إننا لسنا أمام حلم أو وهم, إننا باختصار أمام حقيقة، حقيقة مؤجلة،وإذا كان الفاسدون قد حاولوا قتل الحقيقة فيما مضي, فعلي ثوار مصر بل عليمصر كلها أن تحول الحقيقة المؤجلة، إلي حقيقة واقعة، بسنابل خضراءتمتد علي روح مصر كلها، لتبعث مصر الحديثة.. الجديدة.. مصرالقوية.. مصر الثورة.. من جديد. لقد أرادت الدكتورة زينب الديب أن تعيد للتجربة المصرية مفاتيح الحكمةالمصرية عبر العصور وأن يكون دليلها علي طريق الحكمة هو الفلاح المصري أكبرمن آمن وأعظم من عرف أن البيت مقدس وأن الماء مقدس وأن رغيف العيش مقدس،ومع هذه العناصر المقدسة للحياة المصرية كانت فلسفة المشروع لعودة الروحللتجربة المصرية.
قد قدم هذا المشروع القومي نموذجا إرشاديا متكاملا للعمران يستنبض فيه قوةالإنبات الكامنة للتجربة الحضارية المصرية منذ عصورها الأولي حتي آخر ماوصل إليه العلماء بمصر والعالم.. وهو المشروع الإنمائي الارشادي للتنميةالشاملة والاكتفاء الذاتي من القمح والذي كانت تديره د. زينب الديب والذيتوقف عام1997، وكان المشروع يهدف إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمحبحلول عام2000، حسب التصريحات الموثقة بالصوت و الصورة للدكتور عبدالسلامجمعة ( الملقب بأبي القمح) وتوزيع تقاوي مجانية للقمح علي الفلاحينوالتي تصل إنتاجيتها إلي حوالي 35 إردبا للفدان، وبناء وحدات سكنيةراقية للشباب بجانب الأراضي الزراعية من منتجات البيئة المحيطة لا تتعديتكلفة الوحدة 8 آلاف جنيه في حال بناء مجمع سكني كامل من هذه الوحدات.
لقدأغتيل هذا المشروع فى العهد البائد. فهل بمكن أن تسكن روح الثورة جسد هذا المشروع لتبث به الحياة من جديد؟
أكدت العالمة المصرية الدكتورة زينب الديب أستاذة علم الأنثربولوجيالعائدة من فرنسا اعتزامها استكمال'المشروع القومي الإنمائي لتطويرالبيئة الإنسانية بصحراء مصر', وهو ما يعني تقديم النموذج الأمثل لإقامةالقري الزراعية والحرفية بالصحراء المصرية القائمة علي التواصل والتميزالعلمي والفني والحضاري للتجربة المصرية عبر العصور مع الاستفادة المثلي منالموارد الطبيعية المصرية وتنمية الموارد البشرية.
مشيرة إلي أنها تستطيع خلال6 شهور، وضع البنية الأساسية لبناء مجتمعات عمرانية متكاملة. وتضيف الدكتورة زينب قائلة: إن البرنامج المقترح والمأمول يستهدفالمساهمة الفعالة والأمينة للتنفيذ العملي للمرحلة الثالثة للمشروع القوميالمستقبلي للتنمية الإنسانية والبيئية والذي سيسمي بمشروع التحريرلثورة25 يناير.. وهو كالأتي:
-إقامة القري والمجتمعات الزراعية والحرفية والصناعية الجديدة من خلالالمنهجية المطبقة للبحوث الأنثروبولوجية في التنمية الإنسانية والحفاظ عليالأصول والتنوع البيولوجي والتميز الثقافي والحضاري للإنسان والنبات والأنواع الحية علي أساس أن مصير كل منهم يرتبط إرتباطا عضويا بمصير الأخر.
وفي هذا الصدد يمكن الإستفادة من النماذج الإرشادية وقاعدة المعلوماتالبحثية والتطبيقية المقامة علي هذا المنهج والمطبقة ببعض المحافظاتالمستهدفة لإقامة هذه القري وذلك بتعظيم الجدوي الاقتصادية والحضارية للموارد الطبيعية والموارد البشرية.
والمستهدف لهذا البرنامج المقترح خلال العام الأول2011-2012, كمرحلة أولي يكون كالآتي: -1 تشييد عدد عشرين قرية ما بين زراعية وحرفية وصناعية حديثة علي طول الوادي وبالصحراء الشرقية والغربية وصحراء البحر الأحمر.
ويتم بناء هذه القري علي أساس التميز في الموقع والموارد الطبيعية والمواردالبشرية وذلك في إطار الوحدة الشاملة للتمييز العام لكل أفراد المجتمعالمصري كأمة واحدة لا تتجزأ ويشهد علي ذلك تاريخها الممتد والمتواصل منذ ما قبل التاريخ.
وفي هذا الإطار يتم تشييد بعض القري بالنوبة وجنوب الوادي يمتزج فيهاويتوحد أهالي الصعيد مع أهالي الجنوب كوحدة مجتمعية مندمجة تتواصل تجربتهاالتنموية الحديثة بأصولها العريقة وتراثها المميز في العمارة والزراعة والحرف منذالعصور الأولي وتتواصل أيضا مع بقية أبناء الوادي المصري كوحدة متكاملة فيالأصول والتراث الحضاري تجمع دوما بين الجنوب والشمال.
وينطبق هذا أيضا علي منهجية التعمير بسيناء وذلك بإقامة بعض القري يندمجفيها ويتحاور فلاحي الوادي من المحافظات المجاورة مع البدو المستقرين لإقامة مجتمع زراعي حرفي تنموي متميز ومتواصل أيضا بسكان الوادي، وكأننا بصدد عودة تاريخية لطريق حورس التنموي الموغل في القدم والذي تم تشيده ما بين القنطرة شرق وشمال العريش.
- وبناء علي مؤشرات التجربة السابقة للمشروع القومي القائم علي هذا المنهجنستطيع زراعة وتنمية100 ألف فدان لاستيعاب وتشغيل50 ألف نسمة أغلبهم من لشباب، مع الاستخدام الأمثل للزراعة الحيوية والتي تحافظعلي الأصول والبيئة والتنوع البيولجي بعودة برنامج التربية والإكثارللأقماح المصرية الآمنة والتي يمكن لها أن تعيد الأمل في الاكتفاء منمحاصيل الحبوب وعلي رأسها محصول القمح، وهذا إلي جانب المنتجات الزراعية الأخري كالخضر والفاكهة المميزةوالتي كانت لها شهرة عالمية سابقا مثلها مثل القطن المصري- وذلك لعودةالتصدير والاكتفاء من هذه المحاصيل الهامه والمؤثرة علي اقتصاد الدولةالمصرية- وتمشيا مع التجربة لعالمية والتي تعود اليوم وتطالب علي جميع مستويات المحافل العالمية بعودةالأصول والتوازن البيئي.. وتطالب بعمل بنك جيني بكل منطقة مميزة منالعالم .
وفي هذا الإطار يتم إقامة أيضا المراكز الحرفية والصناعية لكل الصناعاتالحرفية المصرية المميزة بكل محافظة في محاولة جادة للنهوض بها، وعلي وجهالخصوص لحرف والصناعات التراثية والتي يمكن تحديثها من أجل البناء المتوائم معالبيئة مستخدما معظم المواد الطبيعية المتوفرة بكل موقع.. ويتم أيضاإقامة الورش المتخصصة لخلق كوادر فنية جديدة يكون باستطاعتها المشاركة فيإيجاد طابع مميز للعمران المصري وتخفيض التكلفة في البناء وذلك للمشاركةالأمينة والحضارية في حل قضية الإسكان وخاصة بمحافظات الدلتا والصعيد وجنوب الوادي, وبالتوسعالطبيعي بالظهير الصحراوي المتاخم لهذه المحافظات وذلك من أجل عودة بناءالأسرة المصرية والمساهمة في حل حقيقي لمشكلة البطالة.
2- التناول الموضوعي والإنساني والتطبيقي لظاهرة العشوائيات. 3-الحفاظ علي حوض النيل ومجري النهر كأهم محمية طبيعية: إعداد تشريع قانوني رادع للحماية المستدامة لمجري النهر والجزء المتبقي من الوادي القديم والذي لا توازيه كنوز الأرض وما عليها. 4- تقديم تجربة المرحلة الثالثة لهذا المشروع التنموي خلال العام الأول كتجربة رائدة وإستراتيجية متكاملة يمكن تعميمها في دول حوض النيل بالقارة الإفريقية. وفي هذا الصدد يمكن إقامة المشاريع التنموية مع الحفاظ علي الأصول والتراثالحضاري والبيئي لدول حوض نهر النيل مع الاستغلال الأمثل لمواردها الطبيعية وعلي رأسها الموارد المائية, خصوصا السيول المهدرة، والتي يمكن استغلال إمكاناتها الكبري من أجل الحفاظ علي موارد النيل المائية واستقرار توزيعها حفاظا في المرتبة الأولي علي حصة مصر. 5-تقديم المنهج والخطة الإرشادية نحو الاستخدام الأمثل للموارد المائية المصريةوالحفاظ عليها بيئيا وتعظيم جدواها الاقتصادية. وفي هذا الإطار يمكن الاستفادة من البحوث والخرائط والدراسات المعملية، والتيقامت في هذا الصدد من خلال المشروع القومي لهذا المنهج وذلك للاستغلال الأمثل للخزان الجوفي, والقاعي للحجر النوبي إلي جانب تعظيم دراسة الجدوي للمتر المكعب من المياه، وترشيدها باستخدام آخر ما وصلت إليه آليات الري الحديثة. هذا إلي جانب عمل خريطة شاملة للسيول بكل من سيناء والساحل الشمالي وأيضا صحراء البحر الأحمر في محاولة جادة للاستخدام الأمثل لهذه السيول، وبالعودة للتاريخ سوف نقف علي أهمية الجدوي الاقتصادية لهذه السيول في برنامج التنمية، وذلك إذا نظرنا إلي ما قامت به الإمبراطورية الرومانية من قبل باستثمار تخزين هذه السيول في زراعة الواحات والصحراء المصرية والتي كانت سلة غلال للقمح للعالم بأثره. هذا جزء من المخزون العلمى لأبناء مصر الشرفاء فهل من مستجيب؟ انى واثق ان مصر قادمة وبقوة. فيا علماء مصر لا تهنوا ولا تيأسوا.
والله أكبر و يحيا الشعب
* الأستاذ بكلية علوم الأزهر وعضو المكتب السياسي بحزب العمل