هز جدران الأغنية العربية بألحان جديدة إستخدام مقامات غير مألوفة.. حيث جعل الكلمات تستريح بين ضفتي اللحن فنان مغزول من نول حزن وشجن الحارة المصرية، فاتحًا أذنه وقلبه وعيونه لآفاق الصحراء العربية، وما تعج به من حكايات ورياح ونغمات وخلافات ألحانه اختزلت الأمنيات العربية المحبطة والآمال المنهارة وعادت بها بعد أن صبغتها بالحماس والدفء الشرقي والبطولة الجماعية والبطل الأسطوري محمد محمد مستجاب بأصابع كالعاصفة، وقلب ينبض بأوار النار، ملثماً شفاه العاشقين والمحبين ومعددي الجنائز، المنصت لطنين النحل ودبيب النمل، الراقص علي أزير البعوض وزائير السباع، صاحب القدرة الفائقة علي الجمع بين العربي والغربي، والحديث والمورث الشعبي. ذلك القصير المشتعل المتوتر الهادئ المقلق الساحر المسحور، والذي لم يكن يعنيه أن يجلس خلف مكتب أو منصب، أو يحمل علي كتفيه لقب، بل ظل يمور وسط أصوات الناس العاديين يتلمس قدره، ويغلف جسده الشفاف في طيات الألحان، وروحه الرائقة الشرسة في ثنايا الملكوت الرحيم. ابن شبرا الذي هز جدران الأغنية العربية بألحان جديدة واستخدام مقامات غير مألوفة لها، حيث جعل الكلمات تستريح بين ضفتي اللحن، في حالة من الراحة والتواصل بين ما يجري في حياتنا اليومية وما جري في تاريخنا الماضي، بين الخيال والواقع، بين اللهجة العامية والفصحي، وبين أصوات الباعة والكورال، وبين حماس الجنود وهمهمة أبطال الاوبريت، حيث تكون ارتطامات الكلمات بالألحان، ويكون للحن شطآن ناعمة ويكون للفؤاد وجيب. عقل لا ينام وأول ما يداهمك في شكل بليغ أنه قصير القامة، وجه صريح، ونظرات حادة، سريع الحركة، عقله لاينام وقلبه لا يهدأ وأصابعه مرتعشة دائما تبحث عن وتر تعزف عليه، ذو مزاج حاد وخاص ومتقلب، ولا يرتبط برغبات وطلبات الأسرة، ولا تقيده مواعيد. يطرق بابك فجرا أو ظهرا، يرتدي جلباب أو بذلة، عنيد، وأكثر عناداً مع نفسه، مما يجعلك تقف أمامه كثيرا، وعندما يحتضن عوده تشعر بأن سيد درويش والشيخ أمام وسيد مكاوي سوف يأتون كي يرعوا أنامله، وفي نهاية اللحن يشعل سيجارته ويبتسم لك ويقول: إننا يجب أن نبتسم كي تمر الحياة. المعترف وسط دخان سجائره بأنه يمتلك القدرة علي صياغة كل شيء في الحياة إلي لحن بسيط يستمتع به الوزير والخفير، وأن الشعب الذي لا أساطير له يموت، وهو أحد مكونات جذب الأسطورة وإعادة صياغتها بمقومات العصر. شلالات هادرة بليغ حمدي: صاحب المستويات والقدرات الفائقة والمتألقة والناعمة والساخنة والهادئة هدوء الشلال والغاضبة في ثورة طفل يطلب شيئا من والده الذي لا يستطيع أن يلبي رغبته، الذي جعل من الأغنية العربية - الشرقية - بمعني أدق حالة صفاء ومصاحبة وانفراد بأن اللحن حتما قد خلق لمستمع واحد هو أرواحنا جميعاً. وبليغ حمدي مخلص لفنه عاشق لعروبته، وموسيقاه والأغنية العربية، مغزول من نول حزن وشجن الحارة المصرية، فاتحا آذنه وقلبه وعيونه لآفاق الصحراء العربية، وما تعج به من حكايات ورياح ونغمات وخلافات، واقعاً في جّب ترنيمات وادي النيل ومنابعه، فهو يغزل حزننا الذي يلف أرواحنا، وخلال انغماسه في اللحن لا تفارقه السيجارة، يطفو وسط دخانها لاجئا إلي الأغنية الشعبية، ملفوف بالفلكلور ومنشدي المدائح ومبتهلي أولياء الله، تجده جالسًا وسط الحضرة يتمايل معهم، فهو من القلائل الذين استطاعوا أن يغلفوا الأغنية العربية بالموال وأصوات الكورس وحكايات الجدات والتصفيق وآهات القلوب التي تصاحب الموتي والرب يستلم وديعته، حيث لجأ إلي هذه الألحان والتي ساعدته علي التعبير عن القضايا العربية المصرية وطرحها. ويعتبر بليغ حمدي من المبشرين الذين حاولوا إعادة إحياء الأغنية وألا ترتبط الأغنية بطبقة معينة من الشعب، وقد سبقه في هذا المجال سيد درويش، وهو يهتم بصنعته جيدا، بل انه اصقلها بالتكنيك الفريد، والتخصص والمهارة والموهبة الملتهبة وقدرته علي خلق نغمات تنصت لها فتعرف إنها له وحده، فقد لحن أكثر من 1500 لحن، لا يوجد بينهما أي تشابه. أصل الألحان انصت لأي لحن له، سوف تكتشف أن اصل الألحان أن تكون قادرة علي إقامة كيان ولغة وتفاعل تتحرك فيه الكلمات، جاذبة أذن وعين وقلب المستمع، تمتليء وتمور في معاناة ودلالات لا تكاد - من فرط استيعابه للعالم حوله - أن تشعر أنه لحن لك وحدك، وأن العالم أصبح ملكّك. وألحانه اختزلت الأمنيات العربية المحبطة والآمال المنهارة، وعادت بها بعد أن صبغتها بالحماس والدفء الشرقي والبطولة الجماعية والبطل الأسطوري، كي يصبح اللحن في الغنية هو النقطة الذهبية التي تنصت لها آذان المستمعين، وتدهش لها عيونهم، وترتجف وتستريح فيها قلوبهم. وقد نجح بليغ في استخدام معظم الإيقاعات المصرية والعربية المعروفة حتي انه كان له السبق في ابتداع العديد من الإيقاعات المركبة والتي استخدمها آخرون بعده، وقد كان مهتماً بشدة باستخدام الكورس في الأغنية، كذلك اهتمامه بتطوير أداء الكورس والأصوات البشرية المصاحبة للمطرب، وتعد هذه المحاولة فتحاً في الغناء العربي، كي يشترك الكورس - بأصوات بشرية - في سياق الأغنية، لتعبر عن مضمون اللحن والكلمات. تلقائية شعبية وإذا كان كل فنان مبدع في هذا الوجود يأتي وفي ذهنه نموذج معّد معه يريد أن يعّرف به، فهذا ما لم يفعله بليغ، فقد وجهه حسن الشجاعي مستشار الإذاعة المصرية، أن يترك الغناء بعد أن تم قبوله في الإذاعة كمطرب ويتجه إلي التلحين، وهنا تلقفته يد الموسيقار العبقري محمد فوزي الفاهم والمدرك لما في قلب وعقل بليغ من ألحان تحمل كل البكارة والتلقائية الشعبية، ويحمل معه أسلوب جديد خارج عن الأساليب المعهودة والمعروفة والمستوردة، كي يفتح له باب المجد للأغنية العربية من خلال ألحان بليغ، فلحن أول أغنياته إلي عبد الحليم حافظ ( تخونوه ) عام 1957، وبعد ذلك اتجهت ألحانه لجميع المطربين. اتجهت أنامل بليغ لجميع الاتجاهات، فوصلت ألحانه إلي الناس من خلال كبار المطربين، أم كلثوم وعبد الحليم ووردة وصباح ومحمد رشدي، وكلمات الشعراء: الابنودي وعبد الرحيم منصور وعبد الوهاب محمد، لكن تظل تجربة الاوبريت الغنائي تجربة رائدة في الغناء العربي. كذلك تجربته الجميلة مع الشيخ النقشبندي، في أيام رمضان خلال حرب أكتوبر، حيث أطل صوت النقشبندي وهو ينشد ويبتهل ويدعو للجنود الذين يحاربون علي الجبهة في إطار مشروع فني جمعه بالملحن والموسيقار الكبير الراحل بليغ حمدي وهو واحد من قلة من الملحنين يعرفون قيمة الإنشاد والمديح النبوي في الموسيقي الشعبية، بل إن بليغ حمدي في تجربته مع النقشبندي حقق التلاقي الرائع بين العلم والتلقائية أو الروح الشعبية المصرية، وأصبح النقشبندي علامة من علامات رمضان ودليلاً عليه حتي في الأيام العادية إذا سمعت صوته شعرت بأنك تعيش ساعة ما بعد الإفطار في أيام رمضان. تأريخ للنصر إذا كانت حرب أكتوبر قد أشعلت مخيلة الكتاب والمبدعين في جميع المجالات، فأن أنامل بليغ استطاعت أن تلهب الجنود علي جبهة القتال وأن تؤرخ لهذا النصر العظيم والذي نبحث عنه الآن من خلال ألحان حماسية جماعية ومتدفقة فلحن أغنية بسم الله، وعاش، سكت الكلام والبندقية اتكلمت، وعبرنا الهزيمة، وأنا علي الربابة بغني. وقد جعل بليغ من خلال ألحانه، والتي اخترقت برأسه الغيوم والأسطورة وتراب النجوع ورمال الصحراء، كي تثير فينا عوامل الكبرياء والوطنية والحب، حيث اللحن البطل - المبهر، اللحن الذي يعيش الحالة الفلكلورية، من خلال أفكار الناس ومشاكلهم وأمثالهم وعادتهم البسيطة الرتيبة وتفسيراتهم للحياة والكون. والآن بعد أن زاد اضطراب الشمس العربية، وتفتت إلي عقارب وجثث وخفافيش وصواريخ وسحالي، وبعد أن ارتعش القمر وبدأ يبحث عن جحر يختبيء فيه، ووسط هذه السيول من الألحان والكلمات فاقدة اللون والطعم والرائحة والتي تحاصرنا، فإن أنغام بليغ حمدي رابضة مصممة علي جمع ابتسامة دامعة من جميع وجوهنا الحزينة. محمد محمد مستجاب بليغ حمدي.. مداح القمر هز جدران الأغنية العربية بألحان جديدة إستخدام مقامات غير مألوفة.. حيث جعل الكلمات تستريح بين ضفتي اللحن فنان مغزول من نول حزن وشجن الحارة المصرية، فاتحًا أذنه وقلبه وعيونه لآفاق الصحراء العربية، وما تعج به من حكايات ورياح ونغمات وخلافات ألحانه اختزلت الأمنيات العربية المحبطة والآمال المنهارة وعادت بها بعد أن صبغتها بالحماس والدفء الشرقي والبطولة الجماعية والبطل الأسطوري محمد محمد مستجاب بأصابع كالعاصفة، وقلب ينبض بأوار النار، ملثماً شفاه العاشقين والمحبين ومعددي الجنائز، المنصت لطنين النحل ودبيب النمل، الراقص علي أزير البعوض وزائير السباع، صاحب القدرة الفائقة علي الجمع بين العربي والغربي، والحديث والمورث الشعبي. ذلك القصير المشتعل المتوتر الهادئ المقلق الساحر المسحور، والذي لم يكن يعنيه أن يجلس خلف مكتب أو منصب، أو يحمل علي كتفيه لقب، بل ظل يمور وسط أصوات الناس العاديين يتلمس قدره، ويغلف جسده الشفاف في طيات الألحان، وروحه الرائقة الشرسة في ثنايا الملكوت الرحيم. ابن شبرا الذي هز جدران الأغنية العربية بألحان جديدة واستخدام مقامات غير مألوفة لها، حيث جعل الكلمات تستريح بين ضفتي اللحن، في حالة من الراحة والتواصل بين ما يجري في حياتنا اليومية وما جري في تاريخنا الماضي، بين الخيال والواقع، بين اللهجة العامية والفصحي، وبين أصوات الباعة والكورال، وبين حماس الجنود وهمهمة أبطال الاوبريت، حيث تكون ارتطامات الكلمات بالألحان، ويكون للحن شطآن ناعمة ويكون للفؤاد وجيب. عقل لا ينام وأول ما يداهمك في شكل بليغ أنه قصير القامة، وجه صريح، ونظرات حادة، سريع الحركة، عقله لاينام وقلبه لا يهدأ وأصابعه مرتعشة دائما تبحث عن وتر تعزف عليه، ذو مزاج حاد وخاص ومتقلب، ولا يرتبط برغبات وطلبات الأسرة، ولا تقيده مواعيد. يطرق بابك فجرا أو ظهرا، يرتدي جلباب أو بذلة، عنيد، وأكثر عناداً مع نفسه، مما يجعلك تقف أمامه كثيرا، وعندما يحتضن عوده تشعر بأن سيد درويش والشيخ أمام وسيد مكاوي سوف يأتون كي يرعوا أنامله، وفي نهاية اللحن يشعل سيجارته ويبتسم لك ويقول: إننا يجب أن نبتسم كي تمر الحياة. المعترف وسط دخان سجائره بأنه يمتلك القدرة علي صياغة كل شيء في الحياة إلي لحن بسيط يستمتع به الوزير والخفير، وأن الشعب الذي لا أساطير له يموت، وهو أحد مكونات جذب الأسطورة وإعادة صياغتها بمقومات العصر. شلالات هادرة بليغ حمدي: صاحب المستويات والقدرات الفائقة والمتألقة والناعمة والساخنة والهادئة هدوء الشلال والغاضبة في ثورة طفل يطلب شيئا من والده الذي لا يستطيع أن يلبي رغبته، الذي جعل من الأغنية العربية - الشرقية - بمعني أدق حالة صفاء ومصاحبة وانفراد بأن اللحن حتما قد خلق لمستمع واحد هو أرواحنا جميعاً. وبليغ حمدي مخلص لفنه عاشق لعروبته، وموسيقاه والأغنية العربية، مغزول من نول حزن وشجن الحارة المصرية، فاتحا آذنه وقلبه وعيونه لآفاق الصحراء العربية، وما تعج به من حكايات ورياح ونغمات وخلافات، واقعاً في جّب ترنيمات وادي النيل ومنابعه، فهو يغزل حزننا الذي يلف أرواحنا، وخلال انغماسه في اللحن لا تفارقه السيجارة، يطفو وسط دخانها لاجئا إلي الأغنية الشعبية، ملفوف بالفلكلور ومنشدي المدائح ومبتهلي أولياء الله، تجده جالسًا وسط الحضرة يتمايل معهم، فهو من القلائل الذين استطاعوا أن يغلفوا الأغنية العربية بالموال وأصوات الكورس وحكايات الجدات والتصفيق وآهات القلوب التي تصاحب الموتي والرب يستلم وديعته، حيث لجأ إلي هذه الألحان والتي ساعدته علي التعبير عن القضايا العربية المصرية وطرحها. ويعتبر بليغ حمدي من المبشرين الذين حاولوا إعادة إحياء الأغنية وألا ترتبط الأغنية بطبقة معينة من الشعب، وقد سبقه في هذا المجال سيد درويش، وهو يهتم بصنعته جيدا، بل انه اصقلها بالتكنيك الفريد، والتخصص والمهارة والموهبة الملتهبة وقدرته علي خلق نغمات تنصت لها فتعرف إنها له وحده، فقد لحن أكثر من 1500 لحن، لا يوجد بينهما أي تشابه. أصل الألحان انصت لأي لحن له، سوف تكتشف أن اصل الألحان أن تكون قادرة علي إقامة كيان ولغة وتفاعل تتحرك فيه الكلمات، جاذبة أذن وعين وقلب المستمع، تمتليء وتمور في معاناة ودلالات لا تكاد - من فرط استيعابه للعالم حوله - أن تشعر أنه لحن لك وحدك، وأن العالم أصبح ملكّك. وألحانه اختزلت الأمنيات العربية المحبطة والآمال المنهارة، وعادت بها بعد أن صبغتها بالحماس والدفء الشرقي والبطولة الجماعية والبطل الأسطوري، كي يصبح اللحن في الغنية هو النقطة الذهبية التي تنصت لها آذان المستمعين، وتدهش لها عيونهم، وترتجف وتستريح فيها قلوبهم. وقد نجح بليغ في استخدام معظم الإيقاعات المصرية والعربية المعروفة حتي انه كان له السبق في ابتداع العديد من الإيقاعات المركبة والتي استخدمها آخرون بعده، وقد كان مهتماً بشدة باستخدام الكورس في الأغنية، كذلك اهتمامه بتطوير أداء الكورس والأصوات البشرية المصاحبة للمطرب، وتعد هذه المحاولة فتحاً في الغناء العربي، كي يشترك الكورس - بأصوات بشرية - في سياق الأغنية، لتعبر عن مضمون اللحن والكلمات. تلقائية شعبية وإذا كان كل فنان مبدع في هذا الوجود يأتي وفي ذهنه نموذج معّد معه يريد أن يعّرف به، فهذا ما لم يفعله بليغ، فقد وجهه حسن الشجاعي مستشار الإذاعة المصرية، أن يترك الغناء بعد أن تم قبوله في الإذاعة كمطرب ويتجه إلي التلحين، وهنا تلقفته يد الموسيقار العبقري محمد فوزي الفاهم والمدرك لما في قلب وعقل بليغ من ألحان تحمل كل البكارة والتلقائية الشعبية، ويحمل معه أسلوب جديد خارج عن الأساليب المعهودة والمعروفة والمستوردة، كي يفتح له باب المجد للأغنية العربية من خلال ألحان بليغ، فلحن أول أغنياته إلي عبد الحليم حافظ ( تخونوه ) عام 1957، وبعد ذلك اتجهت ألحانه لجميع المطربين. اتجهت أنامل بليغ لجميع الاتجاهات، فوصلت ألحانه إلي الناس من خلال كبار المطربين، أم كلثوم وعبد الحليم ووردة وصباح ومحمد رشدي، وكلمات الشعراء: الابنودي وعبد الرحيم منصور وعبد الوهاب محمد، لكن تظل تجربة الاوبريت الغنائي تجربة رائدة في الغناء العربي. كذلك تجربته الجميلة مع الشيخ النقشبندي، في أيام رمضان خلال حرب أكتوبر، حيث أطل صوت النقشبندي وهو ينشد ويبتهل ويدعو للجنود الذين يحاربون علي الجبهة في إطار مشروع فني جمعه بالملحن والموسيقار الكبير الراحل بليغ حمدي وهو واحد من قلة من الملحنين يعرفون قيمة الإنشاد والمديح النبوي في الموسيقي الشعبية، بل إن بليغ حمدي في تجربته مع النقشبندي حقق التلاقي الرائع بين العلم والتلقائية أو الروح الشعبية المصرية، وأصبح النقشبندي علامة من علامات رمضان ودليلاً عليه حتي في الأيام العادية إذا سمعت صوته شعرت بأنك تعيش ساعة ما بعد الإفطار في أيام رمضان. تأريخ للنصر إذا كانت حرب أكتوبر قد أشعلت مخيلة الكتاب والمبدعين في جميع المجالات، فأن أنامل بليغ استطاعت أن تلهب الجنود علي جبهة القتال وأن تؤرخ لهذا النصر العظيم والذي نبحث عنه الآن من خلال ألحان حماسية جماعية ومتدفقة فلحن أغنية بسم الله، وعاش، سكت الكلام والبندقية اتكلمت، وعبرنا الهزيمة، وأنا علي الربابة بغني. وقد جعل بليغ من خلال ألحانه، والتي اخترقت برأسه الغيوم والأسطورة وتراب النجوع ورمال الصحراء، كي تثير فينا عوامل الكبرياء والوطنية والحب، حيث اللحن البطل - المبهر، اللحن الذي يعيش الحالة الفلكلورية، من خلال أفكار الناس ومشاكلهم وأمثالهم وعادتهم البسيطة الرتيبة وتفسيراتهم للحياة والكون. والآن بعد أن زاد اضطراب الشمس العربية، وتفتت إلي عقارب وجثث وخفافيش وصواريخ وسحالي، وبعد أن ارتعش القمر وبدأ يبحث عن جحر يختبيء فيه، ووسط هذه السيول من الألحان والكلمات فاقدة اللون والطعم والرائحة والتي تحاصرنا، فإن أنغام بليغ حمدي رابضة مصممة علي جمع ابتسامة دامعة من جميع وجوهنا الحزينة.