يبدو أن المصريون يحاولون السير على خطى الشاب التونسي محمد البوعزيزي "مفجر الثورة التونسية" الذي قام بإحراق نفسه اعتراضاً على الظلم والقهر الذي تعرضه له خصوصاً بعد القلق الرسمي المتزايد الذي ترجمته التحركات المحاولة لمنع وصول العدوى التونسية إلى مصر من خلال تصريحات الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف التي قال خلالها أنه يجب على الحكومة محاسبة المسئولين الذين يدفعون الناس لحرق أنفسهم بينما جاءت توجيهات رئيس الوزراء د.أحمد نظيف بالمعالجة الفورية لشكاوى الناس ومعالجة بؤر الاحتقان لتشجع المواطنين الذين فشلوا في حل مشاكلهم على محاولة لفت الأنظار بلجوئهم إلى حرق أنفسهم أمام مجلس الشعب.. فبالأمس جاء مواطن من الإسماعيلية لحرق نفسه من أجل الحصول على خبز مدعوم للمطعم الذي يملكه واليوم أقدم محامي على حرق نفسه أمام المجلس من أجل مشكلة عائلية مع طليقته لذا قررنا فتح ملف حرق المصريون لأنفسهم على أبواب مجلس "الشعب". من جانبه يري الدكتور عبد الله الاشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق والمحلل السياسي أن النظام المصري يرى الحقيقة "الناقصة" وانه بعيد كل البعد عن واقع الناس وكل ما يقوله المسئولين عبارة عن مسكنات فقط يحاولون من خلالها خداع الشعب الطيب لكن المواطنين الآن لا تخدعهم تلك الأكاذيب المكشوفة لذا لابد من القيام بعملية إصلاح شاملة في مصر في شتي القطاعات لان الكيل قد فاض بالناس .. ولفت الأشعل إلى أن هناك شباب عاطل يغلي والناس على حافة الانفجار في ظل الفقر والظلم والفساد لذا فإن إحراق الناس لأنفسهم أمر طبيعي يسعى الناس من خلاله للتعبير عن أزماتهم ومشكلاتهم وغضبهم كما يمكن أن يكون ذلك بنيه إسقاط نظام مبارك على غرار تونس. أما طلعت السادات المحامي وعضو مجلس الشعب السابق فقد أكد أن حادث إحراق المواطنين لأنفسهم أمام مجلس الشعب بداية لنهاية لم يحن وقتها بعد وأوضح السادات إلى أن ما حدث كاشف للحالة النفسية التي وصل إليها الشعب المصري فقد أصبح شبابه يدمن ثقافة جديدة تسمي ثقافة الموت بسبب يأسه الكامل من الأوضاع المعيشية الخانقة وعدم ثقته في الحكومة واقتناعه بأنه مجرد رقم في طابور العاطلين في ظل وجود حكومة غالبية وزرائها من رجال الأعمال والمنتفعين وكل واحد منهم يملك طائرة خاصة مليئة بالوقود للفرار في أي وقت .. وطالب السادات الرئيس مبارك بالقيام بثورة تصحيح من أجل الشعب المسكين الذي لا يجد أمامه طريقة للتعبير عن مشكلاته سوي الانتحار. ومن جانبها علقت الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية على ما حدث قائلة إن المواطنين الذين قاموا بإحراق أنفسهم أمام مجلس الشعب رد فعلهم طبيعي في ظل غياب العدالة الاجتماعية وغياب الضمير الحكومي ومعاناة الناس الذين تأثروا بأحداث تونس فاقتنع العديد منهم بأن يقوم بالتخلص من حياته أمام الناس لعله يكون الشرارة التي تغير حياة الباقين على الرغم من صعوبة الأمر لان قتل النفس من أصعب القرارات على الإنسان .. وطالبت عزة بضرورة وضع حلول سريعة لمواجهة مشكلات الناس ومعالجتها من جذورها وإلا سنجد الآلاف من المحترقين ظنا منهم أن هذا سوف يحقق رغباتهم في التغيير.