من لم يمت في الميدان مات بأحكام الإعدام.. خلاصة ما يمكن أن يخرج به عاقل من الحكم القضائي "الشامخ" الذي أصدرته محكمة جنايات القاهرة، اليوم السبت، في القضية المعروفة ب"فض رابعة" بإعدام 75 بينهم قادة بجماعة الإخوان المسلمين أبرزهم عصام العريان وعبد الرحمن البر ومحمد البلتاجي، إضافة إلى صفوت حجازي وعاصم عبد الماجد وطارق الزمر ووجدي غنيم، وكذلك المؤبد لمرشد جماعة الإخوان محمد بديع والقيادي في حزب الوسط عصام سلطان و45 آخرين، بالإضافة إلى السجن 5 سنوات للمصور الصحفي محمد شوكان، مع حرمان المحكوم عليهم بفض رابعة من التصرف في أموالهم وعزلهم من وظائفهم. قاضي مسرحية "فض رابعة" الذي حكم بإعدام 75 شخصا، كلهم من المتظاهرين الذين اعتصموا في رابعة رفضا للانقلاب العسكري، لم يكلف خاطره أن يدين ولو عسكري واحد من الذين شاركوا في مجزرة الفض، ولو منباب ذر الرماد، واختيارنا للعساكر سببه علمنا اليقيني أنهم أرخص عند النظام من الضباط، الذين يقتلون ويعذبون المواطنين يوميا في الأقسام، دون أدنى عقاب، غير أن القاضي "الشامخ" أدان الضحايا على ما يبدو لأنهم نجوا من المجزرة. مهازل الأحكام قديما قالوا "شر البلية ما يضحك"، ولعل الأحكام الصادرة في قضية "فض رابعة" تمتلي بالكثير من الأمور الهزلية، منها على سبيل المثال أن عصام سلطان، القيادي بحزب الوسط، والصادر بحقه حكما بالسجن المؤبد، تم اعتقاله قبل مجزرة فض اعصام رابعة ب 16 يوما. مهازل الأحكام في القضية قوبل باعتراض وهجوم شديدين من قبل العديد من المنظمات الحقوقية، حيث أعربت منظمة العفو الدولية، عن إدانتها الحكم، وأنه جاء بعد محاكمة جماعية "مخزية"، وشدد على أهمية إعادة المحاكمة أمام هيئة قضائية محايدة، تضمن حق المتهمين في محاكمة عادلة. وقالت نجية بونعيم، مديرة حملات منظمة العفو الدولية في شمال أفريقيا، في بيان لها عقب الحكم: "ندين حكم اليوم بأشد العبارات. لا يجب أن يكون الحكم بالإعدام خيارا تحت أي ظروف". وأضافت أن "عدم مثول ضابط شرطة واحد أمام المحكمة، رغم مقتل ما لا يقل عن 900 شخص في رابعة والنهضة، يظهر إلى أي مدى كانت هذه المحاكمة مهزلة. يجب على السلطات المصرية أن تشعر بالخجل". القاضي خصم وحكم بالحديث عن القاضي، نلاحظ أن كل القضايا التي يحاكم فيها رافضي الانقلاب تنحصر في أسماء محددة، وكأن القضاء المصري لا يوجد به إلا محمد شيرين فهمي، وحسن فريد -الذي أصدر أحكام اليوم- ما يعني أن النظام يختار "قضاة ملاكي" لنظر هذه القضايا، حتى مع عودها من محكمة النقض، فإنها تذهب من ناجي شحاتة مثلا، إلى محمد شيرين فهمي.. وهكذا! المتابع لسير وإجراءات المحاكمات سيتأكد له ان القاضي -الذي يفترض به أن يكون حكم نزيه بين الادعاء والمعدي عليه، بين المتهم والنيابة، إلا أن كم القضايا التي صدرت ضد المتهمين في هذه القضايا بزعم "إهانة المحكمة" أو لأن "البلتاجي مثلا تفوه بكلمة "مش عاجبه القاضي" أو لأنه "قعد أعوج" أمام هيئة المحكمة، ترهن أن القضاة مصرين على الوقوف كخصوم لا كحكام محايدين