يشهد المجتمع المصري الآن جدلًا واسعًا حول دستور 2012، وتتمثل هذه الجدلية في سؤال جوهري: هل نعدل الدستور أم نضع دستورًا جديدًا؟ وعلي الرغم من أن الدستور الجديد يفتقد إلي "نظرية فلسفية" واضحة لشكله ومضمونه وروحه، فعندما تم وضع دستور 1971 كانت هناك فلسفة واضحه لتغييره تتمثل في الانتقال من الاشتراكية إلي الرأسمالية، وفتح البابا أمام الحريات العامة والفردية. وفي هذا الإطار، وبغض النظر عما إذا كان سيأخذ بتعديل الدستور أو وضع الدستور الجديد. فإن هناك بعض المواد المتعلقة بالنظام الانتخابي لابد من تغييرها أو تعديلها. 1 - إلغاء الغرفة الثانية للبرلمان، نظرًا إلي أن مصر دولة بسيطة وغير مركبة، وأن هناك رغبة في تيسير عملية سن التشريعات، كما أن هناك أهمية في ضغط النفقات، كما أن وجود مجلسين كان يستغل كثيرًا من قبل النظم الحاكمة لمكافأة البعض خاصة عبر وسيلة تعيين بعض أعضاؤه. وفي هذا الشأن تحصين مجلس الشعب أو النواب من الحل إلا في أضيق الحدود، حتي لا يحدث فراغ تشريعي، وهنا يتحتم التأكيد علي أنه في حالة حل هذا المجلس لأي سبب وإحلال رئيس الجمهورية محله في مسألة التشريع، أن يدعي لانتخابات برلمانية في أسرع وقت ممكن، وأن لا يتم الحل وقت الطواري، وأن يراجع المجلس التالي قرارات رئيس الجمهورية بقوانين. 2 - تحديد النظام الانتخابي في الدستور، حتي لا يثير الأمر أي نوع من اللبس في القوانين المنظمة للعملية الانتخابية، وحتي نبتعد عن أزمات حل البرلمان بين الحين والآخر، بما يدعم استقرار المؤسسة التشريعية. وقد صدر هذا الرآي رغم التباين في الآراء حول طبيعة النظام الانتخابي. وكانت حجة الجميع في هذا الشأن أن معظم دساتير العالم الحديثة تحدد هذا النظام لذات السبب. 3 - إلغاء نسبة العمال والفلاحين، وذلك نظرًا لما تشكله من خلل واضح لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص القائم في الدستور، إضافة إلي أن المبرر لوجودها منذ عام 1964 تم انتفاؤه، ناهيك عن أنها تربك كل من الناخب والمرشح والإدارة الانتخابية، إضافة إلي أن الكثير من المرشحين استغلوها لإثبات صفة غير صفتهم، كما أنها تم استغلالها استغلالا سلبيًا من جانب النظم الحاكمة علي مر الحقب السابقة. 4 - إلغاء العزل السياسي، والوارد في باب المواد الانتقالية في دستور 2012، وكان مبرر ذلك الإلغاء، هو ضرورة ترك الحرية للناخب في اختيار من يمثله إبان عملية الاقتراع، وكذلك ضرورة الاهتمام بالمصالحة الوطنية بين جميع أطياف الشعب المصري، الأمر الذي يتحتم معه ضرورة مشاركة الجميع في العملية السياسية دون استثناء أو إقصاء أي طرف، اللهم إلا من ارتكب أفعالا يحاكم عليها القانون، وصدر بشأنها أحكامًا باتة ونهائية من قبل القضاء الطبيعي. 5 - التمييز الإيجابي للمرأة، وذلك من خلال وضع كوته جندرية أو نوعية، تحدد أن لا يزيد تمثيل الجنس الواحد في البرلمان والمجالس المحلية عن نسبة محددة، ولتكن 30% من إجمالي المقاعد. 6 - إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية، بحيث يراعي في هذا التقسيم الشروط التالية: التمثيل المتساوي للسكان، التكامل الجغرافي، التماشي مع التقسيم الإداري، مراعاة التوافق مع قاعدة بيانات الرقم القومي، والتجانس السكاني بين الريف والحضر والبدو بمعني أن تكون الدوائر قدر الإمكان من ريف فقط أو حضر فقط أو بدو فقط حتي لا تتضارب المصالح بين الناخبين عند اختيار ممثليهم. 7- إلغاء الإشراف القضائي علي الانتخابات، وذلك بعد أن تخلص الشعب من مخاوف تزوير الانتخابات بوضع ضمانات عملية لنزاهتها وحيدتها. علي أن تشكل المفوضية العليا للانتخابات جهاز إداري كفء يتكون من خبرات متنوعة إعلامية وسياسية وإدارية مستقلة، وأن يكون لها ميزاينة مستقلة، علي أن تتمتع بصلاحيات كاملة في إدارة العملية الانتخابية بدء من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وحتي إعلان نتائج الانتخابات. ويمتنع علي القضاة أن ينضموا إلي تلك المفوضية للنأي بالقضاء علي المشاركة في العملية الانتخابية.