1810 وظائف شاغرة في 35 شركة خاصة ب11 محافظة.. وزارة العمل تعلن التفاصيل    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 18-7-2025 بعد آخر انخفاض بالصاغة    نمو قوي للفائض التجاري لأيرلندا خلال مايو    تركيا وعشر دول عربية يؤكدون على دعم أمن سوريا وسيادتها ويدينون الإعتداءات الإسرائيلية    استشهاد 32 فلسطينيًا في غارات على غزة بينها قصف استهدف كنيسة    دماء جباليا.. الاحتلال يصعّد هجماته وسقوط 14 شهيدًا منذ الفجر في غزة    وزير الداخلية الألماني يستضيف نظراء من الاتحاد الأوروبي لإجراء محادثات حول الهجرة    درجات الحرارة تصل إلى 50.. حالة الطقس في الإمارات اليوم الجمعة    حريق بمخلفات داخل عقار في العمرانية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فشكراً أشرف!?    بعثة الأهلي تطير إلى تونس لخوض معسكر الإعداد استعدادًا للموسم الجديد    تكليف "الكاس" بالمشاركة في كأس الخليج للشباب    سميدو يتولى منصب المدير الرياضي في النصر السعودي    أسعار الدواجن والبيض في الأسواق المحلية اليوم الجمعة    أسعار مواد البناء اليوم الجمعة 18 يوليو 2025    عقوبات مشددة لجرائم هتك العرض وخطف الأطفال وإفساد الأخلاق.. تعرف عليها    كنت هتجنن واشتغل معاه.. مشيرة إسماعيل تروي قصة أمنيتها مع أحمد مكي    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة 18-7-2025    مفاجآت بالجملة.. معسكر تركيا يكتب نهاية 4 نجوم مع بيراميدز (بالأسماء)    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 18 يوليو    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الجمعة 18-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025 برقم الجلوس عبر الموقع الرسمي للوزارة    من بينها المستشفيات، اليوم فصل الكهرباء عن الجهات الحكومية والخدمية والسكنية في بنها    توقعات الأبراج وحظك اليوم الجمعة 18 يوليو 2025.. مكاسب مالية ل«الثور» وتقدم مهني لهذا البرج    تأجيل حفل روبي وليجي سي في الساحل الشمالي.. وهذا الموعد الجديد    مدين يتعاون مع رامي صبري في ألبومه الجديد بأغنيتين مميزتين    سقوط سقف فوق رأس رزان مغربي خلال حفل بالجيزة ونقلها للمستشفى    رابط تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. قائمة كاملة بالكليات والمعاهد المتاحة لطلاب دبلوم صنابع    الأهلي بين جنة إيفونا ونار أزارو وتمرد وسام أبو علي.. ما القصة؟    خالي من السكان.. انهيار جزئي في عقار خلف مسجد أحمد بن طولون بالسيدة زينب    جمارك مطار برج العرب الدولي تضبط تهريب كمية من الأدوية    الهاني سليمان: الأهلي لا تضمنه حتى تدخل غرف الملابس.. والزمالك أحيانا يرمي "الفوطة"    تطورات جديدة في فضيحة تسريب البيانات الأفغانية التي هزت وزارة الدفاع البريطانية    حدث منتصف الليل| مظهر شاهين يرد على تصريح "يمامة" المثير.. وتحذير من طقس الساعات المقبلة    الرئاسة السورية: المجموعات الخارجة عن القانون انتهكت التزامات الوساطة الأمريكية العربية    أبرزها حبس رجال الأعمال.. وزير العمل يوضح كيف اعترض النواب على قانون العمل الجديد    منظمة المرأة العربية تعقد دورة حول "تمكين النساء في مجال إدارة المشاريع الزراعية"    وزير الرياضة: استثمارات نجيب ساويرس دليل على نجاح تحويل الأندية لكيانات اقتصادية ربحية    الحزن ينهش جسد والد أطفال المنيا.. ونقله لمستشفى أسيوط    هل تعد المرأة زانية إذا خلعت زوجها؟ د. سعد الهلالي يحسم الجدل    عم الأطفال الخمسة المتوفين بالمنيا: الطفل يكون طبيعيا 100%.. ويموت خلال ساعة من ظهور الأعراض    متحدث الصحة: لا أمرض معدية أو فيروسات وبائية في واقعة "أطفال المنيا"    البيت الأبيض: ترامب يؤيد الحل الدبلوماسى للصراع الأوكرانى    بعد تداول مقطع فيديو، ضبط المتهمين بالاعتداء على شاب اعترض على بيع المخدرات أسفل منزله    شاهد بالصور.. أعمال إصلاحات هبوط أرضى بمحور الأوتوستراد    بمشاركة 9 جامعات.. غدا انطلاق فاعليات ملتقى إبداع السادس لكليات التربية النوعية ببنها    «حزب الوفد مذكور في القرآن».. مظهر شاهين يهاجم يمامة: كتاب الله ليس وسيلة للدعاية    «لمصلحة الفريق».. الهاني سليمان يرد على هجوم البعض بسبب تضيعه للوقت    حزب الله: الظلم الكبير الذي تعرض له جورج عبد الله وإبقاؤه محتجزا رغم انتهاء محكوميته وصمة عار لفرنسا    رئيس جامعة المنيا في جولة مفاجئة بمستشفى القلب والصدر    100% نسبة تنفيذ.. قوافل دمياط العلاجية تقدم خدماتها ل 41 ألف مواطن في 2025    أحمد مالك وسلمى أبو ضيف يتعاقدان علي عمل جديد    "أم كلثوم.. الست والوطن".. لقطات لانبهار الفرنسيين خلال حفل أم كلثوم بمسرح أولمبيا    مشيرة إسماعيل: حياتى كانت انضباطًا عسكريًا.. وعاملونا كسفراء بالخارج    طبيب مصري بأمريكا لتليفزيون اليوم السابع: ترامب يحتاج جراحة لعلاج القصور الوريدي    محافظ الإسماعيلية يبحث الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ.. 135 مركزًا انتخابيًا لاستقبال مليون ناخب    ما حكم استخدام إنترنت العمل في أمور شخصية؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: تقديم العقل على النص الشرعي يؤدي للهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحيفة أمريكية: بندر بن سلطان كبير الجواسيس فى منطقة الشرق الأوسط
نشر في الشعب يوم 21 - 11 - 2013

نشرت صحيفة “ذا ديلي بيست” الأمريكية مقالاً وصفت فيه الامير بندر بن سلطان، رئيس جهاز الاستخبارات السعودية، بأنه “كبير الجواسيس في منطقة الشرق الأوسط”، مشيرة الى أنه “يهدف حالياً الى سحق جماعة الاخوان المسلمين رغم أنها مجموعة سنية”، كما تشير أيضاً الى أنه في حالة “تحالف مع اسرائيل رغم أن لا معاهدة سلام بين تل أبيب والرياض حتى الان”.
والمقال الذي كتبه الأمريكي كريستوفر ديكي يكشف الكثير من الحقائق بشان حياة الأمير بندر.
وفيما يلي نصه كاملاً بالعربية، كما يمكن مطالعة النص الأصلي عبر الرابط التالي:
http://www.thedailybeast.com/articles/2013/11/16/prince-bandar-bin-sultan-saudi-arabia-s-gatsby-master-spy.html
تاريخ النشر: 16-11-2013
بعد أن كان مشهوراً في واشنطن بسيجاره وحفلاته وسحره، غدا الأمير بندر بن سلطان الآن يقاتل إيران في سوريا ويندد بإدارة أوباما.
حينما كان الأمير سفيراً لبلاده في واشنطن، كم دارت حوله الأنخاب. وكم دخن بندر بن سلطان من السيجار الفخم وكم احتسى من الكونياك الأكثر فخامة. على مدى ثلاثين عاماً قضاها مرسالاً للملكة العربية السعودية ومدافعاً عن مصالحها وسفيراً لها، كان بندر يقص حكايات مدهشة حول السياسيين والملوك، كان بعضها، ويا للمفاجأة، حقيقياً. لقد أحبه صحفيو واشنطن، فلا أحد كان يضاهيه في علاقاته بأصحاب النفوذ في المواقع العليا، ولا أحد مثله كان يأتي بالأموال الطائلة ليوزعها بهدوء بكميات كبيرة ليساعد أصدقاءه.
كان بندر قد رتب عبر السنين تخفيضات في سعر النفط العالمي خدمة لجيمي كارتر ورونالد ريغان وبوش الأب وبوش الإبن. كما رتب بأمر من مدير السي آي إيه بيل كيسي، ومن وراء ظهر الكونغرس، تمويل حروب ضد الشيوعية في نيكاراغوا وأنغولا وأفغانستان. كان على علاقة حميمة بديك تشيني ومقرباً جداً من عشيرة جورج إتش دبليو بوش، أباً وأماً، وأبناءً وبنات، حتى أنه بات يدعى “بندر بوش”.
أما الآن، فقد أصبح الأمير جاسوساً، أو، بشكل أدق، كبير الجواسيس في الشرق الأوسط. إنه رأس الحربة في برنامج سعودي واسع من العمل السري والإنفاق الواضح الذي أسهم في الإطاحة بالحكومة المنتخبة للإخوان السلمين في مصر ويسعى إلى تشكيل “جيش إسلام” جديد في سوريا. دون فهم هذا الرجل وفهم مهمته، فلا سبيل في الحقيقة إلى فهم ذلك الذي يجري في أكثر مناطق العالم اضطراباً في الوقت الحالي.
هدف بندر هو إضعاف قوة إيران من خلال سلخ حلفائها بشار الأسد وحزب الله عنها، والحيلولة دون أن يحصل ملالي إيران على الأسلحة النووية، وإحباط مخططاتهم في المنطقة، وخلعهم من الحكم إذا وجد إلى ذلك سبيلاً.
كما يهدف في نفس الوقت إلى سحق جماعة الإخوان المسلمين، تلك المنظمة السنية التي تتظاهر بالدفاع عن الديمقراطية وفي نفس الوقت تناهض الأنظمة الملكية بقوة.
تتخلل برنامج بندر بعض التحالفات المثيرة للاهتمام. فبغض النظر عن عدم وجود معاهدة سلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وحسبما يرددون هنا في هذه المناطق كل حين من “أن عدو عدوي هو صديقي”، فقد أصبح بندر في الواقع العملي حليفاً لرئيس الوزراء الإسرائيل بنيامين نتنياهو في العداوة لإيران. يقول عن ذلك المؤرخ روبرت ليسي صاحب كتاب “داخل المملكة: ملوك ورجال دين، حداثيون وإرهابيون، والنضال من أجل العربية السعودي”: “لقد باتا متحدين، الأمر الذي يبعث على الفضول”. لقد كان بندر دوماً نزاعاً نحو تحدي الأعراف والالتفاف حول القواعد”، أو كما يقول ليسي” “بندر إنسان لا يخجل ولا يخشى”.
وكأنما يكرر ما يقوله نتنياهو من حين لآخر أراد بندر في الشهور الأخيرة أن يكون معلوماً لدى الجميع بأن أكبر عقبة تعيق تحقيق أهدافه هو الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وينقل عن بندر أنه أخبر بعض الدبلوماسيين الأوروبيين الشهر الماضي أن المملكة العربية السعودية قد تقوم ب “نقلة كبيرة” لتنأى بنفسها بعيداً عن تحالفها القائم منذ زمن طويل مع الولايات المتحدة الأمريكية.
بعض السعوديين من رفقاء بندر ومعارفه قالوا إنه إنما قصد التنفيس عن غضبه، إلا أن بعض متابعيه عن قرب والمطلعين على شؤون عمله يظنون بأن جزءاً من النقلة التي تحدث عنها قد يكون محاولة توطيد علاقة أكثر حميمية مع باكستان المتسلحة نووياً.
فرئيس وزراء باكستان نواز شريف، الذي انتخب مؤخراً، كان قد عاش في حمى العائلة الحاكمة في العربية السعودية طوال العقد الماضي تقريباً. في عام 2009 تنبأ الصحفي والأكاديمي دافيد أوتاوي، مؤلف السيرة الذاتية للأمير بندر بعنوان “رسول الملك” بأنه: “إذا أصبحت إيران قوة نووية وهددت المملكة فإن باكستان يمكن أن تغدو الحامي الأساسي لها والمدافع عنها بدلاً من الولايات المتحدة.” وفي أكتوبر، صرح يزيد صايغ، الباحث بمركز كارنيغي للشرق الأوسط، بأن السعوديين يحاولون إقناع الباكستانيين بإعداد برنامج تدريب واسع لثوار سوريا.
يمكن، بالطبع، نسبة كثير من ذلك إلى حالة الإحباط التي يشعر بها السعوديون تجاه أوباما، الذي جازف مراراً وتكراراً خلال السنوات الأخيرة بموارد ومكانة المملكة العربية السعودية دون مردود يذكر. فسوريا ماتزال كارثة غارقة في الدماء على مسافة قصيرة من البوابة السعودية. وها هو العراق ينزلق بشكل مستمر نحو هاوية الحرب الطائفية بين الشيعة (المدعومين من قبل إيران) والسنة (المدعومين من قبل السعودية). كما أن النزاع المدني المستمر في مصر والانهيار الاقتصادي فيها حول البلاد إلى حفرة بلا قرار تبلع المليارات من الدولارات السعودية. ولكن، وبالرغم من وجود الكثير مما يمكن بسببه تخطئة سياسة أوباما، لا ينبغي أن ينظر إلى الأمر كما لو أن بندر والسعوديين مجرد متفرجين أبرياء.
لقد قضى الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي لا يقل عمره الآن عن تسعين عاماً، حياته وأنفق ما لا يحصى من المليارات من الدولارات في محاولة لنشر الاستقرار في المنطقة. إلا أنه لم يجن ثمار ما دفع من أجله. فقد صعق الربيع العربي السعوديين وأرعبتهم حالة الفوضى التي عمت المنطقة نتيجة لذلك، ولم يجدوا حتى هذه اللحظة الوسيلة الفعالة لاستعادة الهدوء.
حتى في لبنان الصغير، تمكن الإيرانيون وحلفاؤهم في حزب الله من سحب البساط من تحت أقدام السعوديين وتغلبوا عليهم وعلى رجالهم. حينما تخلى بندر عن موقعه كسفير لبلاده في واشنطن عام 2005، استلم منصب مستشار الملك للأمن القومي، تلك الوظيفة التي تفتقر مهام صاحبها إلى تعريف واضح المعالم. كانت إحدى أولى مهامه في 2006 هي تشجيع الإسرائيليين سراً بالمضي قدماً في حربهم الضروس ضد حزب الله في جنوب لبنان. إلا أن حزب الله دافع عن نفسه فارضاً على الإسرائيليين الانسحاب. صحيح أنه خرج من الحرب مضرجاً بالدماء إلا أنه لم يركع وخرج بمصداقية أكبر بكثير مما توفر له في أي وقت سابق.
كانت رؤية بندر للبنان حتى تلك اللحظة منحرفة بشكل عجيب حتى إنه دعم، ولفترة ما، ترشيح سمير جعجع، القائد السابق للكتائب المسيحية المارونية المتوحشة، لمنصب الرئيس القادم في البلاد. بعض أمراء الحرب اللبنانيين الآخرين الذين عملوا مع بندر يشتكون من أنهم لم يعودوا يتمكنون من الوصول إلى رئيس الاستخبارات السعودي عبر الهاتف. وكأنه يختفي لعدة أيام كل حين. ويقولون في بيروت بأن ملك السعودية عبد الله لم يعد يحب سماع كلمة “لبنان” تلفظ في حضرته.
يقول مصدر لبناني مقرب من كثير من المفاوضات التي تجري في الغرف السرية في المنطقة طلب عدم الإفصاح عن هويته: “ليست المملكة العربية السعودية على ما يرام، ومقياس ذلك هو حالة الهلع التي أصابت المملكة إثر التقارب الأمريكي – الإيراني”.
“النقلة الكبيرة” في العلاقة مع أمريكا لم تأت لأن بندر أو حتى الملك عبد الله هو الذي قرر إحداث خضة وإعادة ترتيب الأمور، وإنما لأن المملكة العربية السعودية لم تعد حيوية بالنسبة للولايات المتحدة كما كانت من قبل. لقد شهدت الأعوام العشرة الماضية تغيرات ضخمة في توريدات الطاقة حول العالم، الأمر الذي لم تعد معه المملكة العربية السعوية ولا منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبيك) التي كان يهابها الجميع تملك السلطة التي كانت تتمتع بها قبل أربعين عاماً. فبفضل التقنيات الحديثة لاستخلاص الغاز الطبيعي من طبقات الأرض الصخرية العميقة غدت الولايات المتحدة الآن أكبر منتج في العالم للهيدروكربونات (النفط والغاز)، كما أصبحت التوريدات النفطية حول العالم من خارج مجموعة الأوبيك تشكل نسبة أكبر بكثير من تلك التي تشكلها صادراتها.
في عام 1973 أعلن الملك فيصل حظراً على تصدير النفط إلى الغرب، الأمر الذي صعق الولايات المتحدة وهز أركانها الاقتصادية وأحدث تحولات مهمة في الاقتصاد العالمي. واليوم، يعبر السعوديون عن حنقهم من خلال نوبات غضب دبلوماسية لا قيمة لها. بل، لعل العالم لم يلق لهم بالاً حينما رفضوا الحديث في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر أو حينما أعلنوا قبل أسابيع بأنهم سيرفضون تسلم أحد المقاعد غير الدائمة في الدورة القادمة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
يقول ليسي: “طبعاً، السعوديون غير سعيدين، ولكن الأمور اليوم تختلف عما كانت عليه عام 1973”.
لابد أن بندر، حقيقة، يتمنى لو أن الأيام السعيدة الأولى تعود من جديد. فخلال 22 عاماً قضاها سفيراً للملكة في واشنطن، وحتى قبل ذلك، كان عمله يتركز في صميم أحداث العالم.
رغم ما يحمله من لقب، وبالرغم من موقع والده الراحل كوزير للدفاع لسنوات طويلة ثم كولي عهد محتمل، حينما كان الأمير بندر صغيراً ويعيش في الرياض لم يكن في الحقيقة جزءاً من الطبقة العليا في المجتمع السعودي. فأمه كانت خادمة (والبعض يقول أمة) سوداء البشرة حملت به من والده حينما كانت في السادسة عشرة من عمرها. ولذلك، فبندر لم ينعم بأي من الأبهة أو المكانة التي كانت أمهات الأمراء الآخرين المحظيات يجلبنها لأبنائهن في المملكة. لكنه كان ذكياً جداً، يتحدث الإنجليزية بطلاقة منقطعة النظير، وطياراً حربياً بأعلى المؤهلات، أحاط علماً بكافة المسالك المؤدية إلى القادة العسكريين في الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد لعب بندر دوراً مهماً في السبعينيات من القرن الماضي في إقناع الكونغرس الأمريكي بعدم الانصياع إلى الاعتراضات الإسرائيلية على بيع الولايات المتحدة للعربية السعودية طائرات مقاتلة في صفقة قيمتها عدة مليارات من الدولارات. فيما بعد أصبح بندر مرسالاً ووسيلة تواصل بين الرئيس جيمي كارتر وولي العهد الأمير فهد بن عبد العزيز الذي كان حينها الحاكم الفعلي للسعودية.
كان الأمير فهد يدرك جيداً التناقضات الأساسية في العلاقة بين “أرض الأحرار” و “بيت آل سعود”. قد تكون الولايات المتحدة أكبر مستهلك للطاقة في العالم بينما السعوديون هم أكبر مصدر لها، إلا أنه فيما عدا ذلك فقليلاً ما تلتقي المصالح. حسبما يرويه باتريك تيلر في كتابه الرائع “عالم من القلاقل: البيت الأبيض والشرق الأوسط – من الحرب الباردة إلى الحرب على الإرهاب” كان فهد قد قال لبندر الشاب: “الولايات المتحدة هي أخطر شيء علينا. ليس لدينا ارتباط ثقافي بهم، ولا ارتباط عرقي، ولا ارتباط ديني، ولا ارتباط لغوي، ولا ارتباط سياسي”.
كانت العلاقات الشخصية والخدمات الكبيرة هي العامل الأهم في الإبقاء على الروابط بين البلدين، وكان بندر هو الرجل الذي على يديه تنجز كل هذه الأمور. كانت حفلاته المسائية أسطورية، أشبه ما تكون بحفلات “غاتسبي العربي” كما يقول تيلر. ومن خلف الستار، كما بدا للمراقبين، لم يكن ثمة ما يمتنع عن فعله في سبيل تعزيز محور واشنطنالرياض.
جاء وقت الحصاد حينما غزا الدكتاتور العراقي صدام حسين الكويت عام 1990، مهدداً بشكل خطير، في نفس الوقت، المملكة السعودية. كان بندر هو الذي مهد الطريق أمام الولايات المتحدة لتنزل قواتها في بلاده وتشن من هناك عملية عاصفة الصحراء التي أخرجت صدام من الكويت وأزالت الخطر المحدق بالمملكة.
بعد أقل من عقد واحد، وتحديداً في صائفة عام 2001، كان ولي العهد عبد الله قد ابتعث بندر إلى واشنطن ليخبر الرئيس جورج دبليو بوش الذي كان قد استلم منصبه للتو بأنه آن الأوان لمبادرة أخرى كبيرة تتضمن الاعتراف بحق الفلسطينيين في أن تكون لهم دولة خاصة بهم وإنهاء القتل في الأرض المقدسة. وكلف بندر أن يقول للرئيس بوش أن الأمور ستسوء بشكل كبير إذا لم يتحقق ذلك.
مرة أخرى، كان هناك كلام عن أن الرياض قد تستخدم “سلاح النفط”. وافق بوش على الإقرار بأنه في نهاية المطاف لابد أن تقوم للفلسطينيين دولة منفصلة وقابلة للحياة. إلا أنه، وبينما كان البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية يعكفان على إعداد مسودة للإعلان، اختطف 19 إرهابياً طائرات استهدفوا بها برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع (البنتاغون) وحقلاً في بنسيلفانيا، وكان 15 منهم سعوديين، شكلوا “العضلة” التي أنزلت الرعب في قلوب ركاب الطائرات.
كنت قد رأيت بندر بعد الحادثة مباشرة حين قابلته في قصره الكائن في ضاحية نيلي سوغ سين على أطراف باريس (وهو واحد من مقرات إقامة كثيرة له حول العالم)، وتظاهر حينها بالشجاعة. إلا أنه، وبوضوح، لم يكن يعرف ماذا يقول. فالدليل على أن مواطنين سعوديين كانوا متورطين كان دليلاً دامغاً لا سبيل إلى دحضه، وقد فشلت الأجهزة الأمنية السعودية في تحريهم أو تقصي تحركاتهم.
بعد ذلك، بدأت إدارة بوش في الإعداد لحرب جديدة على العراق، وحذر بندر من تداعياتها، إذ كان السعوديون يعلمون بأن النتيجة الحتمية لإسقاط صدام هي تقوية إيران، وهذا ما حدث فعلاً. تارة أخرى، رفع السعوديون معدلات إنتاج النفط حتى لا ترتفع أسعار الوقود في محطات تزويد المواطنين داخل الولايات المتحدة بشكل مؤذي: وهي خدمة حيوية قدمها السعوديون للرئيس بوش. يقول ليسي: “ولكن، إذا كانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد أجهضت الخصوصية التي كانت تتميز بها “العلاقات الخاصة” بين السعودية وأمريكا، فإن غزو العراق قضى عليها قضاءً مبرماً”.
وحتى بعد أن غادر بندر موقعه كسفير لبلاده في واشنطن في عام 2005، فقد استمر في نقل الرسائل من الرياض إلى واشنطن وبالعكس. بدا واضحاً بشكل متزايد، مع ذلك، أن العالم وعالمه هو قد تغيرا. فبسبب آلام مزمنة في الظهر تعود إلى حادثة تحطم طائرة كان يقودها حينما كان طياراً إضافة إلى مشاكل صحية أخرى، لم يسلم بندر – الذي لم يكن يعرف التعب – من الإرهاق. فرغم أنه في مطلع الستينيات من عمره إلا أنه يبدو الآن أكثر هرماً.
في العام الماضي، وبحسب أشخاص عملوا عن قرب معه، أخبر بندر الملك عبد الله بأن بإمكانه حل المشكلة في سوريا خلال شهور. لم يفلح قبل ذلك رئيس الاستخبارات السابق وأخو الملك غير الشقيق الأمير مقرن في تحقيق الكثير من التقدم في هذا المجال. إلا أن بندر، كما ثبت، لم ينجز الكثير أيضاً.
يقول أحد السعوديين الذين تعاونوا مع بندر عن قرب: “وظيفته تتطلب أن يكون قادراً على العمل 18 ساعة في اليوم، ولكن ذلك ليس بوسعه”. لقد بات محبطاً وغاضباً وتواقاً لأن يستعرض أمام العالم قدرته على إنجاز ما يبدو مستحيلاً، كما كان يفعل في الماضي. ولكن، وكما يقول نفس السعودي الذي عمل معه: “ليس جيداً في مجال الاستخبارات أن يكون المرء غاضباً”. واليوم، لم تعد صفة “عدم الخجل وعدم الخشية” تكفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.