«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنانون الأقباط.. مندمجون بقوة الموهبة!

لازال الفن في مصر وخاصة السينمائي والتليفزيوني قادرا علي أن يكون أكثر تسامحا وتفتحا من المجتمع الذي يعبر عنه ويتأثر به.. ولازال الفن أيضا في مصر قادرا علي استيعاب وإذابة الحواجز الدينية أو العرقية بين الأشخاص.. وحتي الآن لم يصبح ذوق الجمهور المصري طائفيا، فهو نفس الجمهور الذي لا ينسي ممثلا كوميديا بحجم "جورج سيدهم" رغم أنه منذ سنوات غائب عن الساحة الفنية بسبب الأزمة الصحية التي يمر بها.. لأنه بالنسبة للجمهور المصري فنان انتزعت منه ضحكات حقيقية وصادقة.
لازلت تري حالة من التمازج والتماهي بين العنصرين المسلم والمسيحي داخل العمل الفني بحيث لا تستطيع أن تتوقف عن الاستمتاع بعمل ما مثلا لتسأل نفسك عما إذا كان هذا الممثل مسيحياً أم لا..
تستطيع أن تقول أنه مازالت هناك رحابة وحرية حركة للمسيحيين علي الساحة الفنية يصولون ويجولون فيها دون أن يشعروا بشبح الطائفية يطاردهم.. ولكن الوضع ليس مثاليا هكذا طوال الوقت والدليل علي هذه المقولة عدة أسباب أولها وأهمها أن الساحة الغنائية لا ينطبق عليها نفس المنطق فهناك حالة غياب شبه جماعي للأقباط عن ساحة الغناء لأسباب غير معلومة أو ربما تكون معلومة ولكنها في حاجة إلي من يعيد اكتشافها من جديد.. في إطار ما سبق يصبح لدينا سؤالان علينا أن نبحث لهما عن إجابة في السطور التالية.. أولهما علي صعيد التمثيل: هل يتمتع الفنان المسيحي بحرية حركة فعلا تجعله يندمج داخل العملية الفنية ويصل إلي النجومية؟ أما السؤال الثاني والذي يرتبط بالغناء فله علاقة بالتفسيرات الفنية أو الدينية لتلك الظاهرة الغامضة.. فهل يخشي المطربون المسيحيون مثلا الممارسات الاضطهادية ويفضلون الهروب؟.. في السطور التالية نبحث عن إجابات لكل هذه التساؤلات.
ذكريات
لا نحاول الدخول في خلفيات تاريخية لا داعي لها أو حتي الإبحار في تاريخ ولي ولكن نظرة سريعة للغاية للوراء تجعلنا نري أن تاريخ السينما المصرية طالما ضم أسماء مسيحية أثرت الشاشة بالعديد من الأعمال المهمة ولا نقصد هنا فقط الممثلين أو الممثلات وإنما نقصد منتجين بحجم رمسيس نجيب، حلمي حليم، وحلمي رفلة صنعوا تاريخ السينما في مصر.. ويوسف شاهين علي سبيل المثال والذي يكاد يكون المخرج الأهم في تاريخ السينما المصرية كان مسيحيا.
إذن لم يكن لدي الأقباط في ذلك الوقت الرغبة في الانغلاق داخل أنفسهم أو الابتعاد عن الفن والانعزال بل علي العكس.. كانت هناك حالة من التماهي يصعب فيها تمييز المسلم عن غير المسلم.. كان المناخ الفني هو السبب وراء تلك الحالة من التسامح بين الطوائف الدينية المختلفة. ولم يكن الجمهور طائفيا.. فلا نتصور مثلا أن أحدا من الذين أضحكهم "جورج سيدهم" كان يشغل باله بديانته.
يبقي الوضع كما هو عليه
حتي الآن لم يتغير الوضع كثيرا فالساحة الفنية بها أمثلة لنجوم ونجمات.. ممثلين وممثلات.. ينتمون إلي العقيدة المسيحية ولم يترددوا للحظة لأسباب دينية في أن يقتحموا الساحة الفنية.
يكفينا "لطفي لبيب" و"يوسف داود" اللذان تحولا إلي تمائم حظ لابد من وجودها في أي عمل فني.. لإضفاء مزيد من البهجة والمتعة عليه. الكوميديا التي يقدمانها من خلال مشوار طويل وصعب منزوعة العنصرية وخالية من الانحيازات الدينية وأسماء مثل "هالة صدقي" و"هاني رمزي"، "ماجد الكدواني" بل و"إدوارد" أيضا من الأسماء الشابة تملك من الموهبة ما يجعلها تضع نظريات الاضطهاد والمؤامرة جانبا.
فهالة صدقي التي ظهرت منذ الثمانينيات حصلت علي الكثير من الفرص وشاركت في العديد من الأعمال المهمة التي جعلتها تثبت أقدامها فنيا.
حتي في التسعينيات وفي ظل مناخ ديني متشدد ومقلق لم تفكر مثلا في الاعتزال أو ترك الساحة.
"هاني رمزي" هو أيضا نجح في أن يتحول خلال السنوات الأخيرة إلي نجم شباك.. فبدايته الحقيقية كانت مع "هنيدي" في "الجامعة الأمريكية" ثم انطلق ليصنع هو بطولاته المطلقة. كذلك "ماجد الكدواني" الذي لم يعتبر فشل بطولته المطلقة "جاي في السريع" مؤامرة ضده لكونه مسيحيا واستفاد من فرص أخري حصل عليها في أفلام عرضت مؤخرا ليؤكد كفاءته كممثل.
أيضا لم يكن الوضع مختلفا في حالة "إدوارد" الذي بدأ كمطرب قبل أن ينتقل إلي التمثيل ويصبح أحد أهم الممثلين الكوميديين في الفترة الأخيرة..
إذن المناخ مازال حرا.. متقبلا للاختلاف.. ولكن المقلق هو أنك إذا دققت في هذه الأسماء تكتشف أن أحدثها وهو "إدوارد" بدايته كانت مع بداية الألفية مثلا.. وستجد أن الأجيال الشابة الصاعدة تكاد تخلو من أسماء مسيحية لامعة.
نفس الشيء بالنسبة للمخرجين فالأسماء الموجودة مثل "داود عبدالسيد - يسري نصرالله - سمير سيف - خيري بشارة" تنتمي إلي أجيال بدأت منذ الثمانينيات والسبعينيات..لا تستطع أن تدعي أن السنوات الأخيرة شهدت ظهور مخرج مسيحي مهم مثلا.
اندماج الأقباط في العمل السينمائي تستشعره بمجرد ذكر اسم "ساندرا نشأت" مثلا كواحدة من المخرجات القليلات في مصر، الأمر الذي كان من الممكن أن يجعل التحديات التي واجهتها مضاعفة ولكن هذا لم يحدث، ونجاحاتها تتوالي حتي الآن.
التأليف يختلف إلي حد ما عن التمثيل وعن الإخراج فبالإضافة إلي الأسماء القديمة مثل "عاطف بشاي، فايز غالي، هاني فوزي" تجد ربما اسما أو اسمين ينتميان إلي جيل الشباب مثل "مريم ناعوم" التي تفضل ألا تذكر ديانتها ربما لأسباب لها علاقة باحترامها لمدنيتها أو ربما لأنها تعرف أن هناك أوضاعا قد اختلفت وأن المساحة قد تصبح أكثر ضيقا في حال باتت هويتها الدينية معلنة وصريحة طوال الوقت.
أما بالنسبة للإنتاج فمازالت أسماء مثل "هاني جرجس فوزي" و"صفوت غطاس" تتحرك بحرية دون عقبات.
بل وحتي بالنسبة للتصوير تجد أن "رمسيس مرزوق" مازال هو مدير التصوير الأهم علي الساحة ولم يتأثر موقعه هذا لأي سبب ديني.
ولكن هذا لا يمنع أنك أمام حقيقة مزعجة وهي أنه بالإضافة إلي أن نسبة تواجد الأقباط علي الساحة الفنية ليست كبيرة ستفاجأ بأنه لا توجد أسماء جديدة تضاف إلي قائمة الأسماء الموجودة أصلا.. وكأنه لا توجد رغبة لدي الأجيال الحديثة من المسيحيين في اقتحام عملية الإبداع الفني.
جيتو
من الأمور التي تبدو إيجابية عندما نتحدث عن الشق السينمائي والتليفزيوني أنه وعلي العكس من وظائف ومؤسسات كثيرة لا تميل العناصر المسيحية الموجودة علي الساحة إلي خلق ما يشبه ال "جيتو" مثلا.. أي لا يفضلون التقوقع داخل عقيدتهم.. يندمجون ويتحركون بحرية تامة في المساحات والقضايا المختلفة.
فتجد مريم ناعوم مثلا ترصد في "واحد صفر" تفاصيل مجتمع كامل بمسلميه وأقباطه.. وبنسائه المحجبات وغير المحجبات.
كذلك تجد عاطف بشاي في "تاجر السعادة" مثلا يناقش الدجل والمتاجرة باسم الدين.. بل إنك تجد في عمل مثل "بحب السيما" الذي ينتمي مؤلفه "هاني فوزي" ومنتجه "هاني جرجس فوزي" إلي العقيدة المسيحية انتقادات لاذعة للتزمت الديني لدي الأقباط..
وفي الوقت ذاته تجد هاني فوزي في "بالألوان الطبيعية" ينتقد النقاب والتدين الظاهري. أيضا تجد أن "داود عبد السيد" أو "نصرالله".. أو حتي "سمير سيف" لم يتصد أحد فيهم في مرة من المرات لموضوع ديني مسيحي. فكل أفلامهم هي مشاريع إنسانية، اجتماعية وسياسية في الأساس.
كل هذا لا يمنع وجود تخوفات من اقتحام مناطق شائكة.. ف "فايز غالي" الكاتب والسيناريست "روي لنا واقعتين مهمتين أولاهما أنه منذ سنوات يفكر في مشروع مسلسل عن الشيعة وحتي الآن يري أن عملا كهذا سيفتح أمامه أبواب جهنم.
أما الواقعة الثانية فكانت عندما أرادت منه إنعام محمد علي أن يكتب مسلسل قاسم أمين. وقتها رفض لأنه تخوف من أن يتهمه الناس بالتحريض علي الفسق أو خلع الحجاب أو ما شابه.
ربما يكون السبب وراء تلك الحالة من التمازج هو أن عملية الإبداع السينمائي أو عملية إنتاج الفن بشكل عام ليس من المفترض أن تصبح مناخا رافضا للاختلافات الدينية أو الثقافية بل علي العكس.. المفترض أن تكون تربة علمانية صالحة لاستقبال كل التيارات والأفكار.. ويبدو واضحا أن ساحة الإنتاج الفني سينمائيا وتليفزيونيا في مصر مازالت محتفظة بتلك الأجواء التي لا تجعل من تواجد العنصر المسيحي أزمة.. ولكن الخوف.. كل الخوف من أن تتغير تلك الأوضاع أو تزداد عزلة الأقباط وإصرارهم علي الابتعاد عن كل الساحات بما فيهم الساحة الفنية.
ناقوس الخطر
عندما كنا نتحدث مع أحد الموسيقيين المسيحيين والذي هو مشهور بالمناسبة عن السبب وراء ابتعاد الأقباط عن الساحة الغنائية سرد لي واقعة ربما تكون حقيقية وربما لا.
الواقعة تشير إلي أنه عندما ظهر هاني شاكر علي الساحة في نهايات السبعينيات وأصبح يمثل تهديدا ما لعبدالحليم حافظ نُشر خبر يقول "هاني شاكر غطاس يحيي حفلا موسيقيا في..." وبعدها بأيام نشر هاني خبرا يقول "هاني محمد شاكر يسافر لأداء فريضة الحج".
تلك الرواية أعادت إلي أذهاننا الشائعة الشهيرة التي ترددت منذ عامين تقريبا حول أن "عمرو دياب" مسيحي وليس مسلما بل إن له ترنيمة شهيرة في حب العذراء.. تلك الشائعة أزعجت جمهور عمرو في ذلك الوقت.
علي الرغم من أن الموسيقي لا تختلف عن السينما إلا أن الوضع علي الساحة الموسيقية معقد إلي حد بعيد فيكاد لا يوجد مطرب أو ملحن أو حتي شاعر مسيحي الآن دون وجود تفسيرات مقنعة.
بل يمكنك أن تقول إن المطربة الوحيدة المسيحية التي حققت مساحة انتشار كبيرة علي مدار تاريخ الفن المصري كانت رجاء عبده صاحبة أغنية "البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي".
والآن وبالرغم من ظاهرة الانفجار الغنائي إلا أنه لا يوجد صوت مسيحي مصري قادر علي التواجد علي الساحة.
حتي سيمون التي حققت منذ الثمانينيات وحتي أواخر التسعينيات حالة من البهجة الغنائية توقفت بشكل أو بآخر عن الغناء وتفرغت للتمثيل.
الأمر يبدو غريبا أيضا لسبب آخر وهو أن الموسيقي هي أقرب الفنون إلي روح الترانيم والتراتيل داخل الكنائس الثلاث "الأرثوذوكسية، الكاثوليكية بل والإنجيلية.. ومع ذلك لا يوجد علي الساحة أسماء مسيحية سوي "سيمون" التي اختفت هي الأخري في ظروف غامضة.. وسوي "هاني شنودة" الملحن المعروف الذي يحاول أن يعيد إحياء تجربة المصريين التي حققت نجاحا كبيرا في التسعينيات والثمانينات.
هناك تفسير يذهب إلي أن المصريين نجحت أيام الكاسيت بعيدا عن المؤسسة الإعلامية الرسمية.. وعندما لم يعد للكاسيت نفس التأثير اختفت الفرص وبالتالي لم يعد أمام المصريين نفس فرصة الظهور.
عندما سألت هاني شنودة عن سبب غياب العنصر المسيحي عن الساحة الموسيقية قال: "لا أظن أن هناك تفرقة عنصرية في مصر بدليل أن المصريين كانت تجمع مسلمين ومسيحيين وأغانيهم كانت تتطرق إلي القضايا الاجتماعية والإصلاحية. وقتها لم ينتبه الناس إلي أن مؤسسها قبطي.
الغريب أنه عاد ليقول "السوق منذ سنوات طويلة كانت مفتوحة وكنت وقتها أقوم بتأليف الموسيقي التصويرية لما لا يقل عن فيلمين في السنة.
ثم إن الأقباط لم يعودوا يقبلون علي معهد الموسيقي العربية.
ما قاله "هاني" كان مزعجا خاصة المعلومة المتعلقة بأن الأقباط لم يعودوا يقبلون علي معهد الموسيقي العربية.
ذهبنا بهذه المعلومة إلي د.رتيبة الحفني التي قالت لنا "هناك الكثير من الأقباط في معهد الموسيقي العربية.. ونفس الشيء بالنسبة لفرق الأوبرا الموسيقية المختلفة... لدينا قادة أوركسترا ومطربين ومطربات.. بمراحل عمرية مختلفة.
ولكني لا أستطيع أن أدعي أن عددهم كبير.. وأتصور أن السبب في هذا هو أن الأقباط بشكل عام أكثر ميلا إلي الاجتهاد في الناحية العملية ومن يعمل بالموسيقي يكتفي بتدريسها في كثير من الأحيان. هناك تفسير آخر له علاقة بأن الأقباط ملتزمون دينيا في معظم الوقت.. وتقاليدهم الصارمة تمنعهم من دخول الوسط الفني في وضعه الحالي.
إذن هل من الممكن أن يكون السبب أخلاقيا وليس طائفيا..؟
"فايز غالي" وضع سيناريوهات أكثر منطقية حيث أشار إلي "أن المسألة لها علاقة بتحكم الخليج في السوق الموسيقية الآن.. نستطيع أن نقول إن الساحة السينمائية والتليفزيونية في مصر حتي الآن لم تتأثر سلبا والسبب في ذلك أننا نصدر الإبداع إلي بقية الدول العربية وبالتالي لا تواجهك تلك المشكلة التي تتحدث عنها وتستطيع أن تجد بسهولة ممثلين وممثلات ينتمون إلي العقيدة المسيحية.
ولكن الوضع مختلف موسيقيا لأن الشركات الخليجية هي المتحكمة في السوق الغنائية الآن وبالتالي من الطبيعي ألا يحصل مطرب مسيحي علي فرصة.. أتصور أن هذا قد يصلح كتفسير لحالة التوازن الموجودة سينمائيا وحالة الغياب المسيحي الجماعي الموجود موسيقيا".
فايز عاد ليؤكد أن "هناك أشياء غريبة يقدم عليها المسيحيون لا أفهمها مثل أنهم يميلون إلي أشياء وينصرفون عن أشياء أخري دون وجود سبب منطقي.
ولكن الغريب أن الكنيسة بتراتيلها وترانيمها وفرق الكورال التابعة لها جديرة بأن تكون منبع للمطربين في مصر خاصة وأن الأغاني والرقص ليسوا من الأشياء المحببة لدي المسلمين. ومع ذلك لاتجدهم علي الساحة الغنائية".
فايز غالي لا يفضل الركون إلي فكرة التغييب ويفترض أنها مسألة انعدام رغبة. هو يفضل أن يري أن المسيحيين في مصر لم يعد لديهم رغبة في التحقق في مصر ومعظهم يبحث عن فرص للتواجد بالخارج.
وحتي بالنسبة للمخرجين فالمتواجدون الآن هم أنفسهم الذين كانوا موجودين منذ سنوات. وفقا لفايز غالي فإن "متغيرات ما بعد السبعينيات جعلت المسيحيين أكثر رغبة في التحقق خارج مصر وبالتالي يميلون للطب والصيدلة والهندسة وللكليات العملية التي تؤهله للرحيل".
فكر قديم
ولكن إذن إذا كان الأمر له علاقة بسيطرة الشركات الخليجية لماذا إذن لم يتبن نصر محروس أي صوت مسيحي؟.. ولماذا لم يقدم سامح عادل الذي هاجر إلي أستراليا والذي كان يتعامل طوال الوقت قبل التوجه إلي الإنتاج مع الموسيقي الكنائسية علي نفس الخطوة؟
الأمر له بعد ديني بالتأكيد.. هذا ما يؤكده أيضا القس أندريه ذكي نائب رئيس الطائفة الإنجيلية والذي أشار إلي أن "هناك فكرا لاهوتيا قديما له جذوره الممتدة عبر الكنائس الثلاثة يعتبر الغناء نوعا من التعارض مع روحانيات الدين. هذا الفكر يري أن الغناء والطرب والرقص لا تتناسب مع روح الإيمان
في نفس الوقت نجد أن العلاقة العميقة بين الغناء والطرب وبين الرفاهية الإنسانية ليس موجودا لدي المهتمين بالتفسير الديني.
أيضا ستجد أن لدي المسيحي بشكل عام هناك رابط ما بين العمل الفني والتحرر الأخلاقي وبالتالي لا يشجعه هذا علي اقتحام الساحة الغنائية.
وحتي من كادوا يحترفون الغناء يعودون مرة أخري إلي الترانيم والترتيل".
وفقا للقس أندريه فإن ارتباط الطرب في الفترة الأخيرة بالفيديو كليب وبالخلاعة جعل المسيحيين يتخوفون من الإقدام علي خطوة كهذه.
كنيسة قصر الدوبارة وغيرها من الكنائس بها فرق كثيرة للترانيم ولكن الغريب أن أحد منهم لا يقدم علي خطوة احتراف الغناء.
السبب يوضحه القس أندريه بقوله: "هذه الأصوات تعتبر غناء الترانيم جزء من رسالتها التي ستضحي من أجلها بأي شيء حتي لو كان الشهرة ثم إنها تتخوف من أن يؤثر هذا علي صورتها أمام زوار الكنائس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.