يخلط معظم الناس بين موضوعات الكتب والرسالات الإلهية، حيث يعتقدون أنها جملة أسماء لموضوع واحد، فينتج عن هذا الخلط كثير من المعلومات والمفاهيم الخاطئة، التي تشوش علي الناس فهمهم لموضوعات الكتاب الإلهي، فمثلا نجد معظم الناس يخلطون بين معني ومفهوم الكتاب كما سبق أن بينا، وبين معني كل من العلم، والحكمة، والحكم، والآيات البينات، والشعائر والعبادات والنسك، ويعتقدون أن جميعها شيء واحد أو موضوع واحد، وسوف نوضح الفروق بين كل مصطلح فيما يأتي. إن الكتاب الإلهي الخاص بالرسالات العامة الكبري والموحي به من الله يتضمن عدة موضوعات مختلفة، هذه الموضوعات هي: العلم، والحكمة، والحكم، والشعائر والعبادات والنسك، ونقوم بتفصيل موضوعات كتاب الرسالات العامة المفصلة المركزية الكبري علي النحو التالي: أ - العلم: ومعناه: أثر أو رمز بالشيء يميزه عن غيره. وهو من الرمز أو الأثر أو العلامة التي تميز من يتصف بها عن غيره من الأشياء، ومفهوم العلم في التعبير القرآني: هو ما أوحي الله به من غيبيات عقائدية كوجود الله ووحدانيته والبعث والحساب والجزاء، وأيضا أنباء من سبق من الأمم، وبعض النبوءات عما سيحدث في المستقبل، إذن، التوحيد ووجود الله والحساب والجزاء في الآخرة وأحوال الأمم السابقة والنبوءات المستقبلية كلها علم، وموضوع هذا العلم هو أثر يتميز به الرسول عن غيره من الناس، وهذا العلم لم يكن للرسول أن يعلمه إلا بوحي من الله وحده، وبعد مجيء الوحي لو اجتهد الإنسان في التفكر والتدبر والبحث والتقصي والسير في الأرض لتوصل حتما إلي حقائق هذا العلم. إذن مفهوم العلم في التعبير القرآني هو طائفة من العلوم الغيبية التي يتميز بها الرسول أو النبي عن غيره من الناس. وقد أخبر إبراهيم عليه السلام أباه بأنه قد جاءه من الله علم يمنعه من عبادة الأصنام، ويأمره بعبادة الله وحده، وأن من يشرك بالله فسوف يمسه عذاب من الله جزاء شركه، قال تعالي: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيا* إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يسْمَعُ وَلَا يبْصِرُ وَلَا يغْنِي عَنكَ شَيئًا* يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِياًّ* يا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيطَانَ إِنَّ الشَّيطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِياًّ* يا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيطَانِ وَلِيا). (41: 45). ب - الحكم: وهو المنع فكل ما يمنع الإنسان عن شيء يفعله أو يقوله فهو الحكم، وهو مأخوذ من حَكَمَةِ الفرس، وهي ما توضع في رأس الفرس لمنعه من الشرود. أما الحكم في التعبير القرآني هو: جملة الأحكام التشريعية التي تختص بالفصل بين المنازعات، وهي الأحكام التي تمنع من ظلم الناس بعضهم بعضا، وهي الأحكام التي تقضي علي الاختلاف بين المختلفين، وتشمل أيضا أحكام الزواج والطلاق والأسرة والمعاملات، وأيضا جملة العقوبات الرادعة التي وضعت لعقاب من يرتكب بعض الجرائم كالسرقة والزني والقتل وغيرها من الجرائم. والحكم أو الحاكم أيضا وفق التعبير القرآني: هو الشخص الذي يحكم بين الناس طبقا للتشريعات الموحي بها في كتاب الله. قال تعالي: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيحْكُمَ بَينَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ). (213- البقرة). وقال تعالي عن كتاب الإسلام: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِي وَلاَ وَاقٍ). (37- الرعد).