تحل الخميس المقبل الذكرى 45 لرحيل المبدع الفنان محمد فوزي الذى توفى فى 20 أكتوبر من عام 1966، وبهذه المناسبة قام عشاقه بإنشاء صفحة خاصة له على الفيس بوك؛ ليحتفلون به وبفنه ووضعوا فيها معظم أغنياته وكتبوا انطباعاتهم عنه وعن مشواره وفنه وقاموا أيضا برفع مقاطع فيديو من أغنياته ومن أفلامه. محمد فوزي ما زال حاضرًا فلا يخلو حديث لملحن كبير عن اعترافه بأنه استفاد من مدرسة محمد فوزي، ورغم مرور 45 عامًا على رحيله إلا أن محمد فوزي ما زال يمثل لغزًا كبيرًا لكل الموسيقيين والملحنين، فلا يوجد ملحن إلا واستفاد منه خاصة فى أغنيات الأطفال التى ما زالت تغنى وكأنها صنعت أمس فقط ومنها "ماما زمانها جاية" و"ذهب الليل" وغيرهما من الأغنيات.
لم يترك فوزي مجالا إلا وطرقه وجرب حظه فيه وأبدع فيه أيضا، من التلحين إلى التأليف الموسيقى إلى الغناء والتمثيل والإنتاج، وحقق منذ بداية مشواره طفرة فى عالم الموسيقى ،وكان واثقا فى فنه وفى قدراته على صنع المستحيل ،نجح فى أن يتغلب على كل أزماته إلا أزمة مرضه التى انتهت به نهاية غير عادية بمرض غير عادى لم يكشف سره بعد.
محمد فوزي هو أحد أشهر المطربين والملحنين والممثلين والمنتجين المصريين في القرن العشرين، ولد في قرية كفر أبو جندي التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية في 28 أغسطس عام 1918م، وهو الابن الواحد والعشرون من أصل خمسة وعشرين ولدًا وبنتًا، منهم المطربة هدى سلطان نال محمد فوزي الابتدائية من مدرسة طنطا عام 1931م، مال محمد فوزي إلى الموسيقى والغناء مذ كان تلميذًا في مدرسة طنطا الابتدائية، وكان قد تعلم أصول الموسيقى في ذلك الوقت على يدي أحد رجال المطافئ محمد الخربتلي وهو من أصدقاء والده و كان يصحبه للغناء في الموالد والليالي والأفراح. تأثر بأغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وصار يغني أغانيهما على الناس في حديقة المنتزه، وفي احتفالات المدينة بمولد السيد البدوي. التحق بعد نيله الشهادة الإعدادية بمعهد فؤاد الأول الموسيقي في القاهرة، وبعد عامين على ذلك تخلى عن الدراسة ليعمل في ملهى الشقيقتين رتيبة وإنصاف رشدي قبل أن تغريه بديعة مصابني بالعمل في صالتها. حيث تعرف فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمود الشريف، وارتبط بصداقة قوية معهم، واشترك في تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها فساعدته فيما بعد في أعماله السينمائية.
تقدم فوزي وهو في العشرين من عمره، إلى امتحان الإذاعة كمطرب وملحن أسوة بفريد الأطرش الذي سبقه إلى ذلك بعامين، فرسب مطربًا ونجح ملحنًا مثل محمود الشريف الذي سبقه إلى النجاح ملحنًا.
حضر فوزي إلى القاهرة عام 1938م، واضطربت حياته فيها لفترة قبل العمل في فرقة بديعة مصابني ثم فرقة فاطمة رشدي ثم الفرقة القومية للمسرح.
وكان الغناء هاجس محمد فوزي، لذا قرر إحياء أعمال سيد درويش لينطلق منها إلى ألحانه التي هي مِلْء رأسه، وقد سنحت له الفرصة عندما تعاقدت معه الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى ممثلًا مغنيًا بديلًا من المطرب إبراهيم حمودة في مسرحية "شهرزاد" لسيد درويش، ولكنه أخفق عند عرضه الأول على الرغم من إرشادات المخرج زكي طليمات، وقيادة محمد حسن الشجاعي الموسيقية، الأمر الذي أصابه بالإحباط، ولاسيما أمام الجمهور الذي لم يرحمه، فتوارى زمنًا إلى أن عرضت عليه الممثلة فاطمة رشدي، التي كانت تميل إليه وتؤمن بموهبته، العمل في فرقتها ممثلًا وملحنًا ومغنيًا فلبى عرضها شاكرًا. وفي العام 1944 طلبه يوسف وهبي ليمثل دورًا صغيرًا في فيلم "سيف الجلاد" يغني فيه من ألحانه أغنيتين، واشترط عليه أن يكتفي من اسمه (محمد فوزي عبد العال الحو) بمحمد فوزي فقط، فوافق من دون تردد.
شاهد المخرج محمد كريم فيلم "سيف الجلاد"، وكان يبحث عن وجه جديد ليسند إليه دور البطولة في فيلم " أصحاب السعادة" أمام سليمان نجيب والمطربة رجاء عبده، فوجد ضالته في محمد فوزي، واشترط عليه أن يجري جراحة تجميلية لشفته العليا المفلطحة قليلًا، فخضع لطلبه، واكتشف بعدئذٍ أن محمد كريم كان على حق في هذا الأمر. وكان نجاحه في فيلم "أصحاب السعادة" كبيرًا غير متوقع، وساعده هذا النجاح على تأسيس شركته السينمائية التي حملت اسم أفلام محمد فوزي فى عام 1947.
وخلال ثلاث سنوات استطاع فوزي التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات.
دأبت الإذاعة المصرية التي رفضته مطربًا، على إذاعة أغانيه السينمائية من دون أن تفكر بالتعاقد معه. وبعد ثورة يوليو 1952؛ دخل الإذاعة بقوة بأغانيه الوطنية. وأسس شركة "مصر فون" لتكون أول شركة للاسطوانات في الشرق الأوسط والتي لحق بها أستوديو لتسجيل الألحان والأغاني وكان تأميم هذه الشركة في أوائل الستينات من أكبر الصدمات في حياته بل وأعظمها حتى بدأت بعدها متاعبه الصحية ومرضه الذي احتار أطباء العالم في تشخيصه وقرر السفر للعلاج بالخارج وبالفعل سافر إلى لندن في أوائل عام 1965 ثم عاد إلى مصر ولكنه سافر مرة أخرى إلى ألمانيا بعدها بشهرين إلا أن المستشفى الألماني أصدر بيانا قال فيه انه لم يتوصل إلى معرفة مرضه الحقيقي ولا كيفية علاجه وانه خامس شخص على مستوى العالم يصيبه هذا المرض حيث وصل وزنة إلي 36 كيلو. "المرض هو تليف الغشاء البريتونى الخلفي " فيما بعد وأطلق على هذا المرض وقتها "مرض فوزي" هكذا سماه الدكتور الألماني باسم محمد فوزي. وهكذا دخل محمد فوزي دوامة طويلة مع المرض الذي أودى بحياته إلى أن توفي في 20 أكتوبر عام 1966.
وقد بلغ رصيد محمد فوزي من الأغنيات 400 أغنية منها حوالي 300 في الأفلام من أشهرها "حبيبي وعينيه" و"شحات الغرام" و"تملي في قلبي" و"وحشونا الحبايب" و"اللي يهواك أهواه" ومجموعة من أجمل أغنيات الأطفال التي أشهرها "ماما زمانها جاية" و"ذهب الليل طلع الفجر" وغيرها من الأغاني الخالدة.