الجماعة .. والمملكة العربية السعودية .. علاقات بدأت بعد تأسيس جماعة الأخوان المسلمين بثمان سنوات، بدأت بزيارة قام بها "حسن البنا" مؤسس جماعة الأخوان المسلمين إلى السعودية عام 1936 بغرض الحج لأول مرة في حياته وفي تلك الأيام كان الملك عبد العزيز آل سعود قد أعتاد أن يدعو كبار المسلمين الذين يتوافدون لأداء فريضة الحج إلى مؤتمرٍ بمكةالمكرمة تكريما لهم وليتدارسوا أحوال المسلمين في العالم، ولم توجه الدعوة وقتها للأمام حسن البنا الذي علم بموعد هذا المؤتمر وبمكانه، فاستعد ومعه مائة من الأخوان المسلمين في هيئة واحدة وهي الجلباب وغطاء الرأس الأبيض، وفي الموعد المحدد فوجئ كبار العلماء وعلية القوم المجتمعون، بمائة رجل في هذه الهيئة يمشون سوياً بخطي واحدة يتوسط الصف الأول منهم رجل منهم هو مرشدهم الأعلي، فكان هذا حدثاً مثيراً للانتباه وطلب البنا الكلمة ثم أعتلي المنصة وأرتجل الكلام في أطول كلمة ألقيت وقتها ووصفت وقتها بأنها كلمات أيقظت الحضور وما أن انتهت الكلمة حتي أقبلت الوفود للتعرف عليه وعلي جماعته ويعلنوا تقبلهم لأفكار وسياسة الجماعة. وتوطدت العلاقة بين البنا والملك عبد العزيز آل سعود ليعلن البنا إعجابة الشديد بشخص الملك عبد العزيز آل سعود رغم ما يمثله هذا من أزمة بين الجماعة والمملكة المصرية وقتها، فكانت مصر لا تعترف في هذا الوقت بالمملكة السعودية ولا بملكها الذي جاء للملك فاورق يقبل يديه ويبدي فروض الولاء والطاعة له ، وكان إقدام البنا علي توطيد العلاقة مع الملك عبد العزيز وقتها هو خروجاً علي قرار الدولة المصرية بعدم الأعتراف بها . وعلق العديد من قيادات الأخوان علي الصورة التي نشرتها إحد الصحف السعودية لحسن البنا يقبل يد الملك عبد العزيز آل سعود، قائلين أن علاقة البنا بملك السعودية وقتها كانت لا تتجاوز الأحترام المتبادل فالبنا لم يكن يريد شئ من آل سعود خاصة أن السعودية في تلك الأوقات كانت دولة فقيرة لم تعرف البترول ولا تملك تقديم دعم لأي جهه، بل كانت دولة تتسول الدعم من الدول العربية وقتها وعلي رأسها مصر ، خاصة أن المملكة العربية السعودية حين أسست لم تجد ترحيباً من معظم التيارات في المنطقة العربية علي عكس رجال الدين والمهتمين بالشأن الأسلامي حيث يقع فيها مكة والمدينه التي يراها الأسلامين يجب أن تكون مركز الدول الأسلامية في العالم. ولم يكن حسن البنا بعيداً عن تلك التيارات الأسلامية المؤيده لقيام المملكة السعودية، خاصة أنه كان يريد العمل بالمملكة منذ بدايتها كمدرس في أحد معاهد مكة الدينية ومنع لأسباب سياسية لم يوضحها في مذكراته ولم يخفي البنا إعجابة بالمملكة السعوديه فقد قال عنها أنها " أمل من آمال الإسلام والمسلمين وشعارها العمل بكتاب الله وسنة رسوله والسير علي خطي السلف الصالح " وهو ما يتوافق مع فكر جماعة الأخوان المسلمين . وكان أنجذاب البنا للسعودية يظهر في مواقفه الرافضه لعدم أعتراف الحكومة المصرية بالمملكة العربية السعودية في البداية واصفاً قرار المملكة المصرية وقتها بأنه تنفيذا لسياسة الأنجليز والذين كانوا يفرضون الحماية والوصاية علي مصر . وقد قال حسن البنا في مذكراته أن الشعب المصري بأكملة كان رافضاً قرار الحكومة المصرية بعدم الأعتراف بالمملكة السعودية ولم يكن إعجاب البنا بالسعودية من طرف واحد فكان والده علي أتصال بكبار علماء ومشايخ السعودية ويصله منهم رسائل نشرها البنا في مذاكرته وكانت تشتمل علي وصلات من المدح مرسله الى الشيخ حسن البنا وجماعته . وعلي عكس ما قاله المدافعين عن حسن البنا، فألتقي البنا بالملك عبدالعزيز ثلاث مرات، والتقى أيضاً عدداً من أمراء الأسرة السعودية وعدداً من كبار المسؤولين بالخارجية السعودية وعدداً من المقربين إلى الملك عبدالعزيز ، فقد كان هناك شعور بالتعاطف من الملك عبد العزيز للبنا وأيضا النية في تقديم المساعده له ولجماعته ، ولا مجال للأختلاف في أن يكون التعاطف والمساعده موجود بينهم فالتوافق الفكري والفقهي كان واحد تقريباً . وبعد ذلك شهدت العلاقات بين جماعة الإخوان المسلمين والسلطات في المملكة السعودية على مدى العقود الماضية مدا وجزرا، ولكن لم تتطور الى مرحله الخلاف فيذكر توسط الملك آل سعود عند الرئيس الراحل في أزمة الأخوان الأولي وأستجاب له عبد الناصر ، وفي عهد الملك فيصل أستقبلت السعودية مجموعة من قيادات ورموز الأخوان ، في أعقاب حدوث توترات في العلاقة المصرية السعودية فكان بعضهم يتولي مناصب في القضاء والتعليم حتي أنه أطلق علي بعض الشوارع والمساجد أسماء لرموز الأخوان المسلمين وعلي الرغم مما يبدو بأن المملكة العربية السعودية هي الداعم الأكبر للحركات الأسلامية في العالم العربي عامة والأخوان خاصة وأعتبراهم أخوانهم من السنة ، الأ أن التأثير القوي المتصاعد للإخوان المسلمين علي المستوي العربي كشف عن تخوف الأسره الحاكمة في المملكة العربية السعودية من أقوى الحركات الأسلامية في العالم ، فالقلق الذي ينتاب العائلة الحاكمة السعودية من تحول كبري الدول العربية الى النظام الأسلامي مما يتسبب في خلخله ثقلها في العالم الأسلامي والعربي وتأثير ذلك علي زيارة الرئيس محمد مرسي. في هذا الشأن قال د. جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان ، أن علاقة الأخوان المسلمين بالمملكة العربية السعودية تشهد توتراً شديداً في الأونة الأخيره والذي كان يقود الحملة ضد الأخوان من داخل المملكة هو ولي العهد الأمير نايف " رحمة الله " ، فالأسره الحاكمة بالسعودية متخوفة من فكرة سيطرة الأخوان المسلمين علي الدول العربية حتي لا تنتزع منها مكانتها في العالم العربي والأسلامي مضيفاً انهم كانوا يدعموهم كمعارضه وليس كدوله كبيرة. وأشار الى أن فكر الأسره الحاكمة السعودية حالياً ينحصر في كيفية " تكبيل " مصر الأسلامية الأخوانية ،خاصة أن الرئيس محمد مرسي قد كرر الحديث عن عمله علي عودة الدور القيادي لمصر في المنطقة مما سبب الأزعاج للجانب الخليجي عامة والسعودي خاصة . وأضاف عودة أن الجميع ينتظر زيارة الرئيس محمد مرسي للسعودية ومردودها علي مستوي العلاقات بين مصر والسعودي ، ومدي نجاحة في إعادة العلاقات والقضاء علي أي توتر واقع بين الاخوان والمملكة خاصة أنه حالياً يمثل جمهورية مصر العربية عموماً وليس الأخوان المسلمين . وأشار عودة الى أن تلك الزيارة المرتقبة ما هي الا زيارة بروتوكوليه وليس المقصود منها فتح أي ملفات شائكة بين الطرفين، واصفها بزياره لجس النبض ولبناء جسور ودية تسمح بإذابة الخلافات بين الطرفين . وأوضح أن ما نشر اليوم في أحدي الصحف السعودية ، وأظهار صورة للشيخ حسن البنا يقبل يد الملك عبد العزيز آل سعود هو دليل علي أن هناك مراكز قوي داخل السعودية لا تريد الزيارة ولا ترحب بالأخوان المسلمين أما الدكتور عبد الخبير عطا أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط فيقول يجب التفريق بين زياره مرسي كرئيس مصر وك قيادي أخواني ، فالزيارة تبدوا لتقريب وجهات النظر وتوجيه رساله مفادها أنه لا يوجد خلاف بين الأخوان والمملكة السعودية ، مشيراً الى أن العلاقات المصرية السعودية أكبر من يزعزها تخوفات سعوديه من الأخوان . وتابع عطا أن دائماً ما كانت الريادة لمصر فلا خوف علي مكانة المملكة العربية السعودية لأن لكلاً من الدولتين مكانتها في العالم العربي والأسلامي ، مشيراً الى أن ما قامت به جريدة " الشرق الأوسط " من أستفزاز لا يمكن أن يؤدي الى الغاء الزيارة فالعلاقات أقوي من أن يفسدها " الصغار أو الصحافة الصفراء " وأوضح ان الاستفزازت السعودية ليس لها ما يبررها خاصة أن الرئيس محمد مرسي حالياً لا يذهب بصفته قيادي أخواني بل رئيس جمهورية مصر العربية أكبر الدول العربية في المنطقة فهو يمثل مصر وليس الأخوان . وأكد علي أن التخوف السعودي الحالى هو خوف من أمتداد الربيع العربي للخليج وليس السعودية فقط ، علي الرغم من قيام الرئيس محمد مرسي بالأشاره في حديثه قائلاً " أننا لا نصدر الثورات لأحد " لكي يبعث برساله طمئنه لدول الخليج ولكن علي الرغم من ذلك يحاول الخليج وتقوده السعودية الضغط لتحجيم الثورة المصريه خوفاً من أمتداد اثرها اليهم . واستكمل ان زيارة مرسي الهدف منها هو تهدئة الموقف ليس الا ، وأن يبعث من خلالها رسائل لدول الخليج العربي أنهم في المقام الأول لمصر كدوله كبري في المنطقة والعمل علي القضاء علي المخاوف السعودية من تقارب وجهات النظر بين إيران ومصر وتوجيه رساله أن العلاقات المصرية الآيرانية تاتي عند مصر في المقام الثاني بعد العلاقات المصرية الخليجية. فالزياره تعتبر تحالف عربي بين القوتين الكبيرتين في المنطقة فهما يمثلان الركيزة الأساسية للعالم الأسلامي والعربي ، فالسعودية في أشد الأحتياج لمصر كحليف ضد المخاطر التي تمثلها إيران ودعمها لسوريا ، فمصر الأخوانية السنيّة القوية هي هدف السعودية الآن . ولفت الى أن هدف زياره مرسي حالياً ينحصر في هدفين أساسيين هما طمئنه الخليج بأنهم يمثلون لمصر الهدف الأول، والأصرار علي عدم تصدير الثورات بجانب التأكيد علي التعاون الأقتصادي القادم . وأوضح عطا أن ما يشوب العلاقات بين الدولتين من توترات هو أمر طبيعي ولكن لا يمثل خلاف ودائما ً ما يتم تجاوزها فمنذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتحدث الخلافات ويتم حلها وتعود العلاقات مرة أخري .