أكدت مصادر مطلعة لموقع «جلوبز» الاقتصادى «الإسرائيلى»أن مفاوضات تجرى بين مندوبين من مصر و«إسرائيل»؛ بهدف الوصول إلى توقيع اتفاقية لتصدير الغاز الإسرائيلى لمصر. وأضاف «جلوبز»، الذى يعتبر الموقع الاقتصادى الأهم فى «إسرائيل»، أن ممثلى مصر و«إسرائيل» يسعون لتوقيع اتفاقية رابحة لجميع الأطراف، بحيث توفر غازا بسعر جيد لمصر، وتحسن السمعة التجارية لقطاع الغاز فى مصر أمام المستثمرين الأجانب، وفى الوقتنفسه تؤمن تصدير الغاز الإسرائيلى بتكاليف منخفضة وأسعار جيدة. وقال موقع «جلوبز» نقلا عن مصادر مطلعة على المفاوضات إن الطرفين قد يتوصلان إلى اتفاقية بهذا الخصوص فى منتصف 2014، بالتزامن مع انتخاب برلمان ورئيس جديدين لمصر، حسب ما تسعى السلطة المعينة من الجيش المصرى. ويتردد أن الهدف الرئيسى لزيارة الرئيس القبرصى «نيكوس أناستاسياديس» فى نفس التاريخ إلى القاهرة كان استكمال المفاوضات مع الجانب المصرى لنقل الغاز الإسرائيلى لمصر بواجهة قبرصية، تجنبا للحرج الذى قد يسببه استيراد مصر للغاز الإسرائيلى مباشرة، وهو الأمر الذى يتوافق مع تأكيدات موقع «جلوبز» فى تقريره الأخير من أن هناك عقبات قد تحول دون استكمال توقيع الاتفاق بين تل أبيب والقاهرة، وأهمها الحرج السياسى الذى سيسببه مثل هذا الاتفاق للحكومة المصرية أمام الشعب والمعارضة. وفيما يلى الترجمة الكاملة لمقال موقع «جلوبز» الاقتصادى الإسرائيلى: «إسرائيل» تجرى محادثات بشأن تصدير الغاز إلى مصر. «هل الحكومة الإسرائيلية ملتزمة بضمان انسياب الغاز من إسرائيل إلى مصر؟». هذا هو السؤال المدهش الذى وجهته مؤخرا مصادر فى الحكومة المصرية لنظرائها الإسرائيليين؛ أثناء المحادثات بشأن بيع الغاز الإسرائيلى إلى مرافق إسالة الغاز الطبيعى المصرية. ويمكن القول بأن ذلك السؤال هو اختبار لحدود الوقاحة، ولكن ما من شك فى أن مصر لديها أسباب جيدة لمناقشة الأمر. فى عام 2005 وقعت الحكومة المصرية اتفاقية مع الحكومة الإسرائيلية تلتزم بموجبها بضمان انسياب الغاز من مصر إلى إسرائيل فى كافة الأوقات وفى كافة الظروف. إلا أن الحكومة المصرية هزئت قبل عامين بالاتفاقية وبالتزاماتها، وتجاهلت تعهداتها وسمحت للشركات المصرية بإلغاء اتفاقية توريد الغاز إلى مؤسسة الكهرباء الإسرائيلية من خلال إى إم جى. وقد تكبد الاقتصاد الإسرائيلى نتيجة لذلك خسائر اقتصادية جسيمة، وقدرت حينها الخسارة المباشرة وحدها بعشرين مليار شيكل إسرائيلى (نحو5.7 مليار دولار). وقد تحمل مستهلكو الكهرباء الإسرائيليين هذه الخسارة خلال الشهرين السابقين ودفعوها كاملة من خلال فواتير الكهرباء المستحقة كل شهرين، والتى ارتفعت بنسبة 25 بالمائة - وحتى أكثر من ذلك-لتمويلشراءوقودأعلىثمناكبديلعنالغازالمصرى المفقودلضماناستمرارتوليدالطاقة. لميكنأمامالحكومةالإسرائيليةحينذاكإلاأنتستسلمإزاءالانتهاكالصارخللاتفاقية،وقدعبرعنذلكوزيرالخارجيةالإسرائيلى أفيجدورليبرمانالمعروفبصرامته مخادعا بقوله «إنها مجرد صفقة تجارية». هل يقدر لفضيحة الغاز المصرى أن تتكرر تارة أخرى ولكن بالاتجاه المعاكس؟ يحتمل أن تكون الصفقة هذه المرة مختلفة تماما. ففى المرة السابقة اشترت مؤسسة الكهرباء الإسرائيلية وغيرها من الشركات الإسرائيلية الخاصة الغاز الطبيعى من مصر، من خلال صفقات مشبوهة أبرمت لمصلحة أفراد فاسدين فى النظام المصرى. أما هذه المرة، فستكون للصفقة مبررات اقتصادية صلبة إلا أنها ستكون ضحية الرأى العام القومى المصرى وستصبح نموذجا بائسا آخر لانعدام المنطق فى الشرق الأوسط. مصر فى حاجة ماسة للغاز يتوفر لدى مصر ما يقدر بسبعة وسبعين تريليون قدم مكعب من الاحتياطى المؤكد للغاز، وهذا ضعف الاحتياطى المتوافر لدى إسرائيل. ويكفى هذا الاحتياطى احتياجات الاقتصاد المصرى لأكثر من 40 عاما بمعدل الاستهلاك الحالى. ولكن، وبعد ارتكاب كل ما يمكن من الأخطاء، باتت مصر الآن فى وضع يجعلها فى حاجة ماسة لاستيراد الغاز الطبيعى. فاستهلاك الغاز فى مصر يتصاعد بمعدلات خيالية وبأسعار مدعومة بينما لم تطرأ أى زيادة على معدلات إنتاجه. شركات الطاقة العالمية غير معنية بالاستثمار فى تطوير حقول غاز جديدة فى مصر لأن الحكومة ستدفع لها من دولارين إلى ثلاثة دولارات فقط لكل وحدة حرارية، وهذه مبالغ لا تكفى حتى لتغطية تكاليف تنقيب وتطوير هذه الحقول. وتتحمل الحكومة المصرية الآن مديونية لهذه الشركات تقدر بنحو 6 مليارات دولار، وعد وزير النفط المصرى بسداد 25 بالمائة منها فقط. لاتزال كمية الغاز الذى تنتجه مصر أكبر مما تستهلكه، إلا أن الفرق بين المنتج والمستهلك آخذ فى التضاؤل بشكل متسارع ولم يعد ثمة ما يكفى من الغاز للتصدير. وهذا الأمر يضر بالذات بالأردن التى ماتزال لديها اتفاقية لاستيراد الغاز مع مصر ومع عمالقة الطاقة الذين استثمروا المليارات لإنشاء مرافق إسالة الغاز الطبيعى لتصدير الغاز الطبيعى المسال إلى آسيا وأوروبا وغير ذلك من الأسواق، وهى شركات بريتيش غاز (البريطانية)، وإينى (الإيطالية) ويونيون فينوزا (الإسبانية)، وقدأنتجتهذهالشركاتمجتمعة 4.7 مليونطنمنالغازالمسالفى عام 2012،أى مايعادل 33 من مجمل ما تورده مصر. يعتقد بأن مالكى المرافق يشترون الغاز بستة دولارات وينفقون عليه دولارين لتسييله، ويبيعونه بسعر يتراوح ما بين 12 و 14 دولارا. وهذا يعنى أن المرافق تخسر ما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار كل سنة، والوضع مرشح لمزيد من التدهور. الصفقة الحلم فى مثل هذه الظروف ثمة إمكانية لأن يصبح تصدير الغاز الإسرائيلى المستخرج من حقل ليفياثان عبر المرافق المصرية لإسالة الغاز الطبيعى هو الصفقة الحلم. ويستدعى ذلك أن ينشئ مالكو المرافق على نفقتهم الخاصة خط أنابيب يربط هذه المرافق بالحقل الإسرائيلى وبذلك يوفرون مليارات الدولارات من الخسائر. الشركاء المالكون لحقل ليفياثان، والذين يخشون استثمار أموال طائلة فى إنشاء مرافق برية أو عائمة جديدة، بإمكانهم بيع الغاز بمعدل ست دولارات لكل وحدة حرارية دون حاجة لأى اسثمارات من طرفهم. وبإمكان الحكومة المصرية فى هذه الحالة التخلص من التهديد بمقاضاتها لدفع تعويضات هائلة (جراء إخلالها بتعهداتها - توضيح من المترجم)، وتحسين وضعها بشكل كبير سيجذب المستثمرين الأجانب. أما الحكومة الإسرائيلية فستتمتع بإيرادات مبكرة ناجمة عن الأرباح التى ستجنيها من الضرائب. وبذلك تربح جميع الأطراف من تصدير الغاز الإسرائيلى عبر مصر. ولكن ثمة مشاكل سياسية شائكة قد تتغلب على المنطق الاقتصادى. فالسلطات المصرية تخشى من رد فعل الجمهور والإخوان المسلمين على صفقة لشراء الغاز من إسرائيل. فقبل شهرين نشر وزير الطاقة المصرى تصريحا ينفى فيه نفيا قاطعا ما صرح به وزير الطاقة الإسرائيلى سيلفان شالوم أثناء مقابلة له مع الإذاعة الإسرائيلية من أن إسرائيل مهتمة بتصدير الغاز إلى مصر. لم تتوقف المحادثات بين الطرفين بهدف صياغة صفقة ما، وتمكن السياسيون الإسرائيليون من التزام الصمت. خلال الشهور الستة القادمة سوف تنتخب مصر برلمانا ورئيسا جديدين، وستعين حكومة جديدة. المصادر ذات العلاقة بالمحادثات تقول إن الصفقة يمكن أن تنضج فى منتصف عام 2014، وذلك على افتراض أن مصر سوف تكون قد استقرت سياسيا حينذاك.