كشف تقريرٌ لوزارة العدل الأمريكية أن مسئولين بارزين في الإدارة الأمريكية كانو على علم بأساليب الاستجواب المسيئة مع المعتقلين، لكنهم لم يتحرَّكوا لإيقاف هذه الإساءات، وهو ما أدانه حقوقيون أمريكيون؛ حيث اعتبروا أن تحرك المسئولين المبكِّر كان سيقود إلى منع فضيحة أبو غريب وغيرها من الإساءات التي تعرَّض لها المعتقلون في السجون الأمريكية. وكشف التقرير أن مسئولين أمريكيين على أعلى المستويات في الحكومة؛ من بينهم مسئولون في البيت الأبيض، تلقَّوا تقارير بشأن الإساءة للمعتقلين في السجون الأمريكية في الخارج منذ عام 2003م؛ منهم كونداليزا رايس، التي كانت تشغل منصب مستشار الأمن القومي في ذلك الوقت، والتي تلقت شكاوى بحدوث تعذيب، لكنها لم تتحرك. وطالب الكونجرس مكتب المفتش العام التابع لوزارة العدل بإجراء تحقيقٍ بعد الوثائق التي حصل عليها الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية بموجب قانون حرية المعلومات. وكشفت الوثائق أن عملاء لمكتب التحقيقات الفيدرالية (إف. بي. آي) حذَّروا من الأساليب التي يستخدمها المحقِّقون العسكريون في معتقل جوانتانامو. ومن جانبه قال أنتوني روميرو المدير التنفيذي للاتحاد الأمريكي للحريات المدنية: "إن تقرير مكتب المفتش العام يكشف أن كبار المسئولين الحكوميين في وزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية (سي. آي. إيه)، بل والبيت الأبيض، أعمَوا أعينهم عن التعذيب والإساءة وفشلوا في التصرف بقوة لإنهائه". وأضاف روميرو أن أعلى وكالة لتنفيذ القانون في البلاد، وهي مكتب التحقيقات الفيدرالية، لم يتخذ إجراءات لتعزيز القانون، لكنه قام فقط بالإبلاغ متأخرًا عن الانتهاكات بحق القانون. وأكد أن الحكومة لو كانت قد قامت بتحرُّكٍ في 2003م ربما كان بالإمكان تجنب فضيحة أبو غريب وغيرها من الإساءات. وكان تقرير مكتب المفتش العام الذي بدأ في ديسمبر 2004، واستغرق ثلاث سنوات ونصف السنة لإتمامه، أكد أن مسئولين بارزين في ال(إف. بي. آي) علموا في 2003 أن وكالات أخرى؛ من بينها ال(سي. آي. إيه) تستخدم أساليب استجواب مسيئة، لكن ال(إف. بي. آي) لم يطلب من عملائه الإبلاغ عن حوادث الإساءة حتى عام 2004؛ وذلك بعد نشر الصور التي كشفت الإساءات التي يتعرَّض لها المعتقلون العراقيون لدى قوات الاحتلال الأمريكي في سجن أبو غريب. ويكشف التقرير عن أن ال(سي. آي. إيه) أعاقت التحقيق الذي يُجريه مكتب المفتش العام من خلال منع المكتب من الالتقاء بأحد المعتقلين الذين تعرَّضوا لأساليب استجواب مسيئة، من بينها الإغراق الوهمي. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد منحت مكتب المفتش العام الإذن بالالتقاء بعددٍ من المعتقلين؛ من بينهم زين العابدين محمد حسين (أبو زبيدة)، مؤكدةً أن الاستجوابات لن تتعارض مع محاولات الحصول على المعلومات من المعتقلين، لكن القائم بأعمال المستشار العام لل(سي. آي. إيه) اعترض على الالتقاء بأبو زبيدة، كما تم منع مكتب المفتش العام من الوصول إلى معلوماتٍ سرية عن المنشآت التي تُديرها ال(سي. آي. إيه).