يواجه حزب النور الممثل السياسى الأبرز للجبهة السلفية على الساحة فى الفترة الحالية العديد من المشاكل, فمنذ تأسيسه بعد ثورة يناير وهو يواجه نوبات مستغربة من التقلب والاضطراب فيما يتعلق بسياسة الحزب وقراراته ومواقفه, جعلت حجمه يصغر فى أعين مؤيديه من دون التيار السلفى. فمنذ انطلاق الحزب وحتى الآن يظهر السؤال المنطقى عن طبيعة الحزب كل فترة وهو هل حزب النور حزب سياسى أم حزب دينى يجب حله؟ وفى الغالب نجد بعض البيانات الرافضة لهذا التساؤل من الحزب دون الإجابة عن السؤال نفسه مما يجعل هذا الأمر معلقا ويبحث عن إجابة, فالبرغم من أن الحزب فى الظاهر هو كيان سياسى إلا أن كل ما يتعلق بالحزب من ممثلين وسياسات ومبادئ وأفكار تدل فى المقام الأول على المرجعية الدينية للحزب. عانى أيضا حزب النور وعلى مدار الثلاث سنوات التى تلت تأسيسه حالة من التخبط السياسى تدل على عدم وجود منهج وآلية لقرارات الحزب وهو ما ظهر فى مرات كثيرة, وبدأت تلك الحالة فى الظهور عندما اعترض الحزب وبشدة على المساس بالمادة 219 فى الدستور عام 2012 ثم تراجع عن موقفه وتم إلغاء تلك المادة من الدستور دون أن نرى من الحزب اى رد فعل, اما عن علاقة حزب النور بالإخوان فبدأت مع إعادة انتخابات الرئاسة بين مرسى مرشح الإخوان والفريق شفيق ولم يكن من المستغرب حينها تأييد النور لمرسى باعتبارهم أصحاب أيدولوجية واحدة, وبعد نجاح مرسى كانت العلاقة تسير كتحالف بين النور والاخوان رغم توتر تلك العلاقة فى عدة مشاهد, أولها تجاهل النور تماما عند تكوين حكومة قنديل, وبالرغم من الدهشة التى وضحت على النور وقياداته إلا أنهم أيضا وقفوا بلا حراك يذكر, ثاني هذه المشاهد الإطاحة بخالد علم الدين مستشار مرسى عن حزب النور, واحتج النور أيضا أثناء حكم مرسى على العلاقات المصرية الإيرانية ونزول الأفواج السياحية الإيرانية إلى مصر, وأيضا تراجع النور وجاءت تلك الأفواج السياحية لمصر. فى الوقت الراهن ومع قرب انتخابات البرلمان مازال حزب النور يواجه صعوبة فى حل تلك المشكلات والمقصود هنا تاريخه المليء بالتناقضات وأيضا الربط الدائم بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين, مما يعظم التخوف من النور وأدائه فى الفترة القادمة.. وفى تصريح صحفى قال أشرف ثابت، عضو الهيئة العليا لحزب النور، إن الحزب تحمل كثيرًا فى الفترة الماضية، ودفع فواتير عهد الإخوان كاملة، لافتًا إلى أن الكثير يتناسون ما قدمه الحزب فى الفترة الماضية ووقوفه بجانب الدولة وفي صف الشعب. وأضاف ثابت أن حزب النور سيحصل على عدد كبير من المقاعد داخل المجلس في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وسيكون مفاجأة لأن الشعب المصري دائما ما ينحاز للضحية. وأكد عضو الهيئة العليا لحزب النور، أن التعديلات التشريعية والمرحلة الهامة التي تمر بها مصر فى الوقت الحالي يجعلان البرلمان القادم من أهم البرلمانات التي تشهدها مصر ... الدكتور مختار محمد الغباشى رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والإستراتيجية يرى أن النور حزب سياسى موجود وبقوة, وأنه يجب الفصل بين أى حزب سياسى وأيدولوجيته على تعددها فبالرغم من أن حزب النور ذو اتجاه فكرى اسلامى ويهدف إلى تطبيق الشريعة وهو ما يوحى بأنه حزب دينى, إلا أن الدستور المصرى وقانون الأحزاب يحظران قيام الأحزاب على أساس دينى, فإذا كان النور كذلك فلماذا لم يتم حله إلى الآن؟, فطالما أن النور ملتزم بالقواعد العامة لقانون الأحزاب لا يمكن أبدا الالتفات إلى أيدولوجيته. ويفسر الغباشى أن تطبيق الشريعة وغيرها من أهداف حزب النور أمر راجع إلى الخلفية الفكرية للحزب, فالأحزاب الاشتراكية تسعى إلى حكم وتطبيق الاشتراكية وكذلك الرأسمالية وغيرها من الاتجاهات الفكرية المختلفة. ويشير الغباشى إلى أن موقف حزب النور فى الوقت الحالى معقد, فهو لايزال محسوب على تيار الإسلام السياسى, لكن النور اختلف عن كل أحزاب الإسلام السياسى بعد 30 يونيو وهذا يدل على أنه أكثر قراءة للمشهد وللمتغيرات التى تلت تلك الفترة ويمكن وصف أدائه فى تلك الفترة بأنه الأكثر دهاء, فبرغم تزايد عدد كارهيه وبرغم تحدث الكثير عن إنهاء دوره أو تحجيمه إلا انه مازال صامدا ومازال له نصيب لا بأس به من التأييد على الساحة السياسية. ويرى مختار الغباشى أن موقف النور صعب فى الانتخابات البرلمانية القادمة لان الكثير ينظر له باعتباره عرابا لأحزاب الإسلام السياسى بمعنى انه يمكن أن يوفر مدخلا آمنا لأنصار التيار الاسلامى بتصنيفاته المختلفة للعودة للمشهد السياسي مرة أخري, وأيضا مازال التخوف من كونه بديل الحرية والعدالة قائما بل ويزداد مع قرب الانتخابات, لذلك فالنور يواجه موقفا صعبا بالأخذ فى الاعتبار المنافسة القوية بل والشرسة من التيارات السياسية المختلفة.