التحرش للأسف أصبح في الآونة الأخيرة صفة سائدة في مجتمعنا، فلا يخلو أي تجمع، مظاهرة كانت أو احتفالا إلا وتحدث فيه حالات مؤسفة من التحرش المهين بالنساء، كذلك يوميا تطالعنا الصحف على مدرس تحرش بتلاميذه الأطفال. وانتشار هذه الظاهرة السلبية التي أصابت مجتمعنا بالاضطراب، وانتشار شخصية "المتحرش" بشكل لافت للنظر بيننا، دعتنا لضرورة التعرف على طبيعة هذه الشخصية، لنستطيع التعامل معها. وتوضح الخبيرة النفسية سهام حسن أن "المتحرش" هو شخصية ضد المجتمع ويعاني من اضطرابات نفسية، عدواني، لديه كبت جنسي، ومنهم من يتبع النظرية السيكوباتية، أي أنه يتلذذ بتعذيب الضحية ورؤيتها في موقف ذل وضعف، ومنهم الخجول المنطوي الذي يشعر بلذة وقتية كمبرر لفعلته، والمتحرشون عموما أشخاص لا يقدرون عواقب ما يفعلون ولا تعني الإهانة والعقوبة شيئا بالنسبة لهم. تضيف الخبيرة النفسية أن هناك بعض الدراسات والأبحاث كشفت أن التحرش لا يرتبط بمرحلة عمرية معينة فالتحرش قد يبدأ من سن 9 سنوات وصولاً إلى 70 عاماً. وتشير سهام إلى أنه قد يرجع تاريخ الحالة المرضي للمتحرش منذ الطفولة، فقد يكون عانى من الاعتداء الجنسي أو التحرش في طفولته وأخذ على عاتقه الانتقام أو الخوض في التجربة فيتحرش بالأطفال، وهذا هو الشخص السيكوباتي، الذي لا تفرق معه الضحية، وكل ما يفكر به أن يرى ما كان فيه في شخص آخر. أو يمكن أن يكون شخص مفتقد للحب والاهتمام نتيجة التفكك الأسري ونشأته في أسرة منفصلة ومليئة بالخلافات والمشاحنات، ويشب على ذلك ويتزوج، ونراه يتحرش حتى بعد الزوج فهو يعوض نقص لديه وما افتقده من الحب والاهتمام مهما كانت زوجته تهتم به وتعوضه. وهناك صورة أخرى للمتحرش، وهو من يعاني من كبت جنسي، وهذا النموذج يكون الجنس هو محور تفكيره، والنقطة التي يتمركز حولها في منتصف الدائرة، فنجده يشاهد الأفلام الإباحية ويحاول تقليد ما يراه، فيتكون لديه اضطرابات جنسية، ويصبح شرهًا جنسيًا. كذلك يمكن أن يكون المتحرش شخصًا لديه اضطرابات في الهوية الجنسية، وينشأ معه هذا منذ الطفولة، فهو ذكر ولكنه يميل للإناث ويتصرف مثلهم ويرتدي ملابسهم، ويحب أن يكون وسط الناس كالمتحرش الذي يركب عربية السيدات في المترو ويركب لكي ينظر أو يلمس ويتحسس أو يتفوه بكلمة خارجة، أو أنثى تميل للذكور وتقص شعرها وترتدي ملابس الرجال، وتود دوماً أن تكون وسط شباب، وتتحرش بالإناث لأنها لا تري نفسها من نوعهم بل لديها ميل لنفس نوعها ولكنها تشعر أنها ذكر. وتشير سهام إلى أن في النهاية فجميع المتحرشين يجتمعون في نقطة واحدة، أنهم أشخاص غير أسوياء، رافضين المجتمع ويتعاملون بعنف مع أفراده، يعانون من الاضطراب النفسي والسلوكي فيما يقدمون عليه من سلوكيات ضد المجتمع، غير مبالين بما سيقال عنهم أو حتى بالعواقب التي قد تقع عليهم، المهم اللذة الجنسية والشعور الوقتي الذي يعيشون فيه للحظات.