عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكذابون في قضية كاميليا شحاتة

القائمة تضم الدولة والكنيسة والأزهر والأقباط الغاضبين والمسلمين السعداء
كاميليا شحاتة
التفاصيل شديدة التشابه، والنتائج تكاد تصل إلي حد التطابق، رغم أن المسافة بين القضيتين تقترب من السنوات الست، وكأن الصورة طوال هذه الفترة تجمدت وبقيت علي حالها، وكأن لا أحد يتعلم أو يستوعب خطورة ما حدث وما يحدث، وكأن كل الأطراف المشاركة سعيدة بالبدايات والنهايات وما بينهما من جدل وتشنجات وتعصب.
بعدما تسربت أنباء علي الإنترنت - الذي لم يعد حكرا علي الشائعات فحسب وإنما أيضا منفذ لأخبار ممنوعة من التداول - تتحدث عن إسلام «كاميليا شحاتة» زوجة كاهن دير مواس، تداعي إلي أذهان كثيرين تفاصيل القضية الشهيرة لزوجة راهب آخر هي «وفاء قسطنطين» التي كانت قضيتها ملء السمع والبصر في نهايات عام 2004، بعدما هربت هي الأخري من بيت الزوجية وقررت أن تشهر إسلامها بعدما بدا لها هذا هو المخرج الوحيد من جحيم العيش مع زوج يشك فيه بدرجة لا تطاق.
خبر إسلام كاميليا شحاتة غير مؤكد حتي الآن، لم يصدر الأزهر - الجهة التي تمنح في نهاية سلسلة من 10 خطوات الورقة التي تقر رسميا بإشهار إسلام أي شخص - بيانا يؤكد أو ينفي فيه الخبر رغم أنه الجهة الوحيدة التي يمكنها حسم ذلك الأمر، ولم يصدر لفظ واحد عن الكنيسة يقر خبر إسلام زوجة كاهن ديرمواس، أو ينفيه، الطرفان التزما الصمت وكأنه سياسة متفق عليها، بل والأخطر فإن كاميليا شحاتة بطلة القضية التزمت الصمت هي الأخري.. للدقة اختفت من المشهد، ولم يعد باقيا لها في الأحداث سوي تلك الصورة الشخصية التي تظهر فيها ملامحها القبطية مبتسمة ابتسامة هادئة أخفت وراءها فيما يبدو ثورة عارمة في تغيير الأوضاع وقضية ملتهبة لم تخمد نارها بعد.
بحسب ما قاله الأنبا غابيوس أسقف دير مواس فإن كاميليا تخضع لتأهيل نفسي ل«غسيل مخها المغسول»، لكن أين يتم ذلك الغسيل؟ وما نتائجه؟ لا أحد يعطي إجابات.. هو نفس الأمر الذي تكرر ربما بنفس ذات الترتيب في قضية وفاء قسطنطين.. الرغبة في الطلاق من كاهن.. المسيحية تمنع ذلك.. الإسلام يسمح بهذا.. الشروع في الإسلام.. مظاهرات قبطية حاشدة.. أمن الدولة يظهر في المشهد.. ثم اختفاء مثير للشك والريبة وآلاف من علامات الاستفهام.. منها واحدة تتساءل عن دور الدولة في صناعة هذه الحالة من التوتر الطائفي بقصد أو علي اعتبار إنها «جت كده».
بهي الدين حسن - مدير عام مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان - يحاول فك غموض علامة الاستفهام هذه قائلا إن المشروعية السياسية للنظام الحاكم في مصر يدفع به للاعتماد بشكل زائد علي المؤسسات الدينية، ويوكل لها أمر التصرف..وفي هذا السياق تتم الصفقات وتتم التنازلات من جانب الدولة علي حساب حرية الاعتقاد لدي المسلمين والأقباط، موضحا: «نموذج كاميليا شحاتة يكشف لنا عن وجود تواطيء بين المؤسسة الدينية سواء الأزهر أو الكنيسة وبين النظام لصيانة المصالح المشتركة للأطراف الثلاثة وفي هذا السياق يتم التعتيم علي الأمور وتتم الصفقات من وراء الستار».
هذا انتهاك لحقوق الإنسان بكل تأكيد ذلك لأن معناه الوحيد هو أن الدولة تجورعلي حرية الاعتقاد التي يكفلها لهم - نظريا - القانون وتقرها الأديان، لكن الأمر لايقف عند حدود هذا كما يذهب بهي الدين حسن مجددا: «الإسلام أصبح فيه كهنوت كما في المسيحية ويتم الحفاظ علي سلطة الكهنوت هذه ليس لصالح الأقباط أو المسلمين وإنما لمصالح سياسية فالدولة من مصلحتها تجنب العداء مع قطاعات معينة من الجماهير المصرية ولذلك فوضت أمرها في كل الأمور للكنيسة أوالمسجد، والدولة في هذه المرحلة الحرجة من الانتخابات تتحسب لغضب الكنيسة، والكنيسة من الذكاء بحيث تستغل ذلك لصالحها والدليل علي ذلك رفض البابا تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا بشأن منح الأقباط حقهم في الزواج الثاني بعد الطلاق، وقد لوح البابا للدولة بأنه لن يستطيع التصدي لانتقادات أقباط المهجر وهذا التلميح العالمي كان كفيلاً بتراجع النظام وتجميد الحكم والاحتكام لمحكمة أخري هي المحكمة الدستورية والبدء في مشروع قانون يرضي الكنيسة حتي لو علي حساب مصالح الأقباط» هكذا يعتقد الناشط الحقوقي البارز.
اللعبة خطيرة إذن. لأنه عندما تسلم الدولة نفسها للمؤسسات الدينية، فإنها في هذه الحالة تصبح أشبه بمن يغطي مفاسده وعوراته بأوراق شجر هشة.معرض في أي وقت لأن يصبح وحيدا عاريا في مواجهة موجات متتالية عالية من الغضب الطائفي الذي يتم تغذيته بحماس طوال مايزيد علي 30 عاما. وإذا كان كثير من المحللين والخبراء يخشون تلك اللحظة الفوضوية التي قد يحدث فيها الصدام بين المسحوقين فقرا في مصر والأغنياء الجدد وأتباعهم، فما هو حجم الرعب الذي سيحدث إذا ما وقع الصدام بين المتعصبين والموتورين من المسلمين والمسيحيين علي خلفية قضايا شائكة مثل إسلام وفاء قسطنطين وغسيل مخ كاميليا شحاتة المغسول؟ ومعهما تنصير محمد حجازي ومن علي مثل هذه الشاكلة والتركيبة؟
وإذا كانت هناك الكثير من العناصر المشتركة بين «وفاء» و«كاميليا» فإن أكثر النقاط المشتركة إثارة للتفكير، هي أن كلتيهما كانتا زوجة لكاهن.. والشاهد أن هذه الصفة «زوجة كاهن» كانت هي المؤججة لمشاعر المنفلتين في الطرفين المسلم والمسيحي، فالفريق المسلم يري أن ذلك نصرا مبينا للإسلام وقد اقتنص من المسيحية زوجة واحد من كبار رجال الدين لديهم - أحدهم تحمس وكتب معلقا علي خبر يتحدث عن احتمال إسلام كاميليا قائلا" الست أسلمت ياجماعة برجاء رفع صورتها هذه التي لا تلتزم فيها بالحجاب الشرعي!»، وهو نفس السبب الذي يجعل كثيراً من المسيحيين - وعلي رأسهم الكنيسة - يتحفزون ويتحركون بتوتر وعصبية وربما غلظة لغسيل المخ المغسول واسترداده، لأنهم يدركون يقينا دلالة إسلام زوجة كاهن مسيحي في مجتمع تحركه المشاعر الدينية أولا وربما ثانيا وثالثا وعاشرا، وهو أمر يسهل فهمه علي المسلمين لو تم عكس المشهد.. وقد خرجت زوجة شيخ أوداعية إسلامي لتقول إنها قررت التخلي عن دينها وأنها في سبيلها للتنصر وأن تصبح مسيحية مؤمنة.
هناك أزمة إذن في حياة الكهنة تجعل الرغبة في هججان زوجاتهن منهن وحتي ولو كان عن طريق الإسلام أمرا قابلا للتكرار، تحتم طبيعة عمل الكاهن تغيبه عن أسرته لفترات طويلة، فعمله ممتد علي مدار ال24 ساعة يقضيها في خدمة رعيته لذلك فهو نادراً مايجلس ليتحدث مع زوجته أويقترب من أبناءه . حتي أثناء تواجده معهم تنهال عليه الاتصالات فدائماً هناك من يتحدث إليه ويطلب نصحه، وزوجة الكاهن معرضة لكثير من الضغوط، وهي مطالبة أيضاً بأن تكون حكيمة وعاقلة تتفهم طبيعة عمل زوجها التي تتطلب منه أن يجتمع بفتيات وسيدات كي يسمع اعترافاتهن ولا تصاب بالغيرة من جراء ذلك، وبطبيعة الحال تفرض عليها الكثير من القيود، لأن الجميع ينظرون إليها باعتبارها «أم الشعب» ومثلاً يحتذي به، وعليه فسلوكها وملبسها لابد أن يناسب وضعها الجديد .
وللمفارقة فإن الظروف المادية للكهنة ليست علي وتيرة واحدة ففي القاهرة والإسكندرية اللتين تتبع كنائسهما البابا شنودة مباشرة يصل راتب الكاهن إلي 2000 جنيه شهريا، وهناك قاعدة متبعة عند ترسيم الكاهن، حيث يتم النظر إلي الوظيفة التي كان يشغلها قبل ترسيمه، وهل هو مدرس أم دكتور أم مهندس أم محاسب؟ حيث يتم حساب متوسط دخله، فتمنحه له الكنيسة مع زيادة معقولة.
وفي مطرانية شبرا الخيمة التي تتبع الأنبا مرقص، الحد الأدني لراتب الكاهن يصل إلي 1500 جنيه شهريا، ومنذ سنوات كانت هناك علاوة سنوية يحصل عليها الكاهن تصل إلي خمسين جنيه، لكن الأنبا مرقص قام بزيادة هذه العلاوة السنوية، حتي وصلت العام الماضي 2009 إلي 300 جنيه، وهناك لدي الأنبا مرقص كهنة وضعهم متميز تصل رواتبهم إلي 2300 جنيه شهريا، لكن هؤلاء تكون أعباء العمل عليهم أكثر.
وعلي النقيض فالأوضاع في الأقاليم متردية، ففي إبراشية طما بسوهاج لا تزيد رواتب الكهنة بأي حال من الأحوال علي 500 جنيه، وفي كنائس الفيوم لا يحصل الكاهن إلا علي 650 جنيها، أما معاشات الكهنة فهي لا تزيد علي 300 جنيه في الشهر بأي حال من الأحوال، هكذا يمكن تفسير تلك الزيادة التي أقرها البابا شنودة مطلع هذه الأسبوع لرواتب الكهنة وهي زيادة تصل إلي 500 جنيه دفعة واحدة، لأنه من الصعب ألا يتم الربط بين هذه الزيادة وبين أزمات زوجات الكهنة في السنوات الأخيرة.. لكن من قال إن الأزمة مالية فقط؟!
بالأساس الأزمة هي أزمة حرية العقيدة في مصر، كل يوم يخرج رجل دين مسلم وقبطي ليؤكد كل منهما أن الإسلام يقر بحرية اختيار المرء لدينه، وأن المسيحية تنادي بذلك، ويقول د.محمد رأفت عثمان - عضو مجمع البحوث الاسلامية -: إن من الأمور الثابتة بالنصوص الدينية الإسلامية أنه لا يكره أحد في مجال العقيدة وهذا ما يفيده قول الله تعالي عزوجل «لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي» موضحا: «لو دخلت امرأة مسيحية الإسلام أو ارتد مسلم وذهب إلي المسيحية لن تكون هذه نهاية الكون والواجب ترك مثل هذه القضايا لأصحابها فهم أحرار فيما يعتنقون لكن الدولة أخطأت طبعا حينما سلمت كاميليا شحاتة إلي الكنيسة».. وعلي الطرف الآخر يقول إسحاق حنا - المتحدث الرسمي باسم جبهة الإصلاحيين الأقباط - قائلا: «المسيحية منهجها الأساسي هو الحرية فلا يوجد فرض ديني في المسيحية علي معتنقيها فمن حق الشخص أن يصلي أو لايصلي يصوم أو لا يصوم كما أنه لا يوجد قصاص للخارج عنها فهو دين قائم علي المحبة ولايمكن أن تكون العبادة بالإكراه» مستدركاً: «كثير من الفتيات المسيحيات اللاتي يردن التحول إلي الإسلام لا تكون رغبتهم في ذلك مدفوعة بحب وفهم حقيقي للدين الإسلامي، وفي الغالب تأتي قصص التحول عندما تحب فتاة شخصاً ما أويريد شاب الزواج من فتاة فيتحولا عن دينهما في سبيل ذلك أو تكون زوجة مسيحية راغبة في التخلص من زوجها بشكل أو بآخر فتلجأ لهذا الطريق كآخر الحلول المتاحة أمامها ،وهذا الأمريعيب حرية الاعتقاد الحر العقلاني.
ويستكمل قائلا عن قضية كاميليا: «نحن لا نعرف حقيقة الوضع إن كان خلاف أسري أو تحولاً للإسلام عن قناعة وهذا أمر تسأل عنه كاميليا التي تخطئ الكنيسة في إصرارها علي عدم إظهارها ،لأنه من الواجب عليها أن تعطي الفرصة لأي متشكك في حقيقة ما حدث أن يسأل كاميليا وأن نعلم منها الحقيقة».
الطرفان يتحدثان إذن عن حرية الاعتقاد في الإسلام والمسيحية لكن التصريحات غالبا ما تقف عند حدود الكلام فحسب، وكل رجل دين من هؤلاء لابد أن يتبع رأيه هذا بكلمة.. «ولكن»، ليضع خلفها ما يريد من «لابد» و«حتما» و«لايمكن»، لتكون المحصلة في النهاية أن كلا منهما - ومن خلفها ومثلهما كثيرون - ينحازون لحرية العقيدة فعلا ولكنهما عند الجد يقف كل منهما منحازا لدينه، والمحصلة من ذلك أن من يحكم مثل هذه القضايا في مصر ليس «حرية العقيدة والاعتقاد» وإنما الكذب فقط لا أكثر.
راجع كل التصريحات «الكاذبة» في قضية كاميليا شحاته وستتأكد من هذا..
الكنيسة قالت في بداية القضية إن الأزمة مجرد خلاف عائلي وأسري.. كذب طبعا
الأزهر امتنع عن إبداء رأيه في الأمر.. ولم يؤكد أنها أخدت خطوات في سبيل الإسلام أم لا.. هذا كذب من نوع آخر..
المسلمون الفرحون سعداء بانضمام زوجة كاهن لهم.. رغم أنها لو أشهرت إسلامها من أجل الطلاق فقط وليس اقتناعا بمبادئه وشرائعه لكانت هذه كذبة كبري صنعوها ثم صدقوها وآمنوا بها.
الأقباط الغاضبون نظموا المظاهرات التي أكدوا فيها اختطاف زوجة الكاهن لإجبارها علي الإسلام.. هذا كذب من نوع رابع..
والمثير أن كل نوع من أنواع هذا الكذب له تفسيره الخاص..
الكنيسة تكذب لتحافظ علي هيبتها وهيبة «شعبها».. رغم أن الهيبة دوما تأتي من الصدق والشجاعة في مواجهة ما يحدث وليس «غسيل المغسول».
الأزهر كذب لأنه «مؤسسة تابعة للدولة».. والدولة تكذب أيضا في مثل هذه الأمور
المسلمون كذبوا وصنعوا من إسلام كاميليا - رغم أنه غير مؤكد حتي كتابة هذه السطور - نصرا مبينا، لأنهم - بحسب بهي الدين حسن - يعيشون ملاحم من الفشل في جميع المستويات الصحية والاقتصادية والمعيشية، ويبحثون عما يظنون أنه سيغير حياتهم البائسة ويحقق لهم تفوقا زائفا.
الأقباط كذبوا لأن كنيستهم تكذب أيضا ثم إنهم يعيشون في السنوات الفائتة نشوة الخروج من القمقم.. ومتعة التعبير عن الغضب - حتي لو كان مصطنعا ويعرفون أنهم دائما علي كذب - بعد سنوات طويلة من الانغلاق والصمت والكبت.
لكن الكذب لايعيش طويلا، ونتيجته إما ظهور الحقيقة أو صناعة المزيد من الأكاذيب.
هكذا يتم الحديث الآن - ربما بهمس وبسرية وبين عدد قليل - عن أن وفاء قسطنطين قد قتلت.. لتبدأ لعبة الاحتمالات المجنونة، أثبت أنها قتلت؟ أثبت أنت أنها ليست كذلك؟ هي في مكان آمن بعيدا عن «غسيل الأدمغة»، دعونا نراها «حية» ثم لتغسلوها كما تريدون، ثم من يضمن ألا يكون مصير كاميليا شحاتة هو نفسه مصير وفاء قسطنطين.. المصري الغامض الذي لايعرفه أحد أصلا سوي مجموعة محدودة من رجال الكنيسة والأزهر والدولة لكنهم جميعا يتقنون الغموض والكذب واصطناع عدم المعرفة؟
وفي الفريق الآخر تتوالد الحكايات أيضا عن حملات منظمة لاختطاف القاصرات المسيحيات وإجبارهن علي الدخول في الإسلام بعد وضعهن في مكان سري تعرفه أجهزة الأمن والدولة والأزهر - لأنه من أين سيتم توثيق أسلمة هؤلاء -؟
لاحظ التشابه في الحكايتين.. اختطاف.. وإجبار علي الدخول في ديانة أخري، وربما قتل، كلها عناصر لقصص رعب مروعة نشأت في مجتمع مؤهل تماما لذلك، بل لعل أطرافه الرئيسية تستمتع بمثل هذه الأجواء التي تقتص من حدود الدولة والقانون لصالح الفوضي والعبثية والعصبية والتشنجات الدينية.
الشاهد إذن أن القضية ليست إسلام كاميليا أو وفاء، أو مسيحية محمد حجازي أو الطفلين أندرو وماريو - رغم أن مسألة حريتهم جميعا في اختيار ديانتهم هي مسألة ينبغي أن نقاتل من أجلها - وإنما في ذلك المناخ الطائفي المغلف بالكذب المتقن في مصر، ذلك المناخ الذي يبدو أنه امتداد لمشاريع الكذب القومية التي تعيشها مصر، تلك المشاريع التي يبدو أنها الوحيدة التي تنجح في بلد يكذب أهله علي الله ظنا منهم بأنهم - هكذا - يتقربون إليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.