هل يقف اللوبى اليهودى وراء حملات تشويه الإسلام فى العالم؟ وزير الصناعة الباكستانى يطالب أوباما بتنصيب نفسه خليفة للمسلمين! الرئيس الأمريكى يصف الأذان بأنه أجمل صوت على وجه الأرض عندما نشر الكاتب والسياسى الأمريكى الجنسية اليابانى الأصل، «فرانسيس فوكوياما» مقالته المعنونة ب نهاية التاريخ، the end of history فى مجلة الشئون الدولية، the international affairs عام 1989، والتى طورها بعد ذلك لتصبح كتابا صدر عام 1992، حاملا ذات العنوان، مع إضافة عبارة والرجل الأخير، فصار العنوان هكذا : «نهاية التاريخ والرجل الأخير»، the end of history and the last man ، كان رد الفعل فى كثير الأوساط السياسية والثقافية الغربية مزيجا من الشعور بالنشوة والغرور أو ربما الاستعلاء، ذلك أن فوكويا فى مقالته ثم كتابه من بعد ذلك، اعتبر أن نموذج الديمقراطية الليبرالية بشكلها الغربى، هى أقصى ما وصل إليه الإنسان عبر التاريخ، وأنه من الصعب وجود أيدلوجية قابلة للتطور على المستوى الثقافى والاجتماعى لتكون بديلا للنموذج الغربى الذى يمكن أن يطلق عليه النموذج النهائى الأجدر بالتطبيق فى كل المجتمعات الأخرى، وهذا هو الذى كان يعنيه فوكوياما بنظريته الشهيرة، «نهاية التاريخ» لقد كان هناك ما يشبه الإجماع على قبول فرضية فوكوياما وخاصة بعد صدور الكتاب 1992 أى بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، وسقوط الشيوعية. ومع ذلك، فقد كانت هناك بعض الانتقادات التى وجهت إلى طرح فوكوياما، وكان من أبرز منتقديه الفيلسوف الفرنسى «جاك دريدا» والمؤرخ البريطانى الماركسى «بيرى أندرسون». والسياسى الأمريكى الشهير «صمويل هنتنجتون».كانت اعتراضات «دريدا تركز» على فشل النموذج الغربى على مستوى البنية الداخلية فى القضاء على الفقر والتمييز العنصرى والجنسى حتى فى المجتمعات الغربية نفسها. لكن «صمويل هنتجتون» اتخذ مسارا آخر مغايرا، فلم يركز على قصور وعيوب البنية الداخلية لليبرالية الغربية، لكنه لفت النظر على حتمية الصراع من الخارج، وتحديدا من الثقافات الأخرى، وأشار إلى تصاعد قوى وقوميات عديدة ترفض الهيمنة الغربية، فكتب مقالة عام 1993 بعنوان صراع الحضارات، ثم طورها أيضا – كما فعل فوكوياما من قبل – فى كتاب صدر عام 1996، ويحمل ذات العنوان : صراع الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمى :the clash of civilization and the remaking of the world order . وبعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر، أظهر الكثيرون شماتة واضحة فى فى فشل ونهاية فرضية فوكوياما، حيث علق السياسى الهندى فريد زكريا بأنها أى أحداث الحادى عشر من سبتمبر تمثل نهاية نهاية التاريخ، وعلق غيره : لقد كان التاريخ فى عطلة ثم عاد. استيقظ العالم إذا على طرقات قادم جديد كان ينزوى فى زاوية التاريخ، ولا يلتفت إليه أحد، إنه العالم الإسلامى الذى يرفض أن يتخلى عن حضارته ونموذجه السماوى. ومع توالى الإصدارات والكتب والبرامج التى تتحدث عن الإسلام، ومع زيادة المتحولين فى المجتمعات الغربية، شعر الكثيرون بأن الإسلام ليس عدوا افتراضيا فقط، بل هو عدو حقيقى يشكل خطرا أيديولوجيا وثقافيا وحضاريا - لا عسكريا وسياسيا فقط- على العالم الغربى. وكان من نتيجة ذلك الإحساس بالخطر الإسلامى المتصاعد إنشاء كثير من المنظمات والهيئات فى كثير من دول أوروبا وأمريكا قامت بحملات ممنهجة متمثلة فى إصدار كتب أخرى مضادة تقوم بتشويه الإسلام وتخويف العالم منه. لكن العجيب فى هذه الكتب أنها لا تهاجم الإسلام وأتباعه فقط، بل تقحم إسرائيل أيضا فى معادلة الصراع وتطالب بمساندتها ضد المتخلفين الدمويين من العرب والمسلمين، وهذا يدعم فكرة أن اللوبى اليهودى ليس فى أمريكا فقط بل فى أوروبا أيضا، هو من يقف وراء هذه الحملة الممنهجة. فمثلا قامت الكاتبة اليهودية «بات يور» باختراع مصطلح جديد جعلته عنوان أحد كتبها فيما بعد، وهو مصطلح يورابيا Eurabia وتعنى به تشكل محور عربى أوروبى للقضاء على المشروع الأمريكى الصهيونى، بطريقة مكشوفة لابتزاز العالم الغربى حتى يظل مستمرا فى دعمه للدولة الإسرائيلية. كما صدر مؤخرا مجموعة كتب تهاجم الرئيس الأمريكى باراك أوباما بطريقة غير موضوعية استمرارا لمسلسل الابتزاز اليهودى المعروف، لكى يقدم هو أيضا المزيد من التنازلات لإسرائيل. ومن هذه الكتب التى تمارس سياسة الابتزاز والحرب النفسية، كتاب "أوباما والإسلام Obama and Islam " للمتطرف روبرت سبنسر الذى تحدثنا عنه مرارا و قد شاركه فى التأليف «ديفيد هورويتز» وهو أمريكى من أصل يهودى كان يساريا ثم صار منتميا لتيار «المحافظون الجدد»، كما أسس بعض المواقع والجمعيات والإصدارات المعروفة بعدائها للإسلام. كتاب «أوباما والإسلام» على الرغم من صغر حجمه (لم يصل إلى خمسين صفحة) فإنه يحرض بطريقة عنيفة ضد الرئيس الأمريكى، وهو عبارة عن اقتباسات من خطبه وتعليقاته التى ذكر فيها كلمة الإسلام، والهدف من حشد كل تلك الاقتباسات هو إظهار ميول الرئيس غير الطبيعية للدين الإسلامى، وربما التلميح بأنه مسلم، لكن اللافت للنظر أنه فى كثير من الاقتباسات والمواقف، لا ينسى المؤلفان أن يستدعيا إسرائيل إلى ساحة المقارنة إثارة واستفزازا للشعب الأمريكى ضد رئيسه (المنحاز للإسلام على حساب إسرائيل وفقا لزعمهما)، وهى طريقة معروفة فى ابتزاز الغير للحصول على أكبر قدر من المكاسب. يبدأ الكتاب بدون مقدمات باقتباس من خطاب الرئيس أوباما فى البنتاجون عام 2010 بمناسبة الذكرى السنوية لأحداث الحادى عشر من سبتمبر، وكيف أن الرئيس أوباما يبرئ الإسلام، ويؤكد أن الأمريكيين لن يكونوا يوما ما فى حرب ضد الإسلام، كما يتهم –أى أوباما - تنظيم القاعدة بأنهم يشوهون الإسلام بأفعالهم : As Americans, we will not and never will be at war with Islam,…… “It was not a religion that attacked us that September day. It was al-Qaeda, a sorry band of men, which perverts religion ويعلق المؤلفان على ذلك بالقول :إن الإسلام هو الذى يحرك هؤلاء الجهاديين، كما أنهم يستلهمون آيات القرآن التى تحثهم على قتل المخالفين والكفار.ويتطوع الكتاب بتفسير موقف أوباما بأنه محاولة استرضاء للعالم الإسلامى وإيران. ثم يوجه لوما شديدا إلى أوباما وذلك بسبب زيارته لتركيا عام 2009 وثنائه على حكومة أردوغان، وهى الحكومة – من وجهة نظر الكتاب- التى تخاصم العلمانية، وتقلل من حجم علاقتها بإسرائيل، بل وتدعم حماس وغزة، كما حدث فى أسطول الحرية، وهكذا يتم استدعاء إسرائيل فى كل مقارنة، وهو ما يؤكد لنا أن هؤلاء المؤلفين المتطرفين لا يتحركون من فراغ، ولكن من خلال دعم المنظمات اليهودية التى تقوم بتمويل إصداراتهم، ومؤتمراتهم كما تستضيفهم فى القنوات الفضائية المختلفة. وفى تربص واضح بالرئيس أوباما، يستدعى الكتاب مشهد انحناء أوباما أمام ملك السعودية التى قدمت 15 شخصا من مواطنيها قاموا بأحداث الحادى عشر من سبتمبر : When Obama bowed to the Saudi King whose country was home to 15 of the 9/11 attackers, and whose government funds Islamic jihad worldwide, he created an image worth a thousand words. ويتوقف الكتاب أمام زيارة أوباما للهند فى بومباى، وإشادته بالإسلام ردا على حادثة بومباى الشهيرة عام 2008، ويقتبس هذه الكلمات التى وصف بها أوباما بالإسلام بأنه دين يعلم السلام والعدل والتسامح : “the religion that teaches peace, justice, fairness and tolerance” ويشعر الكاتبان بألم شديد من تودد وتملق أوباما للعالم الإسلامى فى الوقت الذى يهجر فيه ويتخلى عن إسرائيل الدولة الديمقراطية الوحيدة فى الشرق الأوسط فى مقابل تقديم الخدمات للحكومات المسلمة المستبدة : But Obama's decision to hit the “reset button” with Islam has also involved much larger foreign policy decisions carrying daunting consequences – especially his willingness to abandon Israel, the only democracy in the Middle East, as a way of currying favor with Muslim autocracies. كما يسرد المؤلفان - نقلا عن الصحفية كارولين جليك -, التنازلات التى قدمها أوباما للعالم الإسلامى على حساب إسرائيل، ومنها استرضاء الملالى فى إيران، والتزامه بإقامة دولة فلسطينية، وانسحاب القوات الأمريكية من العراق, مما يتيح لإيران السيطرة على المنطقة بدء من إيران وحتى لبنان : “From President Barack Obama's intense desire to appease Iran's mullahs in open discussions; to his stated commitment to establish a Palestinian state as quickly as possible despite thePalestinians' open rejection of Israel's right to exist and support for terrorism… to his plan to withdraw US forces from Iraq and so give Iran an arc of uninterrupted control extending from Iran to Lebanon, every single concrete policy Obama has enunciated harms Israel.” كما يبدى المؤلفان امتعاضا بسبب المعاملة السيئة التى قابل بها أوباما نتيناهو أثناء زيارته للبيت الأبيض عام 2010 ويستمر الكتاب فى ذكر الكثير من المواقف المنحازة ضد إسرائيل لصالح العالم الإسلامى، ويقتبس عبارة للكاتب الصحفى نيكولاس كريستوف فى النيويورك تايمز، والتى يصف فيها أوباما أذان الصلاة بأنه أجمل صوت على الأرض يمكن سماعه عند غروب الشمس. Mr.Obama described the call to prayer as ‘one of the prettiest sounds on Earth at sunset ويصل الكتاب إلى ذروة تهكمه عندما ينسب لوزير الصناعة الباكستانى آية الله دورانى عام 2010قوله، بأنه ينبغى على الرئيس أوباما أن يعلن نفسه خليفة للمسلمين : In early September 2010, Pakistan's Minister of State for Industries, Ayatullah Durrani, went so far as to propose Obama as the right man to become caliph of all Muslims. وهكذا تستمر عملية السرد الذى لا يخرج عن ثلاثة أشياء : اتهام الرئيس أوباما بأنه يتملق الإسلام والعالم الإسلامى اتهام أوباما بمعاداة إسرائيل. تشويه الإسلام ووصفه بالعنف والإرهاب وإباحته لتعدد الزوجات، وممارسة الجنس مع ملك اليمين، وغيرها من الشبهات القديمة الجديدة والتى تستدعى منا أن الرد عليها بلغات مختلفة وبطريقة تتناسب مع العقل الغربى. وفى النهاية، فإنه من الواضح أن اللوبى اليهودى والمنظمات الصهيونية هى التى تقف وراء هذه الحملات ضد الإسلام وضد كل من يبدى تعاطفا مع العالم الإسلامى، وذلك للحصول على مزيد من التنازلات ولجعل المنطقة بؤرة للديكتاتورية العربية والحروب وهما - الديكتاتورية العربية والحروب – العاملان اللذان يضمنان الوجود الصهيونى لأطول مدة ممكنة.