فاز ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات التابعة للحكومة، بمنصب نقيب الصحفيين في انتخابات النقابة التي أجريت يوم الجمعة الماضي. وبأكبر نسبة أصوات باطلة في تاريخ نقابة الصحفيين تقترب من 5%، فاز رشوان بمنصب النقيب ب2810 أصوات بنسبة تخطت 61% من الأصوات الصحيحة، وحصل منافسه رفعت رشاد على 33.7% من الأصوات، بينما أبطل 235 عضوا أصواتهم عمدا، ووضعوا في ورقة التصويت أسماء الصحفيين المعتقلين مثل مجدي حسين، رئيس تحرير جريدة الشعب، وهشام جعفر، وعادل صبري، وحسام السويفي، بدلا من أسماء المرشحين. ويعدّ رشوان نقيب الصحفيين الأول الذي يشغل منصباً حكومياً. إذ إن "الهيئة العامة للاستعلامات" هيئة حكومية تضطلع بدور "جهاز الإعلام الرسمي"، والمسؤولة عن العلاقات العامة للدولة، ما يجعل منه "رقيباً" على ما ينشره الصحفيون بحكم مهامّ منصبه، وخصوصاً في وسائل الإعلام الأجنبية، لامتلاك الهيئة حق إصدار ومنع تصاريح العمل للصحافيين والمراسلين على الأراضي المصرية.
ضياء رشوان.. من اليسار لليمين تنقل ضياء رشوان من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين على مدار الأعوام الماضية، فقد كان محسوباً على التيار الناصري أثناء ترشحه إلى مقعد نقيب الصحفيين عام 2009، وخسر أمام منافسه مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. كما خسر رشوان في انتخابات برلمان 2010، حين كان مرشحاً على قوائم حزب "التجمع" اليساري. واتهم حينها "الحزب الوطني" الحاكم بتزوير الانتخابات، قبل انتقاله إلى صفوف المعارضة خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي، ومنها إلى موالاة النظام الحاكم في أعقاب انقلاب عام 2013. درس رشوان العلوم السياسية في جامعة القاهرة، وحصل على ماجستير في التاريخ السياسي من جامعة السوربون في العاصمة الفرنسية باريس. وعمل باحثاً وخبيراً في مركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" منذ عام 1981، إلى أن تولى رئاسته عام 2011. وعام 2013 فاز بمنصب نقيب الصحفيين لمدة عامين، متفوقاً على منافسه آنذاك عبد المحسن سلامة، وهو نقيب الصحافيين المنتهية ولايته. وفي الدورة التالية عام 2015، خسر أمام منافسه النقيب السابق يحيى قلاش، بعد منافسة ساخنة بفارق 869 صوتاً لصالح الأخير، ثم اختير عضواً في "لجنة الخمسين" التي وضعت دستور مصر عام 2014، وعضواً في "المجلس الأعلى للصحافة" بين عامي 2013 و2015 ممثلاً عن نقابة الصحافيين. واختير في إبريل 2017 عضواً في "الهيئة الوطنية للصحافة" التي تدير وتشرف على الصحف القومية (الحكومية). وعيّن رشوان رئيساً ل "الهيئة العامة للاستعلامات" التابعة لمؤسسة الجمهورية، في يونيو 2017، وأدلى بتصريحات معادية للحريات عامّةً، والصحفية منها خاصّة، ومن أبرزها دفاعه عن الحكومة في قضية "الإخفاء القسري"، ومهاجمته تقرير شبكة "بي بي سي" البريطانية بشأن تعرض فتاة مصرية تدعى زبيدة للاغتصاب والتعذيب على يد قوات الأمن.
اقرأ أيضا: اختفاء الحريات من وعود المرشحين.. هل أصبح "البدل" أكثر ما يشغل الصحفيين؟
رشوان والحريات خلال رئاسة ضياء رشوان للهيئة، تصاعدت الهجمة بحق العاملين في المجال الصحفي والإعلامي، ولم تعد مقتصرة على مؤسسات ووسائل صحافية وإعلامية تعمل داخل مصر فقط، إذ في 21 فبراير الماضي، رحّلت السلطات المصرية الصحفية البريطانية، بيل ترو، مراسلة صحيفة "ذا تايمز" من دون إبداء أسباب. ورصدت "مؤسسة حرية الفكر والتعبير" في تقرير مفصل لها وقائع استهداف الصحفيين من قبل النظام المصري، خلال فترة الانتخابات الرئاسية في مارس 2018، حمّل "الهيئة العامة للاستعلامات"، منذ تولي رشوان رئاستها، الدور المتصاعد في مراقبة كل ما يُنشر عبر الوسائل والمؤسسات الصحافية الأجنبية عن مصر. وقال التقرير: "الهيئة تعمل على إنتاج تقرير شهري عن كل ما يُنشر في الصحافة الأجنبية عن مصر لرفعه للسلطات المصرية، وهو ما أثار العديد من الأزمات مع أكبر المؤسسات الصحافية العالمية على خلفية تغطيتها لأكثر من حدث في مصر، كان من أبرزها حادثة الواحات في أكتوبر عام 2017، وخبر وكالة (رويترز) عن حشد الدولة للمواطنين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة".
اقرا أيضا: رسالة من الصحفيين المصريين خلف القضبان
مصير الصحفيين المعتقلين لا يعول كثير من الصحفيين المهتمين بواقع الصحافة وحريتها في مصر على أي من المرشحين "رشوان ورشاد" في تغيير الحال الذي وصلت إليه، حيث يرون أن رشوان جاء لاستكمال ما قام به سلفه سلامة ولكن بشكل غير مباشر، وبعيدا عن الفجاجة التي تعامل بها سلامة طوال عامين سابقين. ومنذ إعلانه ترشحه، يغازل ضياء رشوان الصحفيين بنقطة زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا، المقدم لأعضاء النقابة في المؤسسات القومية والحزبية والخاصة على حد سواء، بنسبة تصل إلى 25 في المائة، ليرتفع من 1680 جنيهاً إلى 2100 جنيه، باعتباره وسيلة ضغط من النظام على الصحفيين، لكن ضياء رشوان لم يتطرق مطلقا إلى الحديث عن ملف الحريات ولم يحدد موقفه من ملف الصحفين المعتقلين. لم يهتم النقيب الجديد بأهم قضية تمس الصحفيين، ألا وهي حرية ممارسة الممهنة دون ضغوط أو قمع أو قهر او تهديد بالسجن. ونجح في صرف انتباه الصحفيين إلى قضية زيادة البدل مستغلا في سبيل ذلك تردي الأحوال المعيشية للصحفيين كجزء من المجتمع المصري الذي تحولت حياته إلى جحيم. ولم يفكر النقيب ضياء رشوان في الاهتمام بقضية الصحفيين المحبوسين على ذمة قضايا نشر في سجون النظام، مثل الكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين، رئيس تحرير جريدة الشعب (الوحيد الصادر ضده حكم قضائي بالحبس في قضية نشر) والكاتب الصحفي عادل صبري رئيس تحرير موقع مصر العربية، والزملاء أحمد عبدالعزيز، وحسام السيوفي، وهشام جعفر، وأحمد زهران، ومعتز ودنان، وإبراهيم الدراوي وإسلام جمعة والعشرات من الأسماء التي يتخطى عددهم 90 صحفيا في سجون النظام، الذين يشكلون حالات ادانة صارخة لوزارة الداخلية المصرية خاصة والمؤسسات التنفيذية بشكل عام. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بعد أن حسم ضياء رشوان منصب نقيب الصحفيين لصالحه، هو هل سيشهد ملف الصحفيين المعتقلين أي تحسن يذكر؟ وهل تشهد فترة ضياء رشوان أي تحسن في هذا الملف؟ أم يزدادا الأمر سواء عما آلت إليه النقابة خلال السنوات الماضية؟