عبر مسؤولون أتراك عن قلقهم من نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي واحتمال عرقلة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، وخصوصاً مع فوز الأحزاب اليمينية المعارضة لتركيا في تلك الانتخابات. فقد كشفت نتائج الانتخابات البرلمانية، التي جرت بين يومي 4 و7 يونيو/حزيران الجاري، عن تقدم أحزاب يمين الوسط والأحزاب اليمينية والمحافظة في الانتخابات، في حين تراجعت أحزاب اليسار المتمثلة بالديمقراطيين والاشتراكيين.
وتعارض أحزاب اليمين إجمالاً انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، كما يأتي على رأس الدول المعارضة فرنسا، بقيادة رئيسها نيكولا ساركوزي، وألمانيا بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل.
وفي هذا الشأن قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي، مراد مرجان: "إن ميل أوروبا نحو اليمين المتطرف أمر مثير للقلق."
ليس هذا فحسب، بل تحول موضوع عضوية تركيا قضية مثيرة للجدل خلال جلسة للكتل البرلمانية الأوروبية عشية انتخابات البرلمان الأوروبي كما نقلت وكالة أنباء جيهان التركية.
وأظهرت نتائج جزئية للانتخابات فوز الحزب الديمقراطي المسيحي، حزب ميركل، في ألمانيا وتقدم حزب اتحاد الحركة الشعبية المحافظ في فرنسا على حساب الحزب الاشتراكي.
كذلك تراجع الديمقراطيون الاشتراكيون لمصلحة الأحزاب اليمينية في النمسا، وحزب الحرية في هولندا، وهو حزب النائب اليميني المتطرف والمثير للجدل، غيرت فيلدرز.
وقد اقتبس عن فيلدرز قوله الأسبوع الماضي إن تركيا لن تنضم للاتحاد الأوروبي "ليس خلال 10 سنوات ولا حتى مليون سنة" لأنها كانت دولة إسلامية.
وردت وزارة الخارجية التركية بإدانة لغة الخطاب التي سادت الحملة الانتخابية الأسبوع الماضي مشيرة إلى أنها خلقت " تشويهاً، وتحديداً، ظاهرة الخوف من الغرباء، وذلك لاستمالة الناخبين."
وحافظت وسائل الإعلام التركية على هدوئها، غير أن صحيفة "ميلي جازيت" أعلنت الاثنين أن "الانتخابات الأوروبية أفرزت النازيين."
والسبت، كتبت صحيفة "زمان" الإسلامية المحافظة تقول: "العلاقات الأوروبية التركية ستتأثر سلباً في حالة سيطرة الأحزاب اليمينية والعنصرية على البرلمان الأوروبي.. وهناك مخاوف من أن الأحزاب العنصرية، التي تجمع على مناهضة تركيا، قد تحصل على أغلبية في البرلمان الأوروبي."
ومن ناحية أخرى طغت الخلافات بين واشنطن وباريس حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، على المباحثات الخاطفة التي أجراها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي السبت، قبل قليل من مشاركتهما، إلى جانب قادة أوروبيين آخرين، في إحياء ذكرى إنزال قوات الحلفاء في "نورماندي"، بشمال غربي فرنسا، أثناء الحرب العالمية الثانية.
وخلال لقائه مع مضيفه الفرنسي، قال الرئيس الأمريكي إن "عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، هو أمر مهم جداً"، فبادره ساركوزي قائلاً إن "حدود أوروبا يجب أن تتوقف عند حد ما"، وفقاً لما نقلت شبكة "يورونيوز" في موقعها الإلكتروني، مما يُعد تأكيداً جديداً من جانب فرنسا على موقفها المعارض لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
كما شدد أوباما على أن تركيا "حليف مهم" لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وتساعد في الحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد تنظيم "القاعدة" وحركة "طالبان" في أفغانستان، ملمحاً إلى أن الاقتصاد التركي ينمو بمعدلات مطردة، مشيراً إلى أن أنقرة تريد "علاقات أقرب" مع أوروبا، وهو أمر قال إنه يشجع عليه.
إلا أن ساركوزي أوضح أن الخلاف الأمريكي الفرنسي على ضم تركيا للاتحاد الأوروبي، "يدور حول الشكل لا حول الهدف الكامن في لعب هذا البلد دور جسر بين الشرق والغرب"، وذكر في هذا الصدد: "لقد اقترحت أن نفكر معاً، أوروبا وروسيا وتركيا، في إنشاء فضاء اقتصادي وأمني مشترك."
ويُعد الاقتصاد التركي واحداً من أقوى 17 اقتصاداً في العالم، كما كان لتركيا حضور قوي في قمة مجموعة العشرين الأخيرة، التي عُقدت بالعاصمة البريطانية لندن مطلع أبريل/ نيسان الماضي، وهو ما عبر عنه الرئيس التركي عبد الله جول، بقوله: "يصل حجم الناتج المحلي الإجمالي في تركيا إلى تريليون دولار سنوياً، ولهذا فإن لدينا اقتصاداً قوياً أعتقد أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إليه."
وكان الرئيس الأمريكي، الذي يسعى لتحسين علاقة بلاده مع "العالم الإسلامي"، من خلال الخطاب الذي وجهه قبل أسبوع من العاصمة المصرية أنقرة، قد اختار تركيا لتكون أول دولة إسلامية يقوم بزيارتها، في السادس من أبريل/ نيسان الماضي، بعد نحو شهرين على توليه منصبه رسمياً.