عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقط بالثورات يرحل الطغيان..!!
نشر في الشعب يوم 31 - 03 - 2007


بقلم عبد الرحمن عبد الوهاب
[email protected]



أصعب شيء أن تتهم شعبا في قدراته الذهنية والعقدية .. فالعقيدة . دوما ترتبط بالحالة الذهنية والعقلية للشعوب .وكان الإسلام . دينا يرتقي بالحالة الذهنية والعقلية للشعوب . فينتج من خلالها الارتقاء الحضاري للأمم .
بمعنى انك لو ذهبت الى المتحف الروماني بالإسكندرية . لتجد عجل أبيس . وهو يتوسط بهو المتحف .. وهو عجل كان يعبده المصريون في حقبة زمنية . بالتأكيد لم يشدني .. المنظر ولا الروعة في عمليات النحت وهي - بلا شك تعبر عن إبداع من زاوية النحت – إلا أن هذا لا ينفي من الحقيقة شيء . أي انه عجل .
كما قال الشاعر .
لو لبس الحمار ثياب خز .. لقال الناس يا لك من حمار
فما لك إلا من خلال تواجد هذا الصنم رغم أنني مصري ..إلا أن تتهم هذا الشعب آنذاك في قدراته ...كونه كان يعيش درجة متدنية من الانحطاط الذهني والعقلي .. ونظرت بازدراء إلى حقبة زمنية رديئة كان يعيشها الشعب المصري ..كلف فيه( الكهنة والسدنة) الأشياء ضد طبائعها .. ليُعبد فيها العجل .. واستمرأ الشعب هذا الذل ..
إلا أن الاسلام يجب ما قبله من حضارات .. وان تفاعل مع المتواجد فهو تفاعل على أسسه هو أي( الحق المنزل ). لا أسس الباطل .. فمن آمنوا بالاسلام بالامس كانوا يخلعون على عتباته كل ما سلف من جاهلية ..
ولم يختلف السياق عن عروة بن الورد .. في قصيدته .
وقالوا أحبُ وانهق لا تضيرك وذلك من دين اليهود ولوع
لعمري لئن عشرت من خشية الردى نهاق الحمير إني لجزوع
تخوفني ريب المنون وقد مضى لنا سلف قيس ، معا وربيع ..
والقصيدة تفيد ان اليهود كانوا يقولون ان من دخل خيبر وزحف على يديه وبطنه . ونهق عشر مرات لم تضره الحمى..
.. بالرغم أن النهيق كان سياق اجتماعي في خيبر .لدى اليهود . إلا أن عروة كان يرفض أن ينهق كما ينهق الحمير .. أويسير على أربع .. لاعتبارات ساقها عروة أن له لسان وسيف صارم ورأي يصرع آراء الرجال حال النقاش وهو بالتأكيد ما يقصد به ملكاته العقلية .
وهو ما قاله ضمن القصيدة .
فكيف وقد ذكيت واشتد جانبي سليمى وعندي سامع ومطيع
لسان وسيف صارم وحفيظة ورأي لآراء الرجال صروع
وعليه بهذه القصيدة . فإننا لا نتهم عروة في ملكاته الذهنية والعقلية . , بقبول صفقة الاستخفاف بان يحبو وينهق . كما تنهق الحمير ..وكلامه يؤكد بما لا يدع مجالا للشك انه رجل سوي النفس كريم السجايا ,,رغم ما اختلف معه المؤرخون من ناحية الصعلكة . وقد اعتبروها تمردا على واقع اجتماعي ظالم .
قالت كتب التاريخ أن عروة كان اذا أصاب الناس شدة أو مجاعة وتركوا في دارهم مريض اوكبير السن ، فيجمع عروة هؤلاء الناس من عشيرته ويكنف عليهم الكنف .. ويكسوهم ويطعمهم ومن قوى منهم فإما مريض فيبرأ من مرضه او ضعيف تثوب قوته ليخرج معه فيغير ..ويجعل لهؤلاء قسما من الغنيمة . ويؤثرهم على نفسه ..
إلا أننا .. لسنا بحاجة الى تبرير أوضاعة فالذي يحكم السياق واقع اجتماعي جاهلي له وضعه الخاص . يفتقد الى قانون عادل ينظم الواقع الاجتماعي أي تبعا لشريعة السماء .
وجدت في أشعار العرب انه في عصور الاستبداد .. ان على المرء أن يجعل لرجليه أطواقا من الحديد .. متى
عاش في دولة الكلب ..
لو عاصرت الكلب في أيام دولته **** فاجعل لرجليكأطواقا منالزرد
و قد رأينا أمثلة . في فيلم (احنا بتوع الاتوبيس ).. وكيف لعبد المنعم مدبولي وهو سجين . كيف يسير على أربع .. وينبح بالأوامر . أو يقوم بعجين الفلاحة ونوم العازب .. هكذا أوضاع الشعوب . حينما يحكم الطغاة . أن ينتكسوا بالشعوب . إلى درك من القاع يكون الإنسان فيه والكلب على حد سواء ..
وبالتالي . يكون حال المفكرين الذين يعالجون الموقف ذهنيا .. واليات المخرج منه .. أشد سوءا ..جراء فلسفة التجويع من أجل التطويع .
كما قال الشاعر .
وما في الدنيا أدبر من أديب ****يكون الكلب أحسن منه حالا .
إلا ان ... الإنسان في العادة ينفر في العادة من قيود الطغيان.. وهو ما تكلم عنه الكواكبي .. أن النسور تموت في الأقفاص .. حينما تفتقد الحرية .
وكان التمرد هو من خصائص النفس الإنسانية ضد .. أوضاع الاستبداد .. وهذه الأمة . من خلال التوحيد.. تظل عصية على اليات التدجين .. فإما ولاءً للأصنام . أو ولاء ً للإيمان . بل سيقت حلاوة التوحيد.. في عديد من الأبيات ساقها المتنبي ..
يقول محمود الزبيري ..
أقسم بالله خير القسم وما صنته من كريم الشيم وما هزني من إباء ودم
وما اكتسحت عزمتي من قمم .. لأرمي قلبي في المزدحم ..
,وامحو عن الشعب عار الصنم واجعله عبرة للأمم ..

وإذا كان التصور الماثل كما قال جورج أرويل .. اذا أردت صورة عن المستقبل .. فلك أن تتخيل بصمة حذاء على وجه إنسان الى.. الأبد ..
-وهو شيء رأيناه دوما على الساحة المصرية . في معالجة الشرطة للمظاهرات – وكيف يدوس رجل الشرطة
وجه المتظاهر .. أو كما رأينا ما حدث للقضاة .
فهذا لا يمكن أن يستمر.. فالقيود .. هي .. آلية الطغاة على مر العصور .. ذلك لأن الطغاة .. يعتبرون الشعوب حقا مكتسب ., يرثونهم كما يرثون . حظائر الماشية أو القطعان ..- من وجهة نظرهم -.. إلا أن هذا الواقع مرفوض ..
لما ضمنته الشرائع السماوية .. لهذا الإنسان من الحرية والكرامة ..
لذلك كانت لا اله إلا الله .. باختصار .. أن تكون مخلوقا غير مستأنس إلا لله..
من هنا .. قال الإمام علي لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حرا .
أو كما قال .. عمر بن الخطاب رضي الله عنه . متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً..
القيود . ليس كما قال شاعرا العربي .. أن يجعل لرجليه أطواقا من الزرد..في أيام دولة الكلب . بل مهمته . أن يبذل قصارى جهده . من اجل الحرية . بل هو سياق .. لا يختلف عليه الغرب .. فهو سياق عام مرتبط بوجود النفس الإنسانية .. وحياتها .. و الافق البعيد له . أن يعيش كمخلوق كرمه الله .
يقول هنري .كلاي .,, المضطهدون لهم الحق أينما كانوا أن ينتفضوا . ويكسروا القيود ..
An oppressed people are authorized whenever they can to rise and break their fetters. Henry Clay
من هنا تعرف قيمة روح البشرية فقط على مدى إلقاءها لأخر قيد من قيود الطغاة ..

فلسفة عبادة الحيوان .. مرت بها البشرية وما زالت تمر .. كأمة الهندوس مثلاً . وهي تعبر عن انحطاط في الوعي . وقصور في الإدراك . بل انها مهما بلغت درجة تقنياتها . إلا أنها ما زالت منحطة الإدراك . ولم ترتفع إلى أبعاد من الرقي الذهني والعقلي . الذي يمثله الإسلام في ارقي وأروع صوره .
فالتوحيد .. بالنسبة للشعوب له القدرة في إفراز واقع اجتماعي .. حر . متمرد .. لا يستكين .
مفهومة ودرجة استيعابه العظمى .. أن لا اله في الكون . إلا الله ..
وكل آلهة البشر والحجر . لا مكان لها إلا ما فعله .. فتية بني سلمة إلا أن ألقوه صنم (مناة) في حفرة مجاري بني سلمة . وهو منكس الرأس .. وعالجوا الأمر إهانة عدة مرات.. وفي كل مرة . يقوم عمرو بن الجموح .. بإخراجه وتنظيفه وتطييبه .. لينتهوا به أخيرا ان قرنوه مع كلب ميت . وألقوه في بئر من أبيار بني سلمة . هناك .. آمن بن الجموح .. هذه هي قيمة الأصنام في العرف الإسلامي .
وانه .. اذا وقف احدنا اليوم . أمام عجل(أبيس) بمتحف الإسكندرية اليوم.. ونظر بازدراء الى انحطاط الوعي الذي كان . فلن تختلف الصورة . اذا أخرج أحدنا رأسه من الواقع المعاصر.. ووضع رأسه في عام 3000ميلادية إفتراضاً.. ونظرنا الى حقبتنا الراهنة . لن تختلف النظره .. سيجد بالفعل ان الفترة الزمنية متباعدة .. ولكن الذهنية للشعوب اكيد متقاربة . . فما زالت البعض يعبد العجل .
الله ليس بظلام للعبيد .. ايها السادة... ولكن تأبى السماء إلا ان تأخذ تلك الشعوب حريتها وكرامتها بأيديها .. فلقد أرسل الرسل وأنزل الكتب .. لتقتفي الشعوب درب ثوار الله في الأرض من الأنبياء .. وأن تتمرد( بلا )إله الا الله ..
عموما لقد قالت العرب قديما ..
اذا أردت أن تعرف أحلام **** قبيلة فأنظر لمن يسوسها ..
أجل فقط أنظر الى الساحة الان .... لتعرف جيدا كيف تساس الامور ..
تعالى الله ياسلم بن عمرو .. أذل الجبن أعناق الرجال ..!!
متى يثور هذا الشعب .؟ .. وكيف ومتى ..؟
هل الطغاة قدر من الله .. لا يمكن الفكاك منه .. والله كلا . ثم كلا .. فالله قد أرسل الرسل ضد الطغيان خاصة ..
وهو القائل جل في علاه ..لموسى الكريم : (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) (طه : 24 )
وهو القائل عن قوم نوح . (وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى) (النجم : 52 )
لتفيد الاية ان قضية الرسل الكبرى ..الوقوف ضد الظلم والطغيان .
ايها السادة . فما زال .. هناك نهيق .. وهناك حبو على أربع ليس على أبواب خيبر فيما مضى . بل على الساحة بوجه عام .. .على أبواب سجن طره وأبو زعبل والوادي الجديد ووادي النطرون ,
. إذا وقفنا أمام قول الرسول (لتتبعن سنن الذين من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى وان دخلوا جحر ضب دخلتموه .. ) وفي سياق متوازي على واقعنا فيما يخص عبادة العجل .. وهي تتخلص في الآية الكريمة ..
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة : 54 )
وبالتأكيد ترتبط الاية أعلاه ..بما قال الدكتور حلمي مراد .. أقتلو الخونة . او اقتلو أنفسكم على موقع العمل . لقد كان التصور . بإتخاذ العجل هو الغضب الالهي و الصغار والذلة على من عبدوا العجل في الحياة الدنيا قبل الآخرة . ذلك لسبب رئيسي لأن أولئك البشر لم يستعملوا قدراتهم وإمكانياتهم العقلية والذهنية كما ينبغي .في مضمار الإيمان ومعالجتهم للواقع الحياتي .. من الارتقاء الذهني . في الثورة ضد الطغيان .
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) (الأعراف : 152 )
لن ترحم الأجيال القادمة شعب مصر . ونظرة الازدراء . ستظل باقية .. حتى يصل هذا الشعب الى مصف الادمية ..
ربما تتلخص القضية فيما بعد الانبياء . في أولئك . ممن يغيرون بأكفهم مسار الزمان أولئك الذين ينهون عن الفساد في الأرض ...
اولو بقية . ينهون عن الفساد .. وهم في العادة . تحت رصد السماء وعين السماء ..
{فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ }هود116
نعم انتهى زمن الأنبياء .الذين كان لهم القدرة العالية . في أن يدربوا أذهان الشعوب . على مواجهة الظلم والاستبداد .. ولكن هل يبقى هناك من مساحة؟ ..وقد ضرب الحسين المثل والقدوة .. ووضع رأسه على أسنة الرماح .. في مواجهة واقع استبداد ظالم . كيف والأنبياء أخذواعلى عاتقهم تكسير الأصنام . منذ إبراهيم عليه السلام حتى محمد صلى الله عليه وسلم .. .. إلا ان الشاهد اليوم .. أن ورثة الأنبياء من العلماء . لم يرثوا الثورة . فتلاعبوا بالدين وهادنوا الطغيان .. فتقاعسوا عن أداء الدور ..
لينتقد البعض شيخ الأزهر . لأنه قال كلمته في الدستور من دون أن "يفهم" أو يقرأ فحواه... بالله عليكم . أيعقل هذا؟ .. لهذا ..لابد .. أن يتلقف الراية . من كانوا للمجد ثوار .. من جنود الله وأنصار الله . (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ) (الصافات : 171 )(إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ) (الصافات : 172 ) (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات : 173 )
ولتكن مهمة جنود الله . أولئك أولو البقية . في زمننا الراهن .. اولئك الذين ينهون عن الفساد في الارض .. لما يتميزون .. به من خير كامن في الذات . لينيروا بأضواء قلوبهم .. واخلاصهم مواطن العتمة في الناس .. رحمة بالضعيف ..
والمسكين . والارملة . واليتيم .. أن أولى ألاوليات . هو تبصير اليتيم بدينه .. والفقير بدينه . والارملة بدينها .. كي يتسنى لهم الصمود . في واقع يدوس الضعيف ..ولا يرحم المسكين .
ما ذا يعني . أن تجد .. فقير مسناً يمشي تائها .. وليس له مأوى . في الشارع لا يملك من متاع الدنيا إلا زجاجة متسخة فيها قليل من الماء . وكسرة من الخبز ..-ربما أتى بها من صندوق قمامة . -فيصب قليل من الماء على كسرة الخبز .. بيديه المرتعشة .. فلا تصيب مياه قارورته الصغيرة قطعة الخبز ..نظرا لضعف الحواس .. بالله عليكم .. أيحدث هذا في عصر التخمة والهامبرجر .. أيحدث هذا في القرن الواحد والعشرين .. وطباخ احد الرؤساء يقول أن طعامه أي الرئيس يأتي من أفخر المطاعم العالمية .. أيحدث هذا .. بين المسلمين . ؟ وفي بلاد المسلمين ؟
أريد تفسيراً..؟
والله ليس له تفسير .. إلا أن الذئاب .. أرحم من أولئك البشر حالا ورأفة . والله ان الذئاب ارحم حالا من ديناصورات كائنة على الساحة ..
كيف والرسول أوصانا بألا ينام المسلم شبعان وجاره جوعان .. كيف يضيع المسلم بين أهله وقومه وعشيرته .
فكم من جائع في السجون والمعتقلات . وكم من مسكين في السجون والمعتقلات . وكم مات اباء وامهات من الحسرة على أبناءهم ممن حبسهم الطغيان في سجونه فقط لأنهم قالوا ربنا الله ...


تحطيم القيود . قد يكون الأمر عصيا في بعض الأحيان . يقول هاريسون . حال ما قيدت الامم باستبداد العسكر.. فإنه قد تمر أزمان دون أن يخلعوا تلك الأغلال ...
يقول جون باتش . أن عبادة الأصنام ليست جيدة لأي شخص ..حتى للأصنام أنفسها ,.
وإذا عدنا . إلى الحرية .. فإنها . أمر مرتبط بوجود الإنسان .. لا يمكن للحرية أن تسّيج بأقفاص الطغيان.. ولا يمكن . للشعوب أن تورث كما تورث القطعان .
فالحرية كما قال الإمام علي .. لا تكن عبد غيرك . وقد خلقك الله حرا ..,
يقولون في الحرية ..
انه على كل جيل .. أن يعيد صياغة الحرية التي تتوافق مع زمنة .. الا ان لابد لتلك الحرية ألا تمس بثوابت الدين أو شريعة السماء .بل الدين هو زاوية الانطلاق .. وهذه نقطة الاختلاف بيننا وبين الغرب حيث ..لا مانع لديهم . التنصل من التزاماتالدين أو أنهم قد يلعبوا بثوابته عندهم . في حين .. أن الامة . أمرت ألا تتخذ دينها لهوا ولعبا ..
(الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) (الأعراف : 51 )
(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ) (الأنعام : 70 )
اتفق السياق الإنساني ان الحرية .. أمر ..بمثابة قيمة إنسانية في الوجود غير قابلة للتفاوض ..
وعليه كانت . الثورة . بمثابة . تصور باقي في ذهن الإنسان ..
لما كان الطغاة يرفضون الرحيل.. الا بثورات قد تأكل الأخضر واليابس .. ذلك لأنهم يعتبرون أن الشعوب حق مكتسب . عبثا يرفض الطغاة الرحيل الا بالثورات .. انه درس التاريخ .
يقول جيفارا ليست الثورة . بتفاحة تسقط . بل عليك أن تسقطها أنت .
بواسطة الثورة نحن نصبح أنفسنا .. لا أقل من ذلك . جورج أورويل ..

By revolution we become more ourselves, not less.
-George Orwell, from the essay "The Lion and the Unicorn: Socialism and the English Genius", 1941

اتفق السياق الإسلامي والمحللين على أن ثورة الحسين تعتبر ثورة لها القدرة على التوليد وإفراز .. واقع من الحرية .. فلقد انتهى السياق . بأن هوى عرش يزيد .. جراء استشهاد الحسين ..
يقول جورج باتيل . التضحية ليست إلا نتاج أشياء مقدسة . وكان كما قال العقاد .. ومن يكلف الحياة ضد طبائعها إلا الشهداء . فالكهنة يحولون دائماً الأشياء الى الأسوأ .. والشهداء يحولونها الى الأفضل .
وعليه كان التصور العام أن كل طاغية يزيد .. وأن كل ثائر حسين . ولهذا كان لا يمكن للطغاة أن يمرروا طرح ثورة الحسين إلى أذهان الشعوب .لأنه باختصار فيه نهايتهم .. و لما كانت ثورة الحسين لها .. من القدرة .. من إفراز .. واقع متمرد .. على الطغاة .. كفيل أن يفتح عليهم باب من أبواب جهنم . أغلقوا هذا الباب ..ليناموا باسترخاء فوق جماجم الشعوب .. إذ لايمكن للطغاة . . ان يكون لهم موطيء قدم في الوجود مع طرح الحسين الذي يمثل طرح لثورة خرج من بيت رسول الله .فأكسبها التميز والشرعية .. .انه الطرح المتجدد دوما من بيت محمد ضد الطغيان ..
نعم هي الكلمة الأخيرة في نهاية المطاف .. لا وجود للطغيان.. على ساحة الكون .. ما وجد طرح الحسين .فقط بالثورة سيتوقف الفعل المضارع للاستبداد وإلى الابد عن مواصلة اعماله الاجرامية والخيانية ..
فقط بالثورات يرحل الطغاة . ولو ثمة طرح آخر لأقدم عليه الحسين . ولكنه لا مناص . ولا بدائل لهذا الطريق ..
وإن كان ثمة بدائل فهي تظل بدائل ترقيعية لا تؤتي ُأكُلها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.