بالرغم من سعي المحتل الصهيوني إلى تحويل سجونه إلى مكان لقتل ووأد العقلية الجهادية والنضالية للأسرى الفلسطينيين، إلا أن أسرى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، تمكنوا وعلى مدار ميلاد مجتمعهم الأسير داخل تلك السجون، من تحويله إلى جامعة مصغرة تصقل الشخصية، وتخرج القيادات والكوادر في كافة المجالات. ويعد برنامج الحياة اليومية للأسير من حركة حماس في سجون الاحتلال، زاخرا بالأنشطة والفعاليات يبدأ من ساعات الفجر الأولى وينتهي بالتوجه للنوم، مما يظهر مدى التنظيم والتميز عن غيرهم من الأسرى.
الأسير قدري دويك من سكان الخليل المعتقل منذ خمس سنوات في سجون الاحتلال، يفخر بأن سنوات اعتقاله، لم تكن سدى بل حفزته لزيادة رصيده المعرفي والثقافي، مما زاد من مشاعر الاعتزاز بشخصيته وكيانه، التي لا تنتهي عند أسوار السجن العالية.
ويشير الدويك في حديث صحفى إلى أن الاعتقال زاد من سعيه للتغلب على محصوله التعليمي والمعرفي المتواضع، فانهمك في التعلم والتتلمذ على يد الأسرى المتعلمين.
وأضاف:":أتممت علوم تجويد القرآن الكريم وشرعت بتعليم اللغة الانجليزية والرسم، حيث أضحيت أتقن فنون الرسم بشكل كبير، كما أني أستعد لتقديم امتحان الثانوية العامة في حالة موافقة مصلحة السجون على ذلك أو عبر طرق أخرى".
أما الأسير المحرر أيمن حسن من بلدة دورا القرع قضاء رام الله، فإنه نموذج الأسير الذي تحدى الأمية، وكان يقضي يومه بالنسخ والكتابة، مما جعل خطه منافساً لكثير من الخطاطين داخل السجن.
ويحظى أسرى سجن النقب في قسم 9 المعروف بقسم أسرى حماس بالحصول على دورات بالإسعاف أولي يشرف عليها أسرى أطباء أو ممرضين، كما تكررت ذات الدورة في سجن عوفر.
وفي ظل الأنشطة المكثفة من دورات ودروس، فإن الأسير مصعب سعيد يحاول أن يقضي على الوقت الطويل في سجنه بمشاركته ضمن خمسة دورات وهي: الخطابة والصحافة والخط والعبري والقيادة، الى جانب الحلقات والدروس الدينية الاسبوعية، وورشات النقاش السياسي.
وعادة ما يبدأ يوم الأسير المنضوي في إطار حركة حماس بصلاة قيام الليل ثم صلاة الفجر، ويتبعها قراءة المأثورات ثم يليها الرياضة الصباحية، ثم جلسة القرآن يعقبها تناول الفطور، يليها فترة قراءة حرة حتى صلاة الظهر يتبعها فترة الدورات فالقيلولة، وجلسة النقاش السياسي، ثم مزيد من الدورات قبيل الخلود للنوم.
الإعلامي والأسير المحرر أمين أبو وردة، يشير إلى أن من يواكب حياة الأسرى الفلسطينيين عن قرب، يرصد حالة مغايرة، ويقول ل"المركز الفلسطيني للإعلام":هامات الأسرى وتطلعاتهم خاصة في الأقسام والغرف التي تضم أسرى حركة حماس تتعالى من فوق الأسوار والأبراج العالية، لترسم حكاية صمود وتحد وبناء، لا مجال فيها لكل الشوائب والكدرات والإحباط والركون للواقع والاستسلام له".
ويعيش أسرى حماس كما يروي أبو وردة، محطات تعليمية داخل مجتمعهم في السجن، ويقول:"ترى من ينخرط في دورات تعليم اللغات، خاصة العبرية والانجليزية إلى جانب تجويد القرآن الكريم وحفظه لتكون الخاتمة للكثيرين منهم حفظ القرآن كاملاً في فترات قياسية والإنتهاء من كافة الدورات، فيما يستمر الجد والإجتهاد، فهذا أسير يصر على الحصول على شهادة التوجيهي، وآخر يسعى لإنهاء مساقات جامعية بشتى الوسائل، وآخرون يلتحقون ببرامج دراسات عليا (ماجستير ودكتوراه) بجامعات تتبنى الدراسة عن بعد، وبإشراف أكاديميين أسرى".