسولين داخل مستشفيات التأمين الصحي    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل 3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: الإيذاء للغير باب خلفي للحرمان من الجنة ولو كان الظاهر عبادة    «أونروا»: سكان غزة يصابون بالإغماء من شدة الجوع    «الصحة» تبحث التعاون في الذكاء الاصطناعي مع شركة عالمية    وزير خارجية فرنسا: ما يحدث في غزة فضيحة.. ولا مبرر لعمليات إسرائيل العسكرية    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى الرئيس النيجيري    العش: معسكر تونس مفيد.. ونتطلع لموسم قوي مع الأهلي    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    «أزمات في أوضة اللبس؟».. رد صريح من نجم الأهلي    «الداخلية» تعلن شروط قبول دفعة جديدة بكلية الشرطة    «مستقبلك مش مُشرق يعني».. مدحت شلبي يصدم مصطفى محمد بسبب تصرفه مع الأهلي    من الهند إلى أوروبا.. خطة سرية كبرى بين نتنياهو وترامب لليوم التالي بعد إنهاء الحرب في غزة    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم قبل بوش، العالم بعد بوش وسركوزي
نشر في الشعب يوم 12 - 05 - 2007


ولاء سعيد السامرائي

من الولايات المتحدة مرورا بأمريكا الجنوبية الي أوروبا والشرق الأوسط وإيران، شعور واحد يجمع شعوب هذه الدول الرافضة للحرب والهيمنة الاقتصادية الاستعمارية هو نبذها للعالم كما رسمه بوش وعصابة المحافظين الجدد الذين خططوا للقرن 21 الأمريكي في عقد التسعينات.
لم تكن شعوب هذه القارات والبلدان تعيش برغد او تخلو بلدانها من مختلف المشاكل رغم تفاوت المستويات المعيشية والسياسية لكنها اليوم ومنذ مجيء بوش وبدءا بالشعب الأمريكي الولايات المتحدة هي اكبر قوة اقتصادية وعسكرية عرفتها البشرية تشعر بالخطر: خطر تقنين الحريات الشخصية والإعلامية حريات أساسية في الدستور الأمريكي تزايد العنصرية ضد كل من ليس ابيض، تأليب شعوب الشمال ضد شعوب الجنوب، حرب حقيقية عسكرية وإعلامية ضد العرب والمسلمين مكارثية علي الطريقة البوشية المحافظية، سياسات قمع شمولية ضد الأقليات وضد الطبقات المسحوقة في الدول التي يراد لها الانضمام الي مشروع العولمة والهيمنة الجديد.
لقد شاهدنا العالم حسب بوش الذي ابتدأ حكمه بخطة غزو العراق التي كانت معدة علي مكتبه قبل الأحداث المشبوهة لمركز التجارة العالمي في نيويورك، فغزا اولا افغانستان لاسقاط نظام طالبان الذي كان قد منع زراعة الأفيون المستعمل في صناعة الهيروين المصدر المهم لإيرادات العصابات والساسة الأمريكيين في حملاتهم الانتخابية ومصدر ربح الملايين من الدولارات السهلة التي تبيضها البنوك الغربية في جانبي الأطلسي. ذهب طالبان وعاد مزارعو الأفيون كما عادت أفغانستان لتكون مثل السابق قبل حكم طالبان البلد الأكبر في انتاج الأفيون بحسب الإحصائيات العالمية.
وبينما يدمر جنود الإمبراطورية ومعهم جنود الناتو الشعب الأفغاني ودولة أفغانستان بعد ان دمرها الاحتلال السوفييتي لمدة عشر سنوات في واحدة من اكبر الحروب إجراما بحق البشرية، كان عدد محدود من موظفي المخابرات المركزية الأمريكية (سي.اي.ايه) وعصابة الأيباك اللوبي الصهيوني ينشطون في تحرير وتحضير آخر اللمسات من التقارير الكاذبة والملفقة لتبرير غزو العراق وتدمير ايران والسيطرة علي احتياطي النفط العراقي وإنهاء القضية الفلسطينية والمقاومة العربية للكيان الصهيوني، داسين انوفهم وأصابعهم المسمومة في انحاء من آسيا واوروبا وافريقيا لمواجهة كل مقاومة لمشروع العولمة الكوني في السيطرة علي العالم.
لقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في إسقاط الاتحاد السوفييتي وإنهاء الكتلة الشرقية وتسيدت علي العالم كقوة أحادية عسكريا ودبلوماسيا. وربما كان بإمكانها ان تهيمن سياسيا ولعقود مثلما حدث مع الاتحاد السوفييتي الذي استطاع السيطرة علي دول أوروبا الشرقية وإقامة حكومات موالية لها مشاريع وطنية بينما لم تتمكن الولايات المتحدة في حربها الاستباقية المفبركة من فرض السيطرة علي الدول التي غزتها لحد الان بل استطاعت بالترهيب والتلويح بقضية الإرهاب بإجبار سلطنة عمان والبحرين والسعودية للتوقيع علي معاهدة التجارة العالمية للنهب . اما جيشها فيعيش حالة انهاك معنوي لا سابق لها جعلت من العديد من جنرالاته يستقيلون او يرفضون القبول بمهام قيادة الجيش وخاصة في العراق..لقد أضحت القوة الكونية الأولي المنتصرة في عقد التسعينات قوة منهكة ومنهزمة علي وشك الانهيار بسبب اشتداد ساعد المقاومة العراقية والهزيمة العسكرية الاستثنائية لجيش الكيان الصهيوني امام المقاومة الباسلة لحزب الله و لعدم وجود حل في افق حربها العالمية الثالثة فما بالك بتحقيق مشروعها في القرن 21 الأمريكي.
فكيف سيكون العالم بعد نيقولا سركوزي، المرشح الجديد لانتخابات الرئاسة الفرنسية الذي عبر عن أسفه لعدم مشاركة فرنسا في غزو العراق؟
سركوزي وزير الداخلية والمعين للتو كسكرتير لاتحاد الحركة الشعبية حزب اليمين للرئيس جاك شيراك عام 2004 استعجل السفر لمصافحة بوش وإبداء تضامنه مع عوائل إطفائيي مدينة نيويورك بمناسبة الذكري الثالثة لحادث مركز التجارة العالمي ضاربا عرض الحائط بالبروتوكولات الرسمية التي لا تسمح له بزيارة رئيس وهو في منصب وزير متجاوزا الرئيس شيراك وليصرح بأنه يشعر بالغربة في فرنسا بلده وبأنه ضد العجرفة الفرنسية التي ابدتها حكومة رئيس الوزراء دومينيك دو فيلبنت امام الإدارة الأمريكية لرفضها مساندة الولايات المتحدة في غزو العراق. والأهم في هذه الزيارة ليس تهوين مصائب عوائل القتلي من الاطفائيين في حادث نيويورك بل لقاء سركوزي باللوبي الصهيوني الأمريكي المعروف بالأيباك والتشاور معهم حول ترشحه للرئاسة الفرنسية القادمة.
اما الرحلة المهمة الثانية فهي زيارة اسرائيل ولقاء شارون والقاء خطاب مهم جدا يتفنن في تقديم الاقتراحات التي تخدم الدولة العبرية وتستكمل ما بدأه الاستيطان الصهيوني عام 1948. لكن سركوزي لا يقف عند هذا الحد، وهو المحامي التكوين يتقن اللعب علي الكلمات والمعاني وتطويع الحقيقة بليها ولم لا تحريفها ثم تبريرها كما فعل بشأن الاستعمار الفرنسي للجزائر، عندما صرح في مارسيي المدينة الفرنسية الجنوبية ذات الكثافة السكانية العالية من قدماء المستعمرين الأقدام السوداء والذين يعادون العرب والمسلمين الي درجة كبيرة بقوله لهم: لا تخجلوا من تاريخكم ونحن لن نعتذر ولن نعيد كتابة تاريخ فرنسا وان استعمار فرنسا كان حلما حضاريا. وكرر نفس الكلام في مدينة روان معيدا الاعتبار لعصابات القتل والاغتيال في الجزائر المعروفة باسم AOS التي كانت تعارض الجلاء عن الجزائر.
الم يقل بوش وعصابته ان صدام حسين وليس العراق يملك القنبلة الذرية ومثله بلير بان صدام يمكنه ان يهدد بريطانيا في 45 دقيقة وبعدها سمعنا وقرأنا اكثر من سبب لغزو العراق وانقلبت الأسباب الي رغبة أمريكا بنقل الديمقراطية وبحرصها علي الشعب العراقي ورغبة الشعب الأمريكي في جلب الديمقراطية للعراقيين..الخ من التخريجات والأفلام... سركوزي يبدل الحجج بسرعة صاروخية تتجاوز المعلم بوش والمحافظين الجدد لذلك اطلقت عليه الصحافة الفرنسية بالرجل المستعجل.
سركوزي يضع قدميه علي خطي بوش والمحافظين الجدد في خطاب الحرب علي ما يسمي بالإرهاب والاسلاميين، ارهاب العرب والمسلمين في فلسطين والعراق ولبنان وإيران وافغانستان وباكستان والصومال والسودان ومصر..
ولم لا الفرنسيين من اصول عربية في فرنسا، فالاستباقية هي ايديولوجية الادارة الأمريكية التي شنت الحروب وفقها. ولقد سمعنا العديد من النواب اليمينيين المقربين من سركوزي يقولون ان الأحداث التي جرت في ضواحي باريس في العام الماضي مرتبة من قبل الإسلاميين رغم ان تقارير المخابرات الفرنسية كذبتها وقالت انها حركة اجتماعية ولكنهم بقوا يرددونها كي تنتشر كحقيقة. الم يسم سركوزي شباب الضواحي بالزبالة وانه سينقلهم بسياراتها لمجرد مطالبتهم بتحسين اوضاعهم الاقتصادية ومطالبتهم بمساواة مع مواطنيهم ونبذ العنصرية ازاء تشغيلهم واسكانهم؟
ان سركوزي لن يخذل انتظار كوندوليزا رايس التي قالت ان الولايات المتحدة ستعاقب فرنسا لموقفها الرافض لغزو العراق رغم ان الأحداث اثبتت صواب الموقف الفرنسي، ويبدو ان سركوزي مقتنع تماما بالسياسة الأمريكية وبصوابها مما جعل صحافيين اثنين يبشران منذ عام بانتهاء السياسة المتوازنة لفرنسا فيما يخص القضية الفلسطينية عنوان الكتاب شيراك العرب لكريستوف بولتنسكي وايريك ايشمان من صحيفة ليبراسيون اللذين ينتقدان الرئيس شيراك بشدة وخط وزارة الخارجية الفرنسية لتعاطفهما وموقفهما مع حل عادل للقضية الفلسطينية وينسيان ان فرنسا هي التي زودت إسرائيل بما تحتاجه لصناعة السلاح النووي وانها قدمت المساعدات دون حساب منذ قيام الدولة العبرية عام 1948.
اما المهمة الأخري فهي كسر شوكة الفرنسيين من اصول عربية مغاربية الذين ساندوا العراقيين والفلسطينيين في تظاهرات كبري في شوارع باريس منذ حرب العراق عام 1991 الي انتفاضة الشعب الفلسطيني، نفس هؤلاء الفرنسيين ذوي الأصول العربية هم سكنة الأحياء المتواضعة والضواحي، بناة فرنسا وشغيلتها ممن يطالب بتطبيق شعار الدولة الفرنسية في الحرية والمساواة والأخوة التي لا تشملهم في الواقع خاصة وانهم أبناء الجيل الثالث وليسوا مهاجرين جددا..
فبل قليل اعلن فوز نيقولا سركوزي وقد صرح بان فرنسا ستكون صديقة للولايات المتحدة الأمريكية وستقف مع هذا البلد الكبير والعظيم في كل المحن وتلقي في الدقائق الأولي مكالمة هاتفية من بوش. وانه سيجعل من فرنسا بلدا يقف ضد من يلبس النساء البرقع الحجاب وانه سيعمل علي تحقيق مقترحه الخاص بالبحر المتوسط في خطابه في إسرائيل في 2004 اقترح علي شارون سوقا اقتصادية في البحر المتوسط لتنمية الاقتصاد الإسرائيلي اضافة الي مقترحات كثيرة لعلاقة قوية مع فرنسا والسوق الأوروبية المشتركة.
هل ان وصول سركوزي لرئاسة الدولة الفرنسية سيمكنه من انقاذ بوش في العراق وضرب ايران وتحقيق النصر الذي طال انتظاره في المنطقة برمتها؟
هل سيكون العالم ومنطقتنا بالذات أكثر أمانا بعد سركوزي؟
كاتب من العراق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.