فى مفاجأة مدوية تظهر لأول مرة منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير وعقب الإطاحة بالمخلوع "مبارك" أفاد مصدر داخل المجلس القومى لحقوق الإنسان أن بيان الوفد الذى قام بزيارة مقبرة"العقرب" شديد الحراسة يوم أمس، قد اختفى من مقر المجلس بعد صياغتة. وفد المجلس القومى لحقوق الإنسان، كان فى زيارة أمس إلى مقبرة العقرب، للتحقيق فى شكاوى المعتقلين وذويهم، وهو ما أسفر عن بعض الخلافات مع داخلية الانقلاب خاصًة بعدما تم منع أحد أعضاء الوفد بأمر اللواء مجدى عبدالغفار، وزير داخلية الانقلاب،وهو ما أثار ردود أفعال كثيرة سلبية على القضية برمتها، ووضعت المجلس الذى عينه قائد الانقلاب العسكرى، عبدالفتاح السيسى، فى موقف محرج للغاية أمام المنظمات الحقوقية. المصدر أوضح أن الوفد الذى قام بصياغة بيانه حول ما يحدث فى مقبرة العقرب يوم أمس، بعد إنهاء الزيارة، وبدأ الأعضاء الذين شاركوا في الزيارة في الاتفاق حول صيغة البيان الذي سيصدرونه بخصوص الزيارة، وبعد انتهاءهم من صياغته سلموا نسخة منه مكتوبة بخط اليد لأحد موظفي المجلس، الذي اختفى بدوره ومعه نسخة البيان، مضيفًا، أن جميع المسئولين لا يعلمون شيئًا، حسب قولة وموقع مدى مصر. وكان وفد من المجلس قد قام بزيارة صباح اليوم إلى السجن، فيما لم تتمكن المحامية الحقوقية راجية عمران عضو المجلس، من الدخول. وقالت عمران في وقت سابق إنها مُنعت صباح أمس، الثلاثاء، من دخول سجن طره شديد الحراسة "العقرب"، ضمن وفد المجلس الذي قام بزيارة للسجن، وذلك بدعوى أن اسمها غير مدرج في كشوف الزيارة، على الرغم من أنها أبلغت جورج إسحق -رئيس لجنة الحقوق السياسية والمدنية في المجلس- نيتها حضور الزيارة. وأوضحت عمران، قائلة: "كان من المقرر أن يمتنع عضوا المجلس كمال عباس وجورج إسحق عن إتمام الزيارة في حال منع أيٍ من الأعضاء من الدخول، لكن من المرجح أن يكون محمد فائق (رئيس المجلس) قد اتصل هاتفيًا بأحدهما وأقنعهما باتمام الزيارة". وأضافت أنها حاولت مرارًا الاتصال ب "فائق" دون جدوى. وأثناء انتظارها أمام السجن قالت عمران إنه في كل الأحوال ستتم الزيارة على النحو المتوقع في هذه الحالات، من منع دخول أعضاء المجلس للعنابر، فضلًا عن انتقاء بعض السجناء بعينهم فقط للقاء الأعضاء، "لكن الأسوأ هو ما نما لعلمي من تهديدات لأولئك السجناء في حال تحدثوا بصراحة عن حقيقة الأوضاع في السجن"، حسبما أضافت. كما أكدت عمران أنها سلمت جورج إسحق قائمة شكاوى من أهالي سجناء في العقرب، واستكملت: "ما يعنيني بشدة هنا هو أن يوجه الصحفيون الأسئلة لأعضاء الوفد بعد انتهاء الزيارة حول مصير هذه الشكاوى، التي تضم انتهاكات وصلت لحد الاعتداء الجنسي على أحد السجناء وهو محمد حسن سليمان". وحول الأوضاع داخل السجن، قالت إن الشكاوى التي وصلتها تفيد أن "التعذيب طال خمسة سجناء آخرين في العنبر نفسه H4W1، بخلاف منع العلاج عن اثنين من السجناء فقدوا البصر داخل السجن بسبب الإهمال الطبي من البداية وهما عبد العزبز محمد عبد السلام ومحمد يحيى الشحات"، واستكملت: "القائمة تطول طبعًا لتضم شكاوى بشأن تدهور الأوضاع بشدة في عنبر الإعدام H4W2". كما رصدت تلك الشكاوى، بحسب عمران، اعتداء سلطات السجن بالضرب على سجين مصاب بشلل الأطفال يدعى مسعد أبو زيد، ومحاولتها إلصاق تهمة التعدي على الضباط به في محضر شرطة، لكن النيابة أثبتت لاحقًا إصابته بشلل الأطفال، مما يشكك في رواية الشرطة. وهو ما يظهر من اختفاء التقرير فى التلاعب بحرية المعتقلين والأمل الذى يتعلقون به بعد تعرضهم للقمع والتنكيل داخل مقبرة العقرب. وكان وفد من القومي لحقوق الإنسان يرأسه حافظ أبو سعدة قد زار السجن نفسه في أغسطس الماضي، وهي الزيارة التي أثارت وقتها مشكلات داخل المجلس نفسه، بسبب الشكل الذي خرجت به الزيارة، حيث انسحب من اجتماع المجلس الذي تلاها كل من كمال عباس ومحمد عبد القدوس وراجية عمران، وأصدروا بيانًا -وقع عليهم معهم جورج إسحق- لتوضيح الأسباب التي دعتهم إلى الانسحاب جاء فيه أن الزيارة تم الترتيب لها بعيدًا عن عدد من أعضاء المجلس، وأنه تم السماح بتصوير الزيارة بالمخالفة للائحة أصدرها المجلس بخصوص تنظيم عمل الزيارات، وأن عددًا من أعضاء المجلس قد فوجئوا "بعقد مؤتمر صحفى لإعلان نتائج الزيارة، وهى سابقة لم تحدث لأي زيارة من زيارات المجلس للسجون السابقة، وقد تم إخطار أعضاء المجلس بموعد المؤتمر الصحفي قبل انعقاده بساعات" بحسب البيان. على جانب آخر، قالت عمران إن ثمة تحسنًا طفيفًا طرأ على صعيد معاملة سلطات السجن لسجناء "العقرب"، خاصة في ما يتعلق بالزيارة والسماح بتمرير بعض الملابس للسجناء، وهو تحسن أرجعته هي إلى محاولة سلطات السجن تمهيد الطريق لإتمام زيارة أعضاء المجلس -التي كان الإعداد لها قد بدأ منذ شهور- على نحو معقول. وأوضحت عمران قائلة: "طالب عدد من أعضاء المجلس منذ شهر نوفمبر الماضي بالإعداد لزيارة لسجن العقرب مع تواتر أخبار التعذيب داخل السجن أكثر فأكثر، كما طالبنا بإصدار بيان يدين هذا التعذيب، وبالفعل أعددت مسودة البيان مع أعضاء المجلس جمال فهمي وجورج إسحق ومختار نوح، لكن البيان لم يصدر في النهاية بدعوى سفر فائق خارج البلاد وقتها، فعدت لإثارة الأمر في الاجتماع اللاحق في ديسمبر الماضي، وحاولت مع آخرين الضغط على فائق للقاء السيسى"، وهو ما تم لاحقًا، وبعدها التقى فائق بوزير الداخلية أيضًا".