قال "تسفي برئيل" محلل الشئون العربية بصحيفة "هآرتس" أن عبد الفتاح السيسي اضطر للتراجع أمام الملك سلمان فيما يخص العلاقة مع حماس وغزة، وأنه بعدما حاول الحديث عن رفضه تخفيف الحصار عن غزة وحماس بدعوي أنهم (إخوان)، رد عليه الملك سلمان الذي يدعمه ماليا بعنف، واستقبل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي ووفد من حماس، ما اضطر السيسي للتنازل هذه المرة. وقال أن تحسن العلاقات مؤخرا نسبيا بين مصر وحماس تم برعاية سعودية، وأن الملك سلمان أجبر النظام المصري، على إلغاء اعتبار حماس تنظيما إرهابيا، وفتح معبر رفح، في إطار المساعي السعودية للتصدي للتمدد الإيراني في المنطقة. وفي تحليل نشره بالصحيفة كتب "برئيل" أمس الاربعاء يونية يقول: "أن الرياض أخبرت القاهرة أن عليها تغيير تعاملها مع الحركة، وأن تدرس بشكل متصل التصالح مع الإخوان المسلمين". ونقل عن "مصدر مصري" لم يسمه أن إرسال سفير مصري لتل أبيب يأتي في سياق هذا التطور، وأن "القاهرة لم ترد أن تظهر وكأن علاقاتها مع حماس جاءت على حساب التعاون مع إسرائيل". جهد سعودي لفرملة إيران "تسفي برئيل" قال أن "الجهد السعودي لفرملة إيران أجبر القاهرة على التقارب مع حماس، وحرك الاتصالات لهدنة طويلة المدى مع إسرائيل". وأنه عندما التقى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الشهر الماضي بقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية المصري سامح شكري، وطرح أمامهما مبادرة جديدة للمصالحة بين حماس ومصر، كان الرد المصر "حادا وواضحا" مؤكدا أن: "الأمن المصري قبل كل شيء، وحماس ليست سوى جزء من جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة تنظيما إرهابيا، لذلك لن تكون هناك مصالحة". ولكن الرد السعودي كان هو الآخر حادا وواضحا، حيث دُعي خالد مشعل لزيارة الرياض، وفي بداية الشهر الجاري سافر إليها على متن طائرة وضعتها الحكومة القطرية رهن تصرفه، بجانب مندوبين عن حزب الإصلاح اليمني التابع للإخوان المسلمين، وفي نهاية اللقاء حصل مشعل من السعودية على "منحة" بقيمة 10 مليون دولار، وفقا لأحد المواقع المصرية (البوابة نيوز التابع لعبد الرحيم علي المقرب من السيسي ومن الامارات)، بحسب التحليل الصهيوني. مصر تتنازل بعد ضغوط ويقول تحليل "هأرتس" أنه بعد مرور أسبوع على ذلك أعلنت مصر إلغاء اعتبار حماس تنظيما إرهابيا، وقررت بعد أيام معدودة فتح معبر رفح لمدة أسبوع، ليس فقط للأفراد، بل أيضا للبضائع، التي تضمنت أسمنت ومواد بناء (فتحته مرة أخري اليوم وغدا). وبحسب مصدر مسئول في حماس لصحيفة الحياة الدولية السعودية تحدث عن اتفاق مع مصر ينص على أنه: "في مقابل فتح معبر رفح تلتزم حماس بعدم العمل عبر الأنفاق والتوقف عن الهجوم على مصر في وسائل الإعلام"، وأنه أنجز الاتفاق وفقا للتقرير، في لقاء عقده رئيس المخابرات العامة المصرية خالد فوزي مع مسئولين من حماس بقطر، فيما يبدو وكأنه أول اجتماع عمل بين مسئولين من الجانبين منذ إعلان حماس "تنظيما إرهابيا" في مصر. وبحسب التقرير الاسرائيلي: "تتحدث مصادر في حماس عن "تلاشي المقاطعة المصرية" وعن "قناة سياسية جديدة"، ونقلت عن "مصدر مصري" على إطلاع بالاتصالات مع التنظيم إن إرسال سفير مصري لإسرائيل، بعد ثلاث سنوات من استدعاء سلفه، غير منفصل عن هذا التقارب. حيث ذكر المصدر المصري ل"هآرتس" أن "مصر دائما ما تحرص على انتهاج سياسات متوازنة، فهي لم ترد أن تظهر وكأن علاقاتها مع حماس جاءت على حساب التعاون مع إسرائيل، وإرسال السفير هو بمثابة خطوة هامة للغاية، من شأنه أن يشير إلى أن مصر بصدد مرحلة جديدة في علاقاتها مع حماس تحديدا، ومع السلطة الفلسطينية بشكل عام". وتشير "هارتس" أن حماس تنفي أن تكون هناك مسودة لاتفاق كهذا، لكن التصريحات الصادرة من التنظيم متضاربة، حيث قال مصدر بحماس في غزة: "الآن ثمة الكثير من بلالين الاختبار، ليس فقط تجاه إسرائيل، لكن أيضا تجاه محمود عباس والجمهور في غزة، وهناك بالفعل هدنة قائمة وتحرص حماس جدا على الحفاظ عليها، وكلن إحدى مشكلاتنا ومشكلات إسرائيل هي كيفية التوصل لاتفاق دون أن نطلق عليه اتفاقا". ويقول المحلل الاسرائيلي "برئيل" أن: "مبادرة التقارب هذه ليست مصرية في الواقع، فحماس تحولت إلى آداة حيوية في الخطوات الاستراتيجية التي تتخذها السعودية في الشهور الماضية بهدف تكوين درع واق لمواجهة التأثير الإيراني، لاسيما مع اقتراب موعد التوقيع على المعاهدة النووية". وأنه على مدى ثلاث سنوات، منذ أن قطعت حماس علاقاته بسوريا وبدأت نزاعات بينه وبين إيران، لم تهتم الرياض برفع القفاز الحمساوي واحتواء الحركة في الحضن العربي، وسارت السعودية في عهد الملك عبد الله على خطى مصر وصنفت الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي، واعتمدت الاستراتيجية السعودية المصرية آنذاك على التصور القائل إنه "ليس لحماس أي سند آخر، وبالتالي ليست هناك حاجة للعودة إليها". ولكن "سرعان ما تبدلت الأمور مع تتويج الملك سلمان في يناير الماضي، وبعد وقت قصير من مراسم تنصيبه التقى بالرئيس التركي أردوغان، الذي أصبح عضوا جديدا في الائتلاف ضد الأسد، وهو الذي اقترح على الملك السعودي التقارب مع حماس، وفي اللعبة التي محصلتها صفر بين السعودية وإيران، يمكن أن يسجل قطع العلاقة بين حماس وطهران كإنجاز سعودي هام، وهكذا، تأمل السعودية، أن تفقد إيران أية صلة باقية تربطها بالقضية الفلسطينية". وتقول "هأرتس" أن تبني الملك السعودي الجديد سلمان لحماس "تطلب اتباع مصر نهجا جديدا، حيث أوضحت لها المملكة التي منحتها مليارات الدولارات أن عليها ألا تتردد لحظة وأن تغير تعاملها مع الحركة، وأن تدرس بشكل متصل التصالح مع الإخوان المسلمين". وقالت أن هذا المثلث (المصري السعودي الحمساوي) سوف يجبر اسرائيل على مراعاة ذلك حيث ينبغي إقناعها ليس فقط بالسماح بإعادة إعمار قطاع غزة، بل أيضا بتجنب شن هجوم عليه، كي لا تعرض المسعى السعودي للخطر. وحول "كيف ستؤثر منظومة العلاقات المتبلورة بين مصر والسعودية وحماس على عملية التفاوض السياسية حول القضية الفلسطينية"، نقل تقرير "هأرتس" عن مسئول في السلطة الفلسطينية: "إن السعودية ومصر لم تظهرا على الإطلاق اهتماما باستئنافها"، وقال إن "مصلحتهما إقليمية، والآن تقتضي التقارب مع حماس، في نهاية الأمر سوف تكون إسرائيل أكبر المستفيدين من هذا التحول، حيث ستحصل على اتفاق هدنة مع حماس، وستصبح ضلعا هامة في المثلث السعودي-المصري-الحمساوي ولن تكون مضطرة للجلوس على مائدة المباحثات مع محمود عباس".