لليوم الثاني على التوالي ، لا يزال حالة فرض القمع الرأي الواحد ، والاستعمال المبكر لقانون الطوارئ وإعلان الحرب بشكل واضح وصريح ضد حرية الصحاقة والرأي ، ومنع أى رأى أخر يعارض النظام حتى ولو كان من القربين له من الظهور ، تحفظت قوات الأمن على عدد الغد الثلاثاء من جريدة "البوابة نيوز"، التي يرأس تحريرها، الكاتب الصحفي عبدالرحيم علي ، المقرب من أجهزة النظام ، جيث أكدت صحيفة البوابة على موقعها الألكتروني إنه تم مصادرة عددها ، ونشرت الجريدة صورة العدد تحت عنوان "لليوم الثاني.. طالع عدد جريدة "البوابة" بعد مصادرته". وتضمن العدد الثاني للجريدة صورة للعدد الذي تم مصادرته أمس بماشيت على 8 أعمدة "مصادرة البوابة لن تمنعنا من قول الحقيقة" أسفله مانشيت آخر "حوادث التفجير الأخيرة وراءها تقصير أمني فادح". من ناحيته ، انتقد عبدالرحيم علي ، عضو مجلس نواب العسكر ، ورئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة "البوابة" المقربة من الأجهزة السيادية ، قيام الأجهزة الأمنية بمصادرة عدد الجريدة أمس ؛ بسبب اتهام الجريدة لوزير الداخلية بالتقصير الأمنى بعد الأحداث الإرهابية التى تعرضت لها كنيستي مارجرجس بالغربية والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، مشيرًا إلى أنه تواصل مع نقيب الصحفيين عبدالمحسن سلامة، وتم تقديم مذكرة رسمية له احتجاجًا على مصادرة الجريدة. وقال "علي" فى تصريحات للمحررين البرلمانين إنه يصر على إصدار عدد البوابة بنفس العنوان الذى تمت مصادرة الجريدة بسببه، قائلا: سأعيد نشر نفس العنوان فى الجريدة كل يوم، ومصر على ذلك حتى لو كلفنى ذلك حياتى، وأضاف: "أنا أول واحد حريص على الأمن القومى، وأعرف أبعاده جيدًا". وتساءل "عبدالرحيم علي" المعروف بولاءه للنظام العسكري: "هل لهذا الحد تصادر جريدة بسبب انتقاد الوزير؟" ، مشددًا على أنه يحمل وزير الداخلية مسئولية مقتل 50 مواطنًا مصريًا ، مضيفًا: "سأنشر الخبر الذى صودرت الجريدة بسببه حتى لو على جبيني، ولو اعتقلت سأعيد نشره". للمرة الثانية كانت صحيفة "البوابة" الداعمة والمقربة من النظام ، قد أعلنت مساء أمس الأحد ، أنه تم مصادرة عدد الغد الاثنين من الصحيفة بسبب تغطيتها لتفجيرات الكنائس التي وقعت اليوم الأحد وأدت إلى مقتل وإصابة عدد كبير من المواطنين المصريين ، وانتقدت الصحيفة في بيان لها ، هذه الخطوة واعتبرت أن المصادرة جاءت بسبب انتقادها للتقصير الأمني في الحادثين. كتب صلاح الدين حسن، رئيس التحرير التنفيذي للجريدة المقربة من النظام ، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "الرقيب يتحفظ على عدد البوابة"، دون مزيد من التفاصيل. لكن مصادر بالجريدة عزت ذلك إلى هجوم عبدالرحيم علي، على شخص وزير الداخلية وتحميله المسئولية المباشرة عن تفجيري الكنيستين، الأمر الذي يعكس حالة من الاستياء من أداء الوزير داخل أجهزة الدولة القوية، خاصة وأن مالك "البوابة" معروف بعلاقته القوية بالأجهزة السيادية. وكتب علي في مقاله المنشور بالصفحة الأولى من عدد "البوابة" الذي تم التحفظ عليه، قائلاً: "لقد تجاوز وزير الداخلية كل الخطوط، فما حدث بالأمس، وبكلمات واضحة صريحة، إهمال أمنى جسيم، يستحق التوقف وإعادة النظر في المنظومة الأمنية كافة ، إذ كيف يمكن لنا أن نتجاوز هذا العدد الكبير من الشهداء الذي سقط بالأمس، دون أي جريرة ارتكبوها سوى أنهم يؤيدون الرئيس عبدالفتاح السيسي ويقفون خلف الدولة المصرية؟". واعتبر أن "التقصير الأمني الذي حدث في طنطا والإسكندرية لا يتحمل مسئوليته ضباط وجنود الشرطة الذين يواجهون الإرهاب في الشارع بكل شجاعة، إنما يتحمل مسئوليته المسئولون عن وضع الخطط الاستراتيجية في المؤسسة الأمنية المصرية، وفى مقدمتهم وزير الداخلية". البيان البوابة الأخير لليوم الثانى على التوالى يصدمنا قرار الرقابة بمصادرة عدد "البوابة" من المطبعة ، وهو أمر جلل وخطير ، ليس فقط فيما يتعلق بمستقبل حرية الصحافة في مصر ولكن لمسيرة الحرية والديمقراطية بشكل عام. لقد كانت "البوابة"، ولم تزل، لسان حال المصريين الصادق والحر، ولطالما خاضت معارك الوطن ضد الإرهاب والتطرف بشرف ونزاهة وقوة، كانت مثار إعجاب واحترام الأعداء قبل الأصدقاء. لقد فُجعنا، كجميع المصريين، بمُصاب أبناء الوطن الذين راحوا ضحية الإرهاب الغادر، ولم يكن بوسعنا سوى المطالبة بالضرب على أيدي المقصرين أيًا كانوا، لا أوثان ولا أصنام حينما يتعلق الأمر بأمن الوطن وسلامة أبنائه. هناك أوقات في عمر الوطن لا يجب أن يعلو فيها سوى صوت الحق والعدل، فهناك دماء سالت، وقلوب فطرت، ودموع لن تجف قبل أن ترى القصاص، لن يعزيها سوى محاسبة المقصرين حتى لو كانوا في حجم وزير الداخلية. وكما طالبنا بضرورة الضرب بيد من حديد على رءوس الإرهاب الغاشم، طالبنا بمحاسبة المقصرين وتعديل الاستراتيجية الأمنية حتى يستوي العود ونمضي قدما في مواجهة أخطر ظاهرة تواجه بلادنا في القرن الواحد والعشرين، واعتبرنا أن ذلك حق لنا وليس منحة من أحد، فإذا بنا نفاجأ بقرار مصادرة الصحيفة ولليوم التالي على التوالي. إن الضمير الإنساني، قبل المهني، يُحتّم علينا أن نكون أعين الوطن ونبضه ولسانه الحر، ولن يثنينا عن ذلك مصادرة أو حجب، فالوطن أكبر من الجميع، ونحن لا نملك سوى الكلمة نقولها ناصعة قوية حماية لأمننا القومي وصونًا لوحدتنا الوطنية. ونحن إذ نستنكر ذلك الاعتداء الصارخ على حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور والقانون، نؤكد على احترامنا الكامل لوحدتنا الوطنية ومؤسساتنا الدستورية ونأمل في إنهاء تلك الأزمة التي لن يستفيد منها أحد، لكننا في الوقت نفسه نؤكد على أننا لن نركع أو نتراجع وسنواصل آداءنا المهني لصالح بلادنا، وانتصارا لحرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير. والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.