فنان من طراز فريد، صاحب منهج مميز، مغامر، معاصر، رائد أغنية الطفل.. نعرفه من موسيقاه، ومن أغنياته، نستشعره حبيبا وصديقا وأبا، فقد استطاع أن يخاطب عقول وقلوب الملايين شيوخا وشبابا وأطفالا ونساء ورجالا.. هو المطرب والملحن والممثل والمنتج محمد فوزى رائد من رواد الموسيقى العربية ورائد من رواد الاستثمار كما وصفه كتيب «محمد فوزى.. المجد والدموع» الصادر مؤخرا ضمن سلسلة رواد الاستثمار والذى يتناول رحلته من الميلاد إلى الوفاة ومما جاء فى الكتاب: «أنه فى 28 أغسطس 1918 شهدت قرية (كفر أبو الجندى) التى تبعد عن مدينة طنطا عدة كيلو مترات، ميلاد محمد فوزى الذى نشأ وسط عدد كبير من الأشقاء احتل هو الترتيب الواحد والعشرين بينهم ولكنه لم يكن أصغرهم»! التحق فوزى بكتاب قريته ومنه إلى المدرسة الابتدائية فى طنطا وحصل على شهادتها عام 1931، لم يستطع بعدها إكمال دراسته الثانوية لولعه وانشغاله بالغناء، ذاع صيته بين القرى كمطرب، وساعده حظه فى أن يستمع له الملحن مصطفى العقاد وأبدى إعجابه بصوته وشجعه على الالتحاق بمعهد الموسيقى العربية، إلا أن فرصة كبيرة أتيحت له بالتحاقه كمطرب بفرقة بديعة مصابنى، ومن فرقة بديعة إلى فرقة فاطمة رشدى التى ألحقته بالفرقة القومية المصرية، لقد كان المسرح بمثابة تأشيرة الدخول للسينما عندما شاهده يوسف وهبى فى إحدى المسرحيات تعاقد معه على دور ثانوى فى فيلم «سيف الجلاد»، وسرعان ما انتقل فوزى من الأدوار الثانوية إلى أدوار البطولة وبالرغم من تقديم فوزى 34 فيلما خلال 12عاما بدءا من 1944 لم تشهد السنوات العشر الأخيرة له سوى فيلمين فقط ويُرجع الكاتب أسباب ذلك إلى انشغاله بالإشراف على شركة الاسطوانات التى أسسها ونذر لها معظم وقته، واشتداد المرض عليه فى السنوات الخمس الأخيرة، وتوازى هذا النجاح السينمائى مع نجاحه كمطرب وملحن فقدم أكثر من 400 لحن أثرت فى الموسيقى العربية وكشفت عن موسيقار سابق لعصره فيقول عنه الصحفى القدير حلمى سالم «أظن أن محمد فوزى علامة فارقة فى الغناء» ويقول عنه المايسترو سليم سحاب «موسيقاه يميزها خفة الدم والمرح البرىء» ويصفه الموسيقار حلمى بكر بالسهل الممتنع «الإيقاع الحديث.. التكوين الإبداعى الحديث.. فوزى صاحب مدرسة السهل الممتنع» تناول الكتاب تجربة فوزى فى تأسيس شركة مصر فون عام 1958 وافتتحها وزير الصناعة فى ذلك الوقت الدكتور عزيز صدقى. دخل فوزى هذه التجربة بكل ثروته «تحويشة عمره» لإيمانه بالفكرة، هادفا بذلك أن يضرب الاحتكار الأجنبى لسلعة حيوية هى الاسطوانات الموسيقية، ونشطت الشركة فى خدمة النشاط الغنائى وكانت البداية مع أم كلثوم، نجاة ثم اتسع النشاط ليشمل العديد من الفنانين إلى أن جاء قرار تأميم شركته ومصنعه عام 1961، ليدخل بعده فوزى فى دوامة الحزن والمرض إلى أن جاء صباح يوم 20 أكتوبر 1966 ليتحرك جثمان محمد فوزى من مسجد عمر مكرم يسير خلفه آلاف المشيعين من عشاقه وأصدقائه.