أكد مشاركون في ندوة عقدتها مؤسسة "قضايا المرأة" على عدم قانونية عمليات التوقيف لزوجات الكهنة اللاتي يدخلن الإسلام، أمثال وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة في أماكن احتجاز داخل الكنيسة، باعتبار ذلك يتنافى مع حرية العقيدة التي يكفلها الدستوري لأي مواطن مصري. وقال الدكتور أحمد كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان سابقا، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إن حجز أو إخفاء أي مواطن قسرا لإجباره على اعتناق دين بعينه مخالف للقانون والدستور ويؤدي إلى تعزيز الطائفية في الشارع المصري، كما أن هذا المبدأ يسمى في علم الاجتماع وحقوق الإنسان ب "التوجهات الانعزالية"، وهي توجهات انتحارية، لأن كل عزلة هي مدخل حقيقي للكارثة، وهذا هو ما حدث مع كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين، اللتين تحتجزهما الكنيسة حاليًا.
واعتبر أن تصريحات البابا شنودة بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية التي قال فيها لا مصالحة قبل المصارحة هي "موطن الداء"، لأن هناك من يأخذ هذه التصريحات على أنها "تعليمات مقدسة لا ينبغي مخالفتها أو التهاون فيها".
وقال إن هذا "يؤدي إلى زيادة التوجهات الانعزالية والانقسام في الشارع المصري ويزيد من الفجوة الطائفية في مصر"، وطالب المؤسسات الدينية رفع وصايتها عن الشعب المصري في مسألة حرية العقيدة".
وحذر في الوقت ذاته من أن قيام الكنيسة بعزل رعاياها الأقباط عن المشاركة المجتمعية يترتب عليه حالة نفسية لدى الأقباط، حيث يشعرون بالانعزال والتجاهل والاضطهاد، وهذا قد تسبب في تدمير المجتمع، لأن العزلة والحزن والخوف والانطواء تعمل على هدم الحضارات وليس بنائها.
من جانبها، أعربت عزة سليمان رئيس مؤسسة "قضايا المرأة"، والمنسق العام للمؤتمر عن استنكارها لقيام الدولة باعتقال بعض السيدات اللاتي يعتنقن الإسلام وتسليمهن جبرا وقسرا للكنيسة، باعتبارهن من رعايا الكنيسة التي تقوم بدورها بإخفائهن وتهميشهن تماما من المجتمع، وهي أمور تخالف القانون والدستور وتتعارض مع نص المادة رقم 151 من الدستور المصري والإعلان العالمي للحريات وحقوق الإنسان.
وأوضحت أن القانون والدستور المصري يؤكدان على حرية الرأي والعقيدة، وأن كل إنسان حر فيما يؤمن به ويعتقده، لكن هذا الأمر مجرد قانون ودستور على الورق ولا يطبق على أرض الواقع، وهو الأمر الذي يزيد من الاحتقان الطائفي في الشارع المصري، وأضافت إن أي تدخل في الحريات الدينية من قبل الدولة أو المؤسسات الدينية في مصر يعتبر انتهاكًا صريحًا للقانون والدستور.
وشاطرها الرأي جمال عيد المدير التنفيذي ل "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، قائلاً إن "القانون في مصر يطبق على الأهواء فقط، مشيرًا على سبيل المثال إلى المادة رقم 47 من قانون الأحوال المدنية التي تنص على ضرورة أن يبادر أي مواطن بإخطار مصلحة الأحوال المدنية إذا طرأ أي تغيير مهنته، أو عمله أو محل إقامته أو ديانته، إلا أنه عندما يذهب للسجل المدني لتغيير ديانته التي آمن بها واعتقدها قد يكون ذلك سببا في القبض عليه والتنكيل به ومنعه من تدوين ديانته الجديدة كما ينص القانون، وهو ما حدث مع وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة.
يشار إلى أن المؤتمر شهد اقتحام ناشطين أقباط للمؤتمر، واعتلى بعضهم منصة الحوار، زاعمين تعرض الأقباط في مصر للاضطهاد، وأن هناك مخططًا من الدولة نفسها لاستدراج المسيحيات للإسلام، خاصة زوجات الرموز الدينية المسيحية، مثل زوجات القساوسة والكهنة، واعتبروا أن هذا يعيد فكرة الحرب التي شنها الملك اخناتون أول حاكم مصري يشن حرب طائفية في مصر لتوحيد المصريين حول إله واحد.
كلام آخر! من ناحية أخرى، كشفت مصادر كنسية رفيعة عن أسرار جديدة وراء عملية احتجاز السيدة كاميليا شحاتة في إحدى المنشآت التابعة للكنيسة، ونقلت صحيفة الجمهورية الرسمية عن مصدر كنسي رفيع قوله أن الكنيسة تخشى من إطلاق سراح كاميليا خشية عودتها إلى الإسلام من جديد، وهو ما أشار إليه بقوله، حسب الصحيفة: "ومن المحتمل في حالة ظهورها أن تتعرض للاختطاف وإجبارها علي كلام آخر.. وهذا أمر في منتهي الخطورة".
كما أبدى مخاوفه من أنها إذا أطلق سراحها فقد تتصل بها الصحافة والدعاة المسلمون وهو ما لا تريده الكنيسة، وأبدت جهات قانونية استغرابها الشديد من تلك التصريحات والتي تتحدث عن مصر وكأنها غابة لا قانون فيها ولا أمن ولا أمان، ويمكن لأي شخص أن يختطف أي مواطنة بعيدا عن القانون ثم يكرهها على اختيار دين آخر غير الذي تريد، وأن صدور مثل هذا الكلام عن مسؤول كنسي رفيع ، يدلل من جديد على صحة ما يعتقده الرأي العام في مصر من أن كامليا قد أسلمت بالفعل وأن السبب الوحيد لحبسها وعزلها هو خوف الجهات الكنسية من إعلان إسلامها فور إطلاق سراحها.
وحول احتمال أن يتم تسفيرها خارج مصر لتوفير ظروف معيشية لها بعيدا عن أي ضغوط نفي المصدر وجود أي معلومات لديه بشأن هذا الأمر غير انه لم يستبعد هذا الاختيار وقال "هذا من الممكن أن يكون الحل الأمثل في حالة واحدة فقط.. تتمثل في إعادة الأمور إلي طبيعتها بينها وبين زوجها بحيث يسافران سويا.. ولكن العلاقة الحالية مع زوجها سيئة وأكثر من سيئة"، وفق زعمه.
المصدر الكنسي أكد أن كاميليا لن تعود إلى العمل في المدارس الحكومية كما كانت، لكنه أشار إلى أنه "من المحتمل" أن تتاح لها فرصة العمل في بعض المدارس المسيحية التي تشرف عليها الكنيسة وأن تعوضها الكنيسة بمبلغ مالي مناسب.