«لايلدغ المؤمن من الجحر مرتين» قول مأثور محفور فى الذاكرة الشعبية، ولكن لا ينطبق بكل تأكيد على النخبة السياسية، إنهم يكررون نفس الأخطاء، ويتعاملون مع الجماعة الإرهابية التى تكرست أدبياتها من أكثر من 80 عاما وأصبحت محفوظة ومعلومة للكافة على أنها جماعة فضائية جديدة، ونرى النخبة السياسية والأحزاب المدنية تتجه إلى الوقوع فى الفخ مرة ثانية وثالثة، نجدها منشغلة بالعديد من القضايا الفرعية والخلافات السياسية من مكاتب مغلقة أو استديوهات مكيفة، ترفض تارة تعديل الدستور وتصر على كتابة دستور جديد، ونستمع حتى الآن وبعد أن قضت لجنة الخمسين أكثر من شهر وأسبوع فى عملها لتلك الدعاوى الصبيانية. «روزاليوسف» تحذر، لعل هناك من مجيب يستجيب لقراءة المشهد السياسى الحالى بطريقة أكثر عمقا، وتبحث عن المستفيد الحقيقى من هذا الإلهاء والتشتت فى موضوعات جانبية، وتبحث مع المحللين السياسيين والخبراء والقوى الثورية والحزبية إمكانية التصدى لهذا السيناريو المخيف من عودة الإخوان المسلمين للحكم من جديد، والآليات الفعالة التى يجب الاعتماد عليها فى هذه المرحلة من خلال رصد مناطق الضعف والقوة التى تتمتع بها الأحزاب المدنية فى مواجهة تيارات التطرف والإرهاب.
قال الدكتور أيمن سيد عبدالوهاب رئيس وحدة المجتمع المدنى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: التخوفات من عودة الإخوان المسلمين للحكم من جديد بأغلبية البرلمان القادم.
قانون الانتخابات القادم يعتبر من أهم المحددات التى ستحدد طبيعة المرشح القادم، مع الأخذ فى الاعتبار أن قواعد العملية الانتخابية فى مصر لن تتغير فى الأجل القريب، وستكون أكثر سهولة للذين مارسوها وفهموا قواعدها من قبل، لذا يجب أن تبدأ الأحزاب المدنية فى محاولة استقطاب الشرائح المجتمعية البسيطة التى تكون مستهدفة من قبل التيارات الإسلامية، ومن ثم عليها أن تتواصل معهم وتقوم بإقناعهم.
أما الآليات التى تضمن نجاح الأحزاب المدنية على أحزاب الإسلام السياسى وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، فإنها تبدأ بإقرار قانون انتخابى يعتمد على تقسيم دوائر بشكل أصغر مما كنا عليه فى الانتخابات الماضية، تغليظ العقوبات على الإنفاق المسرف للدعاية الانتخابية، تجريم أعمال العنف، بالإضافة إلى تجريم التوظيف السياسى والدينى فى الحملات الانتخابية، وأخيرا على الأحزاب المدنية أن تختار مرشحين جددا لهم ثقلهم وتواجدهم فى الدوائر الانتخابية التى ينتمون إليها، مؤكدا أنه عبر هذه المنظومة تتمكن الأحزاب المدنية من السيطرة على البرلمان المقبل.
ولا يجب أن يتصور أحد أن الإخوان المسلمين سوف يختفون من برلمان 2014 بل سيكونون موجودين بنسبة لا تقل عن 30٪، وكان من الأفضل فى هذه الحالة البدء بالانتخابات الرئاسية قبل النيابية.
ويرى د. عمرو هاشم ربيع - أستاذ العلوم السياسية - أن الأحزاب المدنية مازالت تكرر أخطاءها التى كانت عليها بعد 25 يناير، ومازالت تجلس فى مكاتبها المكيفة تناقش قوانين التظاهر ومكافحة الإرهاب والدستور، ومع احترام هذه القوانين إلا أنها لن تؤكل المواطن البسيط «عيش»، ومن ثم فعلى هذه الأحزاب أن تنزل للشارع وتلتحم مع الجماهير.
أشار ربيع إلى أن التيار الإسلامى لن تكون له الأغلبية بقدر ما يكون مجلس شعب يمزج بين القوى السياسية بشكل متساو، وسيكون حزب النور هو الرابح الأكبر من بين الأحزاب الإسلامية الموجودة على الساحة، وأى حزب سيتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين سيكون خاسرا.
«إذا كان عدوك نملة فلا تنم له» بهذه الكلمات بدا الدكتور أحمد بهاء الدين شعبان الأمين العام للحزب الاشتراكى المصرى، والقيادى بجبهة الإنقاذ، الذى عبر عن مخاوفه الشديدة من الأوضاع السياسية والأمنية التى تمر بها مصر الآن، مشيرا إلى أن الإخوان المسلمين يديرون معركتهم مع الدولة المصرية بعد 30 يونيو بنجاح أفضل من قبل، بل ويحققون نجاحات أكبر فى التأثير على الرأى العام العالمى، بل قدرتهم على شل حركة الشارع المصرى والجامعات بسهولة فائقة، مؤكدا أن كل هذه الكوارث وهذا التصعيد الإخوانى يعود إلى ضعف القرار السياسى، واصفا إياه بالمهزوز والمرتعش.
قال شعبان «إننا يجب أن ندق ملايين من أجراس الخطر التى تنذر بأن الأداء السياسى المترهل الذى تعانى منه الحكومة والسلطة المصرية سوف يؤدى إلى عودة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية إلى الحكم من جديد، والتى ستبدأ أولى خطواته بالبرلمان المقبل، فهم لن يسلموا بسهولة».
والدليل التنظيم الدولى للإخوان المسلمين رصد مليار ونصف مليار دولار لدعم إخوان مصر. وشدد شعبان : «إن المعركة مع الإخوان لم تحسم بعد، وأن مصر سوف تكون خسارتها كبيرة لو وصل الإخوان كأغلبية فى البرلمان، سيكون انتقامهم هائلا، ومن المتوقع أن يستخدموا كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة للوصول إلى هذا البرلمان حتى ولو على جثث الشعب المصرى.
ووضع روشتة تجنب الدولة هذا المصير تقوم على عدة محاور أولها حسم قضية الإرهاب ووقف النزيف الذى سيؤدى إلى خراب البلاد سواء على الحدود فى سيناء والمواجهات مع الجيش، أو الإرهاب الذى انتقل للعاصمة والمدن، لأن استمرار هذا المسلسل الدموى يحقق مخطط الإخوان فى دفع الامور بمصر إلى حافة الفوضى والانهيار، وهو ما يخدمها فى الترويج عالميا بعدم عودة الاستقرار إلا بعودة المعزول «مرسى».
أما ثانى هذه المحاور فهو كسب «معركة الدستور»، فإذا لم تخرج الملايين من المصريين بأضعاف ما خرجت فى 30 يونيو وقالت «نعم»، سيؤدى ذلك إلى مشكلة كبيرة، وسيعتبر التصويت ب«لا» هو استفتاء ضد الثورة، أما المحور الثالث فهو البرلمان، الذى سيحكم مصر لمدة خمس سنوات قادمة، وإذا لم تنصر فيه قوى التقدم والتطور وانحسرت فيه الجماعات الإرهابية، سيعنى ذلك فشل 30 يونيو، وانهزام القوى الوطنية آنذاك سيؤدى إلى عودة هذه التيارات المتطرفة وهى تحمل شعار أنها جاءت بشرعية الصندوق من جديد، ولا أحد يعلم ما الذى يتخلف عن ذلك من عواقب ستكون خطيرة بالضرورة، فإذا ساند الجيش ثورة 30 يونيو لا نعلم ما يمكن أن يحدث حال وصول الإخوان لأغلبية البرلمان من جديد.
طالب شعبان حركة «تمرد» والقوى الشبابية والثورية بأن ينسوا التليفزيونات والأضواء وينزلوا للشارع بدون إضاعة دقيقة واحدة، وألا يستهينوا بقوة الإخوان والتيارات الإسلامية التى تتلون كالحرباء بشكل مستمر، لأن معركة البرلمان ستكون أخطر من الرئاسة، لأن هذا الرئيس الذى سيحظى بإجماع جماهيرى يحتاج فى نفس الوقت إلى برلمان متجاوب معه، حتى لا يشل حركته كما يحدث مع أوباما فى الكونجرس.
يتفق معه سيد عبد العال- رئيس حزب التجمع- أن الاستفتاء على الدستور القادم وإقراره سيكون المقياس الذى سيحدد من الذى سيفوز بالانتخابات البرلمانية المقبلة، وإذا لم تتجاوز نسبة التصويت 70٪ على الدستور، سيكون هذا مؤشرا لتقصير شديد للأحزاب المدنية.
أكد عبد العال على ضرورة استمرار هذه التحالفات بين القوى السياسية المؤمنة ب30 يونيو وليس التى تآمرت عليها فى قوائم موحدة تخوض الانتخابات وتكتسح المقاعد فى مواجهة التيارات الإسلامية.
أحمد بان- خبير فى شئون الجماعات الإسلامية - يرى أن فرص سيطرة الإسلاميين على أغلبية البرلمان المقبلة كبيرة، ولها أسبابها المنطقية ومقدمات سوف تؤدى إلى هذه النتيجة الصادمة، حيث مازالت الأحزاب المدنية لم تتخل عن حالة المراهقة السياسية حتى الآن وبعد ثورتين لم تتعلم من أخطائها، فلم يستفيدوا من توزيع الأربعة اتجاهات الفكرية على أربعة أحزاب كبرى وهى اليسارى والقومى والإسلامى والليبرالى.
وأعرب أنه بدلا من أن تتجمع هذه المدارس الأربع على أربعة أحزاب كبرى، مثل أن يتجمع المؤمنون بالاشتراكية فى حزب واحد وآخرون فى حزب ليبرالى، وهكذا لتكون قادرة على المنافسة الحقيقية فى الحياة السياسية، ولكن بدلا من ذلك نرى خريطة الأحزاب المدنية مقسمة ومشتتة بين العديد من الأحزاب، لهذا يجب عليها أن تتجمع فى قائمة موحدة للانتخابات المقبلة، وهذا سيضاعف من فرصهم الانتخابية بشكل أكبر من الإسلاميين.
أكد بان أن الدليل على المراهقة السياسية للأحزاب المدنية هى أنها حتى الآن لم تحسم موقفها من انتخابات الرئاسة ومساندة مرشح معين، بالإضافة إلى أنهم مازالوا يديرون معاركهم السياسية فى الفضائيات بعيدا عن الشارع، فضلا عن استمرار هذه الأحزاب فى مشاركتها فى الحياة السياسية بالطريقة التقليدية القائمة على المقار والجريدة، وكأن ثورة 25 يناير لم تحدث تغييرا فى تعاملهم مع المجتمع.
ويستنكر دور الإعلام فى الفترة الحالية، وتفرغه فقط لرصد صراع جماعة الإخوان المسلمين مع الدولة من مظاهرات وقطع طريق وأزمات مفتعلة، وهو يعكس نجاح الجماعة فى استدراج الدولة فى قائمة انتظار ردود الفعل، دون أن تملك القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة ومسبقة تقود البلاد نحو المستقبل، ومن ثم يجب أن يلعب الإعلام دورا مهما فى تسليط الضوء على مواد الدستور وطموحات المصريين فيه، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية التى يقرها الدستور وهل هى تلبى احتياجات المواطن البسيط أم لا.
بينما انتقد الدكتور مختار نوح- القيادى الإخوانى السابق - الأحزاب المدنية قائلا أن النخبة السياسية المصرية تستحق حكم الإخوان، لأنهم لم يقدروا النعم التى حصلوا عليها وهم جالسون فى مكاتبهم، والهدية التى منحها الشعب لهم فى 30 يونيو، ولكن سرعان ما تتناحر هذه الأحزاب وتختلف وينقسمون فيما بينهم، مشيرا إلى أن كل حزب منهم لا يملك من أمر الشارع شيئًا، بل إن عدد أفراد المقهى أكبر من أعضاء هذه الأحزاب المدنية.
أشار إلى أن الحل سيكون مع المخلص الذى سينقذ هذا الشعب من الإرهاب الدينى والمدنى، وسيكون صاحب شخصية كاريزمية سيحطم من خلالها كل عناصر المجاملة والمناسبة، ولن يجامل هذه النخب السياسية، بل سيجلس مع الشعب مباشرة ويبحث عن احتياجاته وهمومه ومطالبه، عكس ما تفعله النخب الآن من البحث عن مصالحها الخاصة، وحديثها عن نفسها فقط، فلم تتحدث حتى الآن بعد ثورتين عن الشعب.
«الإخوان المسلمين كائن انتخابى بطبعه ولن تفوته فرصة المشاركة فى برلمان 2014، والدليل على ذلك دعوات المقاطعة لانتخابات 2010 ومع ذلك أصرت الجماعة على المشاركة، ومن ثم من ضروب الخيال أن تتخلف جماعة الإخوان عن الانتخابات المقبلة، وستكون منضوية تحت التحالف الوطنى لدعم الشرعية».. هكذا أكد الدكتور سامح فوزى - مدير مركز دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية وعضو مجلس الشورى السابق.
الأمر يتوقف على مدى نجاح الحكومة الحالية فى إحداث نقلة اقتصادية فى حياة المواطن البسيط المنشغل بالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وليست السياسية فقط، وإذا أنجزت الحكومة ذلك، أثرت بالسلب على حظوط الإسلاميين عموما فى اللعب على هذا العامل وكسب تعاطف الناس منه.
التوزيع الجغرافى لمناطق التأثير الإسلامية، مشيرا إلى أن هذه التيارات ستواجه المشكلة فقط فى المدن، ولكن سيكون تأثيرها كبيراً فى بعض الأوساط الريفية التقليدية وخاصة الصعيد، ومن ثم هذا مؤشر يجب أن تعمل عليه القوى المدنية وتبحث عن وجود حقيقى لها فى هذه المناطق.
أما عن آخر هذه المتغيرات فقال فوزى أنه يعود إلى أى حد سينتهى المشهد الراهن، فإذا واجه الإخوان المسلمين محاكمات قوية وظهرت أدلة جادة تثبت تورطهم فى العنف والقتل، وشعر المجتمع العام بوجود خطورة من جراء تواجدهم سوف يترتب على ذلك تقليل فرص منافستهم على مقاعد كثيرة فى البرلمان، ولكن إذا لم تظهر أدلة دامغة وخرجت قيادات الإخوان من هذه المحاكمات أو حصلت على أحكام مخففة أو براءة، سيكون هذا محفزا للتواصل مع المجتمع وزيادة نسب نجاحهم فى المنافسة على مقاعد البرلمان .
بينما يرى المهندس باسم كامل- نائب رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى- أنه بالرغم من المواجهة الأمنية التى يتم التعامل بها مع هذه التيارات المتطرفة وعلى رأسهم جماعة الإخوان المسلمين، إلا أنه بعد 10 أو 5 سنين سوف نجدهم فى المشهد السياسى من جديد، وهيركبوا على الانتخابات، بل يمكن أن يتطور الأمر إلى دعوتهم لثورة إسلامية كاملة.
أكد على ضرورة عودة الدولة لملء الفراغ الذى تركته لهذه التيارات الدينية أن تسد فى تقصيرها، فعندما عجزت الدولة عن توفير الخدمة الصحية للمواطن، قدمت هذه التيارات المستوصفات الصحية، وهكذا الحال مع مراكز التعليم وتوفير الإعانات الشهرية للفقراء بديلا عن دور وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية، ومن ثم أسسوا لدولة موازية بخدمات ومزايا خلقت لهم شعبية على أرض الواقع، وبالتالى سيعطى الناخب صوته لمن خدموه فقط.
أكد باسم أن استمرار الإعلام ومواجهته بحملاته لهذه التيارات من الإسلام السياسى فى الفترة المقبلة، والعمل على رصد أخطائهم أمام المواطن، سوف يؤدى إلى مزيد من كراهية المنتخبين المعتدلين لهم، ولن يؤيدهم سوى الإخوان والسلفيين الذين ينتمون للجماعات نفسها، بينما سيبقى 70٪ من الناخبين لا ينتمون لأى فصيل وهم الذين سيحسمون الانتخابات، لذا يجب أن تتحد الأحزاب المدنية مع بعضها لتكسب هذه الأصوات بدلا من تفتتها، وبالتالى إعطاء الانتخابات على طبق من فضة لجماعة الإخوان المسلمين.
بينما يستنكر أحمد طه النقر - المتحدث باسم الجمعية الوطنية للتغيير- ما تشهده مصر من أوضاع سياسية مرتبكة، قائلا «أكيد فى حاجة غلط بتحصل فى البلد، كل ما الشعب يعمل ثورة على نظام ،يتم تسليم هذه الثورة بعد ذلك للنظام الذى تم الثورة عليه، وهذا ما يجرى الآن حيث نفس الدولة القديمة الفاسدة تقوم بتقديم القيادات وتصديرها للمشهد السياسى.
أكد طه النقر أن هذا العبث السياسى يعود إلى أن الثوار مازالوا لا يحكمون، ومن ثم لن يحدث تغيير حقيقى، ولا يعنى بالثوار الشباب فقط، بل كل المؤمنين بالثورة وأهدافها ويسعون لتحقيقها عبر مشروع ثورى يضم مطالب 25 و30 يونيو حيث الكرامة الإنسانية والحرية والاستقلال الوطنى من التبعية الأمريكية.
تعجب النقر من حالة غرق البلاد فى موضوعات هامشية تافهة لا تغنى ولاتسمن من جوع، فالبلد كلها تتحدث عن حلقة باسم يوسف، وسطرت المقالات وساعات البث لتحليلها، وكأن الشعب المصرى قادم من الفضاء انتهى من كل مشكلاته حتى يكون له رفاهية الحديث عن برنامج ساخر، بدلا من أن يسخر الإعلام أدواته موصلا رسالة عالمية بأن مصر تواجه حربا مكشوفة على الإرهاب المنظم، يقودها التنظيم الدولى للاخوان.
من جانبه أكد أن الدولة القديمة مازالت قائمة بفسادها وديكتاتوريتها، فلم تمس دولة مبارك ولا الإخوان، وهو يعود إلى تردد وضعف الحكومة الحالية، التى تخدم بكل قراراتها المخطط الذى يتبناه الإخوان المسلمين، من استمرار جر البلاد فى دائرة العنف والدم، وفقدان الشعب الثقة فى حكومته وثورته فى 30 يونيو وتعطيل خارطة الطريق وإلهاء المجتمع عن الدستور، ومن ثم يفاجأ الجميع بانتخابات برلمانية، تمتلك فيها هذه التيارات الدينية إمكانيات للنجاح والفوز بها.
بينما يرى إسلام همام- مدير المكتب الإلكترونى لحملة تمرد- أن الانتخابات القادمة لن تؤول فيها الأغلبية لفصيل سياسى، بل ستفتت الأصوات الانتخابية ما بين الإخوان، وفلول الحزب الوطنى، والقوى الثورية والشبابية، مؤكدا أنه حتى التحالفات الانتخابية بين الأحزاب ستختفى بمجرد وصولهم للبرلمان، فالجميع سوف يبحث عن مصلحته وقتها، وحتى لو كان الإخوان المسلمين أقلية فى البرلمان سيكونون قوة متماسكة أفضل من كل الأحزاب الرأسمالية الليبرالية الأخرى.
ويتفق معه شريف الروبى- المتحدث الإعلامى لحركة شباب 6 إبريل الجبهة الديمقراطية - قائلا كل الظروف الحالية مهيأة وتخدم الإخوان وتكسبهم مزيدا من التعاطف، وأهم ملامحها القرارات التى تتخذها الإدارة الحاكمة، قوانين التظاهر ومكافحة الإرهاب، بشكل يتضح من استغلال السلطة هذه القوانين كحجة للعصف بالثوار أجمعين وليس الإخوان فقط، فضلا عن المداهمات المتتالية لبعض منازل الإخوان التى تعلم الداخلية جيدا أنهم لا يحركون الشارع وليس لهم تأثير، وهو من شأنه أن يحقق لهم مزيدا من المظلومية والتعاطف الشعبى معهم.
أضاف الروبى: ما يحدث من انشقاقات وتصريحات مستفزة لقيادات حركة تمرد، والزامها لدخول كل الأحزاب على قائمة تمرد، وكأن تمرد أصبحت المتحدث باسم الشعب المصرى، وهى التى تتحكم فى برلمان مصر القادم، مؤكدا أن فكرة إقصاء الإسلاميين من البرلمان بشكل كامل صعبة الحدوث، لأن المشهد السياسى الآن يقول بأن ما يحدث بين المؤسسة العسكرية والسلطة الحاكمة والإخوان المسلمين هو مراوغات أكثر منه صراع، وأن هناك محاولات تجرى للتحالف بين هذه التيارات الإسلامية وبعض الأحزاب المدنية وعلى رأسهم الوفد الذى يتعامل مع كل الألوان.
كما أشار إلى أن البرلمان المقبل سيكون عودة للفلول والإخوان من جديد، حيث تنضم فلول الحزب الوطنى على قوائم الأحزاب المدنية كالوفد والمصريين الأحرار وغيرها، وسيكون ربع البرلمان من نصيب الإخوان المسلمين بفعل سياسات السلطة الحاكمة، فضلا عن قوائم تمرد والتى ستدعمها وتنفق عليها فلول الحزب الوطنى، والدليل ما يحدث الآن من إقناع محمد عبدالعزيز القيادى بالحركة بجذب مجموعات شبابية للنزول على قوائم تمرد، وبكل تأكيد لن تكون النفقات من قطر والسعودية.