حرضت وثيقة صهيونية على تدويل النزاع بين دول منابع النيل السبع من جهة، ودولتي المصب "مصر والسودان" من جهة أخرى. وكشفت صحيفة "الوفد" المصرية الثلاثاء (27-4)، أن الوثيقة سالفة الذكر من إعداد تسيفي مزائيل السفير الصهيونى الأسبق في مصر، وتتضمن دراسة خطيرة تروج للمزاعم الصهيونية حول احتكار مصر لمياه النيل وحقوق دول المنابع المهدرة بسبب المواقف المصرية. واتهم مزائيل "مصر بتجاهل المطالب (الشرعية) لدول المنابع"، وقال بزعمه "بدلاً من قيام مصر بالبحث عن حلول واقعية وعملية سارت نحو حرب غير منطقية، ولذا أدعو إلى تدخل الأممالمتحدة والقوى الدولية الكبرى في الأزمة". وأضاف "لا يبدو أن مصر ستقوم بإرسال جيشها إلى دول المنابع من أجل تشديد المراقبة على كافة دول حوض النيل، وإيقافها بالقوة إذا ما تطلب الأمر ذلك". وأردف السفير الصهيوني الأسبق بالقاهرة "مصر بسبب تجاهلها مشكلة مياه النيل والحصص تقف الآن في مواجهة معضلة بالغة الصعوبة، وهي مضطرة للبحث عن حلول واقعية لمنع خفض كميات مياه النيل التي تحصل عليها بدون الدخول في مواجهة مع دول المنابع".
خسارة 20 مليار دولار وقد صرح الدكتور نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والرى قبل سفره إلى أوغندا لرئاسة الاجتماع السنوى للمانحين لمبادرة حوض النيل، أن الاجتماع المرتقب سيناقش العديد من القضايا المهمة فى مقدمتها مراجعه الأداء ومعدلات التنفيذ فى مشروعات الرؤية المشتركة على مستوى الحوض ككل والأحواض الفرعية وخطط التمويل حتى نهاية المبادرة عام 2012. وأضاف الوزير فى بيانا له الأربعاء (28-4)، أن الاجتماع سيتطرق أيضا إلى بحث موقف المنح المقدمة من أكثر من 20 دولة وهيئة مانحة، وما تم إنفاقه خلال العامين الأخيرين على الدراسات الفنية الخاصة بتلك المشروعات التى تتضمن 24 مشروعا فى مختلف مجالات التنمية، من بينها مشروع تطوير الرى بغرب الدلتا ومشروع الرى بأثيوبيا ومشروع الربط الكهربائى بين مصر وأثيوبيا والسودان. قال د. علام، إنه سيعرض بالتفصيل نتائج اجتماعات المجلس الوزارى لدول حوض النيل الذى عقد بمدينه شرم الشيخ منتصف أبريل الجارى وتداعيات ما حدث من انقسام بين الحوض "دول منبع" و"مصب " وتأثير ذلك على أنشطة المبادرة ومشروعاتها المختلفة. وكشف الوزير أن فشل إتمام اتفاقية المبادرة واستمرار الانقسام بين دول المنبع من ناحية والمصب من ناحية أخرى سيضيع نحو 20 مليار دولار على دول الحوض، هى حجم تحويل المشروعات المشتركة التى سوف تمولها الجهات المانحة لخدمة شعوب النيل وتحسين مستواهم المعيشى والخدمى وتنمية موارد النهر وذلك فى حاله إتمام المبادرة والانتهاء من دراسة الجدوى للمشاريع المقترحة. وأشار الوزير إلى أنه سيعقد على هامش الاجتماعات سلسلة من اللقاءات المنفردة مع رؤساء وفود الجهات المانحة ومؤسسات التمويل الدولية للوقوف على رؤيتهم واستطلاع آرائهم حيال ما حدث فى شرم الشيخ من انقسام دول الحوض وتأثير ذلك على مشاريع المبادرة. الأمن المائي حياة أو موت من جهته، قال هاني رسلان المتخصص في الشئون الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية "الخلاف بين دول حوض النيل ليس خلافًا فنيًا بل هو سياسي في المقام الاول وعلى هذه الدول أن تدرك حقيقة أن التوقيع على اتفاق بين هذه الدول دون وجود مصر والسودان هو تصرف عدائي يلزم بالتلويح باستخدام كل الوسائل المتاحة للدفاع عن أمنها المائي باعتباره حياة أو موت". وترى الدكتورة هالة عصام الدين الباحثة بمعهد الدراسات الأفريقية أن الدولة الصهيونية تحاول أن تصل بالأمر إلى العداء والمشاحنات حيث تتواجد بكثافة في أفريقيا وتطرح مشروعات يسيل لها لعاب الدول الأفريقية الفقيرة. ودعت الدكتورة هالة إلى تنفيذ مبادرة حوض النيل التي وضعتها دول المنبع والمصب منذ 1998، بهدف إنشاء المشروعات الإستراتيجية فيما بينها من أجل النهضة والتنمية لكنها لم تنفذ حتى الآن.
مخطط صهيونى وفى السياق، كشفت دراسة أعدها الدكتور عادل عامر رئيس مركز "الجبهة للدراسات الاقتصادية والسياسية" عن المخطط الصهيوني الرامي للحصول على حصة من مياه نهر النيل، عبر محاولة التغول في دول المنابع، ومحاولة تحريضها على مصر والسودان لتقليص حصتيهما من المياه، إضافة إلى قيامها بسرقة المياه الجوفية، عبر حفر آبار بالقرب من منطقة الحدود المصرية. وأوضح أنه في الوقت الراهن هناك خمسة مشاريع أساسية يقوم عليها الصهاينة، الأول مشروع استغلال الآبار الجوفية من خلال قيام الدولة الصهيونية بحفر آبار جوفية بالقرب من الحدود المصرية، حيث ترى أن بإمكانها استغلال انحدار الطبقة التي يوجد فيها المخزون المائي صوب اتجاه صحراء النقب. واستند إلى ندوة لمهندسين مصريين كشفت أن تل أبيب تقوم بسرقة المياه الجوفية من سيناء وعلى عمق 800 متر من سطح الأرض، وتقرير أعدته لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب المصري في يوليو 1991، اتهم الدولة الصهيونية بأنها تعمدت خلال السنوات الماضية سرقة المياه الجوفية في سيناء عن طريق حفر آبار ارتوازية قادرة، وذلك باستخدام آليات حديثة، على سحب المياه المصرية.
مياه السلام! أما المشروع الثاني فقد كشفه الكاتب الراحل كامل زهيرى في كتابه "النيل في خطر"، وهو مشروع اليشع كالي وهو مهندس صهيوني كان قد طرح في عهد السادات من خلال طلب تقدم به إلي الرئيس المصري الراحل شخصيا، وكان عبارة عن تخطيط دقيق لمشروع يقضي بنقل مياه النيل إلى الكيان الصهيونى، ونشر المشروع تحت عنوان (مياه السلام) والذي يتلخص في توسيع ترعة الإسماعيلية لزيادة تدفق المياه فيها، وتنقل هذه المياه عن طريق سحارة أسفل قناة السويس بعد اتفاقيات السلام لتنفيذ المشروع. والمشروع الثالث، هو مشروع "يؤر" الذي تبناه الخبير الصهيوني شاؤول أولوزوروف النائب السابق لمدير هيئة المياه الصهيونية وقدمه للرئيس أنو السادات مستغلا مباحثات كامب ديفيد وعملية السلام بين مصر والكيان الصهيونى ويهدف إلى نقل مياه النيل إلى الكيان عبر شق ست قنوات تحت مياه قناة السويس، وبإمكان هذا المشروع نقل 1 مليار متر مكعب، لري صحراء النقب منها 150 مليون متر مكعب، لقطاع غزة، ويرى الخبراء اليهود أن وصول المياه إلى غزة يبقي أهلها رهينة المشروع الذي تستفيد منه إسرائيل. والمشروع الرابع هو المشروع الشهير "ترعة السلام" هو مشروع اقترحه السادات في حيفا عام 1979م، وقالت مجلة "أكتوبر" المصرية "إن الرئيس السادات التفت إلى المختصين وطلب منهم عمل دراسة عملية كاملة لتوصيل مياه نهر النيل إلى مدينة القدس لتكون في متناول المترددين على المسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط البراق". المشروع الخامس، هو مشروع سد "فيشا"، الذي بدأ العمل فيه منذ العام 1984، وكان بمساعدة صهيونية، بتمويل من بنك التنمية الأفريقي، وهو مشروع يؤثر على حصة مصر من مياه النيل بحوالي نصف مليار متر مكعب، وتدرس ثلاثة مشروعات أخرى يفترض أنها سوف تؤثر على مصر بمقدار 7 مليارات متر مكعب سنويًّا في الوقت الذي سوف تعاني فيه مصر عجز مائي بعد 7 سنوات فقط حوالي 15مليار متر مكعب.
ترويض مجرى النيل! وأشارت الدراسة إلي أن الدولة الصهيونية تطمع في أن يكون لها بصورة غير مباشرة اليد الطولي في التأثير على حصة مياه النيل الواردة لمصر وبدرجة أقل السودان؛ وذلك كورقة ضغط على مصر للتسليم في النهاية بما تطلبه تل أبيب، بل إن للخبراء الصهاينة لغة في مخاطبة السلطات الإثيوبية تتلخص في ادعاء خبيث يقول أن حصص المياه التي تقررت لبلدان حوض النيل ليست عادلة؛ وذلك أنها تقررت في وقت سابق على استقلالهم، وأن الدولة الصهيونية كفيلة بأن تقدم لهذه الدول التقنية التي تملكها من ترويض مجرى النيل وتوجيهه وفقاً لمصالحها". وفي هذا الإطار، تتوارد الأنباء والأخبار عن مساعدات صهيونية لإثيوبيا لإقامة السدود وغيرها من المنشآت التي تمكنها من السيطرة والتحكم في مياه النهر، بل إن الدولة الصهيونية تقدمت لإثيوبيا بعدة مشاريع وصلت لأكثر من 13 مشروعًا ما بين سدود وبنية تحتية وصلت تكلفتها المبدئية لأكثر من 7 مليار دولار، ولقد دأبت العواصم المعنية بدءً من أديس أبابا مرورًا بالقاهرة وانتهاء بتل أبيب على نفي هذه الأنباء. والاحتمال الأرجح هو تورط الكيان الصهيونى بالمشاركة في مساعدة إثيوبيا في إنشاء السدود على النيل الأزرق، وهو ما يفسر المشكلة القائمة الآن بين مصر وإثيوبيا بسبب اتفاقية حوض النيل التي عقدت مؤخرا في شرم الشيخ.
دعم عسكرى صهيونى كما أكدت الدراسة أن الدولة الصهيونية تقدم إغراءات كبيرة لكينيا وصلت لتقديم معونة سنويا تصل إلى 500 مليون دولار سنويا وتسديد جميع ديونها بل وصل الأمر بتل أبيب برغبتها في تدعيم تلك الدول عسكريا حتى تكون على أتم الاستعداد إذا ما تطور الأمر وحدثت حرب. واختتمت الدراسة بالقول، إن الدولة الصهيونية كان لها الدور الأكبر في إحداث الوقيعة بين دول حوض النيل لتقليص حصة مصر والسودان البالغة 85 مليار متر مكعب، وأنه لن يهدأ للدولة الصهيونية بال حتى يكون لها نصيب من حصة النيل، خاصة أن كتبهم تؤكد إن "إسرائيل الكبرى" تحتوي نهر النيل. وفي دراسة أخرى، كشفت الدكتورة بشرى سالم رئيس قسم علوم البيئة بجامعة الإسكندرية عن قيام الدولة الصهيونية بعمليات سحب من المياه الجوفية في سيناء بكميات كبيرة يوميا. وعن وضع المياه الجوفية في مصر، قالت إن هناك عمليات سحب كبيرة تحدث في الكثير من الأماكن لدرجة أن منسوب المياه الجوفية في بعض الأماكن انخفض لمسافة 10 أمتار تقريبا، وهذا يعنى وجود تهديد مباشر وصريح للمخزون الجوفي لمصر خاصة وأن كل الزراعات في المناطق الصحراوية تعتمد على هذه المياه الجوفية، الأمر الذي تسبب في نقص المنسوب وهو ما أثر على خصائص المياه وأصبحت جودتها أقل بسبب الملوحة الزائدة. وحذرت الدراسة من تحول مياه نهر النيل إلى مياه مالحة عند نقطة التقاء فرع رشيد بالبحر المتوسط بسبب دخول مياه البحر إلى فرع النيل. علي اعتبار أنه كلما انحسرت المياه الجوفية ازدادت درجات الملوحة.
وإغراءات وفى سياق التوغل الصهيونى فى أفريقيا، أعلن شالوم سمحون، وزير الزراعة والتنمية الريفية الصهيونى، عن استعداد بلاده لتقديم كافة المهارات والتكنولوجيا اللازمة للدول الإفريقية التي تكافح للحفاظ على منتجاتها الزراعية التي تعتمد على مياه الأمطار والتي صارت تتراجع باطراد خلال الآونة الأخيرة. وزعم شالوم أن الغرض من جولته هو تقاسم المعرفة والعلوم وخاصة في مجال الري وإدارة المياه، مدعيًا أن ذلك يمثل محور جولته التي تشمل السنغال وساحل العاج والجابون . وتأتي رحلة شالوم في حين يواجه حوالي عشرة ملايين نسمة في غرب ووسط إفريقيا نقصا في الغذاء بسبب تراجع معدلات سقوط الأمطار. وحاول شالوم نفي أي أغراض أخرى لجولته بقوله "نحن لا نصل إلى هنا في إفريقيا لأخذ موارد من الدول الإفريقية. نحن هنا لكي نعطي المعرفة والقدرات لهذه الدول كي تتطور" وفق مزاعمه. وأضاف الوزير الصهيوني أن "إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي استطاعت غزو الصحراء، وأن أكثر من 50% من صادراتنا تأتي من مناطق شبه جافة"، مدعيًا أن "هذه نقطة قوتنا.. وهذا ما نود أن نجلبه إلى هنا"، على حد زعمه . وتسعى الدولة الصهيونية بشكل دائم إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع العديد من الدول الإفريقية، بقصد الحصول على امتيازات واحتكارات لبعض الأنشطة التجارية، لعل أبرزها كان احتكارها لتجارة الماس في الكونجو الديمقراطية في مقابل عائد مالي زهيد للغاية، قبل أن تثير هذه المسألة احتجاجات داخلية وخارجية عنيفة على حكومة الكونغو الديمقراطية، مما اضطرها إلى إلغاء هذا التعاقد لاحقاً.