أكد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون الأمريكية، تشارلز كوبتشان أن الاتحاد الأوروبي آخذ بالتلاشي بشكل تدريجي. وقال كوبتشان، وهو باحث مقيم بمجلس العلاقات الخارجية الأميركية ومؤلف كتاب "كيف يصبح الأعداء أصدقاء"، "إننا قد ننظر يوما حولنا عبر الأطلسي لندرك أن مشروع الدمج الأوروبي الذي آمنا به على مدار نصف القرن الماضي قد اختفى".
وأوضح كوبتشان، في مقال نشرته له صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، "إن الاتحاد الأوروبي لن يشهد موتًا مفاجئًا، ولكنه يتآكل بشكل بطيء عبر ازدياد ظاهرة القومية وعوامل أخرى أبرزها اقتصادية والتي قد تودي بالاتحاد رويدًا رويدًا حتى تقضي عليه".
وأضاف أن عواصم الدول الأوروبية من لندن إلى برلين إلى وارسو كلها تشهد ما وصفها بحالة من الانكفاء على الذات على المستوى السياسي، وأن البعض بدأ يشتاق إلى الماضي أو السيادة التي كان يتمتع بها على المستوى القُطري قبل أن يضحي بها من أجل فكرة الاتحاد أو ما أسماه المثل الأعلى الجماعي.
وأشار إلى أنه بالنسبة للكثير من الأوروبيين، فإنهم لم يعودوا يقلقون كثيرًا إزاء الصالح العام للاتحاد، بل صاروا يتساءلون عما يمكن للاتحاد أن يقدمه لهم؟ وبعضهم بدأ يتساءل في ما إذا كانت فكرة الاتحاد تستحق كل هذا العناء؟
وبينما أشار كوبتشان إلى أمثلة متعددة بشأن ما وصفه الانكفاء السياسي على الذات الذي بات يشكل ظاهرة عند معظم دول الاتحاد، أوضح أن الناخبين الهولنديين والفرنسيين سبق لهم عام 2005 أن صوتوا ضد اتفاقية الدستور الأوروبي، وأن انتخابات مايو 2010 بالمملكة المتحدة جاءت بائتلاف يسيطر عليه حزب المحافظين أو من وصفهم بكونهم معروفين بخوفهم من فكرة الاتحاد الأوروبي برمته.
الأزمة المالية تعصف بأوروبا وعلى صعيدٍ متصل، قال كوبتشان إن الأزمة المالية عصفت بالعديد من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، في ظل ارتفاع مديونياتها المحلية وعدم وضوح الرؤية إزاء ما أسماه "اعتلال صحة البنوك المركزية للقارة"، مما ينذر بمزيد من المشاكل والأزمات المستقبلية.
وأضاف أن الأزمة المالية وتداعياتها على دول الاتحاد الأوروبي قد تهون وتبدو عاملًا ضعيفًا أمام ما وصفه بالعلة أو الطامة الكبرى المتمثلة في ما تشهده دول الاتحاد من ميل إلى العنصرية والقومية والأممية الضيقة.
وأكد الكاتب إنه إذا استمر الأوروبيون في نهجهم السياسي والاقتصادي على هذا المنوال، فإنهم سرعان ما يخسرون اتحادهم ويتسببون في تلاشي ما وصفه بأكبر وأهم إنجازات أوروبا بالقرن العشرين أو الإنجازات المتمثلة في أوروبا متحدة متصالحة مع الذات وتسعى لأن تصبح قوة مشتركة عظمى.
الحاجة إلى جيل جديد من القادة: ولفت إلى أن أوروبا لم تعد مهتمة بالتنافس العسكري على المستوى الدولي وأن السياسات الأوروبية ماضية لأن تصبح أقل أوروبية وأكثر محلية وضيقة للدرجة التي باتت تهدد الاتحاد الأوروبي في أن يصبح اتحادًا بالاسم فقط.
وخلص كوبتشان بالقول إن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى جيل جديد من القادة يأخذون بيده للحياة، خشية أن يمضي فيموت بشكل بطيء، وإن أولئك القادة غير موجودين على الساحة في الوقت الراهن.