أثار القرار المفاجئ بوقف بث قناة "العالم" الفضائية الإيرانية من قبل عرب سات ونايل سات ردود أفعال متباينة، في الوقت الذي وصفه مراقبون بأنه سوف يزيد من عمق الأزمة الإيرانية مع كل من السعودية ومصر. وأكد عدد من الإعلاميين في فرنسا حق وسائل الإعلام في التعبير ولو كانت مخالفة للسياسة، معتبرين ما تعرضت له قناة العالم محاكاة للهجمة الأميركية على العالم الإسلامي. وفي هذا الصدد، قال أمين عام جمعية الصحافة الأجنبية في فرنسا توما سيميانسكي: "لكل وسائل الإعلام المقروءة والمكتوبة الحق بالتعبير ما يعني أن كل الصحافيين عليهم أن يعملوا وان يبدو آرائهم و يعطوا بيانات بالمعلومات التي حصلوا عليها" . واعتبر سيميانسكي أن حرية إعطاء المعلومات هي أساس للمجتمعات المتحضرة قائلا: "يجب أن تتمتع كل وسائل الإعلام بالحضور ولو كانت مغايرة لما يريده السياسيون. من جانبه، قال الصحافي عبد القادر فارس: "هناك ارتباط على ما يبدو بين إيقاف بث قناة العالم وبين الهجمة الشرسة التي تقوم بها الولاياتالمتحدة والدول الغربية التي تسير في الفلك الأميركي والمدعمة من قبل بعض الحكومات العربية". وكانت القناة قد أعلنت خبر إيقاف بثها مساء الثلاثاء في شريط الأخبار الذي يظهر بأسفل شاشتها جاء فيه: "عاجل – عربسات ونايلسات توقف بث قناة العالم بدون أي تبرير". وقال مسؤولون في قناة العالم إن قرار وقف البث على عربسات ونايلسات اتخذ بطريقة مفاجئة بعد ظهر الثلاثاء الماضي. والجدير بالذكر أن مقر المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية 'عرب سات' في الرياض، ومقر الشركة المصرية للأقمار الصناعية 'نايل سات' في القاهرة. ورأى مراقبون سياسيون ومهتمون بالشأن الإعلامي أن هذه الخاتمة كانت متوقعة منذ زمن بعيد، لا سيما وأن القناة الإيرانية قد اتخذت في الآونة الأخيرة خطاً معادياً للدول العربية والإسلامية وفي مقدمتها السعودية ومصر، وشنت حملة إعلامية منظمة ضد البلدين. فقد واصلت "لعالم" استضافتها لأقطاب المعارضة السعودية أمثال الدكتور سعد الفقيه رئيس الحركة الإسلامية للإصلاح المعارضة، والدكتور محمد المسعري، وتتهم إيرانالرياض وإعلامها بشن حرب إعلامية شاملة على إيران واستثمار الوضع الداخلي أثناء الانتخابات الأخيرة ودعم الإصلاحيين الإيرانيين. وقال خبير في الشؤون الأمنية والدراسات السياسية إن إيران تشن منذ انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية حملة واسعة ضد السعودية من خلال وسائل الإعلام المقربة منها، عبر ربطها بتنظيم القاعدة أو بالعداء للشيعة، وتحويل الأنظار عمّا يحدث في داخلها. في هذه الأثناء، بادرت مؤسسة "عرب سات" بالرد في رسالة وجهتها إلى إدارة القناة الإيرانية، سردت فيها الذرائع لقيام المؤسسة بقطع إرسال القناة. الرسالة تضمنت اتهامات لقناة العالم بأنها تسيء إلى تقاليد البث الفضائي، كما أنها تنتقد بعض المسئولين العرب بصورة لا تتماشى مع أعراف وتقاليد البث الفضائي، فضلاً عن سلوكها نهجاً تحريضياً في خطابها الإعلامي. من جهته صرح أحمد السيوفى مدير مكتب قناة العالم التليفزيونية الإيرانيةبالقاهرة، أنه يدرس حاليا مع مجلس إدارة القناة فى إيران التقدم بدعوى إلى النائب العام المصرى خلال يوم أو يومين على الأكثر، للبحث فى الأسباب الحقيقية وراء وقف بث القناة يوم الثلاثاء، فى تمام الخامسة مساء. وأضاف السيوفى أن إدارة القناة لن تكتفى باللجوء إلى النائب العام، بل ستتخطى ذلك إلى د.زكريا عزمي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، ود.أسامة الباز المستشار السياسى لرئيس الجمهورية، وأنس الفقى وزير الإعلام، وذلك للوصول إلى السبب الحقيقي وراء وقف البث والمطالبة بإعادته مرة أخرى بعد تأكد إدارة القناة أن إيقاف البث جاء بقرار من جهة عليا وليس لأسباب هندسية كما قيل لجميع العاملين بالقناة. من جانبه أوضح السيوفى أن توقع إدارة القناة بوجود عطل هندسي وراء إيقاف البث، كان لإيمان جميع العاملين بالقناة بأن العلاقات بين البلدين تسير فى منحنى أفضل من الفترة الماضية، إضافة إلى تميز الإدارة المصرية بعقل متفتح تجاه الديمقراطية والحرية الإعلامية التى تلقت ضربة قوية بعد هذا الإيقاف مجهول الأسباب. من ناحية أخرى نفى السيوفى أن يكون إيقاف البث من قبل جهات عليا ناتج عن وجود خلافات غير معروفة بين البلدين أو يكون وسيلة للضغط على الطرف الإيراني لأي سبب من الأسباب، مشيرا إلى أن مجلس الإدارة نفسه فى إيران مندهش بشدة من هذا الإيقاف.