إشادات برلمانية وحزبية واسعة بجهود الداخلية في إحباط مخطط "حسم"    دارين حداد: "المداح نجح بالتعب مش بالكرامات"    برلماني: مصر قطعت الطريق على "حسم" الإخوانية.. والأجهزة الأمنية تسطر نجاحًا جديدًا    لقطات حديثة لسد النهضة تكشف ما تخفيه إثيوبيا، البحيرة ممتلئة والأعمال مستمرة لتغطية التسرب    تهنئة من هيئة قضايا الدولة لرئيس مجلس الدولة بمهام منصبه    وزير الكهرباء: نعمل على توطين صناعة المهمات ولدينا فرص استثمارية    تراجع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 21 يوليو 2025    محافظ المنوفية يتفقد شركة صيانة الآليات بميت خلف لمتابعة منظومة العمل.. صور    وزير التعليم العالي: "كن مستعدا" مبادرة متكاملة لتأهيل مليون شاب لسوق العمل    صور| عشرات القتلى والجرحى إثر سقوط طائرة تدريب عسكرية في بنجلاديش    بابا الفاتيكان يحذر من التهجير القسري لسكان غزة: «نناشد وقف الحرب»    الأمم المتحدة: يجب وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية    يخضع لجراحة عاجلة| وعكة صحية مفاجئة لحسن شحاتة    لتعويض رحيل محمد إسماعيل ل الزمالك.. زد يطلب التعاقد مع مدافع المحلة    الأهلي بالزي الأساسي اليوم أمام الملعب التونسي    منتخب مصر للسلة يواجه إيران في بطولة بيروت الدولية الودية    ب قطار مخصوص.. كيف سهلت «السكة الحديد» عودة السودانيين إلى وطنهم؟    جريمة أسرية في القليوبية.. والمباحث تكشف اللغز    «افتح ستاير مسارحنا».. خالد جلال يفتتح الدورة ال18 للمهرجان القومي    وزير الثقافة يجتمع بمقرري لجان المجلس الأعلى ويؤكد: آلية جديدة تعيد للمجلس دوره كعقل مفكر للوزارة    10 انفصالات هزت الوسط الفني في 2025 (تقرير)    شعبة الأدوية تحذر من بوادر أزمة في سوق الدواء وتستغيث برئيس الوزراء    وزير الدولة للإنتاج الحربي يتفقد المركز الطبي التخصصي التابع للوزارة    طريقة عمل الشيش طاووق بتتبيلة لا تقاوم    آمال ماهر تتصدر تريند يوتيوب ب3 أغنيات بعد طرح ألبومها الجديد    "الدراسات العليا" بجامعة قناة السويس يفتح باب القبول والتسجيل لبرامجه "دبلوم - ماجستير - دكتوراه"    حزب الجبهة الوطنية يعقد مؤتمرًا حاشدًا بكفر شكر لدعم مرشحه لانتخابات الشيوخ    حدث في بنجلاديش .. سقوط 16 قتيلا جراء تحطم طائرة عسكرية سقطت بحرم مدرسة وكلية مايلستون    فريق طبي بمستشفى كفر الشيخ الجامعي ينجح في إنقاذ مريضة تعاني من ورم    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على نقل خبراتها المتراكمة في مكافحة الإرهاب لدعم القدرات النيجيرية    27 شهيدا جراء غارات الاحتلال على قطاع غزة منذ فجر اليوم    ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: حديث القرآن الكريم عن الليل والنهار شامل ودقيق لإظهار التعبير والمعنى المراد    ما الضوابط الشرعية لكفالة طفل من دار الأيتام؟.. الإفتاء توضح    المفتي يوضح حكم كيِّ الماشية بالنار لتمييزها    الزراعة تطلق منافذ متنقلة لبيع منتجاتها للمواطنين بأسعار مخفضة فى الجيزة    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    وصول الطفل ياسين مع والدته إلى محكمة جنايات دمنهور مرتديا قناع سبايدر مان    المؤبد لطالب وشقيقه بتهمة قتل سيدة بمركز البلينا فى سوهاج    فات الميعاد.. أحمد مجدي: شخصية مسعد تعبتني.. وبحاول أتخلص منه لحد دلوقتي    الجامعة الألمانية تفتتح نموذجاً مصغراً للمتحف المصري الكبير في برلين    السيطرة على حريق في مصنع زجاج بشبرا الخيمة    اليوم.. أولى جلسات محاكمة 39 متهما ب«خلية العملة»    التنمية المحلية تستعرض أبرز ملامح التجربة المصرية في توظيف نظم المعلومات الجغرافية    أسامة الجندي يوضح حكم الأفراح في الشرع الشريف    الشركة الوطنية للطباعة تعلن بدء إجراءات الطرح فى البورصة المصرية    حسن الصغير رئيسًا لأكاديمية الأزهر لتدريب الأئمة والدعاة    وزير العمل: التأمين الطبي لعمال «الدليفري» من ضمن أشكال السلامة المهنية    سوداني يوجه رسالة شكر للمصريين على متن «قطار العودة»: «لن ننسى وقفتكم معنا» (فيديو)    استمتع بمذاق الصيف.. طريقة عمل آيس كريم المانجو في المنزل بمكونات بسيطة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 21-7-2025 في محافظة قنا    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    زعيم المعارضة الإسرائيلية: نهاجم في الشرق الأوسط حيثما نشاء دون سياسة واضحة    ناقد رياضي يكشف تطورات صفقة وسام أبو علي بعد الأزمة الأخيرة    ألونسو.. الأمل في استعادة فينيسيوس لتألقه مع ريال مدريد    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين فى الإسماعيلية.. فيديو    "صعبة".. وكيل مصطفى شلبي يكشف تفاصيل انتقاله للبنك الأهلي    الشناوي يتحدث عن صعوبة المنافسة على الدوري.. وتأثير السوشيال ميديا    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد سيف الدولة يكتب: هل أصبح الأمريكان هم خير أجناد الارض؟
نشر في الشعب يوم 30 - 09 - 2015

هكذا قالها فى سلاسة شديدة وبدون خجل، السيد عبد الفتاح السيسى فى حديثه مع قناة CNN . قالها فى سياق اجابته على سؤال المذيع حول مدى كفاية الدور الامريكى فى مواجهة داعش.
فاختار الرجل أن يجيبه بأنه "على الرغم من ان الجيش الامريكى اقوى جيوش العالم، لا يقدر عليه اى جيش نظامى آخر، ولكن الأمر مختلف فى مواجهة الجماعات الارهابية."
قال ذلك، رغم أنه كان هناك أكثر من صيغة أخرى يستطيع ان يعبر بها عن ذات المعنى، بدون أن يكيل المديح لأمريكا وجيشها.
ولكنه اختار هذه الصيغة مع عديد من التصريحات الأخرى المماثلة التى أطلقها فى زيارته الأخيرة، والتى أثارت موجة من اللغط و الاعتراضات فى مصر والعالم العربى، مثل دعوته الى توسيع السلام مع اسرائيل.
ولا أعلم على وجه اليقين، اى من هذه التصريحات على وجه التحديد، هى التى راقت للرئيس الأمريكى أوباما، ودفعته الى النزول من المنصة للسلام على السيسى شخصيا لتحيته وشكره على التصريحات التى أدلى بها لوسائل الاعلام الامريكية، وفقا لما نقلته لنا وكالات الأنباء المصرية والعالمية.
***
وربما سأل سائل، أليس هذه هى الحقيقة، فلماذا نغالط أنفسنا؟
حتى لو كانت هذه هى الحقيقة، فانه لا يليق أبدا أن تصدر مثل هذه التصريحات من اى مسئول، خاصة من رئيس دولة كمصر، ورجل ذو خلفية عسكرية ووزير الدفاع السابق. لا يصح أن نخاطب أى دولة فى العالم، بان جيوشنا لا تستطيع ان تواجه جيوشكم، حتى لو لم نكن معها فى حالة حرب.
خاصة وأن الولايات المتحدة كانت ولا تزال هى "العدو الاول" لكل شعوب العالم الثالث، وفى القلب منها الأمة العربية، وفى القلب منهما مصر. ولا أود هنا اعادة وتكرار تفاصيل حكايتنا معها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، التى يعلمها الجميع.
ولكن الأهم من ذلك هو ان القوة والقدرة والنصر فى تجاربنا التاريخية وفى حضارتنا وثقافتنا العربية والاسلامية دائما ما تكون من نصيب أصحاب الحق وأصحاب الارض، مهما بلغت قوة المعتدى أو المحتل. كما أن من الثوابت فى معتقداتنا ومعاركنا الوطنية وتراثنا القديم والقريب أن "الله أكبر فوق كيد المعتدى".
كما أن مثل هذه الاحاديث الودودة والوديعة عن الامريكان والغرب واسرائيل التى يكررها السيسى كثيرا، تضرب فى العمق كل الشعارات الوطنية الزائفة التى تطنطن بها اجهزته الاعلامية والسياسية ليل نهار. ناهيك على انها اصبحت تسبب حرجا بالغا لقطاع كبير من مفوضيه وأنصاره، خاصة أولئك الذين روجوا له على أنه خليفة عبد الناصر.
***
ورغم كل ذلك، فاننى أصدقكم القول ان فى كلامه جانب من الحقيقة، على الأقل فى وطننا العربى. فالجيوش العربية لم تنجح أبدا فى التصدى للمشروع الأمريكى فى المنطقة، ولم تنجح فى تحقيق أهداف الأمة وأحلامها فى تحرير فلسطين والحفاظ على الاستقلال العربى الذى تحقق جزئيا بعد الحرب العالمية الثانية.
وعلى العكس منها، نجحت كل حركات التحرير التى أشركت شعوبها فى المعركة، فى تحقيق انتصارات حاسمة على مستعمريها، وأكبر مثال على ذلك هى الحرب الفيتنامية التى أذاقت الأمريكان الأمرين وطردتهم شر طردة من بلادها.
ولذا طُرِحَت فكرة حرب التحرير الشعبية بقوة بعد نكسة 1967، ولكن لم يتم تبنيها وتفعيلها من قبل الانظمة العربية، التى اختارت ان تتصدى بنفسها لإعادة بناء جيوشها والإعداد للمعركة، لازالة آثار العدوان.
وكانت النتائج بائسة:
· ففى حرب 1973 التى تعتبر المثال الذى يحتذى به للانتصارات العربية، قبلت مصر وقف اطلاق النار بعد الاختراق الاسرائيلى للجبهة الغربية فى ثغرة الدفرسوار، وأعلن السادات فى خطابه بعد الحرب بأيام معدودة، انه اكتشف انه يحارب امريكا منذ 10 ايام، وانه يعلن بصراحة انه لا يستطيع ان يقاتل امريكا، وهو ما كرره مبارك لقادة المعارضة بعد توليه الحكم مباشرة لتبرير تمسكه باتفاقيات كامب ديفيد. وهو موقف يتناقض تماما مع روح المقاومة الشعبية المصرية التى تجلى فى معارك كثيرة اشهرها معركة السويس 1973 وبورسعيد 1956 وغيرها. بالإضافة الى معارك مقاومة كامب ديفيد والتطبيع التى كانت القوى الوطنية المصرية تخوضها الى وقت قريب.
اذن سرقوا منا النصر العسكرى المحدود الذى حققناه فى حرب اكتوبر، وانتهى بهم الامر الى تسليم مصر تسليم مفتاح للأمريكان، والصلح والتطبيع والتنسيق مع العدو والاعتراف بشرعية اسرائيل والتنازل لها عن فلسطين 1948، بل والتحالف معها اليوم فى مواجهة العدو الارهابى المشترك.
· وفى الاردن طرد النظام الملكى هناك المقاومة الفلسطينية من اراضيه خوفا من تورط جيشه فى حرب لا يريدها مع اسرائيل، رغم انها اغتصبت منه الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية فى 1967.
· وفى سوريا قام النظام بتجميد حربه مع اسرائيل بعد انسحاب مصر من المعركة، بذريعة اختلال موازين القوى، وانه لا حرب بدون مصر. بل وشارك فى حصار واضعاف المقاومة الفلسطينية فى لبنان فى السبعينات، مما ساهم فى هزيمتها ونفيها من لبنان عام 1982.
· وفى العراق سقطت الدولة والجيش فى بضعة ايام امام الغزو الامريكى فى 2003، لتبقى المقاومة الشعبية العراقية وحدها فى الميدان، قبل ان يتم اغراق العراق فى حروب اهلية وطائفية.
· وفى ليبيا، قام القذافى بعد ايام من الغزو الامريكى، وخوفا من ذات المصير، بالاعتراف والاعلان عن اسلحته الكيميائية وتدميرها.
· وفى لبنان نجحت المقاومة وليس الجيش فى تحرير الجنوب من الاحتلال الصهيونى، وحققت صمودا باسلا فى حرب تموز 2006.
· وفى فلسطين صمدت المقاومة الفلسطينية امام حروب الابادة وأعمال القتل والاغتيال والحصار والتجويع التى لم تتوقف منذ سنوات طويلة، بل استطاعت فى معركتها الاخيرة فى صيف 2014، ان توجه ضربات موجعة للعدو.
هذه هى بعض القشور من قصتنا فى الاربعين عاما الماضية، قصة عجز أنظمتنا بكل مؤسساتها العسكرية والمدنية عن تحقيق اى انتصار حاسم فى مواجهة العدو. فسرعان ما يتوقفون فى منتصف المعركة ويستسلمون ويخضعون للضغوط، ويتراجعون وينسحبون ويقدمون التنازلات .
***
ان فشل وهزيمة واستسلام الانظمة العربية امام الكيان الصهيونى ومشروعه، هى حقيقة ثابتة تجسد مأساتنا العربية فى أجلى صورها: "انتصار 6 ملايين صهيونى على 350 مليون عربى، وسرقة جزء عزيز من الارض العربية امام اعيننا وطرد شعبها، والابتلاع اليومى لما تبقى منها وسرقة مقدساتها، وتحول اسرائيل الى القوة الاقليمية العسكرية العظمى فى المنطقة، التى يخشى الجميع بأسها ويتسابقون سرا وعلانية لاسترضائها والتحالف معها."
لم يستطع النظام العربى الرسمى بكل جيوشه وأسلحته المكدسة، وبكل هيبته وجبروته وهيلمانه ومؤسساته وحكامه، ان يمنع الغزو الامريكى للعراق، أو يحاصر المشروع الصهيونى ويهزمه، أو يطرد الامريكان من المنطقة. بل أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية هى قاهرة الجيوش العالم وخير أجناد الأرض، و قائدة الأمة، وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة. وهى المتبوع الاكبر، والحليف الرئيسى، والراعى الرسمى لأمن وعروش الانظمة العربية، ومالكة صكوك الغفران والشرعية والاعتراف الدولى للحكام، والقادرة الوحيدة على حشد الجيوش العربية فى حملاتها الاستعمارية المتجددة ضد الشعوب العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.