اليوم.. السيسي يشهد احتفالية عيد العمال    بحضور السيسي، تعرف على مكان احتفالية عيد العمال اليوم    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 2-5-2024 بالصاغة    ماذا يستفيد جيبك ومستوى معيشتك من مبادرة «ابدأ»؟ توطين الصناعات وتخفيض فاتورة الاستيراد بالعملة الصعبة 50% وفرص عمل لملايين    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 2 مايو 2024    مظاهرات حاشدة داعمة لفلسطين في عدة جامعات أمريكية والشرطة تنتشر لتطويقها    قوات الجيش الإسرائيلي تقتحم مخيم عايدة في بيت لحم وقرية بدرس غربي رام الله ومخيم شعفاط في القدس    "الحرب النووية" سيناريو الدمار الشامل في 72 دقيقة    ملخص عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء    رامي ربيعة يهنئ أحمد حسن بمناسبة عيد ميلاده| شاهد    «الهلال الأحمر» يقدم نصائح مهمة للتعامل مع موجات الحر خلال فترات النهار    حملة علاج الادمان: 20 الف تقدموا للعلاج بعد الاعلان    نسخة واقعية من منزل فيلم الأنيميشن UP متاحًا للإيجار (صور)    فيلم شقو يتراجع إلى المرتبة الثانية ويحقق 531 ألف جنيه إيرادات    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    أوستن وجالانت يناقشان صفقة تبادل الأسرى والرهائن وجهود المساعدات الإنسانية ورفح    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    الصحة: لم نرصد أي إصابة بجلطات من 14 مليون جرعة للقاح أسترازينيكا في مصر    الصحة: مصر أول دولة في العالم تقضي على فيروس سي.. ونفذنا 1024 مشروعا منذ 2014    ضبط عاطل وأخصائى تمريض تخصص في تقليد الأختام وتزوير التقرير الطبى بسوهاج    عقوبات أمريكية على روسيا وحلفاء لها بسبب برامج التصنيع العسكري    تشيلسي وتوتنهام اليوم فى مباراة من العيار الثقيل بالدوري الإنجليزي.. الموعد والتشكيل المتوقع    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على الإعلامية "حليمة بولند" في الكويت    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    الثاني خلال ساعات، زلزال جديد يضرب سعر الذهب بعد تثبيت المركزي الأمريكي للفائدة    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين..والإسماعيلي يعاني من نقص الخبرات    أمطار تاريخية وسيول تضرب القصيم والأرصاد السعودية تحذر (فيديو)    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    وليد صلاح الدين يرشح لاعبًا مفاجأة ل الأهلي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    البنتاجون: إنجاز 50% من الرصيف البحري في غزة    احذر الغرامة.. آخر موعد لسداد فاتورة أبريل 2024 للتليفون الأرضي    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    ترابط بين اللغتين البلوشية والعربية.. ندوة حول «جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري»    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    كوكولا مصر ترفع أسعار شويبس في الأسواق، قائمة بالأسعار الجديدة وموعد التطبيق    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    انخفاض جديد في عز.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 2 مايو بالمصانع والأسواق    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يكتبها: طارق الشناوي
حكايات فنية
نشر في صوت الأمة يوم 09 - 08 - 2009

· أحمد حلمي لم يتوقف عن التحليق في فن الأداء .. وفي نفس الوقت كان قادراً علي تقديم الابتسامة
عرض 14 فيلماً سينمائياً في فترة زمنية لم تتجاوز ثلاثة أشهر.. الحصيلة ليست جيدة علي الإطلاق ولكن هذا لم يمنع أن تبرق بعض الومضات مهما كان لنا عليها من ملاحظات فهي حسنات لا تمنع بلاوي كثيرة، وكنت قد أشرت إليها في مقالات سابقة وهذه المرة نحاول أن نستعيد بعضها معاً!
ما الذي يحدث لو توقع الإنسان بموعد النهاية وتصاعد هذا التوقع إلي درجة اليقين ومن هنا تبدأ أحداث فيلم "1000 مبروك" عندما يشاهد البطل نفسه في الحلم أنه وهو في طريقه للزواج يصل أيضاً للنهاية.. كل مرة يواجه الموت فيقرر أن يصبح أكثر إيجابية في الحياة وفي تعامله مع الآخرين بل ومع نفسه أيضاً.. الفيلم المصري ستجد أن هذا هو الخط الرئيسي مع تغيير النهاية أتصور أنها في النسخة المصرية استلهمت الروح الشرقية التي تعتبر أن القدر حتمي حتي لو جاء مجرد كابوس وهكذا مات "أحمد حلمي" في نهاية أحداث "1000 مبروك" بينما "بيل موري" في الفيلم الأمريكي "يوم جراوند هوج" تجاوز يوم موته والذي تحدد 2 فبراير واستطاع أن يقفز للحياة بإرادة جديدة وكأنه في رحلة تطهير استغرقت يوماً لكنه يوم لا ينتهي.. النهاية الأمريكية تتوافق أكثر مع التصاعد الدرامي وكأنها تنويعة درامية علي شطرة بيت شعر لأبي القاسم الشابي، "فلابد أن يستجيب القدر" فقرر البطل الأمريكي أن يتحدي القدر!!
المعالجة المصرية اختارت للبطل التضحية بحياته لإنقاذ والدته وشقيقته.. منتهي العطاء والإيثار كل هذا يجري أيضاً في إطار القدر لأنه لو أراد إنقاذ حياته وحياتهم لفعلها، اكتفي فقط بإنقاذهم ولكنه خضع تماماً إلي مفهوم الاستسلام لهذا المصير باعتباره يتوافق مع الروح الشرقية المستسلمة بطبعها لكل ما تعيش فيه وعلي كل المستويات.. تلك هي النهاية الحزينة التي اضطر إليها صناع الفيلم رغم أن المنطق الدرامي كان من الممكن أن يصل بالبطل إلي شاطئ النجاة والحياة مرة أخري!!
يكشف السيناريو عن موهبة الأخوين "دياب" في نسج السيناريو والحوار.. سبق وأن شاهدت الجزيرة لمحمد دياب منفرداً إخراج "شريف عرفة" وبطولة "أحمد السقا" وكان بالفعل ككاتب لديه قدر لا ينكر من الطزاجة.. هذه المرة أري الحرفية العالية لأننا بصدد أصعب أنواع الكتابة الدرامية.. الكاتب الحرفي لديه ميزان من ذهب في تقديم المعلومة وكل مرة يضيف لها شيئاً مختلفاً، إلا أن المطلوب هو أن المشهد الواحد يتكرر عدة مرات علي مستوي الحوار والصوت والرؤية البصرية فأنت تراه ومن خلال ذلك تتعدد ردود أفعال البطل في تفاصيل علاقته بالشخصيات عليه أن يفاجئ المتلقي دائماً برد فعل مغاير ليبدأ في تأمل مواقف البطل.
"أحمد حلمي" في هذا الفيلم نري وجه الممثل وليس المضحكاتي.. إنها القدرة علي المغامرة.. أغلب النجوم لدينا وتحديداً نجوم الكوميديا يتحولون إلي أصحاب مشروع اقتصادي قدرتهم علي الضحك هي رأسمالهم وهم غير مستعدين للمجازفة وهكذا يحدث تنميط لنجم الكوميديا.
وأدرك "أحمد حلمي" ذلك في وقت مبكر.. وفي العام الماضي مثلاً يقدم فيلم "آسف علي الإزعاج" إخراج "خالد مرعي" وشاهدت أمامي الممثل الذي يؤدي دور مريض نفسي بانفصام الشخصية يعيش عالمين واقع متخيل يصل إلي حدود الحقيقة.. الأرقام أكدت في "آسف علي الإزعاج" أن الجمهور الذي جاء لكي يضحك مع "أحمد حلمي" عندما اكتشف أن أمامه فيلم جاد تقبل "أحمد" الممثل.. هذه المرة مع "1000 مبروك" أيضاً رأيت "حلمي" يواصل مغامراته كممثل يؤدي شخصية درامية تتغير وتتباين مواقفها وأدواته التعبيرية في الأداء نراها من الخضوع إلي الحياد إلي التمرد إلي التهور ثم تنتقل إلي مرحلة الفعل الإيجابي ورغم ذلك لم يتوقف الممثل عن التحليق في فن الأداء وفي نفس الوقت كان قادراً علي تقديم الابتسامة والضحكة!!
**********
الفرح
· فيلم يضعنا جميعاً أمام مرآة نحن المرآة ونحن أيضاً من ينظر إلي المرآة .. الكل متواطئ.
كنت مبهوراً وأنا أشاهد فيلم "الفرح" بهذا الألق في السيناريو الذي نسجه "أحمد عبد الله" والقدرة علي التعبير السينمائي للمخرج "سامح عبد العزيز" والذروة التي تبدو بها ملامح ميلودرامية بنفس القدر الذي تنضح فيها برائحة الواقع.. موت في عز الفرح.. موت الأم قبل نهاية اللعبة أو الصفقة التي شارك فيها الجميع بما فيهم الأم التي سددت لابنها جزءا من تكاليف الفرح لكي تكمل اللعبة وهي في نهاية الأمر تدخل في إطار الكذب والتحايل ولكنها جرائم صارت تتمتع بقدر من المشروعية.. هناك حدود اجتماعية لا ترتبط بالضرورة بالدين ولا بالقانون الوضعي ولكنها تدخل تحت طائلة علم الاجتماع.. تعارف الناس عليها باعتبارها وسائل مشروعة لكسب العيش.. "الفهلوة" بها قدر لا ينكر من النصب ولكن
من يمارسها لا يعد نصاباً في نظر المجتمع.. الفيلم يضعنا جميعاً أمام مرآة.. نحن المرآة ونحن أيضاً من ينظر إلي المرآة.. الكل متواطئ.. ولكن في تلك اللحظة المصيرية في بناء الفيلم يقرر "أحمد عبد الله" عقاب كل المشاركين من خلال حكم أخلاقي مباشر، رغم أننا لو استندنا إلي الأخلاق في معناها الأشمل والحقيقي لاكتشفنا أنهم من البداية مخطئون لكننا كمشاهدين نتعاطف معهم بل ونشارك في جريمتهم ونتمني أن تكلل في النهاية بالنجاح.. الفرح الذي دعا إليه "خالد الصاوي" وراءه هدف توافق عليه الجميع وهو أن يمتلك "ميكروباص" يتيح له أن يكسب قوت يومه.. فرح وهمي والكل يتكسب من هذا الفرح حتي المعازيم الذين يأتون للمشاركة في تلك الليلة من أجل أن يستمعوا إلي كلمات مديح من "النوبطشي" ماجد الكدواني.. الكل يلعب بمهارة مؤدياً دوره المنوط به إنجازه يؤدي "محمود الجندي" دور متعهد الأفراح يتفق حتي مع من يدفعون النقوط لتسخين المعازيم.. العريس "ياسر جلال" والعروسه "جومانة مراد".. "صلاح عبد الله" المونولوجست القديم الذي لم يعد أحد يطلبه.. "سوسن بدر" الراقصة التي تمارس المهنة بعد انتهاء عمرها الافتراضي ولكن ليس لها وسيلة أخري.. "دنيا سمير غانم" بائعة البيرة التي تمنح جزءا من مكسبها إلي "خالد الصاوي".. "باسم سمرة" ابن البلد الذي يأتي للمجاملة.. الجار "حسن حسني" الرجل العجوز مع زوجته الشابة "مي كساب".. "روجينا" زوجة "خالد الصاوي".. "خالد" شخصية تحمل قدراً من العنف والتهور ولهذا يقدمه السيناريو في مشهد وهو يعيد غاضباً الفلوس التي أقرضتها له أمه ولكننا لم نشعر لو لحظة واحدة بأنه لا يحب أمه أو يتجاوز في علاقته بها لكن الفيلم يقدمه في حالة طبيعية وفي خلاف يحدث وينتهي ولا يترك أثراً بعد ذلك.
كل شيء جميل وعميق ومبهر خفت سحره في هذا الفيلم عندما قرروا إرضاء الاتجاه الأخلاقي للجمهور علي حساب فضح حال المجتمع المصري الذي ورث في جيناته تقديس الموتي والفقراء يضعون القرش علي القرش من أجل ضمان الكفن عند موتهم.. قيمة احترام الموت عند المصري سابقة علي الأديان، ورغم ذلك كان ينبغي أن يتوقف عندها الفيلم ليقدم لنا المجتمع عندما يستسلم ويتنازل عن كل قيمه من أجل اقتناص لقمة العيش. إننا بصدد فيلم سينمائي نختلف معه في انتصاره لفكرة العقاب الأخلاقي بمعناه المباشر ولكنه يظل فيلماً جديراً بالمشاهدة وأيضاً بالحياة فهو خطوة أبعد بكثير من "كباريه" ولهذا أنتظر الثنائي "أحمد عبد الله" و "سامح عبد العزيز" في فيلمهما الثالث "الليلة الكبيرة" لو خففا كثيراً من قيد الحكم الأخلاقي الذي قيدهما في "كباريه" و "فرح" لانطلقا علي آفاق أرحب وأجمل وأعمق وأمتع!!
*********
احكي يا شهرزاد
· مني زكي نموذج صارخ للمقاومة وسوسن بدر الجوكر الدائم في أغلب الأفلام
اللقطات الأولي نري كاميرا "سمير بهزان" تستعرض تلك الشقة التي قدمها بعناية وإبداع مهندس الديكور "محمد عطية" كل شيء في السقف الأرض السرير.. نري الزوجين "مني زكي" مقدمة برامج التوك شو و«حسن الرداد" الصحفي في جريدة حكومية الذي يتطلع إلي منصب رئيس التحرير.. "مني" تعمل في قناة تليفزيونية خاصة طموحها أن تصل أكثر للناس.. مذيعة برامج "التوك شو" اختيار درامي ذكي من "وحيد حامد" اعتمد علي قدرته علي التقاط كل ما هو جديد ويشكل في وجدان المتفرج ملمحاً خاصاً طازجا ومؤثرا وهكذا من الممكن أن نري أن مذيعي هذه البرامج صاروا جزءا من المنزل المصري والعربي.. وهكذا المرأة المقهورة تبدو دائماً علي السطح كتيمة درامية ولكن ما نراه امرأة تقاوم.. "مني زكي" نموذج صارخ للمقاومة تحاول أن تتواءم مع نفسها وطموحها.. تعلم أن هناك سقفا للدولة لا يمكن اختراقه وسقفا للحياة الزوجية ينبغي لها أن تحافظ علي جدرانه.. ولكنها في نفس الوقت لا تتنازل عن طموحها الخاص.. القضايا السياسية المباشرة تثير غضب الدولة بكل أجهزتها تغير البوصلة إلي المشاكل الاجتماعية والتي تصطدم في نهاية الأمر أيضاً بتوجه الدولة السياسي.. كل شيء لا يمكن أن تعزله عن سياسة الدولة التي بقدر المستطاع تريد أقلمة الإعلام والصحافة.. بناء السيناريو كما صاغه "وحيد" قائم علي الانتقال من حكاية إلي حكاية.. إلا أن هناك خطا عاما يسيطر علي الأحداث وهو مقاومة الظلم والانتصار للمرأة فهو لا يقدم حكايات عشوائية، إنه يشبه في البناء الشكلي فيلماً سابقاً لوحيد حامد قدمه قبل نحو 6 سنوات "ديل السمكة" إخراج "سمير سيف" وكان البطل هو كشاف عداد الكهرباء الذي يدخل إلي البيوت ويقدم حكايات متتابعة تكشف الحياة في مصر.. هذه المرة تبحث مذيعة البرنامج عن حياة الناس تلتقطها من الشارع ومن صفحة الحوادث.. الخط الدرامي الآخر هو الزوج "حسن الرداد" الباحث عن الوثوب إلي مقعد رئيس التحرير.. لا ينسي "وحيد" القصة الشهيرة التي ترددت عن حلم رآه صحفي لصحفي آخر بأنه سيصبح رئيساً للتحرير وباقي الحكاية المعروفة غضب رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة.. في الواقع وصل رئيس التحرير إلي الكرسي ولكن في حكاية "وحيد" حامد أدخل عليها تعديلا دراميا فلم يصل إلي الكرسي!! تفاصيل يقدمها "وحيد" يمسك فيها بلمحات دقيقة مثل لقائه مع المسئول الذي أدي دوره الممثل الجديد "عبدو تميم".. لمحة أخري عندما يلتقط "حسن الرداد" الرسالة من هذا المسئول بأن عليه أن يسيطر علي زوجته يضع في لحظة ارتباك رجلاً علي رجل حرصت الكاميرا علي أن تؤكدها في لقطة قريبة ثم تنتقل إلي ملامح الوجه التي تدرك المطلوب فتجمع بين الرجاء والدهشة والموافقة مع إضفاء قدر من السخرية علي الحوار عندما يقول "الرداد" نطلقها! نجحت "مني زكي" في أداء هذا الدور المركب في مشاعره المختلفة ما بين حب الزوج والانتماء إلي الناس وحرصها في نفس الوقت علي نجاحها المهني والذي يصل بالمذيعة إلي حالة من العشق للنجاح وللتواصل الدائم مع الجمهور.. "محمود حميدة" يعيش الآن أنضج مرحلة في حياته وهكذا صار هذا النجم أقرب إلي رمانة الميزان في الأفلام التي يشارك فيها.. إنه الشرير الناعم الذي ينتظر اللحظة المناسبة لحظة الذروة لكي يبدأ في ممارسة شروط اللعبة ويبحث بعدها عن صيد آخر.. أتذكر هذه اللقطة عندما وضع علي وجهه "ماسك" لتبدو ملامح الغضب.. "سوسن بدر" هذه المرة في دوراً حقيقي إنها "الجوكر" الدائم حالياً في أغلب الأفلام يعوزها الاختيار في أغلبها ولكنها تنجح ولا شك هذه المرة عندما تجد دوراً له ملامح ويتطلب أحاسيس في التعبير.. الفيلم يحمل في عمقه عناقا فنيا مبدعا بين الكاتب "وحيد حامد" والمخرج "يسري نصر الله"!!
*********
دكان شحاتة
· "محمود حميدة" يعيش الآن أنضج مرحلة في حياته وهكذا صار هذا النجم أقرب إلي رمانة الميزان في الأفلام .. ووحيد حامد إعتمد علي وجدان المشاهد
لو أنك شاهدت "دكان" شحاتة ستجد أمامك حدوتة بها لمحات ولا أقول ملامح من قصة سيدنا "يوسف" عليه السلام والتي سبق وأن استوحاها "يوسف شاهين" أستاذ "خالد يوسف" في فيلم "المهاجر" وكان وقتها "خالد" ضمن فريق عمل الفيلم.. ولكني لا أري أن هذه هي الرؤية الحقيقية التي يطرحها الفيلم ربما جاءت مجرد تكئة لكي يقدم الفيلم رؤيته التي يسعي إليها وهو يضع أمامه بناء فنيا يترك دائماً حكاية مسلية يتابعها المشاهد بشغف في نفس الوقت لديه ما يريد أن يقوله للجمهور رؤية سياسية تشغل بال الوطن.. إنها في ضمير كل مصري ماذا بعد غياب الرئيس "حسني مبارك" عن مسرح الأحداث؟
في مصر لم يعد هذا الأمر مسكوتاً عنه وكان ينبغي أيضاً أن ينتقل من الصحافة إلي السينما.. الدولة تدرك بالقطع خطورة الرسالة السينمائية ومدي تأثيرها ولا يمكن أن تسمح بتلك المناقشة الصريحة وتتيح للسينمائيين حرية أن يسألوا ماذا بعد؟ ولكن يظل أن من حق السينمائي أن ينشئ «دكان» وأن يفكر الأب بأن يورث الدكان لأحد أبنائه وأن يطلق علي الدكان كنوع من التمهيد لذلك اسم "شحاتة"!!.
لم تنس "هيفاء" في الفيلم أنها "هيفاء" ولم نر خدشا يؤثر علي هذا الجمال عندما حرقت نفسها بعد أن ألقت الجاز علي جسدها لم تصب بشيء ظلت هي هي علي سنجة عشرة رغم أن النيران مفروض أنها اشتعلت في أجزاء عديدة من جسدها..عندما ألقت بنفسها من البلكونة ووضعت في الجبس ظلت هي "هيفاء" التي نعرفها بلا تعبير ولكن مع جبس أبيض يقيد حركتها حتي عندما ارتدت الحجاب ظلت "هيفاء".. اقتنعت بهيفاء الممثلة عندما ارتدت النقاب وزارت "عمرو سعد" في السجن ولم تنطق بكلمة لم نر من وجهها سوي عينين ساحرتين وكان هذا يكفي فهي لم تنطق بأي كلمة واختفي وجهها خلف النقاب ولهذا يجب علينا توجيه التحية للنقاب!!
لو قلت إن "دكان شحاتة" فيلم تجاري يحاول أن يقدم كل المفردات التي يريدها الجمهور فأنت لم تبتعد عن الحقيقة التي يعلنها الشريط السينمائي ولو قلت إنه يحمل بعداً فكرياً وسياسياً ويدخل إلي الممنوع فأنت أيضاً تتحدث عن الحقيقة التي شاهدناها علي الشريط السينمائي.. الفيلم فكرياً يبدو أنه ينحاز للتوريث ويقول له نعم وبصوت عال لأنه أفضل الحلول المطروحة والبديل هو الفوضي!!
لم يطرح الأب حلولا أخري لكنه اختار من البداية "شحاتة" فلم يعتل "شحاتة" الكرسي وضاع "الدكان" وعمت الفوضي في البلد!!
لا يمكن حماية حريتنا إلا بحرية الصحافة ولا يمكن الحد من حرية الصحافة بدون التعرض لخطر فقدان حريتنا الشخصية.. هذه هي كلمات الرئيس الأمريكي "توماس جونسون" التي أطلقها في نهاية القرن الثامن عشر وليس أمامنا بسبب كل الممارسات التي تحاول أن تقيد حرية الصحافة في بلدنا سوي أن نرددها ولا نكف عن ترديدها!!
tarekelshinnawi @yahoo.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.