هدّد مسئول مصري وللمرة الأولى بمنع تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل إذا ثبت أنّ لها دورًا في الأزمة الحالية بين دول منابع النيل السبع ودولتي المَصَبّ مصر والسودان، الأمر الذي يهدّد أمن مصر المائي ويعرضها للعطش. ويأتِي التهديد المصري في ظلّ التحذير الدائم لخبراء شؤون المياه من أنّ الوجود الإسرائيلي في دول حوض النيل أصبح أقوى من الوجود المصري، مؤكدين أنّ وجود دولة الاحتلال هناك لا يصب إطلاقًا في خدمة المصالح المصرية، بل إنه يمثل "عامل إزعاج" لمصر، مضيفين أنّ إسرائيل إذا لم تنجح في الضغط علي دول الحوض لتخفيض حصة مصر السنوية من مياه النيل فإنّها ستنجح على الأقل في منع زيادة حصة مصر السنوية من مياه النيل. كما يأتِي التلويح المصري باستخدام سلاح الغاز الطبيعي لترهيب الإسرائيليين، في ظلّ تقارير صحفية كشفت في وقت سابق عن أنّ الشركة المصرية الإسرائيلية المسئولة عن توريد الغاز الطبيعي المصري لإسرائيل وقعت على صفقة جديدة لتوريد كميات ضخمة من الغاز الطبيعي لإسرائيل لمدة 17 عامًا، وجاء أيضًا أنه من حق الشركة الإسرائيلية أن تمدد العقد لمدة خمس سنوات إضافية. يذكر أنه وبعد مرور أكثر من 30 عامًا على اتفاقية "كامب ديفيد" للسلام بين القاهرة وإسرائيل، فما يزال الجدل يثار حول الجدوى الاقتصادية من تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل الذي يتمّ بموجب اتفاق وقع في العام 2005 لتوريد حوالي مليار متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي المصري ولمدة 15 عامًا بسعر يقال إنه لا يتعدى 7 سنتات للقدم المكعب الواحد. في هذه الأثناء، أكّد الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الرَّي المصري، أن تأكيد البنك الدولي امتناعه عن تمويل أي مشروعات بدول منابع النيل السبع "بوروندي، والكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، وكينيا، ورواندا، وتنزانيا، وأوغندا"، دون موافقة دولتي المصب "مصر والسودان" يدعو إلى التفاؤل بشأن عدم الإضرار بحصص مصر من المياه في حالة إقامة أي مشروعات بدول المنبع تعوق وصول المياه إلى مصر. وقال القوصي: "باقي الدول المانحة ليس لها مواقف معلنة، فالصين شاركت في إنشاء سدود بإثيوبيا وغيرها من دول المنبع دون أن يكون لها موقف سياسي، وفى حالة عدم موافقة مصر أو السودان ستتوقف عن تمويل مثل هذه المشروعات، لافتًا إلى أنّ الخطورة قد تكون من دول مانحة أخرى خارجية تعمل مع دول المنبع خارج إطار المبادرة مثل إسرائيل إلا أنه أكّد أن مصر يمكنها الضغط عليها بمنع تصدير الغاز الطبيعي لها". يذكر أن إسرائيل تطمع بمياه النيل، ولم تخف هذه الأطماع في يوم من الأيام حيث طالبت مصر بتحويل مياه النهر من مَصَبّه في البحر الأبيض المتوسط إلى صحراء النقب، وعندما باءت مطالبها بالفشل، لجأت إلى إثارة الضغائن والأحقاد لدى الدول الإفريقية ضد مصر، وأوعزت لهذه الدول بمطالبة مصر بإعادة النظر في الاتفاقيات التاريخية الموقعة بينها والخاصة بتقسيم مياه النهر. وكانت وزارة الخارجية المصرية كشفت في ديسمبر 2009 أنّ إسرائيل وافقت على تمويل إنشاء 5 سدود لتخزين مياه النيل بكل من تنزانيا ورواندا، وكان نصيب تنزانيا من هذه السدود أربعة سدود، أما رواندا فسوف يكون نصيبها سدًا واحدًا، وأشارت أن كلاً من الدولتين ستنشئان هذه السدود دون إخطار مصر وأخذ موافقتها المسبقة. وجاءت موافقة دولة الاحتلال على إقامة هذه السدود في أعقاب زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي المتطرف، أفيجدور ليبرمان إلى خمس دول إفريقية في شهر أيلول 2009، بينها 3 تقع في منطقة حوض النيل، واستغرقت 10 أيام، وبحث خلالها إنشاء مشروعات مياه مشتركة إلى جانب تطوير العلاقات الاقتصادية معه. وخرج وقتها وزير الرّي المصري، ليقلل من تأثير زيارة ليبرمان لإفريقيا، وقال: إن بلاده لا ترى أي تأثير لزيارة ليبرمان إلى عدد من دول حوض النيل منها أوغندا إثيوبيا وكينيا، على الأمن المائي لدول حوض النيل، وأضاف أن التحركات التي يقوم بها ليبرمان غير مقصود بها مصر وأمنها المائي. وتأتي تصريحات القوصي في الوقت الذي اجتمع فيه يوم الأربعاء 17 جهة دولية مانحة لمبادرة حوض النيل على رأسهم البنك الدولي، وبنك التنمية الإفريقي، بمدينة عينتيبي الأوغندية، لبحث موقف الدول المانحة تجاه مشروعات مبادرة حوض النيل، وذلك برئاسة الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والري المصري، باعتباره رئيس المجلس الوزاري لدول الحوض. ومن المنتظر أن يناقش علام مع الدول المانحة مدى استعدادها وموقفها الحالي من استمرار الدعم من عدمه، بعد أن اتجهت بعض الجهات المانحة إلى التوقف عن الدعم لحين التوصل إلى اتفاق شامل بشأن الاتفاقية الإطارية، حيث أصرّت على ضرورة الاتفاق بين دول حوض النيل كشرط أساسي لاستمرار الدعم. وكانت إسرائيل قد كشفت عن دورها في الأزمة الحالية بين دول حوض النيل، بعدما طالبت وثيقة إسرائيلية بتدويل النزاع بين دول منابع النيل السبع من جهة، ودولتي المصب "مصر والسودان" من جهة أخرى. وحسبما ذكرت صحيفة "الوفد" المعارضة في عددها الصادر يوم الثلاثاء، أعدّ الوثيقة تسيفي مزائيل سفير إسرائيل السابق في مصر، وتتضمن دراسة خطيرة تحمل المزاعم الإسرائيلية حول احتكار مصر لمياه النيل وحقوق دول المنابع المهدرة بسبب المواقف المصرية. واتهم مزائيل مصر ب"تجاهل المطالب الشرعية لدول المنابع"، وقال: "بدلاً من قيام مصر بالبحث عن حلول واقعية وعملية سارت نحو حرب غير منطقية"، داعيًا إلى تدخل الأممالمتحدة والقوى الدولية الكبرى في الأزمة". وأشار إلى أنه لا يبدو أن مصر ستقوم بإرسال جيشها إلى دول المنابع من أجل تشديد المراقبة علي كافة دول حوض النيل، وإيقافها بالقوة إذا ما تطلب الأمر ذلك، كما أشار إلى أن مصر بسبب تجاهلها مشكلة مياه النيل والحصص تقف الآن في مواجهة معضلة بالغة الصعوبة. وقال مزائيل: "مصر مضطرة الآن للبحث عن حلول واقعية لمنع خفض كميات مياه النيل التي تحصل عليها بدون الدخول في مواجهة مع دول المنابع". وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، قد اختار إثيوبيا وكينيا وأوغندا، وغانا ونيجيريا، كمحطات لجولته التي استغرقت 10 أيام اختتمها، في 11 سبتمبر الماضي، وحسب المصادر الإسرائيلية فإن ليبرمان بحث سبل إنشاء مشاريع مياه، وقالت: إن الدول التي زارها الوزير تعاني من مشاكل مياه، وإن إسرائيل لها تجربة جيدة، في مجال تحلية المياه، وعرضت خدماتها على مسئولي تلك الدول.