اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحاضر في ندوة بجامعة سوهاج    سعر الدرهم الإماراتي بالبنوك أمام الجنيه اليوم السبت 11-5-2024    البيت الأبيض يستبعد وصول مستوى العمليات العسكرية في رفح لمرحلة الهجوم البري    ريال مدريد يتأهب للاحتفال بلقب الليجا أمام غرناطة    «الأرصاد»: طقس السبت حار نهارا.. والعظمى بالقاهرة 30 درجة    غدا.. "الشيوخ" يناقش خطط التوسع بمراكز التنمية الشبابية ودور السياسات المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية    إيجابية نتيجة تحليل المخدرات لمطرب المهرجانات عصام صاصا وقرار جديد ضده    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    عمرو أديب: "لعنة مصر" هي الموظفون    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    ابن امه، أصغر أنجال ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري بعد تدخل ميلانيا    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    إصابة 10 أشخاص في تصادم ميكروباص مع سيارة نقل بالطريق الدائري (صور)    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    موعد مباراة توتنهام أمام بيرنلي في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    الحماية المدنية تسيطر على حريق جراج بأبو النمرس    بوكانان يوقع على هدفه الأول مع إنتر ميلان في شباك فروسينوني    780 جنيها انخفاضًا ب «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    بكام سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 11 مايو 2024    حركة القطارات | 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 مايو    قوات الاحتلال تقتحم بلدة عصيرة وقرية قوصين في محافظة نابلس    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    في أقل من 24 ساعة.. «حزب الله» ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    اليوم.. نظر محاكمة 35 متهما بقضية "خلية الاتجار بالعملة"    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواندا تتزعم لوبي مائي صهيوني يهدد الأمن القومي في مصر والسودان
نشر في الشعب يوم 22 - 11 - 2009

تكشفت في الفترة الأخيرة حقائق حول أن كيان العدو الصهيوني، يواصل دبلوماسية مكوكية بين دول حوض النيل بما يؤثر على المصالح الحيوية الإستراتيجية لكل من السودان ومصر، وكان آخر هذه التحركات مفاجأة وزير الموارد الطبيعية الرواندي ستانيزلس كامنزى، بتصريحه لأول مرة، بأن دول حوض النيل السبعة، قد تنظر فى توقيع الاتفاق "الإطاري" دون مصر والسودان، حتى لو أدى ذلك إلى زيادة الخلافات، ما يعني عملياً أن كيان الاحتلال بات قريباً جداً من تحقيق حلم جريان نهر النيل في طرقات تل أبيب ليروى أحقاد وظمأ بني صهيون.
وأفادت مصادر صحفية في رواندا، بأن نائب رئيس البرلمان الرواندي "جان دامسين"، دعا النواب إلى دعم اقتراحه باستدعاء وزير الموارد الطبيعية الرواندي "كامينزى" إلى البرلمان، لمناقشته فى أسباب إخفاق أعضاء دول حوض النيل فى توقيع اتفاقية تعاونية بينهم، تسمح بإعادة توزيع حصص المياه، وهو ما ترفضه القاهرة والخرطوم، اللتين تتمسكان بحقوقهما التاريخية في مياه النيل.
وأوضح رئيس البرلمان أن اجتماعات دول حوض النيل، التى تمت فى مصر بحضور البلدان التسعة المطلة على حوض النيل، لم تتوصل فى يوليو الماضى، إلى إبرام اتفاق المرحلة الانتقالية للحوض، التى كانت موجودة لمدة 10 سنوات، ولم يتم إنشاء موقع دائم للجنة حوض النيل، من خلال البلاد الأعضاء، للعمل على تطوير وإدارة مياه النيل.
وقال دامسين إن مصر وأحضرت وفدا كبيرا خلال الاجتماع، كان هدفه التأثير على وفود دول حوض النيل، لإقناع حكوماتهم بعدم الموافقة والتوقيع على الاتفاق، "وكانت هذه إستراتجيتهم السرية"، وأضاف أن رواندا أوصلت رسالتها للمشاركين فى هذا الاتفاق، الذي تطلب مصر تعديله، بأنه يجب التوصل إليه فى أقصر وقت ممكن.
وأشارت المصادر الرواندية، إلى موافقة سبع دول من ضمن 9 فى حوض النيل حتى الآن، ومع ذلك فإن مصر والسودان رفضتا التوقيع عمدا، وأعاقتا التقدم نحو التوقيع على المعاهدة، وذلك لأنهم يريدون الأخذ فى الاعتبار معاهدة 1929، التى تمت بين مصر وبريطانيا، وتتضمن الحديث عن حق مصر التاريخي فى مياه النيل.
أياد صهيونية
وفي سياق متصل أرجع خبراء مصريون في الشأن الإفريقي تعثر التوقيع على تعديل اتفاقية مياه النيل بين الدول المعنية العشرة إلى وجود "أياد صهيونية" تريد "العبث بأمن مصر المائي وابتزازها للحصول على حصص من مياه نهر النيل"؛ ما يجعلها "عمليا" الدولة "رقم 11" في منظومة حوض النيل.
وقال الخبراء أن :"إسرائيل تسعى لتحقيق هذا الهدف من خلال تحريض باقي دول حوض النيل للضغط على مصر من أجل إجراء تعديلات على الاتفاقية التاريخية بما يسمح لهذه الدول بإقامة مشروعات على منابع النيل تنال من حصة مصر والسودان".
وحذر الدكتور حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والخبير في الشأن الإفريقي، من وجود :"أطراف أجنبية -على رأسها إسرائيل- تريد تسييس قضية المياه من أجل النَيْل من حصة مصر من المياه".
ورفضت القاهرة في اجتماعات المجلس الوزاري لدول حوض النيل الذي عُقد في العاصمة الكونغولية كينشاسا التوقيع على تعديلات اتفاقية حوض النيل في غياب نص صريح يضمن عدم المساس بحصتها التاريخية من المياه (55 مليار متر مكعب سنويا)، ويضمن كذلك الإخطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل، وأن يكون تعديل الاتفاقية بالإجماع، وليس بالأغلبية.
ولفت الدكتور عبد الرحمن إلى إصرار مصر على التمسك بحقها التاريخي في مياه النيل بموجب الاتفاقية المائية التي أبرمت في ظل الاستعمار البريطاني عام 1929، محذرا من خطورة الموقف الحالي، حيث إنه للمرة الأولى تقف مصر والسودان في جانب وجميع دول حوض النيل (إثيوبيا وأوغندا وإريتريا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي والكونجو الديمقراطية) في جانب آخر.
يذكر أن اتفاقية 1929 تلزم دول منابع النيل وبحيرة فيكتوريا بعدم القيام بأي مشاريع مياه بدون موافقة مصر، حيث تمنح هذه الاتفاقية مصر حق النقض "الفيتو" على أي مشروع بشأن مياه نهر النيل من شأنه التأثير على منسوب مياه النيل التي تصل إلى مصر، باعتبارها دولة المصب، لكن بعض دول المنبع تعتبر هذا الاتفاق "ظالما لها ويجب تعديله".
حملة إغراء صهيونية
هذا وتثير حملة الإغراء التى تقودها حاليا تل أبيب لجذب الدول الأفريقية قلق مصر، التى لا تريد أن تُطرح من جديد مسألة تقسيم مياه نهر النيل.
هذا ما ذهبت إليه صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية فى تعليقها على جولة وزير خارجية كيان العدو الصهيوني فى دول حوض النيل، مشيرة إلى أن كيان العدو يضع نصب عينيه مياه نهر النيل، و تعلم جيدا الدرس من إخفاقاته السابقة فى الحصول عليها، ربما أنه يستعد اليوم لمحاولة جديدة.
تقول الصحيفة إن الجولة التى يقوم بها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان فى دول حوض النيل حاليا، فى كل من أثيوبيا وكينيا وأوغندا، لا تمر مرور الكرام فى القاهرة، التى ترى فيها "تهديد لاستقرار مصر"، و "تهديد للأمن القومى" أو أيضا "تطور خطير" فى الأوضاع. إذ تمثل هذه المبادرة – التى هى الأولى من نوعها منذ خمسة وعشرين عاما – بالنسبة إلى مصر مناوشة جديدة فى حرب المياه التى تكمن فى الشرق الأوسط، والتى قد تنشأ إحدى معاركها الرئيسية فى قلب أفريقيا.
وتشير الصحيفة إلى "البارانويا" التى تتربص بالجانب المصرى حيال الجولة التى يقوم بها وزير الخارجية الإسرائيلى، وهو ما يعكسه تحذير وزير الرى محمد نصر علام : "إسرائيل لن تتردد فى تقديم النصيحة لإثيوبيا ببناء سدود على مجرى نهر النيل"، مذكرا بأن 80 ٪ من المياه المتدفقة فى القاهرة تأتى من النيل الأزرق ومنبعه إثيوبيا.
وتلاحظ الصحيفة أن مصر تأخذ هذه المسألة على محمل الجد الآن وفيما مضى، حتى أن الرئيس السادات هدد فى 1978 بإعلان الحرب ضد أديس أبابا إذا لم تتنازل عن فكرة مشروع إنشاء سد على بحيرة تانا.
وتؤكد الصحيفة أن هذه المسألة تشكل بالنسبة لمصر مسألة حياة أو موت، لاسيما وأن 95 ٪ من احتياجاتها من المياه تأتى من نهر النيل، فى الوقت الذي تتمتع فيه على العكس بلدان أفريقيا الوسطى بالأمطار الغزيرة، التى يضيع جزء كبير منها فى المستنقعات غير المستخدمة.
وهو الأمر الذي جعل الآراء فى القاهرة تذهب إلى أنه قبل مطالبة مصر ببذل جهود بهذا الشأن، يتحتم فى البداية على دول حوض النيل العمل على ترشيد استخدام المياه.
إذ تشير الصحيفة إلى أن الجولة الإسرائيلية تتزامن فى الواقع مع مطالبة بلدان حوض النيل فى جنوب أفريقيا، وعلى رأسها إثيوبيا وكينيا، بإعادة تقسيم مياه النيل فيما بينها. حيث تخصص المعاهدة الحالية، التى تمت صياغتها فى 1929 من قبل السلطة الاستعمارية البريطانية، ثم خضعت للتعديل بعد ذلك بثلاثين عاما، حصص مواتية جدا لمصر (55 مليار متر مكعب) وللسودان (18 مليار متر مكعب). كما تمنح المعاهدة لمصر حق الاعتراض على أى القيام بأى مشروعات يحتمل أن تؤثر على تدفق النهر.
وتضيف الصحيفة أن أحد المصادر الأخرى لتخوف مصر يكمن فى احتمال انفصال جنوب السودان، لاسيما وأنه من المنتظر إجراء استفتاء حول حق تقرير المصير فى 2011. وهو ما يعلق عليه أحد المسئولين المصريين قائلا : "إننا لا نريد أن نفسح المجال للقوى الأجنبية التى تشجع على استقلال جنوب السودان مثل الولايات المتحدة وإسرائيل". وقد وعد الرئيس مبارك العام الماضى خلال أول زيارة يقوم بها رئيس مصري إلى جوبا منذ 1962 بتوسيع الاستثمارات المصرية فيها.
تخلص الصحيفة إلى أن صراع النفوذ بين مصر وإسرائيل يدور على أقصى مدى. ففى حين تقوم القاهرة بتمويل حفر الآبار فى كينيا أو تنظيف البحيرات فى أوغندا، تشارك تل أبيب فى بناء السدود فى إثيوبيا وتتعهد بتمويل ثلاثة مشروعات أخرى فى أوغندا. إن هذا النوع من "إغراء" البلدان الأفريقية يتجاوز بكثير مجرد كونه منافسة دبلوماسية. فبالنسبة لإسرائيل، يتمثل المحك الأساسى فى الولوج إلى مياه النيل، هذا الكنز الذي توصله بالفعل قناة السلام التى حفرتها مصر لري شمال سيناء، حتى باب إسرائيل.
وهى ليست بالفكرة الجديدة، بما أن تيودور هرتزل كان قد سبق وتطلع إليها. وفى 1974 قوبلت فكرة مشروع عودة القدس الشرقية للفلسطينيين مقابل حصول إسرائيل سنويا على 840 مليون متر مكعب - وهو ما كان يكفى لتغطية الاحتياجات المائية لإسرائيل فى ذلك الوقت – بالرفض من قبل إثيوبيا والسودان وأيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن.
وبعد خمس سنوات حاولت إسرائيل مرة أخرى إعادة التجربة بعد توقيع معاهدة السلام فى كامب ديفيد، إلا أن مصر قد اعترضت، بحجة أن مثل هذا القرار يتطلب موافقة جميع الدول حوض النيل، لقد تعلمت إسرائيل الدرس جيدا وربما أنها تستعد للهجوم القادم.
إسرائيل تقف وراء إشعال الموقف
ومن جهته قال الخبير المصري الدكتور أحمد يوسف القرعي إن :"إسرائيل تقف وراء إشعال الموقف بحوض النيل نظرا لما لها من أطماع في الحصول على نصيب من مياه النهر تستفيد به في زراعة صحراء النقب، مشيرا إلى أن مصر تعي هذه الأهداف الإسرائيلية وترفضها بشكل قاطع.
وكشف الخبير المصري النقاب عن قيام القاهرة بوقف العمل بمشروع ترعة السلام بعد أن وصلت المياه بالفعل إلى منتصف سيناء حتى لا تكون مطمعا لإسرائيل.
وأضاف القرعي أن إسرائيل تريد أن تكرس حقيقة مزاعمها بأنها الدولة ال11 في منظومة حوض النيل، وأن تفرض الأمر الواقع بعد فترة زمنية، ومن ثم تشارك بالمفاوضات حول اقتسام المياه بين دول حوض النيل.
وأكد أن إثيوبيا وأوغندا وكينيا تستضيف على أراضيها مشروعات إسرائيلية سوف يكون لها تأثيرها على حصص مصر من المياه، مشيرا إلى أن تل أبيب تستخدم هذه الدول أداة لتنفيذ أجندتها بمنطقة حوض النيل مقابل تقديم وعود إسرائيلية لها بمصالح محددة.
الدكتور حمدي عبد الرحمن لم يستبعد في الوقت نفسه أن تتجاوز مصر الأزمة مع دول حوض النيل، وذلك من خلال "علاقاتها الثنائية وثقلها التاريخي والتفاوض، وذلك لتفويت الفرصة على أي أطراف تريد إحداث أزمة بين الجانبين".
وقد صرح وزير الري المصري الدكتور محمد نصر الدين علام عقب انتهاء اجتماع كينشاسا بأن مشروعات التعاون المشترك مع دول الحوض سوف تستمر وكذلك المساعدات باعتبارها ضمن محطات التفاوض، مؤكدا أن القاهرة سوف تستوعب رغبات دول حوض النيل بما يضمن في ذات الوقت مصلحة مصر.
المساس بحصة مصر
ولفت إلى أن دول حوض النيل ستعلن في يوليو المقبل في الاجتماعات المقررة للمجلس الوزاري المقرر عقده بالقاهرة موقفها من الاقتراحات المصرية، مشيرا إلى أن الوضع الحالي لا يضيرها، فالقاهرة "موقعة على اتفاقيات ملزمة لجميع دول الحوض وفيها السودان".
وعن الشروط التي وضعتها مصر قبل توقيع الاتفاقية في كينشاسا قال وزير الري في تصريحاته للصحفيين: "مصر اشترطت للتوقيع على الإطار القانوني والمؤسسي أن تتضمن الاتفاقية نصا صريحا يتضمن عدم المساس بحصة مصر من مياه النيل وحقوقها التاريخية في المياه".
وأشار إلى شرط آخر للتوقيع، وهو أن تكون جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الاتفاقية بالإجماع وليس بالأغلبية، وفي حالة التمسك بالأغلبية فيجب أن تشمل دولتي المصب مصر والسودان لتجنب عدم انقسام دول الحوض بين دول المنابع التي تمثل الأغلبية ودولتي المصب والتي تمثل الأقلية، وهو المطلب الذي أيدته الخرطوم.
ومنذ استقلال دول حوض النيل تثور مطالب بين الحين والآخر من جانب حكوماتها بإعادة النظر في اتفاقيات قديمة، باعتبارها تمت إبان وقوع هذه الدول تحت الاستعمار، وأن هناك حاجة لدى بعض هذه الدول (خاصة كينيا وتنزانيا) لموارد مائية متزايدة؛ بل إن تنزانيا أعلنت منذ استقلالها عدم اعترافها بهذه الاتفاقيات من الأصل.
وتتمسك القاهرة دائما بالدعوة إلى احترام الاتفاق التاريخي كي لا تتحول القارة الإفريقية إلى فوضى، كما سعت مصر إلى الدخول في تعاون فني واقتصادي مع هذه الدول، خاصة مع إدراكها لوجود تدخلات من قبل قوى خارجية وبالتحديد من قبل إسرائيل، حيث تغذي هذه القوى مطالب دول الحوض السبع بتغيير الاتفاقيات القديمة، بحسب خبراء.
وكانت دول الحوض قد اتفقت في اجتماعها الوزاري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في سبتمبر 2003 على حل أي نزاع مائي بين دول الحوض بالطرق الودية دون اللجوء إلى استعمال القوة، كما تم الاتفاق على (مبادرة حوض النيل) التي تهدف إلى بناء الثقة بين دول النيل، وهي تتصل بمشروعات ذات منافع مشتركة وتشمل بناء خزانات ومشروعات الربط الكهربائي بالإضافة إلى تطوير الإدارة المبكرة للفيضانات والجفاف.
الصين تخدم مصالح تل أبيب
من جهة ثانية تبين مثلاً أن الصين ورغم الادعاءات التي تتشدق بها حول الصداقة مع الدول العربية تقوم ببناء مجموعة من السدود في أثيوبيا لزراعة ثلاثة ملايين فدان في تلك البلاد وهو ما يؤثر على حصة مصر الأساسية من مياه النيل والتي تتلقى معظمها تقريبًا من أثيوبيا، كذلك تبين أن "إسرائيل" تقوم بنشاط مماثل في بناء السدود، ليس فقط في أثيوبيا وإنما أيضًا في بلدان أخرى في حوض النيل مثل أوغندا وكينيا وربما في رواندا، والواقع أن هذه الأخبار وعلى الرغم من تباين المواقف العربية المعلنة من الصين و"إسرائيل" تدل على أن هناك علاقة ما في الخفاء تربط ما بين هاتين الدولتين كما تربط بينهما من ناحية وبين المخططات الأمريكية والأوروبية المعروفة التي تستهدف حصار السودان ومصر من خلال التضييق على منابع نهر النيل ومن خلال تقليل حصة هاتين البلدين من مياه النيل اللازمة لهما في كل الأغراض.
منذ أشهر قليلة، وعندما قامت الصين بعملية قمع همجية للسكان المسلمين من مواطنيها في الإقليم الذي تسميه "شينج يانج" أو هو إقليم تركستان الشرقية التي كانت مستقلة في يوم ما، وهذه العملية أدت إلى مقتل الألوف وأسر عشرات الألوف والتضييق على باقي سكان الإقليم المسلمين عندما حدث هذا كله لم تتحرك الدول العربية على المستوى الرسمي ولا حتى على المستوى الشعبي لكي تقوم بموقف حازم لمواجهة الصين ولفرض قيود على يدها التي تتحرك بحرية لضرب وقمع هؤلاء المسلمين الذين لم يفعلوا شيئًا سوى أن طالبوا بوقف الهجرة الصينية إلى أراضيهم وبوقف الاضطهاد الذي يصب عليهم من كل جانب، ويمس ممارسة شعائرهم الدينية.
وفي ذلك الوقت، قيل أن للدول العربية مصالح اقتصادية واسعة مع الصين لا تريد تعريضها للخطر بأن تتخذ مواقف حاسمة أو تفرض ضغوطًا على الصين لكف الأذى عما يحدث للمسلمين فيها وبالذات في مقاطعة تركستان الشرقية، وقد قيل هذا رغم أن أحدًا لا يعرف بالضبط حقيقة ومدى هذه المصالح الاقتصادية، فالمعروف للجميع مثلاً أن الصين تقوم بإغراق الأسواق العربية سواء في الخليج أو سواء في الدول العربية الكبرى مثل مصر ببضائع صينية معظمها إن لم يكن كلها، ونحن نتحدث هنا في حالة مصر هي من أردأ أنواع المصنوعات، وهي لا تباع حتى بأسعار رخيصة إلى الدرجة التي يتصورها البعض، ومع ذلك ورغم هذا الإغراق الذي أدى في مصر إلى إنهاء صناعات معينة مثل صناعة الأدوات المكتبية أو صناعة الأحذية وربما سوف يؤدي في المستقبل القريب جدًا إلى إنهاء صناعة النسيج والملابس، لم يتحرك أحد لوقف هذه الهجمة الاقتصادية، ومع ذلك يتحدثون عن مصالح اقتصادية للدول العربية أو لبعضها مع الصين، ولكن في الحقيقة، ولكي تبرز وجهة النظر الأخرى فلابد أن نذكر مثلاً أن الصين قد وقعت في الفترات الأخيرة بعض العقود الكبرى لإنشاء مشاريع ضخمة في بلدان عربية معينة تتراوح من مجال البتروكيماويات إلى مجال السكك الحديدية أو مجال التصنيع للمعدات الثقيلة مثلاً، لكن هذه المشاريع ليست مقصورة في التكنولوجيا الخاصة بها أو في التمويل الخاص بها على الصين فكان يمكن لدول أخرى غير الصين مثل روسيا مثلاً أو بعض البلاد الغربية أو أمريكا أن تتقدم لإنشاء مثل هذه المشاريع إلا أن الفارق في هذه الحالة كان سوف يكون علو التكلفة ولا سيما بالنسبة إلى الولايات المتحدة أو دول أوروبا الغربية، ولكن علو التكلفة هذا ليس كبيرًا إلى الحد الذي يجعل الدول أو الحكومات الإسلامية تضحي بوجود المسلمين الحيوي والقوي في الصين لمصلحة فروق في التكلفة كان يمكن التضحية بها أو على الأقل كان يمكن التفاوض مع الصين بشأنها تحقيق أمن وسلامة المواطنين المسلمين في تركستان الشرقية إلا أن هذا كله لم يحدث ومضى الأمر سريعًا كما لو أن شيئًا لم يحدث أو أن المسلمين في تركستان الشرقية لا يتعرض وجودهم ذاته للخطر هناك.
موقف إسلامي سلبي
وبرغم هذا فما الذي نتج عن هذا الموقف الإسلامي السلبي من الصين والذي باستثناء تركيا لم يتحرك أو حتى لم يحتج بالأسلوب المناسب لخطورة الحدث الذي قامت به الصين ضد مواطنيها المسلمين أو ضد المسلمين الذين تحتل أراضيهم في تركستان الشرقية.
الذي نتج عن هذا التساهل هو أن الصين أقدمت على الدخول في منطقة ينابيع وادي النيل لكي تقوم هناك بمشاريع مائية على وجه التحديد وليس أي نوع آخر من المشاريع، وهي تعلم يقينًا أن هذه المشاريع سوف تؤدي إلى حرمان أكبر دولة عربية من ناحية السكان ألا وهي مصر من الموارد المائية الحيوية التي تحتاج إليها لإبقاء سكانها أنفسهم على قيد الحياة.
إن هذا الموقف من الصين لهو موقف غريب فعلاً، فهي في الوقت الذي تغرق فيه مصر ببضاعتها الرديئة والرخيصة تقوم بإنشاء مشاريع مائية وليس أي نوع آخر من المشاريع في بلدان منابع نهر النيل وعلى الأخص إثيوبيا التي يأتي منها كل إيراد مصر من مياه النيل تقريبًا لكي تؤدي هذه المشاريع في نهاية الأمر إلى حرمان زبائنها أنفسهم وهم المصريون من الوجود والحياة، فكيف يستقيم هذا الأمر؟
إن الصين تمارس هنا سياسة انتهازية غريبة ومنحطة وهي سياسة تجري وراء الربح، فهي تربح من المصريين في الوقت الذي تربح فيه من غيرهم لكي تؤدي في النهاية إلى خسران زبائنها هم المصريون بعد أن تستنزفهم لمصلحة زبائن آخرين يظهرون لها في بلدان شرق أفريقيا وفي أثيوبيا. إن هذه السياسة الانتهازية لا تقل خطرًا بل تزيد عن سياسات "إسرائيل" المعلنة العداوة لأن الصين تتذرع وحتى وهي تمارس هذه الازدواجية الخطيرة بدعاوى الصداقة والتعاون بين الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.