ذكر بيان صادر عن مجموعة من سكان مدينة غرداية (600 كيلومتر جنوب العاصمة الجزائرية) أن مطلب ترسيم المذهب الإباضي سيقدم رسميا إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة خلال الأيام القليلة القادمة. وقال البيان الذي وقعه كمال الدين فخار القيادي في حزب جبهة القوى الاشتراكية (المعارض) ان وفدا يضم رجال قانون وشخصيات وطنية وأعضاء مجالس منتخبة يمثلون جل قصور وادي مزاب التابعين لولاية غرداية، سيتنقل إلى العاصمة من أجل تقديم طلب ترسيم المذهب الإباضي، بعد سنوات من العمل الدؤوب وجمع التوقيعات. واعتبر أن "هذا المطلب الجماهيري هو الأمل الوحيد والكفيل بحماية وضمان حقوق إباضية الجزائر، إذ من خلاله سيدخل المذهب الإباضي في الإطار القانوني الذي كان محروما منه"، مشيرا إلى أن "بقاء المذهب الإباضي خارج الإطار القانوني منذ الاستقلال (1962) أدى إلى عدم الاهتمام بتدريسه وجهله حتى من أبناء أتباعه". وأوضح أنه "بسبب عدم الاعتراف الرسمي بهذا المذهب، فإن الكثير من أملاك الوقف الإباضية تعرضت إلى الضياع والنهب أو الاستيلاء بالقوة وحتى المصادرة، مشددا على أن أتباعه تعرضوا إلى المساومة والتهديد بمنع حرية العبادة وممارسة الطقوس في بعض الظروف والمناسبات السياسية، بما قد يؤدي إلى زوال جزء مهم من الموروث الحضاري والتاريخي والثقافي لكل الجزائريين". وذكر صاحب البيان أن المواطنين الاباضيين يعلقون آمالا كبيرة في استجابة السلطات الرسمية العليا لهذا المطلب الشرعي، بناء على المواد 32 و33 و34 و35 و36 من الدستور، وبحكم المعاهدات والمواثيق الدولية، مؤكدا أن ذلك هو "السبيل الوحيد من أجل الإبقاء والحفاظ على إرث تاريخي و حضاري و ديني واجتماعي وحمايته من الاندثار". ويأتي هذا المطلب بعد أسابيع قليلة من عودة الهدوء إلى مدينة بريان بولاية غرداية، التي شهدت أعمال عنف ومواجهات بين أنصار المذهبين المالكي والإباضي، وهي اضطرابات عرفتها المدينة منذ حوالي سنة وتكررت عدة مرات، بينما تظل الأسباب الحقيقية الواقفة وراءها مجهولة، فحتى التصريحات الرسمية التي أدلى بها المسؤولون زادت في إشاعة الغموض. البعض يتحدث عن محاولة أحزاب سياسية متغلغلة في المنطقة خلط الأوراق، في حين اتهمت ذات الأحزاب جهات في السلطة بالسعي لنشر الفتنة الطائفية في المنطقة. وكان وزير الشؤون الدينية بو عبد الله غلام الله قد سبق أن تحدث عن موضوع ترسيم المذهب الإباضي، رافضا هذا المطلب، مؤكدا أن الجزائر تتبع المذهب المالكي منذ سنوات، ولا يمكن ترسيم المذهب الإباضي، وإلا فإن الباب سيفتح لترسيم مذاهب أخرى. جدير بالذكر أن الإباضيين يعيشون بصفة مكثفة في ولاية غرادية، ويبلغ عددهم حوالي 400 ألف مواطن، و يمثلون مجتمعا داخل مجتمع، فلديهم تنظيمهم الخاص في كل شيء، بما فيها المعاملات التجارية وتنظيم العلاقات الاجتماعية. ورغم انتشارهم في ولايات أخرى خاصة في العاصمة بغرض التجارة، إلا أنهم حافظوا على نفس العادات والتقاليد، ولديهم مساجدهم الخاصة في غرداية وفي العاصمة وفي مدن أخرى.