«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يكتبها: طارق الشناوي
حكايات فنية
نشر في صوت الأمة يوم 09 - 08 - 2009

· أحمد حلمي لم يتوقف عن التحليق في فن الأداء .. وفي نفس الوقت كان قادراً علي تقديم الابتسامة
عرض 14 فيلماً سينمائياً في فترة زمنية لم تتجاوز ثلاثة أشهر.. الحصيلة ليست جيدة علي الإطلاق ولكن هذا لم يمنع أن تبرق بعض الومضات مهما كان لنا عليها من ملاحظات فهي حسنات لا تمنع بلاوي كثيرة، وكنت قد أشرت إليها في مقالات سابقة وهذه المرة نحاول أن نستعيد بعضها معاً!
ما الذي يحدث لو توقع الإنسان بموعد النهاية وتصاعد هذا التوقع إلي درجة اليقين ومن هنا تبدأ أحداث فيلم "1000 مبروك" عندما يشاهد البطل نفسه في الحلم أنه وهو في طريقه للزواج يصل أيضاً للنهاية.. كل مرة يواجه الموت فيقرر أن يصبح أكثر إيجابية في الحياة وفي تعامله مع الآخرين بل ومع نفسه أيضاً.. الفيلم المصري ستجد أن هذا هو الخط الرئيسي مع تغيير النهاية أتصور أنها في النسخة المصرية استلهمت الروح الشرقية التي تعتبر أن القدر حتمي حتي لو جاء مجرد كابوس وهكذا مات "أحمد حلمي" في نهاية أحداث "1000 مبروك" بينما "بيل موري" في الفيلم الأمريكي "يوم جراوند هوج" تجاوز يوم موته والذي تحدد 2 فبراير واستطاع أن يقفز للحياة بإرادة جديدة وكأنه في رحلة تطهير استغرقت يوماً لكنه يوم لا ينتهي.. النهاية الأمريكية تتوافق أكثر مع التصاعد الدرامي وكأنها تنويعة درامية علي شطرة بيت شعر لأبي القاسم الشابي، "فلابد أن يستجيب القدر" فقرر البطل الأمريكي أن يتحدي القدر!!
المعالجة المصرية اختارت للبطل التضحية بحياته لإنقاذ والدته وشقيقته.. منتهي العطاء والإيثار كل هذا يجري أيضاً في إطار القدر لأنه لو أراد إنقاذ حياته وحياتهم لفعلها، اكتفي فقط بإنقاذهم ولكنه خضع تماماً إلي مفهوم الاستسلام لهذا المصير باعتباره يتوافق مع الروح الشرقية المستسلمة بطبعها لكل ما تعيش فيه وعلي كل المستويات.. تلك هي النهاية الحزينة التي اضطر إليها صناع الفيلم رغم أن المنطق الدرامي كان من الممكن أن يصل بالبطل إلي شاطئ النجاة والحياة مرة أخري!!
يكشف السيناريو عن موهبة الأخوين "دياب" في نسج السيناريو والحوار.. سبق وأن شاهدت الجزيرة لمحمد دياب منفرداً إخراج "شريف عرفة" وبطولة "أحمد السقا" وكان بالفعل ككاتب لديه قدر لا ينكر من الطزاجة.. هذه المرة أري الحرفية العالية لأننا بصدد أصعب أنواع الكتابة الدرامية.. الكاتب الحرفي لديه ميزان من ذهب في تقديم المعلومة وكل مرة يضيف لها شيئاً مختلفاً، إلا أن المطلوب هو أن المشهد الواحد يتكرر عدة مرات علي مستوي الحوار والصوت والرؤية البصرية فأنت تراه ومن خلال ذلك تتعدد ردود أفعال البطل في تفاصيل علاقته بالشخصيات عليه أن يفاجئ المتلقي دائماً برد فعل مغاير ليبدأ في تأمل مواقف البطل.
"أحمد حلمي" في هذا الفيلم نري وجه الممثل وليس المضحكاتي.. إنها القدرة علي المغامرة.. أغلب النجوم لدينا وتحديداً نجوم الكوميديا يتحولون إلي أصحاب مشروع اقتصادي قدرتهم علي الضحك هي رأسمالهم وهم غير مستعدين للمجازفة وهكذا يحدث تنميط لنجم الكوميديا.
وأدرك "أحمد حلمي" ذلك في وقت مبكر.. وفي العام الماضي مثلاً يقدم فيلم "آسف علي الإزعاج" إخراج "خالد مرعي" وشاهدت أمامي الممثل الذي يؤدي دور مريض نفسي بانفصام الشخصية يعيش عالمين واقع متخيل يصل إلي حدود الحقيقة.. الأرقام أكدت في "آسف علي الإزعاج" أن الجمهور الذي جاء لكي يضحك مع "أحمد حلمي" عندما اكتشف أن أمامه فيلم جاد تقبل "أحمد" الممثل.. هذه المرة مع "1000 مبروك" أيضاً رأيت "حلمي" يواصل مغامراته كممثل يؤدي شخصية درامية تتغير وتتباين مواقفها وأدواته التعبيرية في الأداء نراها من الخضوع إلي الحياد إلي التمرد إلي التهور ثم تنتقل إلي مرحلة الفعل الإيجابي ورغم ذلك لم يتوقف الممثل عن التحليق في فن الأداء وفي نفس الوقت كان قادراً علي تقديم الابتسامة والضحكة!!
**********
الفرح
· فيلم يضعنا جميعاً أمام مرآة نحن المرآة ونحن أيضاً من ينظر إلي المرآة .. الكل متواطئ.
كنت مبهوراً وأنا أشاهد فيلم "الفرح" بهذا الألق في السيناريو الذي نسجه "أحمد عبد الله" والقدرة علي التعبير السينمائي للمخرج "سامح عبد العزيز" والذروة التي تبدو بها ملامح ميلودرامية بنفس القدر الذي تنضح فيها برائحة الواقع.. موت في عز الفرح.. موت الأم قبل نهاية اللعبة أو الصفقة التي شارك فيها الجميع بما فيهم الأم التي سددت لابنها جزءا من تكاليف الفرح لكي تكمل اللعبة وهي في نهاية الأمر تدخل في إطار الكذب والتحايل ولكنها جرائم صارت تتمتع بقدر من المشروعية.. هناك حدود اجتماعية لا ترتبط بالضرورة بالدين ولا بالقانون الوضعي ولكنها تدخل تحت طائلة علم الاجتماع.. تعارف الناس عليها باعتبارها وسائل مشروعة لكسب العيش.. "الفهلوة" بها قدر لا ينكر من النصب ولكن
من يمارسها لا يعد نصاباً في نظر المجتمع.. الفيلم يضعنا جميعاً أمام مرآة.. نحن المرآة ونحن أيضاً من ينظر إلي المرآة.. الكل متواطئ.. ولكن في تلك اللحظة المصيرية في بناء الفيلم يقرر "أحمد عبد الله" عقاب كل المشاركين من خلال حكم أخلاقي مباشر، رغم أننا لو استندنا إلي الأخلاق في معناها الأشمل والحقيقي لاكتشفنا أنهم من البداية مخطئون لكننا كمشاهدين نتعاطف معهم بل ونشارك في جريمتهم ونتمني أن تكلل في النهاية بالنجاح.. الفرح الذي دعا إليه "خالد الصاوي" وراءه هدف توافق عليه الجميع وهو أن يمتلك "ميكروباص" يتيح له أن يكسب قوت يومه.. فرح وهمي والكل يتكسب من هذا الفرح حتي المعازيم الذين يأتون للمشاركة في تلك الليلة من أجل أن يستمعوا إلي كلمات مديح من "النوبطشي" ماجد الكدواني.. الكل يلعب بمهارة مؤدياً دوره المنوط به إنجازه يؤدي "محمود الجندي" دور متعهد الأفراح يتفق حتي مع من يدفعون النقوط لتسخين المعازيم.. العريس "ياسر جلال" والعروسه "جومانة مراد".. "صلاح عبد الله" المونولوجست القديم الذي لم يعد أحد يطلبه.. "سوسن بدر" الراقصة التي تمارس المهنة بعد انتهاء عمرها الافتراضي ولكن ليس لها وسيلة أخري.. "دنيا سمير غانم" بائعة البيرة التي تمنح جزءا من مكسبها إلي "خالد الصاوي".. "باسم سمرة" ابن البلد الذي يأتي للمجاملة.. الجار "حسن حسني" الرجل العجوز مع زوجته الشابة "مي كساب".. "روجينا" زوجة "خالد الصاوي".. "خالد" شخصية تحمل قدراً من العنف والتهور ولهذا يقدمه السيناريو في مشهد وهو يعيد غاضباً الفلوس التي أقرضتها له أمه ولكننا لم نشعر لو لحظة واحدة بأنه لا يحب أمه أو يتجاوز في علاقته بها لكن الفيلم يقدمه في حالة طبيعية وفي خلاف يحدث وينتهي ولا يترك أثراً بعد ذلك.
كل شيء جميل وعميق ومبهر خفت سحره في هذا الفيلم عندما قرروا إرضاء الاتجاه الأخلاقي للجمهور علي حساب فضح حال المجتمع المصري الذي ورث في جيناته تقديس الموتي والفقراء يضعون القرش علي القرش من أجل ضمان الكفن عند موتهم.. قيمة احترام الموت عند المصري سابقة علي الأديان، ورغم ذلك كان ينبغي أن يتوقف عندها الفيلم ليقدم لنا المجتمع عندما يستسلم ويتنازل عن كل قيمه من أجل اقتناص لقمة العيش. إننا بصدد فيلم سينمائي نختلف معه في انتصاره لفكرة العقاب الأخلاقي بمعناه المباشر ولكنه يظل فيلماً جديراً بالمشاهدة وأيضاً بالحياة فهو خطوة أبعد بكثير من "كباريه" ولهذا أنتظر الثنائي "أحمد عبد الله" و "سامح عبد العزيز" في فيلمهما الثالث "الليلة الكبيرة" لو خففا كثيراً من قيد الحكم الأخلاقي الذي قيدهما في "كباريه" و "فرح" لانطلقا علي آفاق أرحب وأجمل وأعمق وأمتع!!
*********
احكي يا شهرزاد
· مني زكي نموذج صارخ للمقاومة وسوسن بدر الجوكر الدائم في أغلب الأفلام
اللقطات الأولي نري كاميرا "سمير بهزان" تستعرض تلك الشقة التي قدمها بعناية وإبداع مهندس الديكور "محمد عطية" كل شيء في السقف الأرض السرير.. نري الزوجين "مني زكي" مقدمة برامج التوك شو و«حسن الرداد" الصحفي في جريدة حكومية الذي يتطلع إلي منصب رئيس التحرير.. "مني" تعمل في قناة تليفزيونية خاصة طموحها أن تصل أكثر للناس.. مذيعة برامج "التوك شو" اختيار درامي ذكي من "وحيد حامد" اعتمد علي قدرته علي التقاط كل ما هو جديد ويشكل في وجدان المتفرج ملمحاً خاصاً طازجا ومؤثرا وهكذا من الممكن أن نري أن مذيعي هذه البرامج صاروا جزءا من المنزل المصري والعربي.. وهكذا المرأة المقهورة تبدو دائماً علي السطح كتيمة درامية ولكن ما نراه امرأة تقاوم.. "مني زكي" نموذج صارخ للمقاومة تحاول أن تتواءم مع نفسها وطموحها.. تعلم أن هناك سقفا للدولة لا يمكن اختراقه وسقفا للحياة الزوجية ينبغي لها أن تحافظ علي جدرانه.. ولكنها في نفس الوقت لا تتنازل عن طموحها الخاص.. القضايا السياسية المباشرة تثير غضب الدولة بكل أجهزتها تغير البوصلة إلي المشاكل الاجتماعية والتي تصطدم في نهاية الأمر أيضاً بتوجه الدولة السياسي.. كل شيء لا يمكن أن تعزله عن سياسة الدولة التي بقدر المستطاع تريد أقلمة الإعلام والصحافة.. بناء السيناريو كما صاغه "وحيد" قائم علي الانتقال من حكاية إلي حكاية.. إلا أن هناك خطا عاما يسيطر علي الأحداث وهو مقاومة الظلم والانتصار للمرأة فهو لا يقدم حكايات عشوائية، إنه يشبه في البناء الشكلي فيلماً سابقاً لوحيد حامد قدمه قبل نحو 6 سنوات "ديل السمكة" إخراج "سمير سيف" وكان البطل هو كشاف عداد الكهرباء الذي يدخل إلي البيوت ويقدم حكايات متتابعة تكشف الحياة في مصر.. هذه المرة تبحث مذيعة البرنامج عن حياة الناس تلتقطها من الشارع ومن صفحة الحوادث.. الخط الدرامي الآخر هو الزوج "حسن الرداد" الباحث عن الوثوب إلي مقعد رئيس التحرير.. لا ينسي "وحيد" القصة الشهيرة التي ترددت عن حلم رآه صحفي لصحفي آخر بأنه سيصبح رئيساً للتحرير وباقي الحكاية المعروفة غضب رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة.. في الواقع وصل رئيس التحرير إلي الكرسي ولكن في حكاية "وحيد" حامد أدخل عليها تعديلا دراميا فلم يصل إلي الكرسي!! تفاصيل يقدمها "وحيد" يمسك فيها بلمحات دقيقة مثل لقائه مع المسئول الذي أدي دوره الممثل الجديد "عبدو تميم".. لمحة أخري عندما يلتقط "حسن الرداد" الرسالة من هذا المسئول بأن عليه أن يسيطر علي زوجته يضع في لحظة ارتباك رجلاً علي رجل حرصت الكاميرا علي أن تؤكدها في لقطة قريبة ثم تنتقل إلي ملامح الوجه التي تدرك المطلوب فتجمع بين الرجاء والدهشة والموافقة مع إضفاء قدر من السخرية علي الحوار عندما يقول "الرداد" نطلقها! نجحت "مني زكي" في أداء هذا الدور المركب في مشاعره المختلفة ما بين حب الزوج والانتماء إلي الناس وحرصها في نفس الوقت علي نجاحها المهني والذي يصل بالمذيعة إلي حالة من العشق للنجاح وللتواصل الدائم مع الجمهور.. "محمود حميدة" يعيش الآن أنضج مرحلة في حياته وهكذا صار هذا النجم أقرب إلي رمانة الميزان في الأفلام التي يشارك فيها.. إنه الشرير الناعم الذي ينتظر اللحظة المناسبة لحظة الذروة لكي يبدأ في ممارسة شروط اللعبة ويبحث بعدها عن صيد آخر.. أتذكر هذه اللقطة عندما وضع علي وجهه "ماسك" لتبدو ملامح الغضب.. "سوسن بدر" هذه المرة في دوراً حقيقي إنها "الجوكر" الدائم حالياً في أغلب الأفلام يعوزها الاختيار في أغلبها ولكنها تنجح ولا شك هذه المرة عندما تجد دوراً له ملامح ويتطلب أحاسيس في التعبير.. الفيلم يحمل في عمقه عناقا فنيا مبدعا بين الكاتب "وحيد حامد" والمخرج "يسري نصر الله"!!
*********
دكان شحاتة
· "محمود حميدة" يعيش الآن أنضج مرحلة في حياته وهكذا صار هذا النجم أقرب إلي رمانة الميزان في الأفلام .. ووحيد حامد إعتمد علي وجدان المشاهد
لو أنك شاهدت "دكان" شحاتة ستجد أمامك حدوتة بها لمحات ولا أقول ملامح من قصة سيدنا "يوسف" عليه السلام والتي سبق وأن استوحاها "يوسف شاهين" أستاذ "خالد يوسف" في فيلم "المهاجر" وكان وقتها "خالد" ضمن فريق عمل الفيلم.. ولكني لا أري أن هذه هي الرؤية الحقيقية التي يطرحها الفيلم ربما جاءت مجرد تكئة لكي يقدم الفيلم رؤيته التي يسعي إليها وهو يضع أمامه بناء فنيا يترك دائماً حكاية مسلية يتابعها المشاهد بشغف في نفس الوقت لديه ما يريد أن يقوله للجمهور رؤية سياسية تشغل بال الوطن.. إنها في ضمير كل مصري ماذا بعد غياب الرئيس "حسني مبارك" عن مسرح الأحداث؟
في مصر لم يعد هذا الأمر مسكوتاً عنه وكان ينبغي أيضاً أن ينتقل من الصحافة إلي السينما.. الدولة تدرك بالقطع خطورة الرسالة السينمائية ومدي تأثيرها ولا يمكن أن تسمح بتلك المناقشة الصريحة وتتيح للسينمائيين حرية أن يسألوا ماذا بعد؟ ولكن يظل أن من حق السينمائي أن ينشئ «دكان» وأن يفكر الأب بأن يورث الدكان لأحد أبنائه وأن يطلق علي الدكان كنوع من التمهيد لذلك اسم "شحاتة"!!.
لم تنس "هيفاء" في الفيلم أنها "هيفاء" ولم نر خدشا يؤثر علي هذا الجمال عندما حرقت نفسها بعد أن ألقت الجاز علي جسدها لم تصب بشيء ظلت هي هي علي سنجة عشرة رغم أن النيران مفروض أنها اشتعلت في أجزاء عديدة من جسدها..عندما ألقت بنفسها من البلكونة ووضعت في الجبس ظلت هي "هيفاء" التي نعرفها بلا تعبير ولكن مع جبس أبيض يقيد حركتها حتي عندما ارتدت الحجاب ظلت "هيفاء".. اقتنعت بهيفاء الممثلة عندما ارتدت النقاب وزارت "عمرو سعد" في السجن ولم تنطق بكلمة لم نر من وجهها سوي عينين ساحرتين وكان هذا يكفي فهي لم تنطق بأي كلمة واختفي وجهها خلف النقاب ولهذا يجب علينا توجيه التحية للنقاب!!
لو قلت إن "دكان شحاتة" فيلم تجاري يحاول أن يقدم كل المفردات التي يريدها الجمهور فأنت لم تبتعد عن الحقيقة التي يعلنها الشريط السينمائي ولو قلت إنه يحمل بعداً فكرياً وسياسياً ويدخل إلي الممنوع فأنت أيضاً تتحدث عن الحقيقة التي شاهدناها علي الشريط السينمائي.. الفيلم فكرياً يبدو أنه ينحاز للتوريث ويقول له نعم وبصوت عال لأنه أفضل الحلول المطروحة والبديل هو الفوضي!!
لم يطرح الأب حلولا أخري لكنه اختار من البداية "شحاتة" فلم يعتل "شحاتة" الكرسي وضاع "الدكان" وعمت الفوضي في البلد!!
لا يمكن حماية حريتنا إلا بحرية الصحافة ولا يمكن الحد من حرية الصحافة بدون التعرض لخطر فقدان حريتنا الشخصية.. هذه هي كلمات الرئيس الأمريكي "توماس جونسون" التي أطلقها في نهاية القرن الثامن عشر وليس أمامنا بسبب كل الممارسات التي تحاول أن تقيد حرية الصحافة في بلدنا سوي أن نرددها ولا نكف عن ترديدها!!
tarekelshinnawi @yahoo.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.