حذر خبراء عسكريون أميركيون من الحرب على أفغانستان، وتوقعوا أن ما سموه الحملة العسكرية الأميركية هناك ستطول وتكون باهظة التكاليف في ظل توسيع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما نطاق التزاماتها السياسية والأمنية في البلاد. ونقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن أولئك الخبراء أن تلك الالتزامات قد تستمر عشر سنوات قادمة، ما من شأنه ارتفاع معدل النفقات الأميركية في الحرب الأفغانية عن تلك التي أنفقتها الولاياتالمتحدة في الحرب على العراق.
وأوضحوا أن الولاياتالمتحدة أنفقت منذ غزوها أفغانستان قبل ثماني سنوات مبالغ ضخمة تقدر ب223 مليار دولار في تمويلها للحرب ومتعلقاتها، إضافة إلى الكلفة التي تكبدتها جراء العمليات العسكرية المباشرة وتضاعفت من 982 مليون دولار عام 2003 إلى 9.3 مليارات دولار العام الماضي.
وأضاف الخبراء أنه من شبه المؤكد أن كلفة الحرب آخذة بالتزايد في ظل الإستراتيجية الأميركية في أفغانستان المتمثلة في السعي لاستتباب الأمن وتنمية الموارد الاقتصادية وتدرييب العسكريين وقوات الأمن، وهو ما من شأنه حاجة واشنطن لنشر المزيد من قوات البلاد هناك، وبالتالي زيادة الأعباء المالية وغيرها على كاهل دافع الضرائب الأميركي.
تعزيزات عسكرية
وقال عضو فريق لجنة تقييم الإستراتيجية الأميركية في الحرب على أفغانستان الباحث في الشؤون الدفاعية بمجلس العلاقات الخارجية ستيفن بايدل "إننا سنحتاج إلى مزيد من التعزيزات العسكرية لسنوات قادمة".
وبينما يصر خبراء عسكريون على ضرورة التعزيزات العسكرية في أفغانستان، يقولون في المقابل إنهم يخشون ألا يكون الشعب الأميركي على علم بالالتزامات الكبيرة المترتبة على تنفيذ إستراتيجية أوباما هناك.
ويتوقع الخبير العسكري الأميركي مايكل أوهانلون وهو باحث بمعهد بروكينغز أنه يبدو أن الولاياتالمتحدة ستلتزم على مدار العشرين سنة القادمة بما يقارب نصف مقدار الميزانية الأفغانية، وقال إن الحرب على أفغانستان ستكلف بلاده مائة مليار دولار إضافية للعام الحالي وحده.
وأضاف أوهانلون أن الولاياتالمتحدة تخلق حالة "من المساعدات العسكرية طويلة المدى في أفغانستان" شبيهة بتلك الحالات التي تلتزم بها بلاده إزاء إسرائيل ومصر والأردن، وفق الصحيفة.
وعلى صعيد متصل قال الكاتب الأميركي سيث جونز إن إستراتيجية الولاياتالمتحدة في الحرب على أفغانستان مصيرها الفشل.
مقبرة الإمبراطوريات
وأضاف الباحث السياسي الأستاذ المساعد في جامعة جورج تاون مؤلف كتاب "في مقبرة الإمبراطوريات" بشأن الحرب الأميركية على أفغانستان أن بلاده لن تفلح في بناء دولة مركزية يحكمها القانون في أرض أفغانية تحكمها النظم القبلية.
ومضى في مقال نشرته صحيفة وول ستريت الأميركية إلى أن الولاياتالمتحدة تمكنت في أعقاب الحرب العالمية الثانية من بناء نظام دولة مستقر بدءا من أعلى الهرم في دول مثل ألمانيا واليابان.
وأضاف أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين تمكن من بناء دولة بنظام مركزي مستقر عبر ما وصفه باستخدام قوة عسكرية وأدوات استخبارية في قمع المعارضة من جذورها.
واختتم بالقول إن الأوضاع في أفغانستان شأن مختلف، وأوضح أن السلطة هناك تتجه من أسفل الهرم إلى أعلاه، وأنها تبدأ من المناطق القبلية، ودعا بلاده إلى أخذ العبر من التاريخ ومن الهزيمة التي مني به الغزو السوفيتي أمام الجبال والتضاريس والديمغرافيا الأفغانية.