نفت تركيا وجود خطة ل "عاصفة حزم في سوريا" بشراكة سعودية، على لسان رئيس وزرائها والمتحدث باسم وزارة خارجيتها– وهو ما سبق وأن انفرد به "شؤون خليجية" من مصادر رئاسية تركية خاصة. وأكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أن بلاده لن تتدخل عسكريًا فى سوريا، مضيفًا أن التوازن فى سوريا ليس فى صالح النظام السوري. وذكرت صحيفة "حرييت" التركية، اليوم السبت، أن داود أوغلو، قال فى تصريحات صحفية على متن الطائرة الخاصة، التي أقلته من مدينة آديمان إلى العاصمة أنقرة: "إن التوازنات تتغير بشكل سريع، وإن هناك مناطق قليلة أصبحت تحت سيطرة النظام السورى على الحدود السورية مع إسرائيل"، وأشار إلى أنه لا يمكن لتركيا وبأي شكل من الأشكال أن تتدخل في الوضع الحالي في سوريا. من جانبه أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية "تانجو بيلكيج"، في ندوة صحفية، أمس الجمعة، في مقر الخارجية التركية في العاصمة أنقرة، أن الجمهورية التركية لم توقع أي اتفاق مشترك مع المملكة العربية السعودية، للمشاركة في عملية ضد نظام بشار الأسد. وأكد "بيلكينج" أن المواقف التركية من الأزمة السورية واضحة منذ البداية، وأنه لن يطرأ عليها أي تغيير مجددًا، فتركيا تدعم ضرورة رحيل نظام الأسد وإعلان جنيف، مشيرًا إلى أن النظام في سوريا يستغل وجود تنظيم "داعش" في المنطقة، وأن وجهات نظر كل من تركيا والسعودية متطابقة في هذا الشأن. وأضاف أن السعودية هي حليف لتركيا إلى جانب بلدان أخرى؛ مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا، وأن البَلَدَيْنِ يرتبطان بعلاقات سياسية قديمة، وأن تركيا تشارك في اجتماعات التحالف الدولي كعضو فيه. وقد سبق وأن استبعدت مصادر رئاسية تركية، أن تكون هناك عملية عسكرية "عاصفة حزم" في سوريا بالصيغة نفسها التي تتم حاليًا في اليمن، مؤكدة أن هناك دعمًا سعوديًا تركيًا قطريًا للثوار في سوريا. وأكدت المصادر في تصريحات خاصة ل"شؤون خليجية"، أن هناك تخطيطًا بالفعل لتشكيل تحالف "عربي – تركي" للإطاحة بنظام بشار الأسد، ولكن لم يتم الانتهاء منه بعد، وأنه لن يأخذ شكل التدخل العسكري الحقيقي– على حد قولها–، وقالت المصادر: إن "المعارضة السورية تحقق نجاحات بالفعل، وتجربة عملية جيش الفتح وجمع المعارضة بشكل كبير من أقصى اليمين لأقصى اليسار هي تجربة ناجحة"، وتابعت: "إن فرض سلاح جديد مثل سلاح الطيران في هذا التوقيت، قد يؤدي إلى نجاح كبير للمعارضة السورية". أمريكا تعيد تقييمها للوضع في سوريا ينطلق اليوم السبت، برنامج "تدريب وتجهيز" قسم من عناصر المعارضة السورية المعتدلة، في تركيا بشراكة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولفت المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، إلى أن الاتفاقية التي وقعت بين تركياوأمريكا فيما يخص برنامج "تدريب وتجهيز" المعارضة السورية، تشكل الصيغة القانونية للبرنامج، الذي سيدرب 5000 من عناصر المعارضة السورية كل عام، بينهم ما بين 1500 - 2000 في تركيا. وأوضحت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في عددها الصادر يوم 5 مايو 2014، أن من بين العواقب التي تخشاها الولاياتالمتحدة انضمام القيادة السعودية الجديدة لتركيا في تقديم دعم جديد للمجموعات الثورية في سوريا، بدلًا من استمرار انتظار القيادة الأمريكية. وصرحت صحف بريطانية أن اقتراح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس، بتوفير الكونجرس 500 مليون دولار لتدريب وتسليح المعارضة المعتدلة في سوريا، هو تصعيد للدور الأمريكي في الصراع الدموي الأهلي طويل المدى بسوريا، وأشارت إلى أن الخطوة هي الأولى من نوعها، وتمثل إعادة تقييم من البيت الأبيض لتأثير الحرب الأهلية في سوريا على المصالح الأمريكية. وتحدثت "الفايننشال تايمز" عن أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه" تدير بالفعل برنامجًا سريًا لتدريب مسلحي المعارضة السورية في الأردن، لكنها المرة الأولى التي يتم فيها إقحام الجيش الأمريكي بشكل مباشر. وأضافت أن التقدم السريع والمفاجئ لقوات "داعش" في العراق شجع إدارة أوباما علي تغيير سياستها بشكل سريع، على الرغم من تعقيد المشهد الراهن، خاصة أن نظام الأسد يقاتل كذلك تنظيم "داعش" . وقالت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية: "إن سلسلة من الانتصارات التي حققها الإسلاميون ضد نظام بشار الأسد في سوريا، أثارت احتمالات حدوث تغيير هائل في زخم الحرب هناك، المستمرة منذ 4 سنوات بين المعارضة المسلحة ونظام بشار الأسد". وأشارت إلى أن خسارة نظام بشار الأسد الكبيرة للأراضي شمالًا في جسر الشغور، وما هو أبعد من ذلك بعد خسارة النظام لمدينة إدلب، تزامن مع تحقيق قوات المعارضة سلسلة من النجاحات النسبية جنوب غرب العاصمة دمشق، وذلك نتيجة لمستويات جديدة من التعاون والتنسيق بين المجموعات الثورية، التي قضت الأعوام الماضية تقاتل بعضها بعضًا من أجل الهيمنة، على حساب حملتها ضد نظام بشار الأسد. العاهل السعودي يضع الإدارة الأمريكية في مأزق من جانبه أشار "جوشوا لانديز" الأستاذ في الدراسات الدولية والإقليمية بجامعة أوكلاهوما، إلى أن التغيير الذي حدث في المواقف الإقليمية كان نتيجة للعاهل السعودي الجديد الملك سلمان، الذي أقر بأن إيران تمثل التحدي الأكثر إلحاحًا للمملكة من الإخوان المسلمين، الذين مثلوا عدوًا طويل الأمد لأسرة آل سعود. وأضاف أن موقف العاهل السعودي سمح له بالتنسيق مع تركياوقطر للإجهاز على نظام الأسد، حتى لو أن ذلك سيتطلب تسليح جبهة النصرة وقوى إسلامية أخرى، مشيرًا إلى اعتقاده بأن الولاياتالمتحدة أذعنت للوضع الجديد. وتحدثت شبكة "سي إن إن" عن أن التسليح الحديث يبدو أنه لعب دورًا كبيرًا في الإضرار بقوات النظام، حيث أظهرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي الدمار الهائل الذي أحدثته صواريخ "TOW" المضادة للدبابات لمدرعات النظام، والتي يمتلكها الثوار ويستخدمونها بمهارة. وتحدثت الشبكة عن أن المحللين يرجعون هذا التغير في المشهد إلى عاملين مهمين، وهما: التعاون بين المجموعات المسلحة الذين قاتلوا من قبل بعضهم البعض، وكذلك التنسيق الكبير بين داعميهم، وهم قطر والسعودية وتركيا ونقلت عن إلياس حنا الجنرال السابق بالجيش اللبناني، الذي يدرس حاليًا في الجامعة الأمريكية ببيروت، أنه قبل عامين كانت المجموعات المسلحة تقاتل بعضها بعضًا، أما الآن فيقاتلون مع بعضهم البعض، مشيرًا إلى حدوث تحول كبير في الموقف الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بتركياوقطر والسعودية، وتحدث عن اعتقاده بأنهم يعدون لشيء ما، ويساعدون المجموعات المسلحة هناك بالأسلحة والتدريب والدعم. تدريب المعارضة السورية بالسعودية لم يفعّل بعد وطبقًا لتصريحات القيادات في السعودية والولاياتالمتحدة منذ 2014، كان محسومًا بأن تقوم السعودية باستضافة 5000 من عناصر المعارضة السورية، ليتم تدريبهم من قبل عسكريين أمريكان، وتأهيليهم للقيام بالعمليات العسكرية، والدفع بهم إلى داخل الأراضي السورية. وأكد الجنرال الأميركي المتقاعد جون آلن المكلف بتنسيق عمليات التحالف وتدريب المعارضة السورية، بدء تحديد مواقع تدريب المعارضة السورية المعتدلة في السعودية، لكنه أشار إلى أن هذه العملية قد تستغرق سنوات. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الأدميرال جون كيربي: إن المملكة العربية السعودية تسهم في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش"، عبر تدريب المعارضة المعتدلة السورية في معسكرات تدريب على أراضيها، مضيفًا أن برنامج التدريب، سيبدأ قريبًا على أن تمتد مرحلة الإعداد الأولية إلى ما بين ثلاثة وخمسة أشهر، بينما عملية التدريب الفعلية ستستغرق ما بين 8 إلى 12 شهرًا، ولكن لم يتم الإعلان عنها حتى الآن، بل بالعكس، أعلنت قيادات في السعودية من تخوفات من تدريب هذه العناصر على أراضيها فتقوم بعمليات عسكرية ضدها. وقالت "رويترز" في تقريرها: إن موافقة السعودية على تدريب المعارضة السورية تعبر عن مدى قلق المملكة من التهديد الذي يمثله تنظيم "داعش" على المنطقة، وقال مسؤول أمريكي كبير: "ما لدينا الآن هو تعهد من السعودية بأن تكون شريكًا كاملًا معنا في ذلك الجهد، بما في ذلك استضافة ذلك البرنامج التدريبي". ويبقى التساؤل بعد كل هذه المؤشرات والتحركات على المستوى الإقليمي والدولي، والتي كان للسعودية دور فيها.. هل يحتفظ النظام السعودي بخيار الحرب الذي طالبه به كثيرون بعد عاصفة الحزم، خاصة بعد تصريحات الملك سلمان، وبعد تصريحات العديد من الكتاب المقربين من دوائر صنع القرار عن تحرك جديد مختلف ونوعي في سوريا؟ أم أن كل هذا الحديث كان في إطار تسليح المعارضة والتي حققت تقدمًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة.. أم أن السعودية قررت تأجيل خيار الحرب حتى لا تفتح جبهات عدة، لم تغلق بعد أولها "في اليمن"؟