«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فقط بالثورات يرحل الطغيان..!!
نشر في الشعب يوم 31 - 03 - 2007


بقلم عبد الرحمن عبد الوهاب
[email protected]



أصعب شيء أن تتهم شعبا في قدراته الذهنية والعقدية .. فالعقيدة . دوما ترتبط بالحالة الذهنية والعقلية للشعوب .وكان الإسلام . دينا يرتقي بالحالة الذهنية والعقلية للشعوب . فينتج من خلالها الارتقاء الحضاري للأمم .
بمعنى انك لو ذهبت الى المتحف الروماني بالإسكندرية . لتجد عجل أبيس . وهو يتوسط بهو المتحف .. وهو عجل كان يعبده المصريون في حقبة زمنية . بالتأكيد لم يشدني .. المنظر ولا الروعة في عمليات النحت وهي - بلا شك تعبر عن إبداع من زاوية النحت – إلا أن هذا لا ينفي من الحقيقة شيء . أي انه عجل .
كما قال الشاعر .
لو لبس الحمار ثياب خز .. لقال الناس يا لك من حمار
فما لك إلا من خلال تواجد هذا الصنم رغم أنني مصري ..إلا أن تتهم هذا الشعب آنذاك في قدراته ...كونه كان يعيش درجة متدنية من الانحطاط الذهني والعقلي .. ونظرت بازدراء إلى حقبة زمنية رديئة كان يعيشها الشعب المصري ..كلف فيه( الكهنة والسدنة) الأشياء ضد طبائعها .. ليُعبد فيها العجل .. واستمرأ الشعب هذا الذل ..
إلا أن الاسلام يجب ما قبله من حضارات .. وان تفاعل مع المتواجد فهو تفاعل على أسسه هو أي( الحق المنزل ). لا أسس الباطل .. فمن آمنوا بالاسلام بالامس كانوا يخلعون على عتباته كل ما سلف من جاهلية ..
ولم يختلف السياق عن عروة بن الورد .. في قصيدته .
وقالوا أحبُ وانهق لا تضيرك وذلك من دين اليهود ولوع
لعمري لئن عشرت من خشية الردى نهاق الحمير إني لجزوع
تخوفني ريب المنون وقد مضى لنا سلف قيس ، معا وربيع ..
والقصيدة تفيد ان اليهود كانوا يقولون ان من دخل خيبر وزحف على يديه وبطنه . ونهق عشر مرات لم تضره الحمى..
.. بالرغم أن النهيق كان سياق اجتماعي في خيبر .لدى اليهود . إلا أن عروة كان يرفض أن ينهق كما ينهق الحمير .. أويسير على أربع .. لاعتبارات ساقها عروة أن له لسان وسيف صارم ورأي يصرع آراء الرجال حال النقاش وهو بالتأكيد ما يقصد به ملكاته العقلية .
وهو ما قاله ضمن القصيدة .
فكيف وقد ذكيت واشتد جانبي سليمى وعندي سامع ومطيع
لسان وسيف صارم وحفيظة ورأي لآراء الرجال صروع
وعليه بهذه القصيدة . فإننا لا نتهم عروة في ملكاته الذهنية والعقلية . , بقبول صفقة الاستخفاف بان يحبو وينهق . كما تنهق الحمير ..وكلامه يؤكد بما لا يدع مجالا للشك انه رجل سوي النفس كريم السجايا ,,رغم ما اختلف معه المؤرخون من ناحية الصعلكة . وقد اعتبروها تمردا على واقع اجتماعي ظالم .
قالت كتب التاريخ أن عروة كان اذا أصاب الناس شدة أو مجاعة وتركوا في دارهم مريض اوكبير السن ، فيجمع عروة هؤلاء الناس من عشيرته ويكنف عليهم الكنف .. ويكسوهم ويطعمهم ومن قوى منهم فإما مريض فيبرأ من مرضه او ضعيف تثوب قوته ليخرج معه فيغير ..ويجعل لهؤلاء قسما من الغنيمة . ويؤثرهم على نفسه ..
إلا أننا .. لسنا بحاجة الى تبرير أوضاعة فالذي يحكم السياق واقع اجتماعي جاهلي له وضعه الخاص . يفتقد الى قانون عادل ينظم الواقع الاجتماعي أي تبعا لشريعة السماء .
وجدت في أشعار العرب انه في عصور الاستبداد .. ان على المرء أن يجعل لرجليه أطواقا من الحديد .. متى
عاش في دولة الكلب ..
لو عاصرت الكلب في أيام دولته **** فاجعل لرجليكأطواقا منالزرد
و قد رأينا أمثلة . في فيلم (احنا بتوع الاتوبيس ).. وكيف لعبد المنعم مدبولي وهو سجين . كيف يسير على أربع .. وينبح بالأوامر . أو يقوم بعجين الفلاحة ونوم العازب .. هكذا أوضاع الشعوب . حينما يحكم الطغاة . أن ينتكسوا بالشعوب . إلى درك من القاع يكون الإنسان فيه والكلب على حد سواء ..
وبالتالي . يكون حال المفكرين الذين يعالجون الموقف ذهنيا .. واليات المخرج منه .. أشد سوءا ..جراء فلسفة التجويع من أجل التطويع .
كما قال الشاعر .
وما في الدنيا أدبر من أديب ****يكون الكلب أحسن منه حالا .
إلا ان ... الإنسان في العادة ينفر في العادة من قيود الطغيان.. وهو ما تكلم عنه الكواكبي .. أن النسور تموت في الأقفاص .. حينما تفتقد الحرية .
وكان التمرد هو من خصائص النفس الإنسانية ضد .. أوضاع الاستبداد .. وهذه الأمة . من خلال التوحيد.. تظل عصية على اليات التدجين .. فإما ولاءً للأصنام . أو ولاء ً للإيمان . بل سيقت حلاوة التوحيد.. في عديد من الأبيات ساقها المتنبي ..
يقول محمود الزبيري ..
أقسم بالله خير القسم وما صنته من كريم الشيم وما هزني من إباء ودم
وما اكتسحت عزمتي من قمم .. لأرمي قلبي في المزدحم ..
,وامحو عن الشعب عار الصنم واجعله عبرة للأمم ..

وإذا كان التصور الماثل كما قال جورج أرويل .. اذا أردت صورة عن المستقبل .. فلك أن تتخيل بصمة حذاء على وجه إنسان الى.. الأبد ..
-وهو شيء رأيناه دوما على الساحة المصرية . في معالجة الشرطة للمظاهرات – وكيف يدوس رجل الشرطة
وجه المتظاهر .. أو كما رأينا ما حدث للقضاة .
فهذا لا يمكن أن يستمر.. فالقيود .. هي .. آلية الطغاة على مر العصور .. ذلك لأن الطغاة .. يعتبرون الشعوب حقا مكتسب ., يرثونهم كما يرثون . حظائر الماشية أو القطعان ..- من وجهة نظرهم -.. إلا أن هذا الواقع مرفوض ..
لما ضمنته الشرائع السماوية .. لهذا الإنسان من الحرية والكرامة ..
لذلك كانت لا اله إلا الله .. باختصار .. أن تكون مخلوقا غير مستأنس إلا لله..
من هنا .. قال الإمام علي لا تكن عبد غيرك وقد خلقك الله حرا .
أو كما قال .. عمر بن الخطاب رضي الله عنه . متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً..
القيود . ليس كما قال شاعرا العربي .. أن يجعل لرجليه أطواقا من الزرد..في أيام دولة الكلب . بل مهمته . أن يبذل قصارى جهده . من اجل الحرية . بل هو سياق .. لا يختلف عليه الغرب .. فهو سياق عام مرتبط بوجود النفس الإنسانية .. وحياتها .. و الافق البعيد له . أن يعيش كمخلوق كرمه الله .
يقول هنري .كلاي .,, المضطهدون لهم الحق أينما كانوا أن ينتفضوا . ويكسروا القيود ..
An oppressed people are authorized whenever they can to rise and break their fetters. Henry Clay
من هنا تعرف قيمة روح البشرية فقط على مدى إلقاءها لأخر قيد من قيود الطغاة ..

فلسفة عبادة الحيوان .. مرت بها البشرية وما زالت تمر .. كأمة الهندوس مثلاً . وهي تعبر عن انحطاط في الوعي . وقصور في الإدراك . بل انها مهما بلغت درجة تقنياتها . إلا أنها ما زالت منحطة الإدراك . ولم ترتفع إلى أبعاد من الرقي الذهني والعقلي . الذي يمثله الإسلام في ارقي وأروع صوره .
فالتوحيد .. بالنسبة للشعوب له القدرة في إفراز واقع اجتماعي .. حر . متمرد .. لا يستكين .
مفهومة ودرجة استيعابه العظمى .. أن لا اله في الكون . إلا الله ..
وكل آلهة البشر والحجر . لا مكان لها إلا ما فعله .. فتية بني سلمة إلا أن ألقوه صنم (مناة) في حفرة مجاري بني سلمة . وهو منكس الرأس .. وعالجوا الأمر إهانة عدة مرات.. وفي كل مرة . يقوم عمرو بن الجموح .. بإخراجه وتنظيفه وتطييبه .. لينتهوا به أخيرا ان قرنوه مع كلب ميت . وألقوه في بئر من أبيار بني سلمة . هناك .. آمن بن الجموح .. هذه هي قيمة الأصنام في العرف الإسلامي .
وانه .. اذا وقف احدنا اليوم . أمام عجل(أبيس) بمتحف الإسكندرية اليوم.. ونظر بازدراء الى انحطاط الوعي الذي كان . فلن تختلف الصورة . اذا أخرج أحدنا رأسه من الواقع المعاصر.. ووضع رأسه في عام 3000ميلادية إفتراضاً.. ونظرنا الى حقبتنا الراهنة . لن تختلف النظره .. سيجد بالفعل ان الفترة الزمنية متباعدة .. ولكن الذهنية للشعوب اكيد متقاربة . . فما زالت البعض يعبد العجل .
الله ليس بظلام للعبيد .. ايها السادة... ولكن تأبى السماء إلا ان تأخذ تلك الشعوب حريتها وكرامتها بأيديها .. فلقد أرسل الرسل وأنزل الكتب .. لتقتفي الشعوب درب ثوار الله في الأرض من الأنبياء .. وأن تتمرد( بلا )إله الا الله ..
عموما لقد قالت العرب قديما ..
اذا أردت أن تعرف أحلام **** قبيلة فأنظر لمن يسوسها ..
أجل فقط أنظر الى الساحة الان .... لتعرف جيدا كيف تساس الامور ..
تعالى الله ياسلم بن عمرو .. أذل الجبن أعناق الرجال ..!!
متى يثور هذا الشعب .؟ .. وكيف ومتى ..؟
هل الطغاة قدر من الله .. لا يمكن الفكاك منه .. والله كلا . ثم كلا .. فالله قد أرسل الرسل ضد الطغيان خاصة ..
وهو القائل جل في علاه ..لموسى الكريم : (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) (طه : 24 )
وهو القائل عن قوم نوح . (وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى) (النجم : 52 )
لتفيد الاية ان قضية الرسل الكبرى ..الوقوف ضد الظلم والطغيان .
ايها السادة . فما زال .. هناك نهيق .. وهناك حبو على أربع ليس على أبواب خيبر فيما مضى . بل على الساحة بوجه عام .. .على أبواب سجن طره وأبو زعبل والوادي الجديد ووادي النطرون ,
. إذا وقفنا أمام قول الرسول (لتتبعن سنن الذين من قبلكم حذو القذة بالقذة حتى وان دخلوا جحر ضب دخلتموه .. ) وفي سياق متوازي على واقعنا فيما يخص عبادة العجل .. وهي تتخلص في الآية الكريمة ..
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (البقرة : 54 )
وبالتأكيد ترتبط الاية أعلاه ..بما قال الدكتور حلمي مراد .. أقتلو الخونة . او اقتلو أنفسكم على موقع العمل . لقد كان التصور . بإتخاذ العجل هو الغضب الالهي و الصغار والذلة على من عبدوا العجل في الحياة الدنيا قبل الآخرة . ذلك لسبب رئيسي لأن أولئك البشر لم يستعملوا قدراتهم وإمكانياتهم العقلية والذهنية كما ينبغي .في مضمار الإيمان ومعالجتهم للواقع الحياتي .. من الارتقاء الذهني . في الثورة ضد الطغيان .
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) (الأعراف : 152 )
لن ترحم الأجيال القادمة شعب مصر . ونظرة الازدراء . ستظل باقية .. حتى يصل هذا الشعب الى مصف الادمية ..
ربما تتلخص القضية فيما بعد الانبياء . في أولئك . ممن يغيرون بأكفهم مسار الزمان أولئك الذين ينهون عن الفساد في الأرض ...
اولو بقية . ينهون عن الفساد .. وهم في العادة . تحت رصد السماء وعين السماء ..
{فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ }هود116
نعم انتهى زمن الأنبياء .الذين كان لهم القدرة العالية . في أن يدربوا أذهان الشعوب . على مواجهة الظلم والاستبداد .. ولكن هل يبقى هناك من مساحة؟ ..وقد ضرب الحسين المثل والقدوة .. ووضع رأسه على أسنة الرماح .. في مواجهة واقع استبداد ظالم . كيف والأنبياء أخذواعلى عاتقهم تكسير الأصنام . منذ إبراهيم عليه السلام حتى محمد صلى الله عليه وسلم .. .. إلا ان الشاهد اليوم .. أن ورثة الأنبياء من العلماء . لم يرثوا الثورة . فتلاعبوا بالدين وهادنوا الطغيان .. فتقاعسوا عن أداء الدور ..
لينتقد البعض شيخ الأزهر . لأنه قال كلمته في الدستور من دون أن "يفهم" أو يقرأ فحواه... بالله عليكم . أيعقل هذا؟ .. لهذا ..لابد .. أن يتلقف الراية . من كانوا للمجد ثوار .. من جنود الله وأنصار الله . (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ) (الصافات : 171 )(إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ) (الصافات : 172 ) (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) (الصافات : 173 )
ولتكن مهمة جنود الله . أولئك أولو البقية . في زمننا الراهن .. اولئك الذين ينهون عن الفساد في الارض .. لما يتميزون .. به من خير كامن في الذات . لينيروا بأضواء قلوبهم .. واخلاصهم مواطن العتمة في الناس .. رحمة بالضعيف ..
والمسكين . والارملة . واليتيم .. أن أولى ألاوليات . هو تبصير اليتيم بدينه .. والفقير بدينه . والارملة بدينها .. كي يتسنى لهم الصمود . في واقع يدوس الضعيف ..ولا يرحم المسكين .
ما ذا يعني . أن تجد .. فقير مسناً يمشي تائها .. وليس له مأوى . في الشارع لا يملك من متاع الدنيا إلا زجاجة متسخة فيها قليل من الماء . وكسرة من الخبز ..-ربما أتى بها من صندوق قمامة . -فيصب قليل من الماء على كسرة الخبز .. بيديه المرتعشة .. فلا تصيب مياه قارورته الصغيرة قطعة الخبز ..نظرا لضعف الحواس .. بالله عليكم .. أيحدث هذا في عصر التخمة والهامبرجر .. أيحدث هذا في القرن الواحد والعشرين .. وطباخ احد الرؤساء يقول أن طعامه أي الرئيس يأتي من أفخر المطاعم العالمية .. أيحدث هذا .. بين المسلمين . ؟ وفي بلاد المسلمين ؟
أريد تفسيراً..؟
والله ليس له تفسير .. إلا أن الذئاب .. أرحم من أولئك البشر حالا ورأفة . والله ان الذئاب ارحم حالا من ديناصورات كائنة على الساحة ..
كيف والرسول أوصانا بألا ينام المسلم شبعان وجاره جوعان .. كيف يضيع المسلم بين أهله وقومه وعشيرته .
فكم من جائع في السجون والمعتقلات . وكم من مسكين في السجون والمعتقلات . وكم مات اباء وامهات من الحسرة على أبناءهم ممن حبسهم الطغيان في سجونه فقط لأنهم قالوا ربنا الله ...


تحطيم القيود . قد يكون الأمر عصيا في بعض الأحيان . يقول هاريسون . حال ما قيدت الامم باستبداد العسكر.. فإنه قد تمر أزمان دون أن يخلعوا تلك الأغلال ...
يقول جون باتش . أن عبادة الأصنام ليست جيدة لأي شخص ..حتى للأصنام أنفسها ,.
وإذا عدنا . إلى الحرية .. فإنها . أمر مرتبط بوجود الإنسان .. لا يمكن للحرية أن تسّيج بأقفاص الطغيان.. ولا يمكن . للشعوب أن تورث كما تورث القطعان .
فالحرية كما قال الإمام علي .. لا تكن عبد غيرك . وقد خلقك الله حرا ..,
يقولون في الحرية ..
انه على كل جيل .. أن يعيد صياغة الحرية التي تتوافق مع زمنة .. الا ان لابد لتلك الحرية ألا تمس بثوابت الدين أو شريعة السماء .بل الدين هو زاوية الانطلاق .. وهذه نقطة الاختلاف بيننا وبين الغرب حيث ..لا مانع لديهم . التنصل من التزاماتالدين أو أنهم قد يلعبوا بثوابته عندهم . في حين .. أن الامة . أمرت ألا تتخذ دينها لهوا ولعبا ..
(الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُواْ لِقَاء يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) (الأعراف : 51 )
(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ) (الأنعام : 70 )
اتفق السياق الإنساني ان الحرية .. أمر ..بمثابة قيمة إنسانية في الوجود غير قابلة للتفاوض ..
وعليه كانت . الثورة . بمثابة . تصور باقي في ذهن الإنسان ..
لما كان الطغاة يرفضون الرحيل.. الا بثورات قد تأكل الأخضر واليابس .. ذلك لأنهم يعتبرون أن الشعوب حق مكتسب . عبثا يرفض الطغاة الرحيل الا بالثورات .. انه درس التاريخ .
يقول جيفارا ليست الثورة . بتفاحة تسقط . بل عليك أن تسقطها أنت .
بواسطة الثورة نحن نصبح أنفسنا .. لا أقل من ذلك . جورج أورويل ..

By revolution we become more ourselves, not less.
-George Orwell, from the essay "The Lion and the Unicorn: Socialism and the English Genius", 1941

اتفق السياق الإسلامي والمحللين على أن ثورة الحسين تعتبر ثورة لها القدرة على التوليد وإفراز .. واقع من الحرية .. فلقد انتهى السياق . بأن هوى عرش يزيد .. جراء استشهاد الحسين ..
يقول جورج باتيل . التضحية ليست إلا نتاج أشياء مقدسة . وكان كما قال العقاد .. ومن يكلف الحياة ضد طبائعها إلا الشهداء . فالكهنة يحولون دائماً الأشياء الى الأسوأ .. والشهداء يحولونها الى الأفضل .
وعليه كان التصور العام أن كل طاغية يزيد .. وأن كل ثائر حسين . ولهذا كان لا يمكن للطغاة أن يمرروا طرح ثورة الحسين إلى أذهان الشعوب .لأنه باختصار فيه نهايتهم .. و لما كانت ثورة الحسين لها .. من القدرة .. من إفراز .. واقع متمرد .. على الطغاة .. كفيل أن يفتح عليهم باب من أبواب جهنم . أغلقوا هذا الباب ..ليناموا باسترخاء فوق جماجم الشعوب .. إذ لايمكن للطغاة . . ان يكون لهم موطيء قدم في الوجود مع طرح الحسين الذي يمثل طرح لثورة خرج من بيت رسول الله .فأكسبها التميز والشرعية .. .انه الطرح المتجدد دوما من بيت محمد ضد الطغيان ..
نعم هي الكلمة الأخيرة في نهاية المطاف .. لا وجود للطغيان.. على ساحة الكون .. ما وجد طرح الحسين .فقط بالثورة سيتوقف الفعل المضارع للاستبداد وإلى الابد عن مواصلة اعماله الاجرامية والخيانية ..
فقط بالثورات يرحل الطغاة . ولو ثمة طرح آخر لأقدم عليه الحسين . ولكنه لا مناص . ولا بدائل لهذا الطريق ..
وإن كان ثمة بدائل فهي تظل بدائل ترقيعية لا تؤتي ُأكُلها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.