لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    شرطة الاحتلال تفرق مظاهرة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل أسرى    السيتي يتصدر ويوفنتوس يرافقه إلى دورال16 والعين يودّع بفوز شرفي على الوداد    السيطرة علي حريق مصنع زيوت بالقناطر    حبس عنصر إجرامي لقيامه بجلب وتصنيع المخدرات بالقليوبية    وزير الأوقاف يشهد احتفال الطرق الصوفية بالعام الهجري الجديد بمسجد الحسين    أيمن أبو عمر: الهجرة النبوية بداية جديدة وبشارة بالأمل مهما اشتدت الأزمات    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    عراقجي: إيران صمدت أمام "الضغوط القصوى" لحرمانها من حقوقها النووية    الخارجية الأمريكية: الموافقة على 30 مليون دولار لتمويل "مؤسسة غزة الإنسانية"    إسرائيل توافق على مقترح «ويتكوف» للدخول في مفاوضات بشأن غزة (تفاصيل)    السودان: تصاعد الأزمة الإنسانية وتآكل سيطرة المليشيا في دارفور    المأساة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط تصعيد دموي وضغوط دولية متزايدة (تقرير)    إسرائيل توافق على مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار    «30 يونيو».. نبض الشعب ومرآة الوعي المصري    العين يودع مونديال الأندية بفوز معنوي على الوداد بهدفين    مانشستر سيتي يقسو علي اليوفنتوس بخماسية رائعة في كأس العالم للأندية ويحسم صدارة المجموعة السابعة    بمشاركة ربيعة.. العين يهزم الوداد في قمة عربية بكأس العالم للأندية    الأهلي يضع شرطا حاسما لبيع وسام أبوعلي (تفاصيل)    أزمة بين زيزو وتريزيجيه في الأهلي.. عبدالعال يكشف مفاجأة    يرفعون علم فلسطين ويشهرون «الكارت الأحمر» في وجه إسرائيل.. قصة مشجعي أولتراس سياتل ساوندرز    البحوث الإسلامية: الهجرة النبوية لحظة فارقة في مسار الرسالة المحمدية    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في بداية تعاملات الجمعة 27 يونيو 2025    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    حسام الغمري: معتز مطر أداة استخباراتية.. والإخوان تنسق مع الموساد لاستهداف مصر    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    صلاح دياب يكشف سر تشاؤمه من رقم 17: «بحاول مخرجش من البيت» (فيديو)    رجل يفاجأ بزواجه دون علمه.. هدية وثغرة قانونية كشفتا الأمر    3 أبراج «أساتذة في التعامل مع التوتر».. هادئون يتحكمون في أعصابهم ويتمتعون بالثبات والقوة    عرض «عروس الرمل» ضمن الموسم المسرحي لقصور الثقافة بأسوان    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    جدول أعمال مكثف لمجلس النواب الأسبوع القادم    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    نائب رئيس هيئة الدواء: ملتزمون بدعم التصنيع الدوائي المحلي والتكامل الأفريقي    التأمين الصحي بالقليوبية: برامج تدريبية متخصصة ومستمرة للكوادر الطبية والتمريضية    تنويه مهم من محافظة الجيزة بشأن تنسيق القبول بالثانوية العامة ومدارس التعليم الفني    السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصرى والأمة الإسلامية بالعام الهجرى الجديد    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    مصطفى قمر يتألق فى حفل غنائى كامل العدد ومى فاروق والعمروسى بين الجمهور    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    عراقجي: لم نتخذ قرارا ببدء مفاوضات مع الولايات المتحدة    السياحة: عودة جميع الحجاج المصريين بسلام إلى مصر بعد انتهاء الموسم بنجاح    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    رمضان 2026 أقرب مما تتخيل.. هذا هو موعده المتوقع فلكيًا    الإنقاذ النهرى تكثف جهودها لانتشال جثمان طفل غرق بأسيوط    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 والقنوات الناقلة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 27 يونيو 2025    هيئة الشراء الموحد توقع شراكة استراتيجية لإطلاق برنامج لتعزيز القدرات البشرية    صحة دمياط تقدم الخدمة الطبية ل1112 مواطنًا فى قافلة طبية بعزبة جابر    نقل الكهرباء : تشغيل المحول رقم (1) بمحطة زهراء المعادي    عقب احتفالية العام الهجري الجديد.. محافظ المنيا يشهد عقد قران عروسين    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    هل يُستَحبُّ شرعًا الصوم في شهر الله المحرم.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواقف الملوك السعوديين من جماعة الإخوان المسلمين ..دراسة مقارنة تاريخية
نشر في الشعب يوم 08 - 12 - 2013

في عام 1928م قام الإمام الشهيد حسن البناء رحمه الله بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر للدعوة للعودة إلى الإسلام من جديد تحت شعار " الله ربنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا والشهادة في سبيل الله أسمى أمانينا" ولا شك أن هذه الدعوة كانت دعوة شاملة تعم كافة النواحي للحياة الفردية والاجتماعية. ومن أهم المزايا لهذه الدعوة أنها تدعو إلى الوسطية والتجنب التشدد تجنباً كاملاً. من أجل ذلك كان هناك إقبال كبير على هذه الدعوة، ولم تبق دائرتها محدودة إلى مصر فحسب بل إنما اتسعت إلى كافة البلاد العربية والإسلامية رغم العراقيل وأساليب القهر من قبل الحكام الدكتاتوريين في البلاد المختلفة. وقد تبين في الانتخابات الأخيرة في مصر وتونس وليبيا والمغرب ويمن بأن دعوة جماعة الإخوان المسلمين قد وصلت إلى الشعوب في هذه البلاد. وتقوم بنشاطاتها في بعض الدول الإسلامية الأخرى مثل الأردن والسوريا منذ سنوات. ونحن على يقين بأنه إذا كانت هناك انتخابات حرة ونزيهة في هذين البلدين في يوم من الأيام فإن جماعة الإخوان المسلمين ستفوز بالأغلبية. وهكذا هناك بعض من البلاد الخليجية مثل الكويت والقطر فإن جماعة الإخوان المسلمين فيها تواصل نشاطاتها باسم جمعية الإصلاح الاجتماعي.
دعوة جماعة الإخوان المسلمين في المملكة العربية السعودية:
وأما ما يخص بالمملكة العربية السعودية فدعوة جماعة الإخوان المسلمين قد وصلتها بعد فترة ضئيلة من تأسيس الجماعة، فإن الأستاذ محب الدين الخطيب الذي كان الشخصية البارزة والداعية الكبير في المملكة اتصل بالإمام الشهيد حسن البنا وعرض عليه أن ينتقل إلى المملكة ويواصل دعوته فيها. ولكن الظروف لم تسمح للإمام الشهيد أن يسافر إلى المملكة ويقوم بدعوته فيها حينذاك.
موقف الملك عبدالعزيز رحمه الله من جماعة الإخوان المسلمين:
يعتبر الملك عبدالعزيز رحمه الله من كبار رجال التاريخ لكونه مؤسس المملكة العربية السعودية. والجدير بالذكر أن الجزيرة العربية قبل تأسيس المملكة كانت تشمل العديد من الدويلات الصغيرة ثم في عام 1932م قام الملك عبدالعزيز بتوحيد هذه الدويلات والمناطق وأطلق عليها اسم "المملكة العربية السعودية". وكان الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى متاثراً من دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب )1703م - 1791م (تأثراً عميقاً وكانت دعوته رحمه الله تركز على عقيدة التوحيد وتنفيذ الحكم الإسلامي. ولا يفوتنا أن نذكر هنا بأن المفاهمة التي قد تمت بين الإمام محمد بن عبدالوهاب وبين مؤسس آل سعود الإمام محمد بن سعود كانت تنص على بأن سيكون هناك التعاون والتناصر معاً بينهما لتنفيذ الحكم الإسلامي، وهذا التعاون سيستمر مع استمرار الحكم في آل سعود.
الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى يجعل القرآن الكريم دستوراً للمملكة والكلمة الطيبة شعاراً لعلم المملكة:
والجدير بالذكر أن الملك عبد العزيز رحمه الله تعالى كان متحمساً جداً لإقامة الحكم الإسلامي في المملكة. فهناك العديد من الأدلة التي تدل على ذلك، وأما خير دليل على هذا التحمس بأن حينما طلبت جمعية الأمم المتحدة من دول العالم نسخة من دستورها فإن الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى ملك المملكة العربية السعودية حينذاك قام بإرسال نسخة من القرآن الكريم إلى جمعية الأمم المتحدة وقال بأن القرآن الكريم هو دستور المملكة العربية السعودية. والكلمة الطيبة شعاراً لعلم المملكة.
ومن أجل ذلك فإن جو المملكة العربية السعودية كان مناسب جداً لدعوة جماعة الإخوان المسلمين للعودة إلى الإسلام من جديد.
مجلة "أم القرى" الرسمية للملكة تقوم بترحيب الإمام حسن البنا على وصوله للحج:
كان في هذه الأوضاع أن قرر المجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين أن تبعث البعثة الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين لأداء فريضة الحج في قيادة المرشد العام للجماعة الإمام حسن البنا الشهيد وذلك في عام 1354ه الموافق 1936م وحينما وصلت هذه البعثة بميناء جدة، قامت الجريدة الرسمية للمملكة "أم القرى" بترحيباً للبعثة في افتتاحية عددها الصادر في 14 مارس عام 1936م تحت العنوان: "على الرحب والسعة" وقالت:
"وصل على الباخرة كوثر التي أقلت الفوج الأخير من الحجاج المصريين كثير من الشخصيات المصرية المحترمة لم تسعفنا الظروف بالتعرف إليهم إلا بعد صدور العدد الماضي للمجلة وإنا نذكر منهم الأستاذ الكبير حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين.
يتبين من هذه الافتتاحية لمجلة "أم القرى" الرسمية مدى احترام واهتمام حكومة المملكة للإمام الشهيد حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين.
كان من عادة الملك عبدالعزيز رحمه الله أنه يقيم مؤتمراً خاصاً لترحيب وإكرام البعثات الخارجية للحج وكان الملك نفسه أو مندوبه يقوم بترحيب هذه البعثات للحج. فكان وفقاً لذلك بأن قد أقيم المؤتمر لترحيب البعثات الخارجية للحج فشاركت فيه بعثة الحج لجماعة الإخوان المسلمين. وخلال المؤتمر تحدث مندوب كل بعثة بلغة بلاده وفي الأخير ألقى الإمام حسن البنا كلمته وقدم فيها الدعوة للعودة إلى الإسلام من جديد. وكانت الكلمة الوحيدة التي بعثت في المؤتمر جواً من الحيوية، ما كادت الكلمة تنتهي حتى أقبل عليه قادة جميع الوفود يعانقونه ويطلبون التعارف عليه وعلى دعوته.
الأمير عبدالله الفيصل والأمير منصور يشاركان في حفل تكريمي لجماعة الإخوان المسلمين في مكة المكرمة نيابة عن الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى:
ثم في عام 1364ه الموافق 1945م سافرت بعثة جماعة الإخوان المسلمين إلى المملكة لأداء فريضة الحج مرة ثانية وخلال هذه الرحلة للإخوان المسلمين أقيم حفل خاص بفندق "بنك مصر" في مكة المكرمة ووجهت الدعوة إلى الكبار المسؤوليين في الحكومة بما فيهم الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى نفسه والأمراء والوزراء والمبعوثون للبعثات الإسلامية المختلفة وهذا الحفل شارك فيه الأمير عبدالله الفيصل والأمير منصور نيابة عن الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى . وفي هذا الحفل أيضاً قدم الإمام البنا دعوته للعودة إلى الإسلام من جديد.
وفي 27 يونيو عام 1947م الموافق 28 رجب 1366ه عقد المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين مؤتمراً إسلامياً في القاهرة بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج. وشاركه بعض من الشخصيات البارزة من المملكة العربية السعودية من بينهم السيد سعد المقي وأسعد الفاسي واللذان كانا من كبار رجال الدولة.
الإمام الشهيد حسن البنا يلتقي بالملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى:
وخلال الحج في عام 1359ه الموافق 1940م قام الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى بإقامة جلسات خاصة على مأدبة الطعام لكبار الحجاج إكراماً لهم. وفي ذلك الصدد هو وجه دعوة خاصة إلى الإمام الشهيد حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين. وخلال اللقاء في هذه المناسبة قدم الإمام البنا بعض الاقتراحات لحل قضية فلسطين المسلمة منها تقديم الدعم للكتائب والفصائل الجهادية من قبل المملكة التي تجاهد لتحرير فلسطين. وهذا الاقتراح أعجب الملك عبدالعزيز آل سعود إعجاباً جيداً.
حكومة المملكة تتخذ الاجراءات اللازمة لحراسة الإمام البنا خلال رحلة الحج لعام 1948م:
وخلال الحج لعام 1948م/1368ه كان هناك إشاعة لمؤامرة اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أثناء أداء فريضة الحج. حينما علمت حكومة المملكة عن ذلك أنزلته ضيفاً عندها وقامت بما يلزم لحراسة مقره. وأعطته سيارة خاصة مع جندي مسلح لمنع الاعتداء عليه. وهكذا تمكن الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى من أداء فريضة الحج.
قادة جماعة الإخوان المسلمين في المملكة:
وفي بداية خمسينات للقرن العشرين الميلادي وفي عام 1953م بالتحديد قد انتقل إلى المملكة بعض من قادة جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم الشيخ مناع خليل القطان والذي كان سكرتير الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى وكان خريج جامعة الأزهر الشريف قد تم تعيين الشيخ مناع القطان فيما بعد رئيساً للمعهد العالي للقضاء في المملكة، والجدير بالذكر أن الشيخ مناع القطان له دور كبير في تأسيس فكرة إنشاء رابطة العالم الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية، والندوة العالمية للشباب الإسلامي والمؤسسات الإسلامية الأخرى التي تطلق عليها "المؤسسات الإخوانية" في المملكة.
حكومة المملكة تقوم بتوفير طائرة خاصة للأستاذ حسن الهضيبي المرشد العام الثاني لجماعة الإخوان المسلمين:
حينما قام المرشد العام الثاني لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ حسن الهضيبي بزيارة المملكة في عام 1954م في أيام الملك عبدالعزيز آل سعود رحمه الله تعالى قامت حكومة المملكة بإكرامه بتوفير طائرة خاصة له للسفر إلى الشام .
السابقون الأولون من السعوديين لدعوة جماعة الإخوان المسلمين:
كما ذكرنا آنفاً أن الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى زار المملكة العديد من المرات ولاسيما خلال رحلات الحج قبل شهادته. وكان خلال هذه الزيارات والرحلات في المناسبات المختلفة يقدم دعوته للعودة إلى الإسلام من جديد فكان نتيجة لذلك بأن عدداً غير قليل من شباب المملكة قد تأثروا بدعوته. ومن بين هؤلاء الشباب أو على رأسهم الأديب والكاتب الشهير الأستاذ أحمد محمد جمال من مكة المكرمة الذي عمل كمندوب لمجلة الإخوان المسلمين الرسمية لمدة طويلة ثم نظرا لعلاقاته مع جماعة الإخوان المسلمين من ناحية ولمكانته العلمية من الناحية الثانية بأن الملك الشهيد فيصل رحمه الله تعالى عينه عضواً لرابطة العالم الإسلامي إضافة إلى تعيينه مدرساً في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة. وللأستاذ أحمد محمد جمال كتاب قيم حول دعوة جماعة الإخوان المسلمين وذلك بعنوان: الحوار بين الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى والإمام المودودي رحمه الله تعالى والشيخ أبي الحسن علي الندوي رحمه الله تعالى. يقول فيه بأن الفرق بين دعوة الشهيد سيد قطب والإمام المودودي و بين دعوة الشيخ أبي الحسن على الندوي يعود إلى الفرق البيئة التي كانت يعيشها كل واحد من هؤلاء حيث بأن الشهيد سيد قطب والإمام المودودي كانا يعيشان في بيئة الجهاد والشيخ الندوي كان يعيش في بيئة المدرسة.

مؤقف الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى من جماعة الإخوان المسلمين
إن الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى كان أكثر فراسة وبصيرة من الملوك والحكام في العالم الإسلامي في عصره، هو كان رحمه الله متحمساً لتوحيد العالم الإسلامي. من أجل ذلك كان يحمل لواء وحدة الأمة الإسلامية. ونفس الفكرة كانت تتبنها جماعة الإخوان المسلمين. والجدير بالذكر أن تظهر أهمية العلاقة بين الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى وبين جماعة الإخوان المسلمين بأن الدكتاتور جمال عبدالناصر كان من أشد المخالفين لفكرة وحدة الأمة الإسلامية التي كان يتبناه الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله وجماعة الإخوان المسلمين، فكان نتيجة لهذه وحدة العقيدة والفكرة بأن العلاقات بين الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله وبين جماعة الإخوان المسلمين كانت وطيدة وقوية جداً. ولهذا تعتبر فترة حكم الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى الفترة الذهبية، للعلاقات القوية بين المملكة وبين جماعة الإخوان المسلمين. وخلال تلك الفترة قدم الإخوان ما كان في وسعهم لتحقيق الأهداف التي كان يستهدف إليها الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى لتنفيذ المشاريع الإسلامية من الفكرة إلى العمل.
وهكذا فإن الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى أيضاً كان يقوم بما في وسعه لإنقاذ جماعة الإخوان المسلمين، قادة وأعضاء من براثن الظلم والعدوان للدكتاتور جمال عبدالناصر ونحن نذكر هنا للمثال ولا للحصر بأن خلال مؤتمر الخرطوم الذي عقد على دعوة رئيس الوزراء السوداني إسماعيل الأزهري، قام الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى بعرض على الدكتاتور جمال عبدالناصر بأنه لو وافق على إطلاق صراح المسؤولين الإخوان، قادة وأعضاء، فهو مستعد لتسديد كافة الديون على مصر. ولكن الدكتاتور جمال عبدالناصر لم يوافق على هذا الاقتراح خوفاً من عدم الإجابة على الاتهامات الكاذبة التي قام بتوجيهها إلى جماعة الإخوان المسلمين، قادة وأعضاء للقبض عليهم والزج بهم في السجون بل لإعدامهم شنقاً.

خطوات الملك الشهيد فيصل بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله لتوحيد العالم الإسلامي ودور جماعة الإخوان المسلمين فيها:
كما ذكرنا آنفاً بأن الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى كان متحمساً جداً لتوحيد العالم الإسلامي على فكرة وحدة الأمة الإسلامية. وكانت توحيد الأمة الإسلامية من أسمى الأماني للملك الشهيد. من أجل ذلك قام الملك الشهيد باتخاذ العديد من الخطوات لتوحيد العالم الإسلامي. وإن جماعة الإخوان المسلمين أيضاً كانت تتبنى نفس الفكرة فمن هنا فإن الجماعة انتهزت هذه الفرصة للقيام بما يلزم لتنفيذ هذه الخطوات للحصول على التأشيرات للملكة ومن أجل تسهيلات حكومة السعودية حينذاك كثير من الإخوان قد انتقلوا إلى المملكة حيث لأنهم كانوا يعانون من الأوضاع القاسية من قبل الدكتاتور جمال عبدالناصر.
وفيما يلي نحن نذكر تفصيل بعض الخطوات التي قد اتخذها الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى لتوحيد كلمة الأمة الإسلامية ودور الإخوان المسلمين فيها.
أولاً : تأسيس رابطة العالم الإسلامي:
يعتبر تأسيس رابطة العالم الإسلامي من أهم الانجازات للملك الشهيد فيصل رحمه الله تعالى لتوحيد الأمة الإسلامية على المستوى الفكري والعلمي. والجدير بالذكر بأن فكرة تأسيس رابطة العالم الإسلامي قدمها بعض من القادة والمفكرين لجماعة الإخوان المسلمين، وعلى رأسهم الدكتور سعيد رمضان و الدكتور كامل شريف والشيخ مناع القطان والدكتور توفيق الشاوي وغيرهم، كما في ذلك الصدد قاموا بإعداد دستور هذه المنظمة العالمية وبينوا فيها أهدافها. وقاموا بترشيح بعض الشخصيات العالمية الكبرى للمجلس التاسيسي لرابطة العالم الإسلامي، من بينهم الشيخ أبو الأعلى المودودي رحمه الله تعالى من باكستان والشيخ أبو الحسن علي الندوي رحمه الله تعالى من الهند والدكتور محمد ناصر من إندونيسيا والشيخ محمد محمود الصراف من العراق والشيخ حسنين مخلوف من مصر. وهؤلاء الشخصيات كانوا يتبنون نفس الفكرة التي كانت تتبنها جماعة الإخوان المسلمين. كما لا يفوتنا أن نذكر هنا بأن كثيراً من المسؤوليين لرابطة العالم الإسلامي من البداية إلى اليوم كانوا يتبنون فكرة جماعة الإخوان المسلمين منهم: الشيخ محمد علي الحركان، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي والدكتور عبدالله عمر نصيف والشيخ الدكتور عبدالله عبد المحسن التركي وذلك للمثال ولاللحصر. وكان نتيجة لذلك أن هذه المؤسسة العالمية يطلق عليها المؤسسة الإخوانية.

ثانياً : تأسيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي
كان الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى يرى بأن شباب الأمة الإسلامية يستطيعون أن يقوموا بدورٍ كبيرٍ لتحقيق هدف وحدة الأمة الإسلامية. فقرر إنشاء الندوة العالمية للشباب الإسلامي. فقادة الإخوان المسلمين الذين كانوا في المملكة في ذلك الوقت وعلى رأسهم الدكتور سعيد رمضان والدكتور توفيق الشاوي والدكتور با حفظ الله والدكتور أحمد التوتنجي وغيرهم من خيرة الشباب المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين قاموا بإنشاء الندوة العالمية للشباب الإسلامي. ويجدر بذكر أن الدكتور حسن آل الشيخ الذي كان وزير التعليم العالي آنذاك في المملكة كان يشرف على هذا المشروع. وبعد تأسيس الندوة العالمية للشباب الإسلامي تم تعيين فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالرحمن آل الشيخ أميناً عاماً للندوة العالمية للشباب الإسلامي. وهذا خير دليل على التقارب بين دعوة جماعة الإخوان المسلمين وبين دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
ثالثاً: تأسيس البنك الإسلامي للتنمية:
الخطوة الثالثة التي اتخذها الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى نحو توحيد العالم الإسلامي. هو إنشاء البنك الإسلامي للتنمية وذلك لاتخاذ الخطوات اللازمة لتنمية العالم الإسلامي. وإن قادة جماعة الإخوان المسلمين ومفكريها اهتموا بهذا المشروع اهتماماً بالغاً ولذلك قرروا أن يبذلوا ما في وسعهم لإنجاز هذا المشروع، فالعلماء الاقتصاديون المنتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين قدموا خدماتهم لانجاز هذا المشروع فقاموا بإعداد خطة المشروع مع إبراز أهدافه واستراتيجيته. إن العالم الاقتصادي الكبير الأستاذ الدكتور توفيق الشاوي الذي كان من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين له دورٌ كبيرٌ في ذلك الصدد. وعينه الشهيد الملك فيصل المساعد الخاص لتنكو عبدالرحمن، الأمين العام لمنظمة مؤتمر العالم الإسلامي وذلك لإعداد مشروع البنك الإسلامي للتنمية كما منحه الجنسية السعودية إكراماً له وتقديراً لخدماته. وبعد إعداده الخطة والاستراتيجية للبنك الإسلامي للتنمية قام الدكتور توفيق الشاوي بتأليف كتاب باسم "البنك الإسلامي للتنمية" ليكون دليلاً للعاملين في البنك الإسلامي للتنمية بصفة خاصة والبنوك الإسلامية بصفة عامة. كما كان خلال هذه الفترة بأن الأمير محمد الفيصل قام بإنشاء بنك فيصل الإسلامي في الخرطوم والقاهرة، والدكتور الشاوي شاركه في إنجاز ذلك المشروع. ولا يفوتنا أن نذكر هنا بأن كثيراً من العلماء الاقتصاديين الذين كانوا يتبنون فكرة جماعة الإخوان المسلمين شاركوا في جهود لإنشاء البنك الإسلامي للتنمية ومنهم الرئيس التركي الحالي عبدالله غول والبروفيسور خورشيد أحمد نائب أمير الجماعة الإسلامية بباكستان.
رابعاً: إنشاء منظمة المؤتمر العالم الإسلامي:
الخطة الرابعة التي اتخذها الشهيد الملك فيصل رحمه الله لتوحيد الأمة الإسلامية هي إنشاء منظمة المؤتمر العالم الإسلامي الذي يطلق عليها اليوم منظمة التعاون الإسلامي فوفقاً لهذه الخطوة قام الشهيد الملك فيصل رحمه الله بإنشاء منظمة خاصة تشمل كافة الدول الإسلامية. لا شك بأن هذه الخطوة تعتبر ذات أهمية كبيرة.
إن جماعة الإخوان المسلمين هي منظمة وليست دولة من أجل ذلك فإنها لم تستطع أن تقوم بأي دور في إنشاء منظمة مؤتمر العالم الإسلامي ولكن القادة والمفكرين المنتمين إليها قاموا بدورهم في ذلك الصدد. كما ذكرنا آنفاً بأن الشهيد الملك فيصل رحمه الله قام بإصدار أوامر خاصة لتعيين الدكتور توفيق الشاوي مساعداً خاصاً للأمين العام للمنظمة وذلك نظراً لمشاركته فيه ومكانته.
قرار المؤتمر لإنشاء اتحاد المدارس الإسلامية ودور جماعة الإخوان المسلمين فيها:
من الخطوات التي اتخذتها منظمة المؤتمر العالم الإسلامي نحو توحيد العالم الإسلامي هي كانت قرارها لإنشاء الاتحاد للمدارس الإسلامية للدول العربية. وكان القيادي لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور توفيق الشاوي له دور كبير في إنشاء هذا الاتحاد وذلك لكونه مساعداً خاصاً لتنكو عبدالرحمن الأمين العام للمنظمة.
استراتيجية الشهيد الملك فيصل رحمه الله تجاه قضية فلسطين المسلمة ودور جماعة الإخوان المسلمين في ذلك الصدد:
إن قضية فلسطين المسلمة كانت تحتل المكانة الكبرى لدى الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى حيث كانت تعتبر من أهم القضايا الإسلامية والعالمية. وهذه القضية كانت تقوم على مبدئين أساسيين لدى الشهيد الملك فيصل رحمه الله، وهما كالآتي:
المبدأ الأول: إن قضية فلسطين المسلمة ليست قضية خاصة للشعب الفلسطيني أو الدول العربية فحسب بل هي قضية إسلامية تخص كل مسلم على وجه المعمورة بصفة عامة لكونها قضية القدس الشريف، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
المبدأ الثاني: إن وجود إسرائيل في فلسطين المسلمة وجود غير شرعي وغير قانوني ليست له أي مبدأ قانوني أو شرعيى. من هنا يجب على دول العالم أن لا تعترف بوجودها.
إن موقف جماعة الإخوان المسلمين من قضية فلسطين أيضاً كان يقوم على هذين المبدئين، وهذا هو كان القاسم المشترك بين موقف الشهيد الملك فيصل رحمه الله وبين موقف جماعة الإخوان المسلمين. وبناء عليه قام القادة والمفكرون لجماعة الإخوان المسلمين بما في وسعهم لانجاز جهود الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى تجاه قضية فلسطين المسلمة. والشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى كان يعرف ذلك، وكان يقوم باستخدام هذا القاسم المشترك لانجاز الاستراتيجية تجاه قضية فلسطين المسلمة، والدليل على ذلك أن الملك الشهيد فيصل بعث الشيخ محمد محمود الصراف مسؤول الإخوان المسلمين في العراق كمندوب خاص له إلى رؤساء الدول الأفريقية يحمل رسالته الخاصة تطالب قطع العلاقات مع إسرائيل، فكان نتيجة لجهود الشيخ محمد محمود الصراف كمندوب خاص للملك الشهيد فيصل رحمه الله، قام معظم رؤساء هذه الدول بقطع علاقاتهم مع إسرائيل.
خطوات الملك الشهيد فيصل رحمه الله لإصلاح النظام التعليمي للمملكة ودور جماعة الإخوان المسلمين فيها:
إن الملك الشهيد فيصل رحمه كان متحمساً جداً للإصلاح للنظام التعليمي للمملكة إضافة إلى كونه متحمساً لتوحيد العالم الإسلامي وذلك لأنه كان يعرف جيداً بأن الجيل الناشئ الذي يكون مستقبل المملكة سيخرج من معاهدها التعليمية، ومن أجل ذلك هو كان يريد أن يكون النظام التعليمي للمملكة وفقا لمبادئ الكتاب والسنة من ناحية ووفقاً لمتطلبات العصر من ناحية ثانية. وكان يعرف بأن هذا الأمر العظيم لا يمكن أن يقوم به إلا من يؤمن بالإسلام إيماناً كاملاً من جانب ويعرف العلوم العصرية معرفة جيدة من جانب آخر. وهذا الأمر في ذلك الوقت كان صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً، وكان بفضل الله سبحانه وتعالى هناك عدد كبير من الأساتذة والعلماء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين الذين كانوا يؤمنون بالإسلام كدين كامل من ناحية ويجيدون العلوم العصرية من ناحية ثانية، والشهيد الملك فيصل رحمه الله كان يعرف ذلك فقام بتوفير التسهيلات اللازمة لاستقدامهم من مصر إلى المملكة. فكان نتيجة لذلك بأن عدداً كبيراً من الأساتذة والعلماء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين قد قدموا من مصر إلى المملكة وقاموا بدورهم لإنجاز خطوات الملك الشهيد فيصل رحمه الله للإصلاح في النظام التعليمي للمملكة. وفيما يلي نذكر تفصيل خطوات الملك الشهيد فيصل رحمه الله للإصلاح في النظام التعليمي للمملكة ودور الإخوان المسلمين فيها.
الخطوة الأولى: هي كانت تشكيل اللجان لتغيير النظام التعليمي للمملكة. وكان الشيخ حسن آل الشيخ وزير التعليم للممكلة حينذاك متحمساً للتغيير في المنهج التعليمي للمملكة وفقاً لمتطلبات العصر أيضاً، فقام بتشكيل اللجان لتدوين النظام التعليمي وفقاً لمقتضيات العصرومعظم أعضاء هذه اللجان كانوا من الأساتذة والعلماء المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين الذين كانو يؤمنون بالإسلام كدين كامل من ناحية وكانو يجيدون العلوم العصرية من ناحية ثانية. وقامت تلك اللجان بتدوين المنهج التعليمي للمملكة وفقاً لمقتضيات الكتاب والسنة من جانب والمتطلبات العصرية من جانب آخر. ثم قاموا بتأليف الكتب الدراسية وفقاً لهذه المناهج وذلك من الدرجة الأولى إلى الدراسات العليا.
الخطوة الثانية: تعيين الأساتذة والمدرسين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين في المدارس والكليات والجامعات.
الخطوة الثانية:
الخطوة الثانية التي اتخذها الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى كانت تعيين الأساتذة والمدرسين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين في المدارس والكليات والجامعات، في ذلك الصدد فإن وزارة التعليم عينت عدداً غير قليل من الأساتذة والمدرسين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين من مصر إضافة إلى تعيين المسؤوليين السعوديين في الجامعات، الذين يتبنون فكرة الإخوان المسلمين فمثلاً إن الأستاذ الدكتور عمر زبير تم تعيينه مديراً بجامعة الملك عبدالعزيز كما تم تعيين الأستاذ الدكتور عبدالله عمر نصيف نائب مدير جامعة الملك عبدالعزيز بجدة والأستاذ أحمد محمد جمال أستاذاً في الجامعة إضافة إلى كونه عضواً لرابطة العالم الإسلامي والأستاذ الدكتور أحمد باحفظ الله أستاذاً بجامعة الملك عبدالعزيز إضافة إلى كونه الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي. وهكذا قد تم تعيين فضيلة الشيخ محمد قطب (شقيق الشهيد سيد قطب رحمه الله) أستاذا في الدراسات العليا في جامعة أم القرى، كما تم تعيين معظم الأساتذة والمدرسين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين في جامعات المملكة الأخرى أيضاً.
الخطوات غير الرسمية التي اتخذها الملك فيصل للإصلاح في النطام التعليمي للملكة ودور جماعة الإخوان المسلمين فيها:
إن الخطوات التي ذكرناها آنفاً هي الخطوات الرسمية التي إتخذها الملك الشهيد فيصل رحمه الله تعالى للإصلاح في النظام التعليمي للملكة ولكن هناك بعض الخطوات الأخرى للإصلاح في النظام التعليمي للمملكة التي لم يتخذها الملك الشهيد فيصل رحمه الله رسمياً وإنما قد اتخذت بموافقته. وهي خطوات ذات أهمية كبرى. وكان نظراً لأهميتها البالغة بأن الأساتذة والمفكرين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين قاموا بالتعاون لتنفيذ هذه الخطوات نذكر بعضها للثمال ولاللحصر:
الخطوة الأولى : تحويل الجامعات والكليات إلى مراكز للأنشطة الدعوية:
إن أهم الخطوات التي تم إتخاذها في عهد الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى غير رسمياً هو تحويل الجامعات والكليات إلى مراكز للانشطة الدعوية. قد ذكرنا آنفاً أنه كان وفقاً لأوامر الشهيد الملك فيصل رحمه الله تعالى قامت وزارة التعليم باستقدام عدد كبير من الأساتذة والمدرسين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين من مصر إضافة إلى تعيين عدد غير قليل منهم من أعضاء جماعة الإخوان السعوديين كالمسؤولين والأساتذة في الجامعات ومن أبرز هؤلاء الأساتذة والمفكرين المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين هم فضيلة الشيخ محمد قطب (شقيق الشهيد سيد قطب رحمه الله تعالى) الذي كان أستاذاً في الدراسات العليا بجامعة أم القرى والأستاذ أحمد محمد جمال الذي كان من أعضاء الإخوان السعوديين وكان يعمل أستاذاً بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة، وإن وجودهما كان من أكبر وسائل لانتشار الدعوة في هاتين الجامعتين فإنني أتذكر جيداً حينما كان يعلن عن محاضرة الشيخ محمد قطب في قاعات المحاضرات بجامعة أم القرى فيحضر كثير من الأساتذة والطلاب من جامعة ملك عبدالعزيز بجدة لاستماع إليها إضافة إلى الأساتذة والطلاب من جامعة أم القرى وقاعات المحاضرات كانت تمتلي قبل موعد المحاضرة بنصف ساعة. وهكذا حينما كان يعلن عن المحاضرة للأستاذ أحمد محمد جمال في قاعات المحاضرات بجدة فعدد كبير من الأساتذة والطلاب من جامعة أم القرى كانوا يذهبون إلى جدة إضافة إلى الأساتذة والطلاب من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة للاستفادة من محاضرة الأستاذ الدكتور أحمد محمد جمال. وهكذا كان في الجامعات والكليات الأخرى للمملكة بأن هذه الجامعات والكليات قد أصبحت مراكز النشاطات الدعوية للأساتذة المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين.
الخطوة الثانية: الخاصة بالنظام التعليمي التي تم اتخاذها خلال هذه الفترة هو كان إنشاء مدارس المنارات الإهلية الخاصة.
والجدير بالذكر بأن هذه المدارس تعتبر ذات أهمية كبيرة وذلك لأن المؤظفين ورجال الأعمال الكبار كانوا لا يريدون أن يرسلوا أولادهم في المدارس العامة وكانوا يفضلون التحاق أولادهم بالمدارس الخاصة التي تكون لغة التدريس فيها اللغة الإنجليزية لكي يستطيعوا مواصلة دراستهم في إنجلترا وأمريكا. وكانت مشكلة هذه المدارس هي عدم الاهتمام بالتربية الدينية والخلقية. وكان نظراً لهذه المشكلة بأن الأمير محمد فيصل قرر إنشاء مدارس المنارات الأهلية وذلك بموافقة الملك الشهيد فيصل رحمه الله تعالى ومباركته. وهذه المدارس كانت تمتاز لمنهجها التعليمي حيث إن لغة التدريس فيها من الدرجة الأولى هي كانت اللغة الإنجليزية بالإضافة إلى الاهتمام الخاص لتدريس الكتاب والسنة والعلوم الإسلامية الأخرى، والعلوم العصرية. وكان للأستاذ الدكتور توفيق الشاوي والأساتذة المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين دوراً كبيراً في إنجاز هذا المشروع.








الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله تعالى وموقفه من جماعة الإخوان المسلمين
إن مؤقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله تعالى تجاه جماعة الإخوان المسلمين في البداية كان نفس موقف الملك عبدالعزيز رحمه الله تعالى وموقف الملك الشهيد فيصل رحمه الله تعالى حيث كان يرى أن التعاون بين الملك عبدالعزيز رحمه الله والملك الشهيد فيصل رحمه الله وبين جماعة الإخوان المسلمين قد أدى إلى العديد من الانجازات التي تمتاز بها المملكة. من أجل ذلك قرر الملك عبدالله حفظه الله تعالى أن يستمر ذلك التعاون. وهناك العديد من الأدلة التي تدل على ذلك، منها:
حينما كان هناك نزاع بين المملكة ومصر حول دور السفير المصري في المملكة، قررت المملكة طرد السفير المصري وذلك بعد الثورة العظمى ليناير عام 2011م في أيام الحاكم العسكري الطنطاوي بالتحديد. لم توافق المملكة على استعادة السفير. فقام الوفد البرلماني المصري في نفس الوقت بزيارة المملكة في قيادة رئيس البرلمان الأستاذ سعد الكتاتني الذي ينتمي إلى إخوان المسلمين. حينما وصل الوفد الرياض قام الملك عبدالله حفظه الله تعالى بترحيبه شخصياً وخلال كلمته في هذه المناسبة ذكر العلاقات بين المملكة وبين جماعة الإخوان المسلمين ووافق على استعادة سفير مصر.
التحول الكامل المفاجئ في موقف الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله تعالى:
ولكن بعد ذلك فوجئنا بالتحول الكامل والتغيير الشامل في موقف الملك عبدالله حفظه الله تعالى من جماعة الإخوان المسلمين والذي كان عكس موقف الملك عبدالعزيز رحمه الله وموقف الملك الشهيد فيصل رحمه الله كاملاً وفيما يلي نحن نذكر تفصيل ذلك:
أولاً: بذل الجهود لمنع فوز الإسلاميين ولاسيما الدكتور مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية
في ذلك الصدد قد أخذتنا الدهشة والحيرة بخطاب سري لوزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الذي موجود على فيسبوك والذي يقول سمو الأمير فيه :
"حسب التأكيد الخاص الحرمين الشريفين، نطلب من سعادتكم بذل كل الجهود لمنع فوز المرشحين الإسلاميين بالأخص المرشح محمد مرسي. لأن الإخوان خطر حقيقي علينا ولا نرغب بوصولهم إلى السلطة لأنه عند ذلك ستفقد موقعنا في زعامة العالم العربي والإسلامي.
على هذا الأساس نؤكد العمل بشتى الوسائل لتحقيق هذا الأمر.
نرجو إرسال كل التقارير المتعلقة بالانتخابات المصرية إلى مكتب المتابعة الخاصة في وزارة الخارجية مع مراعات الضوابط الأمنية الخاصة. "
إنني أتذكر بأنني حينما قابلت الملك عبدالله قبل ثلاث سنوات على مأدبة غداء قد أكد الملك بكل إطمئنان "نحن نعتز بالإسلام" وإذا كان ذلك فكيف يكون فوز الإسلاميين ولاسيما الدكتور محمد مرسي خطراً للمملكة. والحقيقة بأننا لم نستطع أن نفهم ما قاله سمو وزير الخارجية السعودي في ذلك الصدد. إننا نعتقد بكل تأكيد بأن فوز الإسلاميين في انتخابات الرئاسة المصرية لم يكن خطراً للمملكة وإنما كان سبباً لتقوية المملكة.
ولكن هذه الجهود لمنع الإسلاميين ولاسيما الدكتور محمد مرسي من الفوز في الانتخابات لم تنجح حينما تمكن الدكتور محمد مرسي من الفوز بالأغلبية الساحقة وحصل على 13,230,131 صوتاً. والتي كانت تزداد مليون (1000000) صوت على أصوات منافسه المرشح للحكومة وفلول الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك "أحمد شفيق". والجدير بالذكر بأن الزيارة الأولى التي قام بها الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي هي كانت للمملكة، ذلك اعترافاً لزعامة المملكة للعالم العربي والإسلامي.
ثانياً:
تقديم الدعم للفريق عبدالفتاح السيسي للانقلاب العسكري غير الشرعي ضد الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي:
إن الرئيس مرسي كان رئيساً منتخباً لمصر. وقد حصل على الأغلبية الساحقة للأصوات في الانتخابات للرئاسة المصرية وإنه قد اعترف بزعامة المملكة للعالم العربي والإسلامي بالقيام بالزيارة الأولى للمملكة. وهذا هو كان المطلوب. وماهو كانت حاجة لتقديم الدعم ضده للانقلاب العسكري الذي كان يقوده الفريق السيسي رجل علماني وأمه يهودية من مغرب وهو يعترف بنفسه خلال حواره مع جريدة واشنطن بوست الأمريكية. بأنه قام بهذا الانقلاب ضد الرئيس محمد مرسي بتحقيق الأهداف الأمريكية والإسرائيلية. هل تقديم الدعم لهذا الشخص ضد الرئيس المصري المنتخب الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين هو أمر يليق مكانة المملكة العربية السعودية!؟
التحول المفاجئ لموقف المملكة من جماعة الإخوان المسلمين مؤامرة كبرى ضد المملكة نفسها يقفون وراءها أعداء المملكة لتحقيق أهدافهم فلا بد أن يكون المسئولون في المملكة على بصيرة وحذرٍ من ذلك، وذلك قبل فوات الأوان.
إن هذا التحول المفاجئ لموقف المملكة تجاه جماعة الإخوان المسلمين هو مؤامرة خطيرة ضد المملكة نفسها. وذلك للعديد من الأسباب نذكر بعضها للمثال:
أولاً :
إن هذه الخطوة ستحرم المملكة من تأييد الجماعات الدينية والمنظمات الإسلامية بصفة عامة وستحرمها من تأييد الحركات الإسلامية العالمية بصفة خاصة.
ثانياً :
إن المملكة لها مكانة خاصة في العالم العربي والإسلامي لكون الحرمين الشريفين فيها. كما إن الملك عبدالله حفظه الله تعالى له أيضاً مكانة خاصة بين الحكام والملوك للعالم العربي والإسلامي لكونه خادم الحرمين الشريفين. ولا خطر لمكانة المملكة ولا لزعامة خادم الحرمين الشريفين من فوز الدكتور محمد مرسي أو أي واحد آخر من الإسلاميين في مصر أو في أية دولة أخرى. بل إن فوز الإسلاميين في الدول الأخرى، مصر كانت أو دولة أخرى، سيكون وسيلة لتقوية لمكانة وزعامة خادم الحرمين الشريفين. وذلك لتأييدهم للمواقف الإسلامية والدولية للمملكة.
ثالثاً :
إن العلاقة بين المملكة وجماعة الإخوان المسلمين هي علاقة لوجه الله وتقوم على مبدأ الإخلاص، ولكن هذه العلاقة لا يمكن أن تقوم بين المملكة والفريق السيسي الذي هو رجل علماني وأمه يهودية، ولا يؤمن بالله رباً وبالإسلام كدين كامل ونظام شامل وصالحاً لهذا الزمان.
رابعاً :
كما اعترف الفريق السيسي بنفسه في حواره مع جريدة واشنطن بوست الأمريكية. إنه قام بالانقلاب العسكري ضد الرئيس المصري المنتخب وفقاً لتعليمات الولايات المتحدة الأمريكية ولتحقيق الأهداف الأمريكية والإسرائيلية وكان وفقاً لهذه المفاهمة بأنه يقوم بما في وسعه لتحقيق الأهداف الصهيونية، فمثلاً إنه قام بإغلاق معبر "الرفح" ، المخرج الوحيد من غزة إلى العالم الخارجي. والذي قام الدكتور محمد مرسي بفتحه لفك الحصار الاقتصادي للغزة. فهل يليق للممكة أن تقف مع مثل هذا الرجل الذي يقف مع الكيان الصهيوني؟
أما ما يخص بالاتهامات ضد جماعة الإخوان المسلمين فلا أساس لها. فمثلاً الاتهام بأنهم من الخوارج فنحن ذكرنا في بداية المقال بأن من أهم المبادئ لدعوة جماعة الإخوان المسلمين الوسطية وتجنب الإرهاب تجنباً كاملاً. وهناك سؤال آخر أكثر أهمية من ذلك وهو: أنه إذا كان الإخوان من الخوارج فكيف كان يمكن التعاون بين الملك عبدالعزيز والملك الشهيد فيصل رحمهما الله وبين جماعة الإخوان المسلمين قد استمر لأكثر من سبعين سنة.
وهكذا الاتهام بأنهم الإرهابيون ليس له أي أساس. وذلك لأنه بعد الانقلاب العسكري في بداية يوليو عام 2013م فإنهم لايزالون يقومون بالمسيرات والاعتصامات السلمية لاستعادة الشرعية والشريعة. ومنذ ذلك اليوم فإن الجيش والشرطة والبلطجية يقومون باستخدام الأسلحة الإسرائيلية ضد المدنيين الأبرياء المنتمين إلى الإخوان المسلمين. ولكنهم يجتنبون التصادم اجتناباً كاملاً. وذلك مع كونهم في الأغلبية. فهل يمكن أن يطلق على ذلك الإرهاب؟
هكذا إن الاتهامات الكاذبة الأخرى التي الصقت بجماعة الإخوان المسلمين لا حقيقة لها. فاستخدام وسائل الإعلام والمنابر لترويج هذه الاتهامات الكاذبة لا يمكن أن تؤدي إلى أية نتيجة.
إنني أنتهز هذه الفرصة لأقوم بلفت انتباه المسؤولين في المملكة بأن التحول المفاجئ للمملكة في موقفها من جماعة الإخوان المسلمين ليس في صالح المملكة بل هو في الحقيقة يعتبر ضد المملكة ولاسيما ضد خادم الحرمين الشريفين فينبغي للمسؤولين أن يكونوا على بصيرة وحذر من ذلك، وذلك قبل فوات الأوان.
ألا هل بلغت، اللهم فاشهد، ألا هل بلغت اللهم فاشهد، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.