فتحت القصة منذ يومين على مصراعيها فى الإعلام اللبناني، بعد أن كانت سرا لا يعرف عنه أحد، حيث اتهم محامٍ لبناني الإعلامي المعروف غسان بن جدو، وعدد من قيادات تحالف الثامن من آذار بالتورط في قضية الاتجار ب75 امرأة سورية، بحسب التحقيقات الأولية بالقضية. وقال المحامي طارق شنبق: "آخر التحقيقات قالت إن غسان بن جدو الذي أطلق أكذوبة جهاد النكاح، متورط في القضية، وأن بعض النساء عملن في منزله"، خلال مشاركته في برنامج "هنا سوريا"، على قناة "أورينت" الفضائية، أمس الأحد. وطالب شندب القضاء اللبناني بعدم التغاضي عن أطراف متورطة في القضية التي أثارت جدلا واسعا في المنطقة العربية. كما شدّد على خطورة إعطاء غطاء لأي طرف متورط في القضية، مشيدا بنزاهة وزير الداخلية نهاد مشنوق. يُذكر أن تحالف الثامن من آذار يضم كلا من: "حركة أمل، حزب الله، التيار الوطني الحر، الحزب السوري القومي الاجتماعي، وحزب البعث العربي الاشتراكي، والحزب التقدمي الاشتراكي، الحزب الديمقراطي اللبناني، الحزب الديمقراطي العربي، وأحزاب وتيارات أخرى". وكانت التحقيقات الأولية قد توصلت إلى أن من يدير الشبكة، أجبر النساء على العمل في الدعارة عبر ضربهن بالسياط، وتعذيبهن بكافة الوسائل، وإجراء عمليات إجهاض لهن. وداهمت الأجهزة الأمنية اللبنانية الجمعة الماضية، شققا في إحدى المناطق اللبنانية وعثرت بداخلها على 75 فتاة يحملن آثار تعذيب مبرح على أجسادهن، مشيرة إلى أنهن أجبرن على الدعارة لتحصيل المال، بالإضافة إلى القبض على طبيب وممرضة مرتبطين بمسؤولي شبكة الدعارة قاما بإجهاض نحو 200 امرأة.
وتعود الأحداث إلى إعلان الأمن اللبناني، عن توقيف أكبر شبكة للاتجار بالنساء لأهداف جنسية خلال سبع سنوات، غالبية ضحاياها من "السوريات" أجبرن على ممارسة الجنس، وتعرضن لعشرات عمليات الإجهاض، وعُزلن عن العالم الخارجي، وتم تعذيبهن جسديًا ونفسيًا. وأكدَت قوى الأمن الداخلي اللبناني في بيانٍ لها، أنها تَمكنت "خلال عملية أمنية نوعية، من كشف هويّة مجموعة أشخاص يؤلفون أخطر شبكة للإتجار بالأشخاص في لبنان وتوقيفهم في محلة جونيه". وأشار إلى أنه تم "تحرير 75 فتاة معظمهنّ من الجنسية السورية، كُنّ محتجزات في أحد بيوت الدعارة في منطقة جونية (شمال بيروت) لسنوات، وتعرضن للضرب والتعذيب النفسي والجسدي وأجبرن على ممارسة الفحشاء تحت تأثير التهديد بنشر صورهن عاريات وغيرها من الأساليب". ولفت البيان الأمني إلى أن "بعض النساء تعرضن للتشويه الجسدي نتيجة تعذيبهن". وتم إلقاء القبض على خمسة "حارسات"، و8 حراس ووسيطان ووسيطة، ولا يزال ملاحقة الشبكة مستمراً. وتضم الشبكة نحو 18 فردا بالحدّ الأدنى، وتكمن أهميتها في الدلالة على وجود إتجار بالبشر في لبنان، وليس فقط "دعارة"، بحسب ما يؤكّد رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، العقيد جوزف مسلم، والذي يشير في تصريحات صحفية، إلى أن قوى الأمن أوقفت سابقاً شبكات صغيرة للاتجار بالبشر، لكنها الحالة الأولى بهذا الحجم. وبحسب مسلم، فقد تمّ توقيف أحد الأطباء، وكان يتولّى إجراء عمليات إجهاض النساء، واعترف الطبيب بإجراء 200 عمليّة إجهاض خلال سنوات عمل الشبكة، ما يُشير إلى إلزام النساء بممارسة الجنس من دون وسائل الحماية، وهو ما يعرضهن للإصابة بالأمراض الجنسية، إضافةً إلى عمليات إجهاض إجرامية تعرّض لها العديد منهن عبر الضرب المبرح على البطن بهدف قتل الجنين، بهدف توفير الأموال. وليس الإجهاض هو الإعتداء الوحيد على الضحايا، وبينهن قاصرات، فالشبكة، بدأت صغيرة قبل عام 2011م، قبيل انطلاق الثورة السورية، وإحدى النساء اللواتي تم تحريرهن، لم تكن تعلم أن هناك ثورة في سورية. لكن الشبكة زاد حجمها بمرور الأيام، خصوصاً بعد تردي الأوضاع الأمنيّة والاقتصادية في سورية. وتعمل النسوة لمدة 20 ساعة يوميًا، وهنّ مضطرات لأن تتواجدن بكامل أناقتهن في أماكن العمل منذ العاشرة صباحاً، ويستمر العمل إلى السادسة صباحاً، وفي حال لم يرضَ مشغلو النساء عن شكلهن؛ يتم عقابهن، والعقاب يتضمن الجلد والضرب. ويبلغ معدل الزبائن التي تُجبر الفتاة على معاشرتهم يومياً نحو 10 زبائن، ويصل في عطلة نهاية الأسبوع إلى عشرين زبوناً. ويتقاضى مشغلوهن، 50 ألف ليرة (33 دولارا أميركيا) مقابل كل ربع ساعة عمل، ومائة ألف ليرة (حوالي 66 دولارا أميركيا) مقابل الساعة. وفي حال اختار الزبون أن يمضي ربع ساعة، ولم يُمدد المدة، فإن الفتاة تُعاقب لأن المشغلين يعتبرون الأمر دليلاً على عدم الاهتمام بالزبون. وفيما حال اشتكى الزبون من "خدمة" إحدى الصبايا، تُعاقب بالجلد. حتى أن عدداً منهن أُصبن بتقيحات جلدية نتيجة الجلد الذي تعرّضن له، بحسب المصدر الأمني. وتصادر "الحارسات" في العادة، "البقشيش" الذي يمنحه الزبون للفتاة، وفي حال كان البقشيش أقل من 10 دولارات، تُعاقب الفتاة بالجلد. وعمد مشغلو الشبكة إلى زرع "مخبرات" بين الفتيات من حين إلى آخر، وللمخبرات وظيفة أساسيّة تتمثل في نقل الأحاديث الخاصّة بينهن للمشغلين، خصوصاً إذا ما تضمنت أي تفاصيل عن التفكير بالهرب أو عدم الإذعان للأوامر، كما أرسل المشغلون عددًا من "الزبائن الوهميين"، بهدف معرفة إذا ما كانت الصبايا، يشتكين من سوء المعاملة. ولفت العقيد مسلم، إلى أن عددا من الفتيات لا يعرفن من لبنان إلا ما يُمكن أن يرونه من مكان احتجازهن، ولفت إلى أنهن موجودات حاليا في مراكز إيواء تابعة لجمعيات تُعنى بالنساء، "وهن بحاجة لعلاج نفسي وجسدي لتجاوز ما مررن به"، مشددا على أن القانون اللبناني لا يُعاقب النساء اللاتي يتعرضن لوقائع مشابهة، إذ يعترف قانون الاتجار بالبشر بهن كضحايا.