برواتب مجزية وتأمينات.. «العمل» تعلن 520 وظيفة متنوعة للشباب    السيسي يعد بإنجازات جديدة (مدينة إعلام).. ومراقبون: قرار يستدعي الحجر على إهدار الذوق العام    إصابة 6 فلسطينيين جراء اعتداء مستوطنين عليهم فى الضفة    بعد استقالتها من الكونجرس، مارجوري جرين تعتزم الترشح للرئاسة الأمريكية نكاية في ترامب    حسين ياسر المحمدي: تكريم محمد صبري أقل ما نقدمه.. ووجود أبنائه في الزمالك أمر طبيعي    ثلاث جولات من الرعب.. مشاجرة تنتهي بمقتل "أبوستة" بطلق ناري في شبرا الخيمة    إصابة 4 أشخاص بينهم ضابطان من الحماية المدنية في حريق عقار بالمنصورة    كمال أبو رية: «كارثة طبيعية» اكتشاف جديد لي ك«كوميديان»    تامر عبد المنعم يفاجئ رمضان 2025 بمسلسل جديد يجمعه مع فيفي عبده ويعود للواجهة بثنائية التأليف والبطولة    نقيب الموسيقيين يفوض «طارق مرتضى» متحدثاً إعلامياً نيابة ًعنه    تخصيص قيمة جوائز المالية لفيلم ضايل عنا عرض لإعادة بناء مدرسة سيرك غزة الحر    وكيل صحة دمياط: إحالة مسئول غرف الملفات والمتغيبين للتحقيق    الصحة: علاج مريضة ب"15 مايو التخصصي" تعاني من متلازمة نادرة تصيب شخصًا واحدًا من بين كل 36 ألفًا    مفاجأة ينتظرها صلاح، أول المرشحين لخلافة سلوت في ليفربول بعد الخسارة السادسة بالبريميرليج    طقس اليوم الاثنين.. تحذيرات من الأمطار والشبورة المائية مع استمرار ارتفاع الحرارة    مصرع شخص إثر انقلاب سيارة نصف نقل في مياه أحد المصارف بالبحيرة    بيان مبادرة "أطفالنا خط أحمر" بشأن واقعة الاعتداء على تلاميذ مدرسة "سيدز الدولية"    صوتك أمانة.. انزل وشارك فى انتخابات مجلس النواب تحت إشراف قضائى كامل    الداخلية تكشف ملابسات اعتداء قائد سيارة نقل ذكي على سيدة بالقليوبية    مانيج إنجن: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل أمن المعلومات في مصر    ترامب: اقتراحي لإنهاء الحرب في أوكرانيا ليس عرضًا نهائيًا    ماكرون يرفض مقترح عودة صيغة "مجموعة الثماني" بمشاركة روسيا    بلغاريا تؤيد خطة ترامب للتسوية في أوكرانيا    : ميريام "2"    عمرو أديب: عايزين نتعلم من درس عمدة نيويورك زهران ممداني    صفحة الداخلية منصة عالمية.. كيف حققت ثاني أعلى أداء حكومي بعد البيت الأبيض؟    ب16 سفينة وتصدير منتجات ل11 دولة أوروبية.. ميناء دمياط يعزز مكانته اللوجيستية العالمية    حمزة عبد الكريم: سعيد بالمشاركة مع الأهلي في بطولة إفريقيا    عاجل- الداخلية المصرية تحصد المركز الثاني عالميًا في أداء الحسابات الحكومية على فيسبوك بأكثر من 24 مليون تفاعل    الوكيل الدائم للتضامن: أسعار حج الجمعيات هذا العام أقل 12 ألف جنيه.. وأكثر من 36 ألف طلب للتقديم    جامعة القناة تتألق في بارالمبياد الجامعات المصرية وتحصد 9 ميداليات متنوعة    فليك: فخور بأداء برشلونة أمام أتلتيك بيلباو وسيطرتنا كانت كاملة    نابولي يتربع على صدارة الدوري الإيطالي بثلاثية في شباك أتالانتا    السعودية.. أمير الشرقية يدشن عددا من مشاريع الطرق الحيوية بالمنطقة    روسيا: لم نتلقَّ أى رد من واشنطن حول تصريحات ترامب عن التجارب النووية    د.حماد عبدالله يكتب: مشكلة "كتاب الرأى" !!    دولة التلاوة.. هنا في مصر يُقرأ القرآن الكريم    محافظة الجيزة تكشف تفاصيل إحلال المركبة الجديدة بديل التوك توك.. فيديو    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الإخوان الإرهابية تواجه تهديدا وجوديا فى قارة أوروبا.. ترامب: خطة السلام بشأن أوكرانيا ليست نهائية.. تعليق الملاحة فى مطار آيندهوفن الهولندى بعد رصد مسيّرات    محافظ كفر الشيخ يعلن الاستعدادات النهائية لانتخابات النواب 2025    الري تفتح مفيض توشكى لاستيعاب تدفقات مفاجئة من السد الإثيوبي    المتحدث باسم الصحة: الإنفلونزا A الأكثر انتشارا.. وشدة الأعراض بسبب غياب المناعة منذ كورونا    طريقة مبتكرة وشهية لإعداد البطاطا بالحليب والقرفة لتعزيز صحة الجسم    "الوطنية للانتخابات" تدعو المصريين بالداخل للمشاركة في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    جدول زمني للانتهاء من مشروعات الصرف الصحي المتعثرة بالقليوبية    أهالى القفايطة بنصر النوبة يشكرون الرئيس السيسى بعد تحقيق حلم تركيب الكهرباء والمياه    الزراعة: زيادة إنتاج مصر من اللحوم الحمراء ل600 ألف طن بنهاية 2025    مفتي الجمهورية: خدمة الحاج عبادة وتنافسا في الخير    الرعاية الصحية: أعظم الطرق لحماية الصحة ليس الدواء لكن طريقة استخدامه    معهد بحوث الإلكترونيات يستضيف ورشة دولية حول الهوائيات والميكروويف نحو مستقبل مستدام    بث مباشر الآن.. مباراة ليفربول ونوتنغهام فورست في الجولة 12 من الدوري الإنجليزي 2026    شاهد الآن.. بث مباشر لمباراة الهلال والفتح في الدوري السعودي روشن 2025-2026    دولة التلاوة.. أصوات من الجنة    سفير مصر في فنلندا: التصويت يتم باليوم الثاني في انتخابات النواب دون وجود معوقات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة الأقصر    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم السبت 22-11-2025 في محافظة قنا    خلاف حاد على الهواء بين ضيوف "خط أحمر" بسبب مشاركة المرأة في مصروف البيت    عضو "الشؤون الإسلامية" يوضح حكم التعامل مع الدجالين والمشعوذين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم قبل بوش، العالم بعد بوش وسركوزي
نشر في الشعب يوم 12 - 05 - 2007


ولاء سعيد السامرائي

من الولايات المتحدة مرورا بأمريكا الجنوبية الي أوروبا والشرق الأوسط وإيران، شعور واحد يجمع شعوب هذه الدول الرافضة للحرب والهيمنة الاقتصادية الاستعمارية هو نبذها للعالم كما رسمه بوش وعصابة المحافظين الجدد الذين خططوا للقرن 21 الأمريكي في عقد التسعينات.
لم تكن شعوب هذه القارات والبلدان تعيش برغد او تخلو بلدانها من مختلف المشاكل رغم تفاوت المستويات المعيشية والسياسية لكنها اليوم ومنذ مجيء بوش وبدءا بالشعب الأمريكي الولايات المتحدة هي اكبر قوة اقتصادية وعسكرية عرفتها البشرية تشعر بالخطر: خطر تقنين الحريات الشخصية والإعلامية حريات أساسية في الدستور الأمريكي تزايد العنصرية ضد كل من ليس ابيض، تأليب شعوب الشمال ضد شعوب الجنوب، حرب حقيقية عسكرية وإعلامية ضد العرب والمسلمين مكارثية علي الطريقة البوشية المحافظية، سياسات قمع شمولية ضد الأقليات وضد الطبقات المسحوقة في الدول التي يراد لها الانضمام الي مشروع العولمة والهيمنة الجديد.
لقد شاهدنا العالم حسب بوش الذي ابتدأ حكمه بخطة غزو العراق التي كانت معدة علي مكتبه قبل الأحداث المشبوهة لمركز التجارة العالمي في نيويورك، فغزا اولا افغانستان لاسقاط نظام طالبان الذي كان قد منع زراعة الأفيون المستعمل في صناعة الهيروين المصدر المهم لإيرادات العصابات والساسة الأمريكيين في حملاتهم الانتخابية ومصدر ربح الملايين من الدولارات السهلة التي تبيضها البنوك الغربية في جانبي الأطلسي. ذهب طالبان وعاد مزارعو الأفيون كما عادت أفغانستان لتكون مثل السابق قبل حكم طالبان البلد الأكبر في انتاج الأفيون بحسب الإحصائيات العالمية.
وبينما يدمر جنود الإمبراطورية ومعهم جنود الناتو الشعب الأفغاني ودولة أفغانستان بعد ان دمرها الاحتلال السوفييتي لمدة عشر سنوات في واحدة من اكبر الحروب إجراما بحق البشرية، كان عدد محدود من موظفي المخابرات المركزية الأمريكية (سي.اي.ايه) وعصابة الأيباك اللوبي الصهيوني ينشطون في تحرير وتحضير آخر اللمسات من التقارير الكاذبة والملفقة لتبرير غزو العراق وتدمير ايران والسيطرة علي احتياطي النفط العراقي وإنهاء القضية الفلسطينية والمقاومة العربية للكيان الصهيوني، داسين انوفهم وأصابعهم المسمومة في انحاء من آسيا واوروبا وافريقيا لمواجهة كل مقاومة لمشروع العولمة الكوني في السيطرة علي العالم.
لقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في إسقاط الاتحاد السوفييتي وإنهاء الكتلة الشرقية وتسيدت علي العالم كقوة أحادية عسكريا ودبلوماسيا. وربما كان بإمكانها ان تهيمن سياسيا ولعقود مثلما حدث مع الاتحاد السوفييتي الذي استطاع السيطرة علي دول أوروبا الشرقية وإقامة حكومات موالية لها مشاريع وطنية بينما لم تتمكن الولايات المتحدة في حربها الاستباقية المفبركة من فرض السيطرة علي الدول التي غزتها لحد الان بل استطاعت بالترهيب والتلويح بقضية الإرهاب بإجبار سلطنة عمان والبحرين والسعودية للتوقيع علي معاهدة التجارة العالمية للنهب . اما جيشها فيعيش حالة انهاك معنوي لا سابق لها جعلت من العديد من جنرالاته يستقيلون او يرفضون القبول بمهام قيادة الجيش وخاصة في العراق..لقد أضحت القوة الكونية الأولي المنتصرة في عقد التسعينات قوة منهكة ومنهزمة علي وشك الانهيار بسبب اشتداد ساعد المقاومة العراقية والهزيمة العسكرية الاستثنائية لجيش الكيان الصهيوني امام المقاومة الباسلة لحزب الله و لعدم وجود حل في افق حربها العالمية الثالثة فما بالك بتحقيق مشروعها في القرن 21 الأمريكي.
فكيف سيكون العالم بعد نيقولا سركوزي، المرشح الجديد لانتخابات الرئاسة الفرنسية الذي عبر عن أسفه لعدم مشاركة فرنسا في غزو العراق؟
سركوزي وزير الداخلية والمعين للتو كسكرتير لاتحاد الحركة الشعبية حزب اليمين للرئيس جاك شيراك عام 2004 استعجل السفر لمصافحة بوش وإبداء تضامنه مع عوائل إطفائيي مدينة نيويورك بمناسبة الذكري الثالثة لحادث مركز التجارة العالمي ضاربا عرض الحائط بالبروتوكولات الرسمية التي لا تسمح له بزيارة رئيس وهو في منصب وزير متجاوزا الرئيس شيراك وليصرح بأنه يشعر بالغربة في فرنسا بلده وبأنه ضد العجرفة الفرنسية التي ابدتها حكومة رئيس الوزراء دومينيك دو فيلبنت امام الإدارة الأمريكية لرفضها مساندة الولايات المتحدة في غزو العراق. والأهم في هذه الزيارة ليس تهوين مصائب عوائل القتلي من الاطفائيين في حادث نيويورك بل لقاء سركوزي باللوبي الصهيوني الأمريكي المعروف بالأيباك والتشاور معهم حول ترشحه للرئاسة الفرنسية القادمة.
اما الرحلة المهمة الثانية فهي زيارة اسرائيل ولقاء شارون والقاء خطاب مهم جدا يتفنن في تقديم الاقتراحات التي تخدم الدولة العبرية وتستكمل ما بدأه الاستيطان الصهيوني عام 1948. لكن سركوزي لا يقف عند هذا الحد، وهو المحامي التكوين يتقن اللعب علي الكلمات والمعاني وتطويع الحقيقة بليها ولم لا تحريفها ثم تبريرها كما فعل بشأن الاستعمار الفرنسي للجزائر، عندما صرح في مارسيي المدينة الفرنسية الجنوبية ذات الكثافة السكانية العالية من قدماء المستعمرين الأقدام السوداء والذين يعادون العرب والمسلمين الي درجة كبيرة بقوله لهم: لا تخجلوا من تاريخكم ونحن لن نعتذر ولن نعيد كتابة تاريخ فرنسا وان استعمار فرنسا كان حلما حضاريا. وكرر نفس الكلام في مدينة روان معيدا الاعتبار لعصابات القتل والاغتيال في الجزائر المعروفة باسم AOS التي كانت تعارض الجلاء عن الجزائر.
الم يقل بوش وعصابته ان صدام حسين وليس العراق يملك القنبلة الذرية ومثله بلير بان صدام يمكنه ان يهدد بريطانيا في 45 دقيقة وبعدها سمعنا وقرأنا اكثر من سبب لغزو العراق وانقلبت الأسباب الي رغبة أمريكا بنقل الديمقراطية وبحرصها علي الشعب العراقي ورغبة الشعب الأمريكي في جلب الديمقراطية للعراقيين..الخ من التخريجات والأفلام... سركوزي يبدل الحجج بسرعة صاروخية تتجاوز المعلم بوش والمحافظين الجدد لذلك اطلقت عليه الصحافة الفرنسية بالرجل المستعجل.
سركوزي يضع قدميه علي خطي بوش والمحافظين الجدد في خطاب الحرب علي ما يسمي بالإرهاب والاسلاميين، ارهاب العرب والمسلمين في فلسطين والعراق ولبنان وإيران وافغانستان وباكستان والصومال والسودان ومصر..
ولم لا الفرنسيين من اصول عربية في فرنسا، فالاستباقية هي ايديولوجية الادارة الأمريكية التي شنت الحروب وفقها. ولقد سمعنا العديد من النواب اليمينيين المقربين من سركوزي يقولون ان الأحداث التي جرت في ضواحي باريس في العام الماضي مرتبة من قبل الإسلاميين رغم ان تقارير المخابرات الفرنسية كذبتها وقالت انها حركة اجتماعية ولكنهم بقوا يرددونها كي تنتشر كحقيقة. الم يسم سركوزي شباب الضواحي بالزبالة وانه سينقلهم بسياراتها لمجرد مطالبتهم بتحسين اوضاعهم الاقتصادية ومطالبتهم بمساواة مع مواطنيهم ونبذ العنصرية ازاء تشغيلهم واسكانهم؟
ان سركوزي لن يخذل انتظار كوندوليزا رايس التي قالت ان الولايات المتحدة ستعاقب فرنسا لموقفها الرافض لغزو العراق رغم ان الأحداث اثبتت صواب الموقف الفرنسي، ويبدو ان سركوزي مقتنع تماما بالسياسة الأمريكية وبصوابها مما جعل صحافيين اثنين يبشران منذ عام بانتهاء السياسة المتوازنة لفرنسا فيما يخص القضية الفلسطينية عنوان الكتاب شيراك العرب لكريستوف بولتنسكي وايريك ايشمان من صحيفة ليبراسيون اللذين ينتقدان الرئيس شيراك بشدة وخط وزارة الخارجية الفرنسية لتعاطفهما وموقفهما مع حل عادل للقضية الفلسطينية وينسيان ان فرنسا هي التي زودت إسرائيل بما تحتاجه لصناعة السلاح النووي وانها قدمت المساعدات دون حساب منذ قيام الدولة العبرية عام 1948.
اما المهمة الأخري فهي كسر شوكة الفرنسيين من اصول عربية مغاربية الذين ساندوا العراقيين والفلسطينيين في تظاهرات كبري في شوارع باريس منذ حرب العراق عام 1991 الي انتفاضة الشعب الفلسطيني، نفس هؤلاء الفرنسيين ذوي الأصول العربية هم سكنة الأحياء المتواضعة والضواحي، بناة فرنسا وشغيلتها ممن يطالب بتطبيق شعار الدولة الفرنسية في الحرية والمساواة والأخوة التي لا تشملهم في الواقع خاصة وانهم أبناء الجيل الثالث وليسوا مهاجرين جددا..
فبل قليل اعلن فوز نيقولا سركوزي وقد صرح بان فرنسا ستكون صديقة للولايات المتحدة الأمريكية وستقف مع هذا البلد الكبير والعظيم في كل المحن وتلقي في الدقائق الأولي مكالمة هاتفية من بوش. وانه سيجعل من فرنسا بلدا يقف ضد من يلبس النساء البرقع الحجاب وانه سيعمل علي تحقيق مقترحه الخاص بالبحر المتوسط في خطابه في إسرائيل في 2004 اقترح علي شارون سوقا اقتصادية في البحر المتوسط لتنمية الاقتصاد الإسرائيلي اضافة الي مقترحات كثيرة لعلاقة قوية مع فرنسا والسوق الأوروبية المشتركة.
هل ان وصول سركوزي لرئاسة الدولة الفرنسية سيمكنه من انقاذ بوش في العراق وضرب ايران وتحقيق النصر الذي طال انتظاره في المنطقة برمتها؟
هل سيكون العالم ومنطقتنا بالذات أكثر أمانا بعد سركوزي؟
كاتب من العراق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.