عندما فكرنا في الذهاب الي دار السلام لم يكن الحرص معرفة قصة مقتل كبير عائلة الشرابلة بقدر ما هو الحرص علي معرفة حقيقة الوضع وسط تلاحق الأحداث بمنطقة دار السلام "المنطقة الملتهبة" خاصة انه مرت بأذهاننا احداث أولاد يحيي وأولاد خليفة. المناصرة والعراعرة والبلابيش وما خلفتها من مشاكل وضحايا. فدار السلام أو أولاد طوق تقع علي الطريق الصحراوي الشرقي وتبعد عن محافة سوهاج حوالي 70 كيلو مترا. ولسكان المنطقة تركيبة خاصة تحكمها القبلية والعادات منذ زمن بعيد وهي منطقة شاء القدر أن تكون هكذا. فلم يكن مقتل كبير هوارة وليد صدفة بل رواسب سنوات وسنوات دون ان يضع احد يده علي الجرح الذي تعمق وأصبح منغمسا في كل شبر من ارض دار السلام. إنها صورة تعيد قصة الصعيد في الزمن الماضي حيث الصراع الدموي واستعراض القوة والعضلات أو الاخذ بالثأر. انها منطقة تجمعها الأهواء العصبية والقبلية بعيدة عن اي شيء آخر.. "المساء" ذهبت الي هناك لقراءة ما يحدث علي ارض الواقع بعد مقتل كبير الشرابلة التي تنتمي الي هوارة في قرية اولاد سالم. ورصدنا الوضع في السطور التالية. ما إن يذكر اسم دار السلام حتي يتذكر الكثيرون الكشح وما جري فيها من أحداث دامية إلا أن هذه المرة وجهتنا كانت المنطقة القريبة بجوار محكمة دار السلام. وقريتي اولاد سالم وأولاد خلف اللتين تنتمي اليهما عائلتا "الشرابلة" و"القوايدة" علي الترتيب اللتين بهما مسرح الأحداث. الكل يؤكد خطورة الوضع بعد مقتل كبير هوارة. فالحزن والأسي يخيم علي الجميع اطفالا. وشبابا وشيوخا. ورجالا. ونساء. تشعر بذلك داخل المدينة وعلي بعد أمتار من القريتين. لدرجة انه لا احد يريد أن يتحدث في هذا الشأن. فساعات عصيبة عاشها الجميع. عم احمد رجل عجوز من مدينة دار السلام كان شاهد عيان للذي حدث أمام محكمة دار السلام يحكي بمرارة ويقول: كان يوما صعبا خاصة مع إطلاق النار الكثيف ولا يمكن لأحد أن يتوقع ما سيحدث مستقبلا . فيما أضاف السيد أبو احمد من المدينة قائلا: لتعرف حجم الخوف والرعب هناك بالقريتين فالأطفال لا يلعبون في الشوارع مثلما كان يحدث من قبل . وما إن حاولنا الذهاب الي قرية أولاد سالم وأولاد خلف. وجدنا احد المسئولين الأمنيين ينصحنا بعدم الدخول أو إجراء أي حوارات صحفية لخطورة الوضع والموقف. وقد عرفنا خطورة الوضع من خلال انتشار قوات الأمن بجميع أنحاء المركز وجميع نواحي القريتين. فيما هناك دورات امنية تجوب شوارع المركز طوال اليوم ومدرعات بمحيط العائلتين تحسبا من تجدد الاشتباكات مرة أخري مما يشير الي صعوبة المسئولية التي يحملها مركز شرطة دار السلام علي عاتقه خاصة في تلك المنطقة الشائكة. ويكفي انه عندما حدث تغيير لرئيس مباحث مركز دار السلام قال احد الأصدقاء للرائد سامح محيي الدين رئيس مباحث مركز دار السلام الجديد "قلبي معك أنت ذاهب الي النار. منطقة! كان الله معك فيها". فيما الجانب الآخر وبالقرب من محكمة دار السلام وبجوار مجلس المدينة تربص عدد من افراد عائلة القوايدة بكبير عائلة الشرابلة "فرع من هوارة ويدعي محمد علي رضوان" والذي تجاوز عمره السبعين داخل سيارته في انتار شقيقه احمد علي رضوان المحكوم عليه في القضية رقم 4755 جنايات قتل عمد بالسجن 3 سنوات والقضية رقم 3212 جنح دارالسلام تبديد ومعه ابن عمه. إلا أن رصاص القوايدة كانت اسرع من أن يعرف مصير شقيقه وابن عمه. حيث امطروه بوابل من الرصاص فأردوه قتيلا علي خلفية خصومة ثأرية منذ فترة راح ضحيتها قتيلان من القوايدة . وسرعان ما تطور الأمر . فقام أفراد من عائلة القوايدة وبإحراق عدد من المحلات والمقاهي والمنازل منها منزل ومخرن محل ملك أحمد حسين يونس فايد "56 سنة" ومقهي ملك رضا عبد العزيز أحمد "36 سنة" موف بالتأمينات. واستطاعت الأجهزة الأمنية بالمركز السيطرة علي الموقف بعد الدفع بعدد من قوات الأمن المركزي وتشكيلات قتالية. ولخطورة الموقف امر اللواء عبد العزيز النحاس مدير امن سوهاج مساعديه بنشر القوات الأمنية داخل المدينة وتقسيمها الي أربعة قطاعات في كل قطاع ضابط مباحث وضابط أمن مركزي وتشكيلان قتاليان للسيطرة علي الموقف تحسبا لاي طارئ . وكما قال لنا مصدر بمركز شرطة دار السلام إن الأجهزة الأمنية بمديرية امن سوهاج تكثف جهودها للتصدي لاي اشتباكات قد تحدث بين عائلتي "الشرابلة" و"القرايدة" بمركز دار السلام من خلال قوات الأمن المركزي ورجال الشرطة التي تنتشر بجميع انحاء المنطقة. حاولنا ان نعرف ما حدث وما سيحدث من بعض المواطنين بالمدينة والقريتين لكن الجميع يرفض الحديث غير ان البعض اشار الي ان هناك خطرا قادما لامحالة ربما ليس الآن. فأبو هاني اكد ان الامر في غاية الصعوبة لان من قتل هو كبير هوارة . فيما وصف الشيخ عبدالرحمن علي ان ما يمرون به هو هدوء ما قبل العاصفة لان القتيل يمثل رمزا وقائدا للشرابلة التي تنتمي الي هوارة. فيما القوايدة قتل منها اثنان منذ فترة علي يد تلك العائلة فهذه قضية ثأر بين الطرفين. المرة العواقب ستكون وخيمة. وفيما بدأت تلوح في الافق الاستعداد لحرب طاحنة هذا ما قاله لنا احد مواطني قرية أولاد سالم كان يسير بالمدينة طلب عدم ذكر اسمه مضيفا بأن قبيلة هوارة لن تسكت علي مقتل كبيرهم وفي نيتهم الانتقام من عائلة القوايدة وكل من يقف معهم أو يساندهم من العائلات الاخري فيما شخص آخر بقرية أولاد خلف التقيناه بالمدينة يقول ان القوايدة بالتأكيد يعرفون نتيجة مافعله عدد من افراد العائلة بكبير الشرابلة لان هناك قتيلين منهما راح ضحية صراع مع عائلة الشرابلة علي اثر خلاف علي ارض مساحتها حوالي 18 فدانا . سألنا مواطنا ويدعي عيد ما المتوقع حدوثه اشار الي انه يصعب التكهن بما سيحدث قائلا اخشي من تكرار مذبحة بيت علام. فيما أكد مواطنون بدائرة المركز التقينا بهم علي ان اطلاق النار أثناء تشييع جنازة القتيل ابتهاجا بقتله واخذا للثأر هذا أمر يجعل الموقف في غاية الخطورة ويزيد الامر تعقيدا بل ان هذا الفعل يجعل دافع الانتقام اكبر لدي عائلة القتيل التي امتلأت صدورها بالغل من عائلة الجناة. يبقي القول اننا لم نلتق بي احد من اهالي الطرفين ولم نتمكن من دخول القريتين كل ما أمكن لنا فعله هو لقاء عدد من مواطني المدينة والأماكن القريبة من القريتين. فالوضع بمثابة الهدوء الحذر فلا احد يعرف ما ستؤل اليه الأحداث.