يرى محرر الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تسفي برئيل أن خطوات السعودية الأخيرة تدل على انعطافة في السياسة الخارجية للمملكة، ما سيجبر عبدالفتاح على تغيير موقفه المتصلب من حماس. وقال برئيل في مقاله الإثنين، إنه "بعد يوم من قرار المحكمة المصرية بتصنيف حركة حماس كلها – وليس فقط ذراعها العسكري – منظمة ارهابية، توجهت الحركة إلى السعودية كي تضغط على عبدالفتاح السيسي لإلغاء قرار الحكم". وأضاف: "يثير هذا التوجه الاهتمام أساسا لأن حماس تقدر بأن الملك السعودي الجديد سلمان سيصغي للمنظمة المتفرعة من الإخوان المسلمين، الذين وصفتهم السعودية نفسها بأنها حركة إرهابية". وقال برئيل إن الزيارة الخاطفة التي قام بها السيسي إلى السعودية لم تستهدف تهنئة سليمان، بل السماع منه إذا كانت المملكة تعتزم تغيير سياستها؛ "إعادة روابطها مع الاخوان المسلمين، ترميم العلاقة مع تركيا، وبالأساس إذا كان بوسع السيسي مواصلة الاستناد إلى المساعدة المالية الحيوية التي تمنحها له المملكة". وكان عبد الفتاح السيسي زار المملكة السعودية أمس الأحد لعدة ساعات. وهي الزيارة الأولى الرسمية بعد استلام الملك سلمان بن عبد العزيز لمقاليد الحكم في بلاده، وسط جدل حول نتائج هذه الزيارة، ودلالات اقتصارها على عدة ساعات فقط. وأشار برئيل إلى مقالة الكاتب السعودي خالد الدخيل الذي أشار إلى تحول السياسة الخارجية السعودية تجاه ملفي الإخوان المسلمين وتركيا. وقال برئيل إن كلام الدخيل يعكس المزاج الجديد في البلاط الملكي في الرياض. وحسب المحللين السعوديين، فإن هذه نتيجة الفهم القاضي بأن السياسة الخارجية للملك عبدالله الراحل فشلت. فهي لم تنجح في حل الأزمة في سوريا أو سيطرة الحوثيين في اليمن، وبالأساس لم توقف النفوذ الإيراني في أرجاء الشرق الاوسط. واستشهد برئيل: بمحلل سعودي آخر هو جمال الخاشقجي، حيث كتب قبل بضعة أيام أن "حزب الإصلاح في اليمن، والذي يعتمد على الاخوان المسلمين، هو القوة الوحيدة التي يمكنها أن تقف ضد سيطرة الحوثيين في اليمن". "ولم تكن صدفة أن تلاقت زيارة السيسي إلى السعودية مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان"، يقول برئيل الذي قدر أن تكون الزيارة الخارجية الأولى للملك سلمان هي "تلك الدولة التي تستضيف مسؤولين كبار من حماس بمن فيهم صلاح العاروري". وصرح المسؤول الكبير من حماس عاطف عدوان في مقابلة صحفية إنه "توجد مؤشرات مشجعة على تغيير في الموقف السعودي من حماس"، وحسب تقرير آخر فقد التقى مسؤولون سعوديون كبار بمندوبين مصريين مقربين من الإخوان المسلمين. كما أن الملك السعودي سارع إلى إقالة رئيس مكتب البلاط الملكي، خالد التويجري، الذي ساهم في السياسة السعودية المتصلبة ضد الإخوان المسلمين. وحسب كل هؤلاء، فإنه يمكن بالتأكيد توقع انعطافة في سياسة سلمان. وقال برئيل إن السؤال هو إذا ما كانت حماس تعتزم اتخاذ قرار استراتيجي ينبع من الضغط الهائل الذي تعيشه – بسبب الإغلاق المصري والإسرائيلي على غزة، وكذا بسبب تعريفها كحركة إرهابية – ووداع إيران من أجل العودة إلى الحضن العربي". وحسب عدوان "فمن السابق لأوانه بعد الحديث عن قطع العلاقات مع ايران". وفي نفس الوقت، تعرض إيران شروطا متصلبة على حماس كي تتمكن من نيل دعمها. وضمن أمور أخرى تطلب من رئيس المكتب السياسي خالد مشعل أن يتراجع عن انتقاده ضد الرئيس السوري، "الخطوة التي تسببت في القطيعة التامة بين الحركة وبين نظام الاسد وعلى أي حال الى شرخ مع إيران". أما السعودية من جهتها "فكفيلة بأن تطلب من حماس أن تدفع إلى الأمام بالمصالحة مع فتح والسماح بمرابطة موظفي الحكومة الفلسطينية الموحدة في غزة وفي المعابر كشرط لتلقي المساعدة". وختم مقالته بقوله: "تشهد الريح السعودية الجديدة بأن ليس هناك بالضرورة صلة بين التطلع إلى صد النفوذ الإيراني وبين الصراع ضد حماس. بل العكس هو الصحيح. العلاقة مع المنظمات الإسلامية السنية المعتدلة، كالإخوان المسلمين، يمكنها بالذات أن تساعد ضد إيران من جهة وضد داعش من الجهة الأخرى. المشكلة السعودية ستكون كيف يمكن الجسر بين موقف مصر وبين خطوط السياسة السعودية الجديدة. هذا ما كان السيسي هو الآخر يريد أن يعرفه".